شيء لا مفرّ منه ، حتى بعد العودة بالزمن (2)
بالنسبة للنبلاء، كان الزواج واجبًا مطلقًا. من خلال الزواج، يتم تقوية التحالفات و ينتج الورثة لمواصلة النسب. عندها فقط يمكن الحفاظ على ثروة العائلة و سلالتها.
وُلدت كايلا في بيت ملكي، ولم تكن تجهل هذا. لقد فكرت فقط أن من الأفضل تجاوز وفاة والدها بسلام أولًا، قبل أن تسعى لإيجاد زوج أفضل من بيون.
كان أفضل خيار متاح لها هو الزواج مرة أخرى، رغم أن مجرد إيجاد مرشح للزواج مرة أخرى كان نادرًا جدًا.
و قبل كل شيء، لم تكن كايلا ترغب في الزواج من جديد. كانت تتمنى فقط أن تبقى منهارة، دون أن تفتح عينيها.
بعد أن رأت والدها حيًا، أليس بإمكانها أن تموت الآن فقط؟ إذا كانت ستُؤخذ بالقوة إلى لوسنفورد، فالأفضل أن تموت كما ينبغي الآن.
“سيدتي!”
فتحت أميرة أوستين الثمينة عينيها بالكاد. دخلت وجوه وصيفاتها القلقة، و الطبيب، و والدها الذي بقي إلى جانبها، إلى مجال رؤيتها دفعة واحدة.
كما لاحظت ضوء الصباح الهادئ بشكل مفرط. بشفاه جافة، حركت فمها، لكن لم يخرج صوت بسبب الحمى العالية.
“نعم، كايلا. نعم.”
لكن والدها، الذي ربى ابنته الوحيدة بنفسه، فهم فورًا ما كانت تحاول قوله و انحنى إليها بسرعة. أجابها، و هو يلتقط أصوات أنفاسها المتقطعة.
“لقد مرت ثلاثة أيام، ثلاثة أيام.”
وقت كافٍ و أكثر لحسم كل شيء.
“أخبرت جلالته أنكِ مرضتِ من التوتر بسبب توليكِ مهمة كبيرة للمرة الأولى. لقد كان قلقًا و أرسل الدواء و الأطباء.”
مدركًا تمامًا لما كانت ابنته قلقة بشأنه، طمأنها أديو بلطف بشأن الإمبراطور.
“كما ترك الأمير إلكانان تحية و هدية لكِ. قال إنه ندم على عدم تمكنه من توديعكِ قبل رحيله.”
“الزواج…”
عند الكلمة التي نطقتها ابنته بصعوبة بحلقها الجاف، أشار أديو إلى الطبيب.
“لنفحصكِ أولًا، ثم عليكِ أن تأكلي شيئًا، لنتحدث أكثر.”
لقد كان الأوان قد فات بالفعل بالنسبة لكايلا. إذا كانت قد مرت ثلاثة أيام، فلا يمكن إيقاف الزواج بعد الآن.
****
بالطبع، هذا لا يعني أنها يمكن أن تبقى بلا حراك و تستسلم فقط. ركلت كايلا الأغطية بغضب و قفزت من السرير.
“سيدتي، رجاءً، لقد كنتِ تعانين من حمى عالية لثلاثة أيام. إذا خرجتِ هكذا، ستمرضين مجددًا! قد تصابين بالتهاب رئوي!”
رغم أن جميع خدم المنزل حاولوا ثنيها، لم يكن لدى كايلا خيار آخر. كانت تعرف دوق لوسنفورد الأكبر، زوجها المستقبلي، جيدًا. لم يكن شخصًا سيأتي فقط لأنها استدعته. كان عليها أن تذهب لرؤيته بنفسها، مهما كان الثمن.
هذه المرة، كان عليها أن توقف هذا الزواج المجنون. كان زواجًا لا ينبغي أن يحدث من الأساس. لن يجلب إلا التعاسة و المأساة للجميع.
“لا يمكنكِ! مستحيل تمامًا! أرجوكِ على الأقل أرسلي شخصًا لاستدعائه إلى هنا!”
الوصيفات، و الموظفون، و الفرسان الذين لم يعرفوا من ستقابل سيدتهم شعروا بالقلق. لكن لم يكن هناك ما يمنع السيدة النبيلة المصممة على مغادرة سريرها لأول مرة.
“إذن، من فضلكِ انتظري قليلًا فقط قبل الخروج! من المفترض أن يصل ضيف على الغداء اليوم!”
“ضيف لأبي، أم لي.”
“يا إلهي، صوت الآنسة بالكاد يخرج وحتى الكلام يبدو مرهقًا، و مع ذلك تصر على الخروج إلى مكان ما.”
كان كبير الخدم على وشك البكاء.
“إنه خطيبكِ، آنستي! دوق لوسنفورد الأكبر قادم!”
كانت تريد أن تصرخ: “من جعله خطيبي؟”، لكن حلقها بدا و كأنه سيمزق.
“كبير الخدم، حصان الدوق الأكبر يقترب!”
“أوه سيدتي، أرجوكِ. أتوسل إليكِ. ابقي مكانكِ، من فضلك؟”
و من بين كل الأوقات، كان دوق أوستين قد سارع مرة أخرى إلى القصر الملكي لإنهاء المفاوضات مع كيروزان، لذا كان على كبير الخدم أن يتوسل إلى دوق لوسنفورد الأكبر أن ينتظر لحظة.
بعد أن رأى الآنسة تجلس على السرير بتردد، هرع كبير الخدم إلى الخارج. و على عكس عربات أوستين، كان حصان الدوق الأكبر سريعًا جدًا لدرجة أنه عندما وصل كبير الخدم إلى المدخل، كان قد نزل بالفعل.
“مرحبًا بك، صاحب السمو الدوق الأكبر. أعتذر، لكن السيد قد أسرع إلى القصر الإمبراطوري لإجراء مفاوضات مع كيروزان. وقد طلب منكَ الانتظار للحظة.”
“والأميرة؟”
كان هو من حمل الأميرة المنهارة في قاعة العرش على الفور.
“لقد استيقظت هذا الصباح، لكنها لا تزال تحت المراقبة. لقد كانت مريضة جدًا طوال هذا الوقت.”
لم ينظر دوق لوسنفورد الأكبر إلى كبير الخدم، بل إلى الأعلى نحو السلالم التي نزل منها كبير الخدم مسرعًا.
“تحتاج إلى مراقبة، ومع ذلك هي تتجول؟”
“عذرًا؟”
تبع كبير الخدم نظرة الدوق الأكبر الجامدة، وكاد يغمى عليه من الصدمة. الآنسة كانت واقفة بتحدٍّ في أعلى الدرج، مرتدية مجرد رداء مع شال مرميّ على كتفيها بلا اكتراث.
” يا صاحب السمو الدوق الأكبر.”
قالت كايلا بأعلى صوت استطاعت إخراجه، ثم استدارت فجأة، متمايلة و هي تمسك بالحائط بسبب الدوار. لكنها كانت مضطرة لأن تتماسك بسرعة و تواجه بيون، ذلك الرجل الجامد.
حبست أنفاسها، منتظرة أن يزول الدوار. و بينما كانت الوصيفات في حالة قلق يحاولن مساعدتها، كانت تستند إلى الحائط حتى تمكنت من تحريك قدميها بنفسها.
“اعذروني للحظة.”
و بتلك الكلمات المنخفضة الثقيلة من خلفها، رُفِع جسدها فجأة. نظرت كايلا حولها بذهول، متأخرة قليلًا في ردّ فعلها.
لم يكن ذلك غريبًا، فقد كانت بالكاد قد عادت لرشدها و استوعبت الموقف.
“أنزلني. سأذهب بنفسي.”
“أين غرفتها؟”
سأل بيون الوصيفة، متجاهلًا كايلا. فأرشدته الوصيفة المنحنية إلى هناك. بدأت كايلا في الاحتجاج مرة أخرى لكنها تراجعت. كان من الأفضل أن توفر ما تبقى من طاقتها الآن.
“استلقي أولًا، يا صاحبة السمو.”
“هل هذا هو الوقت المناسب للاستلقاء؟”
“سأبقى إلى جانبكِ حتى تطلبي مني المغادرة، لذا اذهبي إلى السرير.”
أسرعت الوصيفة بمهارة إلى تكديس الوسائد لتستند إليها كايلا.
و بينما كانت تسحب ستائر السرير بسرعة، أزالت زجاجات الدواء و المناشف. أدخلها بيون بهدوء تحت الأغطية السميكة، ثم جرّ كرسيًا ووجلس.
“الجميع، إلى الخارج.”
حتى لو كانت سيدتهم راشدة ، أن تبقى لوحدها مع خطيبها؟
نظر كل من الوصيفات و الفرسان بتوتر، لكن لم يكن لديهم خيار حين لم تُبدِ كايلا أي اعتراض.
“هل هناك أميرة من كيروزان قادمة للزواج؟”
ذلك ما علمته كايلا عند استيقاظها بينما كان والدها غائبًا. بقي صوتها رسميًا مهذبًا، لكنه كان دفاعيًا بشدة وهي تسأل فجأة. أومأ بيون بهدوء.
“نعم. ولي العهد مخطوب إلى أميرة كيروزان. هل أكلتِ شيئًا؟”
كانت كرانيا تدخل تحالف زواج مع كيروزان.
ولي عهد وأميرة يتناسبان مع مكانتهما.
كان هذا زواجًا أعظم بكثير من زواج الأمير غير المباشر إلكانان من كايلا .
أما بالنسبة كايلا الآن ، فكان من المفترض أن تتزوج دوق لوسنفورد الأكبر.
لماذا؟
“ما كان ردُّ صاحب السمو؟”
هي تعرف أن والدها لا يستطيع معارضة الإمبراطور.
فحتى مع دوقية أوستين التي منحها له الإمبراطور السابق – لم يكن لديه حتى الشجاعة للضغط على الإمبراطور الماكر الحالي و هو متمسك بهذه الدوقية. لأنه إن فعل، فستدمره جيوش الإمبراطور فورًا.
لذا، لم يكن أمام كايلا أحد لتثق به سوى بيون، الذي احتج بشدة حتى عندما أُجبر على الزواج منها قبل وفاته.
لقد قُمِع بشدة بقدر ما قاوم ، وأُجبر على ذلك الزواج.
ربما لم يدرك أن الإمبراطور يستمتع بإذلال من يقاوم أكثر. لكنها الآن كانت بحاجة إلى تلك المقاومة.
“إجابتي لا يمكن أن تؤثر على إرادة جلالته.”
“إذن ستتزوجني بدلًا من السيدة رافالي الآن؟”
كانت كايلا غاضبة حقًا. الغضب بلغ ذروته في رأسها.
هل جنّ هذا الرجل؟ لماذا يتصرف بهذه الطريقة؟
طوال حياتها الزوجية، وبسبب أولئك الأشخاص الملعونين من لوسنفورد الذين كانوا دائمًا يتوقون إلى بياتريس، شعرت كايلا و كأنها تزوجت بياتريس و ليس بيون.
إذا كانت مهمة و ثمينة له لهذا الحدّ ، كان يجب عليهما أن يُحبا بعضهما حتى الموت!
“هل تعتقد أن هذا منطقي؟ هل هذا ما تريده؟ الإمبراطورية كلها تعرف من يحب سموك! لماذا تطارد حبًا لا يمكنكَ الحفاظ عليه؟”
بعد أن نفّست عن غضبها، شعرت بالارتياح.
“كان يجب أن تهربا معًا!”
هذا ما كان ينبغي عليهما فعله. بدلًا من معاملة كايلا دي شاسير، التي أصبحت كايلا فيرارو بعد الزواج، كأنها كيان غير موجود، عديمة القيمة كأنها هواء، كان يجب على العاشقين أن يهربا معًا.
بالطبع، بناءً على القصص التي سُمعت قبل وفاتها، من المرجح أن بياتريس رافالي لم تفكر حتى في مثل هذا الأمر.
لذا فإن بيون وحده كان الأحمق.
مغفّل.
“هل تحدثتَ على الأقل مع السيدة رافالي؟”
“نعم، تقدمتُ بعرض زواج.”
كان هذا خبرًا جديدًا بالنسبة لكايلا. اتسعت عيناها وهي تنظر إلى بيون.
“في اليوم الأول الذي وصل فيه مبعوث كيروزان، أخبرتُ جلالة الإمبراطور أنني في سن الزواج، وهكذا انتهى الأمر.”
لقد أخبر الإمبراطور بأنه سيتزوج بياتريس، لكن قيل له أن يتزوج كايلا بدلًا منها.
“وماذا بعد؟”
راقب بيون عيني كايلا و هما تحمران و امتلأتا بالغضب . لم تكن تملك القوة لاستقبال ضيف. نظر بقلق إلى المرأة الشاحبة ، قلقًا من أن تنهار مجددًا.
كانت نحيفة و شاحبة جدًا . بمظهرها و هي ترتدي فستانًا أبيض من الموسلين و بشعرها البلاتيني الشاحب، كانت تبدو و كأنها ستنكسر إذا لُمسَت.
ومع ذلك، كان الغضب يتأجج بشدة في عينيها اللتين تحملان برودة السماء.
لم يستطع أن يقول لها انه حاول بيأس إيقاف هذا الزواج بينما كانت فاقدة الوعي. إذا كان قد فشل في إيقافه، فسيكون ذلك مجرد عذر جبان.
“إذن، هل ستتخلى عن السيدة رافالي و تتزوجني كما يأمر جلالة الإمبراطور؟ سموكَ لن يستطيع نسيان السيدة رافالي لبقية حياتك.”
تحدثت كايلا كما لو كانت ترى المستقبل. عندما أمر الإمبراطور بنفس الزواج قبل عودتها بالزمن، أطاعت دون أن تقول كلمة، و لم تغضب من بيون مثل الآن.
في ذلك الوقت، تغاضى الإمبراطور عن أوستين و أجبر الوريثة الشرعية لأوستين، كايلا، على الارتباط بـبيون.
بالنسبة للإمبراطور، كانت لوسنفورد مكبًا للنفايات.
“أنا أعلم جيدًا أن هذا الزواج لا معنى له بالنسبة لكَ، يا صاحب السمو.”
حتى لو كان أديو و بيون لقيطين، فمكانتهما مختلفة. أديو دي شاسير كان ابنًا غير شرعي للإمبراطور، و قد اعترف به الإمبراطور السابق و منحه اسمًا و لقبًا منفصلًا.
أما بيون فكان ابنًا غير شرعي للإمبراطورة، وكان يتم احتقاره بطبيعة الحال. بالإضافة إلى ذلك، ومع وجود حبيبته التي كان الجميع يظن أنها ستصبح الدوقة الكبرى القادمة للوسنفورد، لم يكن يستحق كايلا.
مع ذلك، كان عليه أن يتزوج. و من الصادم أن جهوده لإيقاف الزواج على مدى ثلاثة أيام متتالية أدت إلى هذه النتيجة.
“يعتقد جلالة الإمبراطور أن دوقية أوستين لا يمكن أن يرثها الابن الأكبر للأمير إلكانان.”
الزيجات النبيلة كلها محسوبة. هذه المرة، ومع بقاء دوق أوستين حيًا و معافى، و مع سقوط الإمبراطورة، أعاد الإمبراطور الذي أراد تقوية القصر الملكي ترتيب القطع من جديد.
“زواج أميرة كيروزان من ولي العهد يعزز التحالف.”
“وبقاء أوستين داخل الإمبراطورية بدلًا من الذهاب إلى كيروزان أيضًا يفيد الإمبراطورية.”
فهمت كايلا على الفور و ردّت، وأومأ بيون برأسه.
“فما سيكسب سموكَ و ماذا سأكسب أنا من هذا؟”
أرادت أن تدفع هذا الرجل و بياتريس من على حافة جرف. لقد كان أول شعور عنيف حاد تشعر به كايلا النبيلة في حياتها.
قبضت يديها، مجهدة جسدها الضعيف لدفعه نحو بياتريس – المرأة التي ستقيده في النهاية.
لكن لماذا؟
“سموك ستكون تعيسًا مدى الحياة.”
و كان الأمر كذلك بالنسبة لها. ومع ذلك، كان بيون أفضل حالًا منها من نواحٍ عديدة. فعلى الأقل، عندما كانت تموت، كان لا يزال حيًا و بخير.
“ستفكر بها في كل مرة تراني فيها. أنتَ تحبها بعمق، أليس كذلك؟ إذًا اذهب الآن. حتى الإمبراطورة قد انهارت – ما فائدة كل هذا؟ اذهب. حقق ذلك الحب.”
كان غضب كايلا حارقًا لدرجة أنه أصبح باردًا و جليديًا بدلًا من ذلك. هذه المرأة التي بالكاد تتمسك بالحياة تقول له فقط أن يذهب إلى حبيبته، وعيناها الواسعتان و وجهها يحملان نظرة مجنونة، وكأنها تحثّه على النهاية المدمرة التي كانت تعرف أنها ستأتي.
المشكلة لم تكن في بياتريس. لو أن بيون هرب مع بياتريس يومًا ما، لما تركه الإمبراطور و شأنه. لقد كان يكره التمرد على الأوامر الملكية و إهانة شرفه فوق كل شيء.
حتى بالنسبة لكايلا، الأميرة النبيلة التي بذلت قصارى جهدها كدوقة كبرى للوسنفورد، كانت هناك بقايا من كبريائها المحطم و المنهار.
لقد أدت واجباتها و كرّست نفسها للوسنفورد، ومع ذلك كانت دائمًا موضع تجاهل من زوجها و موضع سخرية من النبلاء ذوي المكانة الأدنى.
لا يمكن حتى وصف الإذلال الذي تعرضت له عند حبسها و تجويعها حتى الموت.
“بغض النظر عن مدى إصرارك، لن يعترف جلالة الإمبراطور بمساهماتك. انظر، لقد قلتَ انكَ ستتزوج السيدة رافالي، لكنه أمركَ علنًا بأن تتزوجني أنا بدلًا منها.”
رغم قولها لبضع كلمات و إلا أنها كانت بالفعل تلهث. كانت كايلا تعلم أن هذا الغضب مؤقت.
سيتوهج للحظة، ثم في النهاية ستتخلى عنه وتدعه يتلاشى. لكن كايلا كانت تغضب بإرادتها. أرادت أن تفرغ غضبها، على الأقل.
“إذا واصلتَ بهذه الطريقة، ستخسر كل شيء. تمسك بشيء واحد مؤكد على الأقل.”
رغم أنه أحب بياتريس بغباء، إلا أن كايلا، التي كانت تعرف بياتريس جيدًا، كانت تقريبًا تلعنه ليخوض ذلك حتى يصل إلى النهاية التعيسة.
“سأساعدك. إذا لم ينجح الأمر، فعلى الأقل يجب أن تحاول الهرب من الحب. ما الذي تفعله الآن؟”
بعد أن سكبت سيلاً من الكلمات، نفدت أنفاسها في النهاية و أخذت تلهث، متكئة على الوسادة. ومع ذلك، كانت عيناها الشاحبتان الحادتان لا تزالان موجهتين مباشرة نحو بيون.
إذا كانت بياتريس ثمينة جدًا بالنسبة له لدرجة أنه تجاهل كايلا و لم يعطها أي اهتمام، فعليه أن يخاطر بحياته الآن!
بيون، الذي كان يستمع بصمت إلى سيل الانتقادات، فتح فمه أخيرًا ببطء.
“أنا أفهم تمامًا أن سموكِ ترغبين بشدة في تجنب الزواج بي. أفهم. كما أعلم أنكِ تستحقين تمامًا أن تجدي عريسًا أفضل مني.”
“و ماذا بعد؟”
جاء رد قاطع يخترق الهواء نحو بيون. وفي غياب الكلمات، تساءل بيون فجأة:
‘هل كايلا، التي دُفعت للزواج منه بعد فقدان والدها، كانت تكره الزواج بهذا القدر؟ أم أن ذاتها الحالية… كايلا… هل يمكن أن تكون؟’
“ألا تنوي أن تكون مع السيدة رافالي؟”
كايلا، التي كانت تأتي إليه دائمًا بصوت ناعم، دون أن تفقد اللباقة و الكرامة، تحاول إقناعه و تتحدث إليه مرارًا و تكرارًا، ردت قبل أن يتمكن من الإجابة.
“إذًا سأريك.”
كايلا، التي اعتادت على تجاهل زوجها لها مهما قالت، هربت تلك الليلة.
التعليقات لهذا الفصل " 12"