شيء لا مفرّ منه ، حتى بعد العودة بالزمن (4)
إنها كايلا.
تعرّف عليها بيون فورًا من ظهرها الذي يتحرك في الظلام، حتى مع تغطية رأسها بقلنسوة.
ربما كان ذلك بسبب القوة التي تجري في دمه. ربما كان بسبب تلك القوة التي لم يدركها إلاّ بعد أن مات وعاد إلى الحياة. أو، قد يكون ببساطة بسبب التعلّق المتبقي. تعلّق لا يختلف عن الخطيئة.
خلال زواجهما، الذي لم يكن فيه لا شهر عسل ولا أي مظهر من مظاهر الحياة الزوجية، لم يكن لديه اهتمام بما كانت تفعله كايلا و لـم يكن حتى يتذكره. و مع ذلك، الآن تعرّف عليها فورًا. أليس هذا مخزيًا جدًا؟
إنها لا تكف عن جذب انتباهه. كان ذلك غريزيًا، لدرجة أن بيون نفسه شعر بالاشمئزاز من نفسه. صورة كايلا و هي تموت و عيونها مفتوحة لم تغادر ذهنه، و مع ذلك، ما زال هو نفسه الذي كان سبب موتها نفسه، عاجزًا عن استيعاب الأمر.
“هواء الليل بارد.”
عندما استدعت كايلا، التي انهارت مؤخرًا و تعافت بالكاد، عربة مستأجرة فجأة، شعر بيون بدوار.
لم يتبع الأميرة أحد من منزل العائلة، و اندفعت كايلا بشكل طبيعي بين الخادمات و البستانيين وغيرهم من الموظفين العائدين إلى منازلهم في هذا الحي الثري. و بينما كان يتبعها على عجل، رآها تدخل بلا خوف شارعًا خطيرًا.
كان يعرف من أوّل نظرة. كانت تهرب.
كانت تحاول الهرب و وجهها الصغير مغطى بالسخام الأسود.
لكنها لم تكن تستطيع السير في الأزقة الخلفية حيث يختبئ المجرمون الخطرون. حتى في العاصمة الثرية لإمبراطورية كرانيا، كراين، هناك أماكن سـتموت فيها في اللحظة التي تطأ فيها قدمك.
لم يكن أمامه خيار سوى إيقاف كايلا.
“إنه مكان يمكن أن يموت فيه العشرات خلال ليلة واحدة دون أن يعلم أحد. لا يمكنكِ الذهاب إلى هناك.”
كان بيون يعرف جيدًا سبب وجودها هنا. السبب كان واضحًا من أول نظرة.
لا بد أنها خبأت جواهر أو عملات ذهبية تحت قلنسوتها و معطفها البالي الذي كان بوضوح لخادمة. كان من الخطر جدًا أن تخرج الأميرة عديمة الخبرة بهذا الشكل.
كان هذا خطيرًا جدًا.
في ضوء القمر الشاحب، كانت عيناها فقط واضحتين في وجهها. تعرّفت كايلا عليه وأخذت نفسًا حادًا، ثم ازدادت عيناها تصميمًا.
“إذن يمكنكَ أن ترشدني بنفسك.”
لم تسأله أسئلة مثل لماذا أنتَ هنا أو كيف تبعتني. بطريقة ما، كان هذا فعالًا جدًا، نمطيًّا على طريقة لوسينفورد.
كان عليه أن يقول للأميرة أن تعود، حتى في حالتها المريعة هذه و رأسها المرفوع.
لكن بيون لم يستطع أن ينطق بتلك الكلمات.
قول “عودي” يعني أن يعرض عليها الزواج. كان يعلم جيدًا أن الدّوقة الكبرى الميتة قبل العودة و الأميرة الحالية كانتا شخصين مختلفين بوضوح.
و على الرغم من أنهما كانا شخصين مختلفين بوضوح، إلا أنّـه لا يزال لا يجرؤ على طلب يدها.
حتى مع كل الظروف السياسية و الاقتصادية و الدبلوماسية على المحك، و حتى رغم كون حياة الدوق أوستين على المحك، لم يستطع أن يقولها.
“يمكنكَ مرافقتي بقدر ما تشاء. حتى لو لم أكن السيدة رافالي.”
بالنسبة لبيون، النساء غير بياتريس لم يكنّ حتى سيّدات في نظره، و خاصة كايلا، رغم كونها أميرة أوستين، كانت أدنى من خادمة تعمل في قصر لوسينفورد.
فبينما تعرف أنه لن يرافقها، تحدّثت كايلا بأسنان مشدودة.
لقد كان مغفلاً.
في هذه اللحظة، هذا الرجل كان يواجه ثورتها دون أن يعرف السبب.
لم يفعل شيئًا . بعد.
كايلا، التي لم تسخر أو تهزأ بأحد أبدًا، بالكاد تمكنت من كبح الغضب الذي كان على وشك الانفجار في وجه بيون.
لو ذهبت أبعد من ذلك، فإن بعض المشاعر القديمة أو التعلّق المتبقي في داخلها سينكشف. و يجب ألا يحدث ذلك.
استدارت فجأة و بدأت تسير في الشارع الخطير.
“كا…!”
“كايلا” لا تصلح في هذه الشوارع الليلية. و”أميرة” أسوأ.
كان بيون، دائمًا حذرًا من الآذان التي تستمع ، مسح فمه و لحق بها فورًا. بخطواته التي كانت أطول بكثير من خطوات كايلا الصغيرة ، كان يستطيع اللحاق بها في خطوة واحدة فقط.
لكن، ماذا يجب أن يقول؟
لسانه، الذي كان يعمل جيدًا أمام بياتريس و حتى الإمبراطور، تجمّد أمام كايلا.
كيف له أن يقنع كايلا، التي كانت تفعل كل هذا لتجنب الزواج به؟
و فوق كل شيء، كان بيون يفهمها تمامًا.
الأميرة التي نشأت بعناية في الجنوب الدافئ لأوستين لم تكن مناسبة له إطلاقًا بكل عيوبه، ولا مناسبة للشمال البارد المنغلق.
لهذا لم يستطع أن يوقفها مهما أربكته أو تصرفت بشكل غير متوقع. لم يستطع أن يجبر نفسه على ذلك.
رجل ضخم يرتدي ملابس بسيطة لكنه يحمل سيفًا طويلًا، و امرأة مغطاة الرأس بقلنسوة. كانت النظرات الخطرة تتطاير باتجاه هذا الثنائي غير المتناسق في شوارع الليل.
“إنه خطير جدًا.”
“هل تقدّمتَ بالزواج مرة أخرى؟”
رفعت كايلا رأسها بحدة.
“لقد تم رفضك، أليس كذلك؟ نعم، كنتُ أعلم ذلك.”
هزّت رأسها لنفسها كما لو كانت تعرف ذلك طوال الوقت، و سارت بإصرار أكبر. لقد كان هذا بالفعل أكثر مما يمكن لشخص انهار للتو و تعافى بالكاد أن يتحمله. كانت تحاول أن تمشي بعزيمة، لكن خطواتها كانت تتعثر بالفعل.
لكن كلما ازداد الأمر صعوبة، كلما ازدادت كايلا عنادًا و واصلت السّير وهي تعض على أسنانها. شعر بيون بعزيمتها بقوة، فلم يستطع أن يثنيها.
لم يكن له حتى الحق في ذلك أصلاً.
كان الأمر أشبه بأن يُسحب إلى الجحيم مكبّل الأطراف، حيث تُسحب عنقه بالقوة.
كايلا، التي لا بد أنها شعرت بأسوأ من ذلك، توقفت فجأة و نظرت إليه.
“لماذا أحببتَ بهذا الضعف؟”
كايلا، التي تحملت كل أنواع الإذلال و أدّت دورها كدوقة كبرى حتى النهاية رغم معاملة زوجها الباردة، لم تستطع أن تفهم.
“لماذا أحدثت كل تلك الضجة، المعروفة في جميع أنحاء كرانيا، من أجل حب تافه كهذا؟”
إذا كان الأمر يتعلق بإحداث مشهدٍ لإظهار مدى الحب، فكايلا واثقة من أنها كانت ستقوم بذلك أفضل من أيّ شخص.
هل كان ذلك لأنها كانت ساذجة؟ لقد كان حبًا لم ينتهي تمامًا حتى بعد أن سمعت أنه ساهم في موت والدها. لقد أحبّـت بيون بكل ما لديها.
كان قلبًا عملت لحمايته حتى النهاية.
وأن يتم تجاهل مثل هذا القلب القوي بسبب حبّ جبان كهذا… شعرت كايلا بظلمٍ شديد و غضبٍ عارم.
“…أنا آسف.”
السؤال، الذي لم يسمعه من قبل، كان مليئًا بمعانٍ شتى. شعر بالخزي لأنه لم يستطع الرّد سوى بهذه الكلمات على سؤالها ، لكن بدا أن كايلا قد فسّرت كلماته على أنها “علينا أن نتزوج”. فأخدت نسير بشكل أسرع.
غرق بيون في التفكير. هل عليه أن يخبرها بأن ترحل؟
لكن ما لم يكن ذلك بطريقة تليق بأميرة أوستين و مقبولة لدى الإمبراطورية كلها، فسيكون من الواضح أن دوقية أوستين ستُحل فقط لكونها سببت إحراجًا للإمبراطور. و قبل أن يحدث ذلك، لا بد أن يتم الإمساك بكايلا.
لو كان الإمبراطور الحالي في كامل وعيه، لما كان ليقلق بهذا الشكل.
كان بيون يأمل أن تتزوج الأمير إلكانان من كيروزان وترحل. كان عليها أن تغادر كرانيا مهما حدث. سواء عبر الزواج أو الهرب، كان لا بد أن ترحل بطريقة ما.
“هل لديكِ خطة بمجرد الخروج؟ ماذا عن الحراس؟”
سأل بيون، الذي كان يصدّ بشكل غير مرئي قطاع الطرق الذين كانوا يحاولون الاقتراب، بعد أن مشيا لبعض الوقت. بدأت بوابات قلعة كراين تظهر في الأفق.
“حتى لو كانت لدي خطة، فلن أخبر سموّك.”
بالفعل، لن يتحدث بذلك سوى شخص أحمق. من سيكشف خطة هروبه لشخص قد يمنعه من ذلك؟
كان بيون قد تخلى بالفعل عن فكرة إيقاف كايلا. إن كان بالإمكان ضمان سلامتها، فقد أراد أن يتركها تفعل ما تشاء.
كان قلقه الوحيد هو دوق أوستين، لكنه يستطيع حماية ذلك بحياته. في كل الأحوال، كان عليه أن يتحمل المسؤولية. رغم أن هذه الحياة الجديدة لم يكن لها علاقة بالدوقة الكبرى السابقة، إلا أنه لا يزال يحمل ذنبًا.
“يجب أن تخرجي بأمان، أليس كذلك؟”
لعن قلة فصاحته.
كان قلبه ممتلئًا، لكنه لم يستطع تحويل تلك المشاعر إلى كلمات. لذا، فإن كايلا، التي كانت غير مهتمة به، كانت تحدق أمامها بعينين واسعتين.
“آه…!”
حتى بوجهها مغطى تمامًا بالسواد و الرماد، كانت تبدو جميلة.
تلك العينان الصافيتان بلون سماء الشتاء، دون أدنى أثر للهالات السوداء، كانتا مركّزتين ليس على بيون بل على البوابة.
كانت بوابة الموت هناك مباشرة.
كانت أيضًا نقطة تفتيش وحشية حيث، بموجب المرسوم الملكي الحالي، لا يُسمح لأي أحد بدون هوية مؤكدة بالمرور.
وجه شخصٍ يفكر في كسر المحظور بدلًا من أن يموت دون أن يفعل شيئًا أضاء. و في اللحظة ذاتها، بيون، ببصريته الأفضل من كايلا، أوقفها على الفور.
“لا يمكنكِ.”
“دعني.”
“ليس الآن. أرجوكِ. موظف إدارة الإمبراطور هناك، كايلا.”
لم يكن يعلم لماذا ظهر ذلك الموظف عند البوابة الآن، لكن ذلك الشخص و كل الذين جاء بهم معه يعرفون وجوه كايلا و بيون.
علاوة على ذلك، لم يكن الأمر يقتصر على من كانوا معه فقط. بسبب قوات الحراسة التي جلبوها، أصبحت الإجراءات الأمنية المشددة عند البوابة أكثر صرامة.
“إن لم يكن الآن…!”
إن لم يكن الآن، فستُغلق بوابات القلعة قريبًا. و عندما يدرك قصر الدوق أن الأميرة مفقودة، ستعمّ الفوضى.
لذا إن لم يكن الآن، فلن تكون هناك فرصة.
دفعت كايلا ذراعه و ركضت إلى الأمام. لكن بيون عض على أسنانه و وقف في طريقها. موظف الإدارة هو اليد اليمنى للإمبراطور. إن تم الإمساك بها هنا، فكل شيء قد انتهى. سيكون الإمبراطور في قمة الغضب.
“كايلا، أرجوكِ!”
“أرجوك، يا سموّك. أرجوك، أرجوك دعني أذهب.”
في ظل زقاق مظلم و ذو رائحة كريهة، تصارع الاثنان جسديًا. كايلا كانت تتلوى و تضربه، لكن بيون أمسك بها بقوة و لم يتركها.
“ليس الآن. أرجوكِ. إن ذهبتِ الآن، فستنتهي عائلة الدوق أوستين بحلول صباح الغد.”
ستكون تلك هي النهاية حرفيًا. همس بها بصوت منخفض بينما كان يقيّد كايلا التي تقاومه. نظرت إلى موظف الإدارة، ثم إلى قائد البوابة الذي كان يتحدث معه.
كان فارس شاب يومئ برأسه لكلمات موظف الإدارة. أليس ذلك هو السير إيسيدور داكيتن، قائد البوابة؟ علاوة على ذلك، كان ابن عم بيون. لا يوجد شيء جيد من مقابلة ذلك الرجل هنا.
“يمكنني أن أذهب، هناك طريقة…!”
لكن تلك الطريقة لم يكن يجب أن يعرفها بيون، كانت شيئًا يجب أن تعرفه هي فقط، لذا لم تستطع كايلا أن تقول المزيد. إن ذكرت الأخ إيسيدور أمام بيون، فالسير إيسيدور داكيتن، قائد البوابة، سيُورّط أيضًا.
و قبل كل شيء، لم تستطع التغلب على قبضة بيون القوية. كان مشهدًا مألوفًا يتكرر من جديد.
كل شيء يُنتزع، و يختفي أمام عينيها.
الإحباط و اليأس يأتيان بسهولة، و لم تحقق جهودها رغباتها منذ زمن طويل.
لم يكن هناك سبب لوجود موظف الإدارة والكتبة، أعين و آذان الإمبراطور، عند البوابة في هذه الساعة. لكنهم جاؤوا، لذا فإن هروبها قد انتهى. كان الأمر دائمًا كذلك.
اللمعان في عيني كايلا بدأ يخبو تدريجيًا. كانت قد خططت للهروب من خلال علاقتها الطويلة مع السير داكيتن، لكن موظف إدارة الإمبراطور يتفوق على قائد البوابة داكيتن.
لقد انتهى الأمر.
كان دائمًا كذلك.
كانت حياتها دائمًا هكذا.
خارت القوة من يديها اللتين كانتا تدفعانه بعنف. شعر بيون بارتفاع الحرارة في الجسد الذي كان يحتضنه بقوة.
كانت الحمى تعود.
“سوف، سوف أدعكِ ترحلين لاحقًا. أنا أعدكِ.”
بمثل هذه الكلمات لا فائدة منها. كان يعلم. ربما لن تصل حتى إلى أذنيها. لكن بيون توسّـل و هو يخبئها في ظل الزقاق المتسخ، محاولًا حجبها عن أعين الإمبراطور.
“ستكونين حرّة. ستصبحين شخصًا لا تربطه علاقة بلوسينفورد، لذا أرجوكِ، من فضلكِ تحمّلي قليلاً فقط.”
حتى و هو يتحدث، شعر بيون بألم نابض في قلبه. نعم. كان يجب أن تكون كايلا شخصًا لا علاقة له به. ومع فقدانها للقوة و هبوطها أكثر فأكثر، أمسك بها بشدة و عضّ على أسنانه.
*****
“في هذه اللحظة ، جلالة الإمبراطور قد وضع شرفه على المحك بسبب زواجنا، أيتها الأميرة.”
بينما كان بيون بالكاد قد تمكّـن من تسوية الوضع و عاد، لم تبكِ كايلا. فقط غرقت عميقًا في صمت طويل داخل العربة.
بيون، الذي شهد عددًا لا يُحصى من ساحات المعارك، لم يستطع إخفاء قلقه، إذ شعر أن تصرفها يشبه تصرف شخص يواجه الموت.
أراد أن يجعل الزواج كما لو أنه لم يحدث أبدًا. لقد تمنى ذلك بصدق. لكن بكونه قد عاد بالزمن فقط قبل بضعة أيام، لم يكن يملك القوة الكافية بعد.
و كان ذلك مستحيلًا أكثر الآن، بعد أن قرر الإمبراطور إثبات “قيادة ملكية مناسبة” من خلال زواجهما.
كايلا، التي كانت ترتدي الحجاب بوجه شاحب قبل العودة بالزمن، لا بد أنها كانت تكره هذا بقدر ما يكرهه هو.
كان الأمر كذلك حينها، و هو كذلك الآن.
يالها من زيجة مهينة لأميرة أوستين النبيلة. كان مؤلمًا للغاية بالنسبة له أن يجد نفسه في موقف يثرثر فيه عن الواقع الحالي أمامها.
“إن لم يحدث هذا الزواج، فسوف يتضرر شرف جلالة الإمبراطور، و من الواضح جدًا إلى من سيتوجه غضبه.”
هل كانت تستمع حتى؟ كايلا، التي كانت جميلة بشكل مدهش حتى في حالتها البائسة، بدت غير مهتمة بكلماته. كانت أذناها مغلقتين، وقد انطفأ النور في عينيها.
“في الوقت الحالي، يجب أن تعيشي، سمو الأميرة كايلا.”
لم يرد أبدًا، أبدًا أن يراها تموت وعيناها مفتوحتان مرة أخرى.
“إذا عشتِ، يمكنكِ أن تحصلي على الطلاق مني، وترثي دوقية أوستين، و ربما في يوم من الأيام ستفكرين أنكِ قد أحسنتِ صنعًا حين قررتِ أن تعيشي.”
اشتعل قلبه و تجمد دمه وزهو يتحدث. كان يتوسل إليها ألاّ تموت.
“ألا يمكنكِ أن تمنحيني فقط 3 سنوات؟”
لقد كانت في الواقع مدة ضيقة جدًا، لكن بيون تجرأ و قدّم وعدًا.
“سأمنحكِ الطلاق بعد 3 سنوات. لن أطمع أبدًا في أوستين. سأكتب كل هذا و أوقع عليه. فقط 3 سنوات. بعد ذلك…”
بعد ذلك، كان عليه أن يخرج نفسه بالكامل من حياة كايلا، لكنه لن يستطيع أن يخرج كايلا من حياته هو.
حبس أنفاسه في حلقه.
“بعد ذلك، اذهبي إلى الجنوب.”
خفض بيون نظره. لم يكن لديه وجه ليواجهها مباشرة أثناء قوله هذه الكلمات، كونه شخصًا بلا خجل يؤلم حتى و هو يتحدث بها.
“عُودي إلى الجنوب.”
لكن كايلا لم تكن تستمع إلى كلماته.
‘أنا… أنا غبية حقًا و لا أستطيع فعل أي شيء بشكل صحيح.’
غبية و حمقاء، كل ما أفعله يكون بشكل أخرق.
لماذا لا تبقينِ ساكنة فقط، لماذا يجب عليكِ أن تتقدمي و تسببي صداعًا للجميع؟
مهما حاولت كايلا، لم تستطع حتى مجاراة أصابع أقدام الناس العاديين.
أنتِ فقط تسببين المشاكل وعلينا نحن أن ننظفها. حتى طريقة تحدثكِ غريبة.
ما الذي يمكنكِ فعله، وأنتِ شبه مجنونة ولا تستطيعين حتى أن تؤدي دور الدوقة الكبرى بشكل صحيح؟
إن كنتِ لا تعرفين شيئًا، فالبقاء ساكنة هو الطريقة التي يمكنكِ بها المساعدة، يا صاحبة السمو.
كل ما فعلته كان على هذا النحو. كيف لشخص غبي أحمق مثلي أن ينجح بمجرد محاولته الهروب مرة واحدة؟
لم استطع حتى أن أموت بشكل صحيح دون مساعدة الآخرين.
لأنها غبية لا تستطيع فعل شيء، لأنها لا تستطيع حتى التحدث بشكل صحيح، يجب أن تبقى ساكنة فقط.
هذه المرة أيضًا، يجب أن تموت بهدوء.
حتى لو عادت، لم يكن هناك طريقة يمكنها بها أن تحقق أي شيء. ماذا يمكنها أن تفعل، و قد عملت دون نوم كافٍ لأربع سنوات قبل أن تموت، ومع ذلك لم تتلقَ أي تقدير؟
يجب عليها فقط أن تجلس بهدوء وتموت بطاعة.
في لحظة ما، رفعت كايلا زوايا فمها قليلًا.
‘هل هناك ما يمكنني فعله أصلاً.’
لم تكن قادرة على التمييز إن كان هذا واقعًا أم جنونًا.
ارتجفت عينا بيون بألم و هو يراقب كايلا تتخبط في الظلام بابتسامة غير متزنة. لم تكن تستمع إلى كلماته حتّى.
عادت العربة بهدوء إلى دوقية أوستين.
التعليقات لهذا الفصل " 14"