شيء لا مفر منه ، حتى بعد العودة بالزمن (6)
انتشرت بسرعة في كرانيا الأخبار بأن عربة دوقية موندي قد توجهت إلى منزل دوق لوسنفورد الأكبر ثم إلى القصر الإمبراطوري.
و تقول الشائعات إن دوق لوسنفورد الأكبر كان مشغولًا جدًا بعمله في القصر لدرجة أنه لم يكن لديه وقت حتى ليمر على منزله، لذا فقد لحقت به دوقة موندي حتى القصر.
و كانت الأوساط الاجتماعية متلهّفة لمعرفة ما إذا كانت دوقة موندي قد التقت بالدوق الأكبر لوسنفورد، و ماذا دار بينهما من حديث.
و بالطبع، نجحت دوقة موندي في لقاء بيون بدفع نفسها بالقوة إلى الداخل. كان ذلك ممكنًا إذا تخلّى المرء عن كل قواعد اللياقة و الأدب.
“كيف يمكنكَ فعل هذا؟ إن بياتريس لا ترى أحدًا سواك، كيف يمكنكَ أن تتخلى عن آنسة نقية بهذا الشكل بهذه السهولة!”
حدّق بيون في دوقة موندي بعينين مرهقتين. لقد كانت تتباهى بجمال عظيم في شبابها، وما زال بعضه باقٍ، لكن وجهها قد تضرر كثيرًا من سنوات ملاحقة الدائنين والعيش في ظروف قاسية.
لم يكن ذلك ذنبها. كان ذنب دوق موندي و أجداده الذين راكموا ديون القمار.
لكن خلال تلك العملية، فقدت دوقة موندي إحساسها بالخجل، و أصبحت وقحة للغاية، حتى بدأت تعتبر ممتلكات الآخرين ملكًا لها. كما أن عادات إنفاقها لم تكن ضئيلة أيضًا.
“هل تعرف كم عمر بياتريس الآن؟ لو كنا سنزوجها، لفعلنا ذلك منذ زمن. هل تعرف كم عدد عروض الزواج التي تتلقاها؟”
لقد كان يعلم. لكن أياً من هؤلاء الرجال لم يكن كافيًا لسداد كل ديون موندي.
فقط سمعة لوسنفورد و ثروته يمكن أن تنقذ موندي و تحفظ ماء وجوههم. هذه النقطة كانت مهمة جدًا. لم تكن دوقة موندي تريد فقط سداد الديون. كانت تريد أكثر بكثير.
“رغم كل ذلك، هل تعرف لماذا لا تزال جالسة في هذا العمر؟ ها؟ بالطبع، لأنني كنت أعلم كم كنتَ تحب بياتريس ، لذلك تركتها و شأنها!”
كان صوتها يرتفع. شعر بيون بأن خطًا ما على وشك أن يُتجاوز، فأمر مساعديه الذين بدت على وجوههم الكآبة بالمغادرة.
ثم تحمّل وابل الكلمات الذي أطلقته دوقة موندي بلا هوادة. أو ربما كان يراقب بصمت. في هذه المرحلة، كانت ستتطرق بذكاء إلى الإمبراطورة و تستفز نقاط ضعف بيون.
“أولستُ أعتبركَ مثل ابني؟ لو لم تنهَر الإمبراطورة بهذه الطريقة، لكانت وافقت على ما أقول. لقد ربيتكَ وكأنكَ ابني بكل عناية.”
ذلك لأن دوقة موندي كانت قد تلقت مساعدة مالية شخصية من الإمبراطورة، و استخدمت المال الإضافي الذي مُنح لها لشراء و توفير أشياء كان بيون يحتاجها. كان بإمكان أي شخص أن يفعل ذلك، ليس فقط دوقة موندي.
“بياتريس لم ترَ أحدًا غيركَ يا بيون! لكنكَ تتخلى عن طفلتي كما يتم التخلي عن كلب في يوم ممطر؟ كيف تفعل هذا يا بيون!”
شعر بيون بأن أعصابه المتوترة على وشك أن تنهار. لقد استمع بما فيه الكفاية في هذه المرحلة.
“أولاً، يبدو أن هناك سوء تفاهم.”
“سوء تفاهم! جلالة الإمبراطور أعلن الزواج لأنكَ وافقتَ ، أليس كذلك!”
أمال رأسه قليلًا إلى الخلف و اتكأ على مسند المقعد. و عندما قفز الضوء البنفسجي البارد من عيني دوق لوسنفورد الأكبر الذي أغلق فمه ، ارتجفت دوقة موندي بشكل متأخر . أدركت أنها قد اندفعت أكثر من اللازم.
‘أيا يكن..’
كما هو متوقع، لم تُخبر بياتريس والدتها أن بيون قد تقدم لخطبتها. لهذا جاءت تطارده، لهثًا و مندفعة بهذا الشكل.
دوقة موندي، بوجهها المحمر، بدت و كأنها تتحداه أن يتحدث إن كان لديه ما يقوله.
فكر بيون بعدة أوراق يمكنه أن يلعبها. كان يمكنه القول إنه تقدم لبياتريس و تحدث أيضًا إلى جلالة الإمبراطور.
لكن إن وصل ذلك إلى آذان دوقة موندي، ستنتشر الشائعات في كل مكان، و سينتقد الناس الإمبراطور لفصله بين عاشقين شرعيين، و فوق ذلك، ستضطر كايلا للعيش في ظل بياتريس باستمرار. سيكون تكرارًا لما حدث سابقًا.
نعم. حتى هذه النقطة، كان الأمر شبيهًا بما مرّ به في حياته السابقة.
“أنا ممتن لعنايتكِ بي في طفولتي يا دوقة، لكنكِ قد تلقيتِ تعويضًا عن ذلك من والدتي، أليس كذلك؟ لقد دُفع مبلغ كبير إلى دوقية موندي من قصر الإمبراطورة . سيكون من المزعج أن تظني أنني لا أعلم بذلك.”
عندما يُشير شخص يُعامل كابن إلى المال الذي جرى بين البالغين، احمر وجه دوقة موندي بشدة.
“بيون! كيف يمكنكَ أن تقول شيئًا كهذا!”
في حياته السابقة، عندما صدر المرسوم الملكي بالزواج من كايلا ، تقدم على الفور لبياتريس.
لا، كان على وشك أن يفعل. قبل أن يتمكن من التقدم، بكت بياتريس قائلة إن الأمر لا مفر منه بسبب المرسوم الملكي، و انتهى بهما الأمر بالبكاء معًا في يأس.
ثم جاءت دوقة موندي و قلبت كل شيء، مطالبة بإجابات بنفس الطريقة.
اعتذر بيون و هو راكع لساعات و هو يشعر و كأنه مذنب. لقد كان دائمًا غبيًا ، عاجزًا ، و لم يعرف حقًا ما هو المهم. و الآن قد سئم من ذلك.
كان يختنق من كراهيته لنفسه.
“أليست هذه هي الحقيقة؟ و فوق كل شيء، إذا كان لا بد لشخص أن يأتي، ألم يكن من المفترض أن تكون بياتريس؟ لماذا أنتِ هنا يا دوقة؟”
“ابنتي لم تعد تملك حتى القوة لتقف الآن! لقد مرضت تلك الطفلة بمجرد أن سمعت خبر زواجك! كيف يمكنكَ أن تكون بهذه القسوة يا بيون؟”
ليست المسألة أنها تفتقر للقوة ، بل إنها لا تستطيع النهوض خلال النهار لأنها تمضي لياليها في قصر سولاي.
“إذا كنتِ مستاءة من زواجي، فكان من الأولى الذهاب إلى جلالة الإمبراطور الذي قرره. و إن رفضتُ الزواج، سيكون ذلك عصيانًا للمرسوم الملكي. هل تطلبين مني الآن أن أعصي المرسوم الملكي يا دوقة؟”
الجميع يميل إلى معاملة من يرونهم أهدافًا سهلة بخشونة، بينما يكونون خجولين أمام من هم أقوى منهم. و لم تكن دوقة موندي استثناءً.
“كيف لكَ أن تفسر الأمر بهذا الشكل؟ ما أعنيه هو، كرجل و فارس، يجب أن تتحمل المسؤولية تجاه سيدة!”
“إذن، من فضلكِ قدمي التماسًا لجلالة الإمبراطور بهذا الشأن. سأتبع ما يقوله إذا كان مرسومًا ملكيًا.”
“أنتَ جبان يا بيون! جبان!”
“نعم، أنا جبان. و شيء آخر، يا دوقة.”
قرّر أن يقول شيئًا لم يكن ينوي الإفصاح عنه مبكرًا في هذه الحياة.
“لم تعد هناك أيّ علاقة تربطنا أنا و ابنتك .”
في الحقيقة ، كان ينوي أن يستخدم حتى علاقته ببياتريس. كان يمكنه استخدام أي شيء لإسقاطها هي و الإمبراطور.
لكن إذا كانت تلك العلاقة ستؤذي كايلا و تضرّ بشرفها، فعليه أن يتخلى عنها مهما كانت مفيدة.
نعم ، هذا هو الصواب.
“نحن فقط شخصان يعتزان بذكريات جميلة من الماضي و يتمنّيان السعادة لبعضهما البعض، لذا لن أسمح بأي شيء يتجاوز ذلك. ويلبيرك.”
“نعم، صاحب السمو.”
“من فضلك أرِ الدوقة طريق الخروج.”
“نعم، صاحب السمو. من هذا الطريق، يا دوقة.”
“كيف تجرؤ، يا بيون! أنت!”
بينما كانت دوقة موندي تصرخ، غير قادرة على كبح غضبها، تجهّم وجه السير ويلبيرك على الفور.
“يرجى إظهار الاحترام لصاحب السمو، يا دوقة. هذا هو القصر الإمبراطوري الذي يحكمه جلالة الإمبراطور ، و ذلك الشخص هو الدوق الأكبر الوحيد المُعيَّن من قبل جلالته.”
بالطبع، تسببت دوقة موندي بضجة أكبر بسبب تلك الكلمات، لكن لا بيون و لا مساعدوه أولوا أي اهتمام لكلامها.
انتشرت كلمات دوقة موندي المطرودة على الفور في جميع أنحاء كرانيا، و هي غاضبة من كيف يمكنه أن يفعل هذا.
و نتيجة لذلك، أصبح بيون معروفًا على أنه وغد تخلّى عن صديقة طفولته المديونة و المبذرة من أجل وريثة غنية.
و كان يرى أن هذا أفضل بكثير من أن يُقال عنه انه أحمق لم يستطع نسيان صديقة طفولته بدافع الوفاء و أساء معاملة زوجته.
****
بدأت التحضيرات للزفاف على عجل. لو كانت هناك فترة خطوبة طويلة، لكان بإمكانهم التحضير خطوة بخطوة، لكن الجميع كان يندفع نحو الزواج بسرعة غير مسبوقة لهذا الحدث غير المسبوق.
“يا دوق لوسنفورد؟”
نادى السير ويلبيرك، الذي كان يقدم تقريرًا، بيون بحذر.
“هل نتوقف إذا كنتَ متعبًا؟”
كانت لوسنفورد في فوضى أيضًا بسبب خبر الخطوبة المفاجئ.
قبل سنوات، عندما اجتاح الدائنون موندي، كانت بياتريس غالبًا ما تلجأ إلى لوسنفورد. و منذ ذلك الحين، افترض الناس في الشمال أن الدوق الأكبر سيتزوج بياتريس بطبيعة الحال.
لكن فجأة، كان سيتزوج ابنة دوق من الجنوب؟ وكان الزواج قد تقرر من قبل الإمبراطور، لذا كان سكان لوسنفورد مستائين، قائلين إن دوقهم الأكبر يُجرّ مرة أخرى من قبل الإمبراطور.
“لا، أنا أستمع. تابع.”
“نعم. المعدن القادم من المنجم المكتشف حديثًا هو بالفعل ألماس، كما قلت، يا صاحب السمو.”
كان الخبراء الذين تم استدعاؤهم سرًا مذهولين و متحمسين، يقولون إنه ينبغي رفع نخب للاحتفال، لكن الدوق الأكبر للوسنفورد، الذي أمر بالتحقيق في الموقع الدقيق للمنجم، ظل هادئًا.
كان يبدو متعبًا إلى حد ما. ربما بسبب انشغاله بتحضيرات الزفاف.
“الحجم هائل.”
“أبقوه سريًا في الوقت الحالي و ابدؤوا التعدين بأقصى درجات السرية. ماذا حدثَ لأول دفعة من الألماس التي تم استخراجها؟”
بدلًا من الرد، فتح السير ويلبيرك صندوقًا كبيرًا كان قد جلبه أمام بيون.
“لقد قطعنا 4300 قيراط إلى ما مجموعه اثني عشر حجر ألماس.”
الصانع الذي تم توظيفه سرًا لقطع الحجر الخام الضخم بعناية قد فقد الكثير من وزنه، كما يُقال. نظر بيون إلى اثني عشر حجر ألماس ضخم سيطمع بهم الإمبراطور بلا شك.
سيكون هذا المنجم دعمًا كبيرًا لمالية لوسنفورد. و تنبأ السير ويلبيرك بحذر أن المناجم الثلاثة الأخرى التي أمر الدوق الأكبر بالتحقيق فيها قد تكون ذات قيمة هائلة أيضًا.
في الفترة التي انهارت فيها جلالة الإمبراطورة، كان هناك تغيير ما في الدوق الأكبر للوسنفورد الذي كان يخدمه. رغم أنه لم يعرف بالضبط كيف، بدا أن الدوق الأكبر أصبح أكثر ثقة و هدوءًا.
“جيد. و ماذا بعد؟”
كان التقرير طويلًا جدًا و سريًا للغاية. شمل مراقبة مستمرة لتحركات السيدة رافالي، و زيارات منتظمة مشبوهة إلى قصر سولاي، و تحقيقًا في الشؤون الداخلية للوسنفورد.
و كان التحقيق الأخير بالفعل غير قابل للفهم، لكن السير ويلبيرك، إلى جانب السير رينارد، كان فعليًا اليد اليمنى لبيون. لقد نفذ الأوامر ببساطة وقدم التقرير بهدوء.
“…وهكذا، فإن كل لوسنفورد تلقّت خبر زواج سموكَ بصدمة شديدة.”
“أنتَ تعني زواجًا فرضه جلالة الإمبراطور.”
“نعم.”
رغم انزعاجه، كان على السير ويلبيرك أن يجيب بصدق. في حياته السابقة، كانت كايلا قد وصلت إلى لوسنفورد موسومة بالفعل على أنها تابعة للإمبراطور منذ لحظة الزواج.
كان بيون يعلم جيدًا مدى تعصّب فخر أهل الشمال. كما كان يعلم أنهم أقلّ تهذيبًا بكثير من أهل العاصمة.
“ومع ذلك، ينبغي أن يستعدوا كما يجب لاستقبال العروس.”
راقب السير ويلبيرك بيون و هو ينهض من مقعده. لقد أصبح أنحف في الأيام الأخيرة، و وجهه شاحب.
و بحكم خدمته القريبة من بيون، كان يعلم أن بيون لا يأكل و لا ينام كما يجب. كان من الواضح أنه منزعج بسبب انهيار جلالة الإمبراطورة و مسألة الزواج فوق ذلك.
“سأتجرؤ على السؤال، هل ستمضي في هذا الزواج؟”
كان ذلك مقززًا. لم يكن بيون قادرًا على تحمل مدى اشمئزازه من نفسه. مهما بحث عن مخرج، فإن أكثر ما كان يقزّزه هو أنه لا يستطيع تجنّب هذا الزواج في هذه الظروف.
“سمعت أن الابن الغير شرعي يجب أن يتزوج ابنة ابن غير شرعي كذلك.”
“سمعتَ شيئًا كهذا؟”
“كيف لا أسمع عن زواج يتم دفعه بهذه الشدة ؟”
الإمبراطور، رغم أنه كان يبدو مبتسمًا، كان رجلًا شريرًا.
منع دوقية أوستين من الزواج من أجانب، و بينما قام بواجبه تجاه ابن الإمبراطورة المحبوبة إلى حد ما، إلا أنه في النهاية سخر منهم بربط سلالات غير شرعية ببعضها البعض.
كان يسخر منهم.
و بيون الذي كان حسّاسًا جدًا للإهانات، لم يستطع أن يفوّت ذلك.
“ستسمع الأميرة كلمات لا ينبغي لها سماعها بسببي.”
تمتم بيون و هو يغلق الصندوق الذي يحتوي على اثني عشر ألماسة. أدرك السير ويلبيرك على الفور الاحترام و اللباقة تجاه أميرة أوستين في كلمات بيون. و في الوقت نفسه، لم تكن هناك ذكريات متراكمة منذ الطفولة.
“حتى لو كانت فترة الخطوبة قصيرة، يجب أن نُعد كل شيء كما يجب. أخبرهم أن يستعدوا بدقة.”
“نعم، صاحب السمو.”
“لن أتحمل أية أفعال حمقاء.”
“نعم.”
كان الإمبراطور يتحكم بالدوق الأكبر للوسنفورد كما تُساق الأغنام أو الخنازير، و يتأكد من أنه لن يجرؤ على الزواج من بياتريس أو ابتكار أي خطط أخرى.
وقد تم الإعلان عن موعد الزواج بشكل تعسفي، و كان بيون يعلم أن هذا الزواج، من الناحية الباردة، مفيد للوسنفورد وله شخصيًا. و معرفته بذلك جعلت الأمر أكثر إيلامًا.
فما الفائدة التي ستعود على كايلا؟ زوج يحترمها بما فيه الكفاية و يطلقها لاحقًا كما وعد؟
الأميرة النبيلة من أوستين تستحق رجلًا أفضل من ذلك، لا رجلًا سبق و أن نشرت عنه شائعات مع امرأة أخرى.
لقد عاد هذه المرة لينتقم بالشكل الصحيح، لكن الآن، سعادة كايلا التي دمّرها بنفسه باتت تثقل كاهله. الانتقام لا يزال بحاجة إلى وقت، و إعادة بناء سعادتها ستحتاج وقتًا أيضًا.
غطى بيون وجهه المتألم بيديه. لم يكن لديه وجه ليواجه به النور دون خجل.
*****
عندما ذهبت كايلا إلى القصر الملكي، كانت ترى الناس مجتمعين في الزوايا أو خلف الممرات، يهمسون عندما يرونها.
كان هذا شائعًا حتى قبل أن تموت. لقد اعتادت عليه الآن، كونها الدخيلة غير المرغوب بها التي فرّقت حب القرن الشهير.
كان والدها يستعد للزفاف، لكن كايلا لم تكن تهتمّ.
كانت فقط تقوم بشكل آليّ بشؤون القصر التي عهد بها الإمبراطور إليها بعد انهيار الإمبراطورة. لقد كانت مريضة جدًا لعدة أيام، لذا كان عليها أن تظهر ولو لفترة وجيزة اليوم.
“مرحبًا، كونتيسة.”
“مرحبًا، صاحبة السمو.”
“الطقس جميل اليوم، صاحبة السمو الأميرة أوستين.”
“بالفعل، ماركيزة ثولينانغ.”
ومع ذلك، عند مواجهة الناس، كان عليها أن تتبادل التحية. كما تلقت التهاني على زواجها.
“آه، نعم، شكرًا. نعم. مشغولة بالتحضيرات. نعم.”
تابعت سيرها، تتمتم بردود رسمية بلا إخلاص.
تاركة وراءها السيدات النبيلات المجتمعات للصلاة من أجل تعافي الإمبراطورة، واصلت كايلا السير إلى الداخل بتعبير لا مبالٍ.
رؤية أن هذا يحدث حتى بعد أن ماتت و عادت إلى الحياة، بدا أن زواجها من الدوق الأكبر للوسنفورد كان مصيرها المحتوم.
‘ثم سأموت. يا له من أمر مريح و سهل.’
بعد أن ماتت مرة، يمكنها أن تموت بشكل أفضل في المرة القادمة. و بينما كانت تفكر بهذا أثناء سيرها، صادفت كايلا دوقة موندي جالسة على كرسي عند المدخل.
“مرحبًا، دوقة موندي.”
كانت التحيات الرسمية بين النبلاء من الأساسيات، و كان أديو قد علّم ابنته خصوصًا أن تحيي الأكبر سنًا بشكل لائق.
كانت تحية طبيعية.
لكن دوقة موندي نظرت إليها ببرود، ثم أغلقت عينيها و أدارت رأسها بشدة بعيدًا عنها.
نظرت كايلا إلى الدوقة للحظة قبل أن تتابع طريقها.
ما الفائدة من أن تجادل حمقاء مثلها؟ كان من الأفضل أن تبقى صامتة فقط. علاوة على ذلك، كانت متعبة. و بينما كانت تمشي، شعرت و كأنها قد تلقت صفعة قوية على وجهها بلا سبب، لكن بشكل متأخر.
كان شعورًا تستطيع أن تتجاهله ببراعة بسبب الألفة، لكنه شعور لا يمكن نسيانه.
التعليقات لهذا الفصل " 16"