شيء لا مفر منه حتى بعد العودة بالزمن (1)
كان شيئًا لم تكن لتقوله بصوت عالٍ تحت ظروف طبيعية.
سواء كان ذلك بسبب ضبابية عقلها من الحمّـى، أو لأنها عادت من الموت، أو لأنها لم تكن تعرف ما إذا كان هذا الوضع حقيقيًا – على أي حال، كان لسانها يتحرك بحرية و صدق شديدين.
قالت لبيون :
[أنا أعلم أنكَ لا تراني كامرأة.]
بالإضافة إلى ذلك، كان الأمر كما لو أنها أعلنت، “لا أحد يراني كذلك، و أنا أعلم هذه الحقيقة.” كان شيئًا لم تكن الأميرة الفخورة من أوستين لتقوله أبدًا، لكنها قالته.
“ليست مشكلة كبيرة.”
بعد قولها لذلك، شعرت باللامبالاة. وفوق كل شيء، كانت تلك هي الحقيقة. كانت وحدها من تعرفها، فقط لم تقلها بصوت عالٍ من قبل.
“أهكذا هو الأمر.”
بدا أن بيون أيضًا أومأ بهدوء.
“لقد ارتكبتُ خطأ لا مبرر له. أنا آسف.”
“لماذا أنقذتَ حياة والدي؟”
سألت كايلا مباشرة ، لأنها كانت فضولية جدًا، لكنه كان سؤالًا لم يكن بوسعها طرحه في القصر الملكي المليء بعيون و آذان الإمبراطور.
“هذا لا علاقة له بسموك، أليس كذلك؟”
هكذا كانت علاقتهما. لا علاقة لهما ببعض. لا قرابة دم، و لا ارتباط عائلي أيضًا.
من الناحية المنطقية كانت تعلم أن ذلك هو الأفضل، لكن بقلبها الفارغ، كانت كايلا مشوشة، غير متأكدة من كيفية التعامل مع هذا الفراغ.
“بل، كان من الممكن أن تقع في ورطة مع جلالة الإمبراطور.”
حتى لو لم تنهار الإمبراطورة، فبالتأكيد هو كان سيفعل. بما أنه نسي الرصاصات، كان الإمبراطور سيوبخّه باعتباره أحمقًا جاهلًا و غير مهذب. ومع ذلك، أجاب بيون ببساطة وبلا مبالاة.
“أنا في ورطة بالفعل، لذا لا بأس.”
كيف يمكنه أن يقول إنه فعل ذلك لأنه لا يريد ارتكاب المزيد من الجرائم بحقها، لأنه أرادها أن تكون سعيدة؟ كيف يجرؤ على قول شيء كهذا؟ لا يحق للمجرم التحدث. عليه أن يظل صامتًا.
“كان من الممكن تقليل الدعم للوسينفورد.”
سواء لخفض الدعم للجبهة التي تواجه التنين الشرير بسبب أمر تافه كهذا–كان الإمبراطور بالتأكيد رجلًا عظيمًا بما يكفي ليفعل ذلك و أكثر. لقد كان من المعروف بالفعل داخل الإمبراطورية وخارجها أنه كان غير منطقيا بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بـبيون.
“إذن كان الأمر كذلك، لما استطاعت لوسينفورد التحمل. لماذا فعلتَ ذلك؟”
كان الدوق الأكبر من لوسينفورد فارسًا و جنديًا. كان يعلم جيدًا أن جنوده التابعين يجب أن يقاتلوا دون أن يتجمدوا من البرد أو يجوعوا.
لهذا السبب، حتى أثناء تحمّله الإذلال أمام الإمبراطور، كان دائمًا يحاول جاهدًا أن يحصل على الدعم بأي وسيلة.
ألم يكن هدفه الأكبر، وأمنيته، وحلمه أن يهزم التنين الشرير غوسالانتي و يعود ليلتقي بوالدته و يتزوج بياتريس؟
فكرت كايلا أنه لو تمكن بيون من القضاء على التنين الشرير غوسالانتي قبل أن يتمكن الإمبراطور من قتله، لربما كانت قد تم اغتيالها سرًا في لوسينفورد.
كان هناك العديد من التابعين المخلصين في لوسينفورد الذين قد يقضون على أي شخص يعيق توحيد سيدهم من تلقاء أنفسهم، و هو أيضًا لم يكن ليدع زوجته، التي كان يشك في أنها جاسوسة للإمبراطور، و شأنها. بطريقة أو بأخرى، كانت كايلا مقدّر لها أن تموت.
“يمكنها أن تتحمل.”
أجاب بيون ببساطة. بدا أن رده يفيض بالثقة. لم يكن هذا هو الدوق الأكبر من لوسينفورد الذي يكافح ضد البرد لمواجهة التنين الشرير.
“شكرًا لاهتمامكِ، لكن لوسينفورد يمكنها أن تتحمل. أولا يجب أن نساعد بعضنا البعض أمام جلالة الإمبراطور، أليس كذلك؟”
بعينين محمومتين و مشوشة، نظرت كايلا إلى بيون من منظور جديد. كان يقول شيئًا مختلفًا تمامًا عن الدوق الأكبر الذي كانت تعرفه.
تحدثت إليه عمدًا باحترام كما كانت تفعل عندما كانت دوقة كبرى، و هو استخدم نفس أسلوب الكلام كزوجها، لكنه بدا غريبًا. كان الأسلوب هو نفسه، لكن المحتوى كان مختلفًا.
لماذا يبدو مختلفًا؟
“نعم، أعتقد ذلك.”
لماذا تغيّر؟ هل سيندم بيون على إنقاذ والدها بما أن كايلا واجهته بغضب هذه المرة؟ هل أصبحت الآن خارج اهتمام بيون؟
“كايلا.. سموك؟”
كان رأسها يؤلمها بشدة. كل اهتزاز من العربة جعل الأوعية الدموية في رأسها تنقبض بقوة.
“لقد وصلنا.”
أيًا كان. لقد ماتت بالفعل مرة، لذا لا يمكنها أن تموت مرة أخرى، أليس كذلك؟ لم يكن هناك ما تخشاه حتى لو انهار كل شيء مع بيون.
بينما كانت كايلا متضايقة، كانت العربة ذات العجلات الأربع قد اجتازت الممر الحجري المعتم ووصلت إلى منزل دوقية أوستين المضيء.
برفقة العديد من الفرسان، توقفت العربة بصوت صرير أمام المدخل حيث كان الخدم والخادمات بانتظارها، و حوافر الخيول ترن.
رجل طويل ذو بنية قوية نزل بسرعة من العربة و مد يده إلى الداخل.
“لقد كان يومكِ طويلًا. ارتاحي جيدًا .”
كان ذلك السلوك المثالي لرجل نبيل تجاه سيدة. حتى لو كانا قد التقيا اليوم فقط، كانت طريقته المهذبة لا تشوبها شائبة، لكن لم يكن هناك أي إحساس بذكريات متراكمة أو صداقة بين الاثنين.
كانت اليد التي نزلت على يده حارّة كالجمرة بسبب الحمى. مد يديه الاثنتين نحو كايلا المتمايلة الضعيفة، و أسندها ليساعدها على النزول من العربة.
“شكرًا على التوصيلة، سموّك.”
حتى في حالتها المشوشة، لم تنسَ كايلا آدابها، و أعادت كذلك عبائته التي كانت ترتديها .
“طاب مساؤك.”
كتم كل ما أراد قوله و فعله، و غادر بيون جانبها. كان فراغ مألوف ينهشه من الداخل.
غادر دار دوقية أوستين، و امتطى حصانه عائدًا إلى القصر الملكي. كانت الشوارع مظلمة للغاية، ولم يكن يضيء في البعيد سوى القصر الملكي المتلألئ كمنارة.
حثّ الدوق حصانه بصمت إلى الأمام، وكانت تعابير وجهه و أفكاره عصيّة على القراءة حتى على الفرسان الذين بجانبه.
“صاحب السمو.”
لم يعلم أحد ما إذا كان السير رينار قد كان بجانبه طوال الوقت أم أنه انضمّ للتو، فقد غطّى صوت حوافر الخيول على الرصيف الحجري همسه.
“الآنسة رافالي قد دخلت قصر سولاي سرًا.”
تحدث السير رينار بأقصى درجات الحذر، ولكن حقيقة أن بياتريس قد دخلت سرًا إلى قصر سولاي حيث يقيم الإمبراطور، كانت كلها أمورًا تثير الشك.
مع ذلك، أومأ بيون دون أن يرمش حتى.
“لم تخرج بعد.”
“استمر في مراقبتها.”
“نعم، سموّ الأمير.”
انحنى السير رينار المخلص دون أن يطرح أي سؤال، ثم اختفى مجددًا في الظلام.
كان بيون لا يتذكر و لا يحرك إلا أولئك التابعين الذين لم يخونوه حتى النهاية.
لم يكن بإمكانه الوثوق إلا بمن سدّوا الطريق و ماتوا أولًا وهم يقولون إن الدوق الأكبر يجب أن ينجو من قوات القصر الزاحفة.
و لهذا، حسب أوامره، كانت كايلا – التي سُجنت في برج كورميري الشمالي في لوسنفورد – الاستثناء الأهم.
منذ اللحظة التي رآها فيها مجددًا أمام حديقة الوحوش، لم يستطع بيون سوى تتبع كل حركة لكايلا كما لو كان مسحورًا.
لقد كان عاجزًا تمامًا أمامها.
فور نزولها من العربة وتخليها عن عباءته، تمنى لو أنه قال لها أن تحتفظ بها. لقد فعل القليل من أجلها، فأراد على الأقل أن يعطيها ذلك، لكن خادمًا كان أسرع بتقديم شال ليغطي كتفيها العاريين، مما جعل الأمر مستحيلًا.
ما إن ينتهي هذا الربيع القصير، سيعود إلى لوسنفورد مجددًا، و ستصبح كايلا غريبة تمامًا عنه.
هل كان ذلك كافيًا؟
هل ستكون تلك هي النهاية بمجرد أن تصبح حياة كايلا هادئة؟
[بالطبع لا.]
بالطبع لا. لم يكن التكفير والندم بهذه البساطة.
اللقاء مع كيروزان، الإمبراطورة الساقطة، الإمبراطور المختل، بياتريس التي تدخل و تخرج سرًا من قصر سولاي، التنين الشرير… لم تكن هناك مسألة أو اثنتان فقط تتطلب انتباهه، لكن كل ذلك كان محسوبًا بالفعل ضمن حسابات بيون.
حتى انهيار والدته لم يفاجئه، لأنه كان يعرف السبب. بل كان الأمر مفيدًا له، حتى إن كان يشعر بالأسف . عليه فقط أن يتقدّم كما هو مخطّط.
غير أن كل ما قالته وفعلته كايلا اليوم كان خارج كل التوقعات.
كايلا كان من من المفترض أن تكون ضمن حساباته. فقط عندها كان بإمكانه حمايتها بأمان .
[من الذي يجرؤ على نشر شائعات تربط سموكَ بشخص مثلي؟]
أن تقول أميرة ذات نشأة نبيلة وفخر عظيم تلك الكلمات، و تشير إلى نفسها بعبارة “شخص مثلي”، كان أمرًا لا يمكن تصوّره.
العيون التي تألّقت نحوه كانت قد بردت، و لم ترسم فقط خطًا واضحًا، بل دفعت به بعيدًا من خلال إنقاصها من نفسها.
كيف كانت كايلا في مثل هذا الوقت؟
مهما حاول بيون أن يتذكّر بيأس، لم يستطع أن يتذكّر.
بحلول ذلك الحين، كان قد مُنع بالفعل من إظهار أي اهتمام بها. هل كان ذلك عندما ابتعد قلبه عنها؟
مع ذلك، هل أخفى الأمر بأدب دون أن يظهر شيئًا؟
هل لم يكن هناك حقًا حتى بصيص من الاحتمال أن يبقى على وفاق مع كايلا في هذه الحياة؟
كلما فكّر أكثر، ازدادت الافتراضات المؤلمة.
يبدو أن هذه الليلة الطويلة المظلمة لن تنتهي أبدًا، مليئة بالخزي والحمى والغضب المختبئ خلف الكلمات التي صاحت بها الأميرة، والأسرار الكامنة تحتها.
*****
كان الحفل الذي أعدّته أميرة أوستين بعناية فائقة ناجحًا، و تحدّث عنه النبلاء طويلًا. وكان الوفد الدبلوماسي من كيروزان راضيًا جدًا عن هذا البداية العظيمة.
في الصباح، التقى الإمبراطور بالأمير إلكانان، ثم في فترة ما بعد الظهر، استدعى بهدوء الدوق الأكبر للوسنفورد الذي كان قد حضر المؤتمر العسكري.
عند دخوله قصر سولاي، فوجئ بيون في داخله بعض الشيء برؤية دوق أوستين، الذي كان من المفترض أن يكون مع المبعوثين الأجانب، و الأميرة، التي كان ينبغي أن تكون في حالة راحة، قد وصلا أولًا.
ما الأمر هذه المرة؟
لم تكن مجرد ليلة واحدة كافية لتتعافى كايلا، فهي كانت ضعيفة للغاية. لكن الإمبراطور، الذي بدا أسوأ حالًا من كايلا، لوّح بيده باستخفاف تجاه محاولة بيون أن يكون مهذبًا.
“يكفي. تعال إلى هنا. ليس لديّ نية لإضاعة وقت الأشخاص المشغولين الذين استدعيتهم.”
“لماذا تتحدث بهذه الطريقة المزعجة، جلالة الإمبراطور؟”
على الرغم من أنه كان قد أوشك على الموت على يد الإمبراطور قبل أيام فقط، لم يكن أمام دوق أوستين، أديو، خيار سوى أن يتماشى مع مزاج الإمبراطور.
في هذا المكان، كان أكبر بكثير من بيون و كايلا، لذا كان يحمل مسؤولية أكبر.
“إنه لمن دواعي سرورنا أن نأتي حين يُطلب منا.”
“كلمات غير مخلصة.”
“جلالة الإمبراطور.”
تذمّر الإمبراطور بانزعاج اليوم، مثل عجوز متجهم.
يبدو أن شيئًا ما قد حدث مع بياتريس رافالي خلال الليل، إذ بدا و كأنه لم ينم إطلاقًا. المنطقة تحت عينيه المجعدتين كانت سوداء تمامًا، و بدا مرهقًا إلى أقصى حد، كما لو أن الهموم كانت تنهشه.
“حسنًا، هايبريون، قلتَ انكَ ستبلغ من العمر ثمانية وعشرين عامًا هذا العام، صحيح؟”
“نعم، جلالة الإمبراطور.”
“كم عمر كايلا؟”
دون أن تدرك، أجابت كايلا أولًا.
“واحد و عشرون.”
مسح الإمبراطور وجهه الكئيب.
“كما تعلمين، لقد انتهى حال الإمبراطورة إلى ما هو عليه الآن. لا يوجد أي إشارة على أنها سوف تستيقظ. الأطباء لا فائدة منهم، ولا تأثير للأدوية.”
رؤية الإمبراطور و قد غرق في اليأس، جعلت كايلا تصمت. هل كان عليها أن تقول انه من الجيد أن الإمبراطور يمكنه أن يشعر باليأس أيضًا؟ أم أنه كان أمرًا يبعث على الانتعاش؟
هذا الرجل الذي كان يتألم بشدة من أجل شؤونه الخاصة، كان قد سكب اليأس و البؤس على الآخرين، مما جعله أكثر الأشخاص أنانية الذين عرفتهم على الإطلاق.
” فقط الآن بدأت أنظر إلى الوراء و أتأمل بعمق.”
أن تصدر كلمة “أتأمل” من فمه كانت معجزة بحد ذاتها.
“لقد أهملتُ العديد من الأمور التي كان ينبغي أن أعتني بها منذ زمن. إن كوني بدأت أنتبه لها الآن فقط هو أمر مخزٍ ، هايبريون.”
“جلالة الإمبراطور لطالما اعتنى بي.”
حاولت كايلا ألّا تنظر إلى بيون بدهشة، و حدّقت بعينيها في السجادة الحمراء لإخفاء تعبير وجهها.
هل كان تصرفه هذا و هذه هذه النبرة الفظة، أثناء تملّق الإمبراطور بكلمات غير مخلصة، هو فعلًا صادرًا من الدوق الأكبر للوسنفورد حقًا؟
هذا الرجل لم يكن ممن يختلقون كلمات لا يقصدونها. صدقه و رفضه لتزيين كلامه قد جعل كايلا أحيانًا تشعر بالإحباط و الندم.
ومع ذلك، و بدون أن يرف له جفن، كان يتودّد إلى خاطف والدته أكثر من دوق أوستين. حتى الإمبراطور رمش بعينيه، و كأنه لم يصدق أن بيون قد يقول مثل هذه الكلمات.
“هل تعتقد ذلك حقًا؟”
“أليست غاية المجد بالنسبة لعبدٍ متواضعٍ مثلي أن يحظى بفرصة خدمة جلالتك بعد منحي دوقية كبرى تفوق استحقاقي بفضل كرمكَ السامي؟”
تمتم كما لو كان يردد حقيقة جافة. كانت هذه جميعها كلمات علمه إياها الإمبراطور منذ أن كان صغيرًا جدًا، و كرّرها عليه باستمرار.
و حقيقة أن الإمبراطور، الذي فعل ذلك، قد شعر بالدهشة من كلمات بيون، كان أمرًا يدعو للسخرية.
أدركت كايلا مجددًا مدى عدم ثقة الإمبراطور بالناس. لم يكن ليثق بأحد حتى النهاية.
“لا، إن الدوقية الكبرى ليست شيئا يفوق قدراتك. ألستَ ابن الإمبراطورة؟”
“أنا ممتن لقولكَ ذلك.”
ماذا كان دوق لوسنفورد الأكبر يحاول فعله وهو يتعامل مع الإمبراطور الذي لا يزال يشك به بإلحاح؟
تساءلت كايلا فجأة عمّا إذا لم تكن قد سافرت إلى الماضي، بل سقطت في عالم جديد كليًا لم تختبره من قبل.
بيون الذي تعرفه كان سيركع أمام الإمبراطور ويتحمل الإهانة، لكنه لم يكن ممن يتملقون أحدًا بتحريك ألسنتهم.
ومع ذلك، لم يبدو خاضعًا. كان الدوق الأكبر متماسكًا للغاية. كل كلمة خرجت من فمه بدت كحقيقة فولاذية لا يمكن كسرها، مما زاد من رضا الإمبراطور.
“ابن الإمبراطورة هو من مكانة نبيلة.”
أكد الإمبراطور ذلك.
دون أن يرمش له جفن تجاه التغيير المفاجئ من وصفه بالوضيع و سافل الدم لمدة 28 عامًا، لم يبتسم بيون حتى أمام تغيّر مكانته.
“إذاً، يجب أن أحسم الزواج الملكي الذي أجلته.”
نظرت أميرة أوستين إلى الدوق الأكبر بعينين قلقتين. دون أن تكون شعرة واحدة في غير مكانها، كان يستمع بصمت لكلمات الإمبراطور.
“أديو، أخي.”
“نعم، يا جلالة الإمبراطور.”
لم يكن يناديه بـ”أخي” بمودة إلا عند الحاجة، أشار الإمبراطور لأديو أن يقترب.
“لقد نجحت في ترتيب هذا الزواج الملكي كما أردتُ. لكن ابنتكَ لا تزال دون زواج.”
هل تم الزواج الملكي؟ ما الذي يعنيه ذلك؟ دار رأس كايلا عند هذا التصريح الغريب. لا بد أن شيئًا ما قد حدث هذا الصباح.
و على الرغم من أن أطراف أصابع ابنته بدأت تبرد، أخفى أديو انزعاجه جيدًا.
كـأب، كان عليه حماية ابنته، وكدوق أوستين، كان عليه أن يحمي الدوقية.
“كل الأمور تسير بالترتيب، و من بين أولاد القصر الغير متزوجين، أليست كايلا هي الأكبر؟ أليس من المفترض أن تتزوج الأميرة التي سترث أوستين من زوج راسخ؟”
بينما كان يقول ذلك، مد الإمبراطور يده الأخرى نحو بيون.
“هذا ليس اقتراحًا لحظيًا، بل أمر فكرت فيه طويلًا، خاصة في الأيام الماضية منذ انهيار الإمبراطورة. لم أغفل التفكير بالأمير إلكانان. و مع ذلك، فإن دوقية أوستين هي ركيزة تدعم كرانيا.”
اقترب بيون أكثر إلى جانب الإمبراطور.
“لوسنفورد أيضًا هو درع يحمي الخطوط الأمامية لكرانيا، فإذا اتحد الاثنان و عززا القصر، فماذا يمكن أن أطلب أكثر من ذلك؟”
“يا جلالة الإمبراطور.”
لم يستطع أديو إخفاء اضطرابه.
ألم يكن جميع سكان إمبراطورية كرانيا يعلم من الشخص الذي يكنّ له الدوق الأكبر المشاعر تجاهه؟
مع ذلك، مع من يتم ربطه الآن؟
كان أديو يتوقع أن يحتج الدوق الأكبر، لكنه بقي واقفًا بعينين متسعتين دون أن ينطق بكلمة. أو ربما لم يسمح له الموقف بالكلام.
“أعتقد أن كايلا و هايبريون سيكونان الزوجين الأنسب لبعضهما البعض.”
و قبل أن تنتهي تلك الكلمات، سقطت الأميرة على السجادة الحمراء في قاعة العرش.
التعليقات لهذا الفصل " 11"