ضغط تاكومي على زر “نعم”، وفجأة تحولت الشاشة إلى ظلام دامس لثوانٍ معدودة، قبل أن تتسلل خطوط بيانات خضراء تتحرك بسرعة، تشكل كلمات وأرقام لا يفهم معناها. ارتجف قلبه، وأحس ببرودة تسري في أصابعه، كأن الشاشة لم تعد مجرد جهاز، بل بوابة إلى مكان آخر.
انطفأت الأنوار فجأة، تاركة الغرفة في عتمة ثقيلة. وبينما كان يحاول النهوض، سمع صوت طرقات خافتة على نافذته. تقدم بحذر، وكل خطوة كانت تصدر صريرًا تحت قدميه، حتى وصل إليها. رفع الستارة قليلًا، فلم يرَ سوى ضباب كثيف يغطي الشارع.

ثم جاء الصوت.
ـ “تاكومي…”
تراجع بسرعة، وأنفاسه تتسارع. كان الصوت أنثويًا، لكنه حاد ومليء بالقوة. وفي لحظة، انكسر زجاج النافذة وتناثرت الشظايا على الأرض، ودخلت من خلالها فتاة ذات شعر أسود طويل وعينين تلمعان كالشفرتين. كانت ترتدي معطفًا أسود، وعلى كتفها سيف مغطى بغمد داكن.

ـ “من أنتِ؟!”
تقدمت خطوة، وقالت بنبرة هادئة: “اسمي ميكا. جئت لأنك الآن جزء من اللعبة، سواء أردت أم لا.”
ـ “أي لعبة؟! ما الذي تتحدثين عنه؟”
ابتسمت ابتسامة باهتة، ثم نظرت نحو شاشة الكمبيوتر التي عادت للإضاءة، حيث ظهرت خريطة ثلاثية الأبعاد لمدينة تاكومي، وعليها نقاط حمراء تتحرك باستمرار.
ـ “هذه هي أهدافنا… وكل نقطة تمثل شخصًا يجب أن يسقط.”

أراد أن يسأل أكثر، لكن أصوات سيارات مصفحة اقتربت من الحي، وصوت مكبرات يعلن: “هنا وحدة العدالة المركزية! افتحوا الأبواب فورًا!”
تغيرت ملامح ميكا، وأمسكت بذراع تاكومي بقوة: “ليس لدينا وقت. إذا أمسكوا بك الآن، لن ترى ضوء الشمس مرة أخرى.”
سحبته معها نحو النافذة المكسورة، قفزا إلى الشارع، وهما يركضان وسط الضباب، بينما أضواء المصابيح تتسلل من بين الأزقة وكأنها عيون تترصد كل خطوة لهما.

مرّا عبر أزقة ضيقة، حتى وصلا إلى مبنى مهجور. هناك، جلست ميكا على أحد الصناديق الخشبية، وأخرجت من جيبها جهازًا صغيرًا يشبه الماسح الضوئي.
ـ “أنت لا تعرف بعد، لكنك مهم بالنسبة لهم… ولنا. الرسالة التي ظهرت لك لم تكن مصادفة. لقد تم اختيارك.”
ـ “اختياري؟! لماذا أنا؟”
ـ “لأنك تحمل شيئًا لا تعرفه حتى الآن… شيئًا يمكنه قلب ميزان القوة.”

في تلك اللحظة، انفتح باب المبنى فجأة، ودخل رجلان ملثمان، يحملان أسلحة حديثة، وصوت أحدهما يخترق الصمت: “وجدناكما.”