10.الساعة 6:06:06
“سيادة النائبة! سيادة النائبة! هل أنتِ على ما يرام؟!”
“ألم تُصابي بأذى؟!يا لها من بداية في يومك الأول بالمنصب!”
احتشدت صوفيا وداكسون حول بيركن بمجرد عودتها إلى المكتب، يُبديان كل هذا الهلع والضجة.
وكانت كلماتهما في محلها.
حقًا، ماذا يعني كل هذا العناء منذ اليوم الأول في المنصب؟!
أطلقت بيركن تنهيدة عميقة، ووضعت كفَّها على جبهتها كعادتها.
“أهكذا يكون السيد ليام مور في العادة؟”
“آه!لقد ناديْتَهِ باسمه… الكلب المجنون!”
“قد يحدث مشكلة كبيرة،سيدة ريدفيلد !”
“ولِمَ ذلك؟”
جمع داكسون حاجبيه الناعمين بقوة، محاولاً أن يبدو مهددًا.
“إن اسم ‘الكلب المجنون’ بمثابة مطارد قد تتعرض للمتاعب لمجرد ذكر اسمه.”
“وهل لا يجب أن نتعرض للمتاعب؟”
“طبعًا! ألستِ ترين كم شخصيته بغيضة؟!”
هز داكسون رأسه متحيرًا وهو يصرخ كما لو كان الأمر بديهيًا.
في الحقيقة، حتى بيركن لم ترَ أن شخصية ليام مور تبدو طيبة.
لكن، وللمفاجأة، دافعت عنه صوفيا:
“أيها، من الطبيعي أن يكون هكذا إذا حُبس ساحر بمستواه في هذه القرية النائية.”
“ماذا تقصدين؟محبوس هنا؟”
“ألم تسمعِ؟إن ‘الكلب المجنون’ موجود هنا بأمر من المقر الرئيسي.”
اتسعت عينا بيركن.
لو كان ساحرًا عظيمًا، لكان المقر الرئيسي مشغولاً بالترحيب به وتكريمه. فكيف يكون هنا بأمر منهم؟
انضم داكسون الذي كان يستمع إلى حديث صوفيا:
“يُقال إن شخصيته بغيضة جدًا لدرجة أن المقر الرئيسي رفض استقباله.”
“ماذا؟لكني سمعت أنه نُقل إلى هنا بسبب حادثة تسبَّب فيها!”
“حقًا؟!… أي حادثة؟”
“يُقال إنه قتل شخصًا.”
كل ما يُشاع عن ليام مور كان عبارة عن قصص أشبه بأساطير حضرية.
لكن حتى وسط هذه الإشاعات الخيالية، كانت هناك معلومة تستحق الانتباه.
“يُقال أيضًا أنَّ قلة جدًا من الناس رأوه يستخدم السحر.”
“ولِمَ؟”
“لا أعرف أنا أيضًا، فما رأيته أنا شخصيًا كان أول مرة قبل قليل.”
حقيقة أن الساحر العظيم الوحيد في الإمبراطورية يفتقر إلى “المانا”، شيء لا يعرفه أحد.
***
صرير
مع صوت دفع الكرسي للخلف، نهض هاريان من مكانه.
بما أن هاريان نادرًا ما يترك مكتبه أثناء العمل حتى للذهاب إلى الحمام، نظرت إليه صوفيا وداكسون بنظرة عابرة.
تقدم نحو بيركن.
“حسنًا، سيدة ريدفيلد الأوراق التي ذكرتيها في الصباح، قمت بنقلها جميعًا إلى ورق الرق.”
“آه!أتقصد تلك التي حاولت إرسالها عبر الساعة صباحًا وظهر خطأ؟ نقلتها إلى الرق؟”
“…لم أفعل أنا ذلك شخصيًا، بل استخدمت قلم السحر الحفري الموجود داخل البرج.”
كان قلم السحر الحفري قلماً يكتب تلقائيًا على ورق الرق المحتوى الذي يحدده المستخدم.
وكانت هذه الأداة أيضًا واحدة من أكثر العناصر مبيعًا في البرج السحري.
مع ذلك، نظرت بيركن إلى هاريان بنظرة ممتنة.
في هذا الفريق الجديد الذي لا يضم سوى “كتاكيت” مبتدئة، كان وجود موهبة مثل هاريان تتمتع بحس عالٍ للعمل نعمة من السماء.
“سيد لوت، حقًا…”
“…نعم؟”
“حسُّك العملي ممتاز لا أصدق أن خبرتك لا تتعدى الستة أشهر فقط.”
في تلك اللحظة، احمرت أذنا هاريان.
انشغلت بيركن بقراءة ورق الرق الذي سلمه إياها ولم تلاحظ ذلك.
بعد صمت قصير، تحدث هاريان متأخرًا.
بدا وكأنه صحح صوته عدة مرات في حلقه.
“آنسة نائبة الرئيس… أنتِ أيضًا، لا تبدين وكأنكِ في يومك الأول بالمنصب.”
“حسنًا، هذا عمل اعتدت عليه آه، لكن عنائي اليوم كان كافيًا فقد ذهبت إلى الرئيسة أد قبل قليل وغيّرت إعدادات ساعتي إلى فرع ديبديل.”
رفعت بيركن ذراعها وهي جالسة وقدّمت معصمها لهاريان.
نظر هاريان الذي كان واقفًا أمامها إليها في صمت.
على عكس هاريان الذي كان يحدق في الساعة بهدوء، كان داكسون وصوفيا هما من ثارا.
دارا عينيهما متسعتين وسألا بيركن:
“آنسة نائبة الرئيس، هل يمكن استخدام الساعة الآن؟! يا إلهي، رجاءً أعطنا رقم زنبركك.”
“وأنا أيضًا،وأنا أيضًا!”
“…هل تريدان حقًا معرفة رقم زنبرك رئيستكِم؟”
أنا لم أفعل ذلك.
نظرت بيركن إليهما بوجه استفهام، لكنها مع ذلك نطقت برقم زنبركها.
عندها، رفع كل من صوفيا وداكسون معصمهما الأيسر بهدوء وبدأا في ضبط عقرب الثواني في ساعاتهما.
بالطبع، وبالرغم من أن الجميع يرتدي ساعات العمل هذه داخل البرج فقط ويستبدلها بعد الدوام بساعاته الشخصية، إلا أن الكراهية تظل كراهية.
في زمنها بالمقر الرئيسي، حاولت بيركن قدر الإمكان عدم معرفة أرقام زنبرك الآخرين إلا في الحالات الضرورية.
بينما كانت بيركن تراقب داكسون وصوفيا، رنَّ منبّه ساعة اتصالها.
مع الاهتزاز الخفيف الذي شعرت به عند معصمها، نقرت بيركن على وجه الساعة لتستقبل المكالمة.
“… من المتحدث؟”
“―إنه أنا، هاريان.”
“إنه أنا، هاريان.”
عند سماع ذلك، رفعت رأسها لترى هاريان بجانبها يتحدث إلى معصمه.
نظرت بيركن إليه لحظة ثم ابتسمت.
“حتى سيد لوت… هاها، ما الفائدة من معرفة الجميع لرقم زنبرك رئيستهم؟ لن يرسلوا عبر الساعة سوى المهام.”
عندما ضحكت، ساد صمت داخل المكتب.
كان رد الفعل مشابهًا تمامًا لرد الفعل عندما وصلت بيركن لأول مرة ورأت مقعدها واحمرت عيناها.
“أنا، أنا، أنا سعيدة جدًا! آنسة نائبة الرئيس، أنتِ الأفضل!”
“وأنا أيضًا،وأنا أيضًا! وجهكِ آنسة نائبة الرئيس المبتسم جميل جدًا…! أوه. صوفيا، ماذا بكِ؟!”
“يا لوقاحتك!كيف تتحدث بمثل هذا الهراء أمامها مباشرة؟! اكتفي بحفظ الرقم!”
هكذا، وبعد تبادل أرقام الزنبرك بين الأربعة، نهضوا ببطء من أماكنهم.
كان عليهم النزول إلى الطابق الأول لمناقشة أعمال الاستشارات العامة مع الفريق الثاني.
بما أن الآنسة نائبة الرئيس جديدة أيضًا، كان لا بد من البدء في تقسيم مهام الاستشارات.
نظرًا لأن المكتب في الطابق الثاني، تحركوا باستخدام الدرج دون الحاجة لصندوق النقل السحري.
فجأة سأل داكسون الذي كان يتقدمهم بنبرة قلقة:
“أنتم… في الحقيقة هذه أول مرة لي في استقبال استشارات عامة فعلية، هل سأقدر على أدائها جيدًا؟”
“افعل فقط كما رأيت في فترة التدريب.”
بالطبع، بدلاً من تقديم تعزيات مبتذلة أو تخويفهم، قالت بيركن الحقيقة ببساطة.
افعل كما رأيت في فترة التدريب.
فليس الجميع مبتدئًا تمامًا في استقبال الاستشارات العامة.
بعد قليل، عند الوصول إلى غرفة الاستشارات العامة في الطابق الأول، ظهر موظفو الفريق الثاني يعملون بجد.
بالطبع، كانت معظم الوجوه جديدة على بيركن.
“مرحبًا، عذرًا على الإزعاج أثناء انشغالكم، لكن أين يمكنني العثور على نائب رئيس الفريق الثاني؟”
“آه…هناك.”
“شكرًا لك.”
تبع هاريان و”الكَتْكوتَان” الصغيرتان بيركن كالبطة وأفراخها.
حيث كان فرع ديبديل حتى الآن يعمل بنظام المناوبة بين فريقين فقط، الفريق الأول والثاني، وكان من المقرر أن يبقى الفريق الثاني اليوم للمساعدة مؤقتًا.
“مرحبًا، سيد النائب أنا الناىبة بيركن ريدفيلد من الفريق الثالث.”
“آه،التي سلمت علينا في الصباح، ذلك… حسنًا، أهلاً وسهلًا.”
“نعم، وأهلاً وسهلًا بك سمعت من الرئيسة أد أن الفريق الثاني سيساعدنا حتى اليوم.”
“اممم، هذا صحيح…”
استمرت بيركن بعد ذلك في التحدث بسلاسة مع نائب رئيس الفريق الثاني.
رغم أن منصب “النائب” منخفض، إلا أنها في النهاية رئيسة الفريق الثالث، فلا يمكن الاستهانة بها.
وتصرفت بيركن بشكل أكثر حزمًا من المعتاد.
ففي النهاية، التقييمات المتعلقة بالترقيات هي من اختصاص الرئيس، وليس نائب رئيس الفريق المجاور.
تبادل هاريان وداكسون وصوفيا الأدوار مع موظفي الفريق الثاني واحدًا تلو الآخر، متبعين تعليمات بيركن.
على عكس هاريان الذي بدأ بمهارة من البداية، تردد داكسون وصوفيا قليلاً في البداية، ولكن مع مرور الوقت بدآ يعتادان على العمل.
وهكذا، عندما بدأ وقت انصراف الجميع يقترب، كان موظفو الفريق الثاني قد انسحبوا وعادوا إلى مكاتبهم منذ فترة.
بعد مغادرة نائب رئيس الفريق الثاني، تحدثت بيركن التي كانت تدير الموقع بشكل طبيعي، بصوت يمكن لجميع أعضاء الفريق الثلاثة سماعه:
“أعتقد أنه يمكننا البدء في الترتيب الآن لننصرف جميعًا!”
“آه،نعم!”
“أوه،أشعر وكأن ظهري سينكسر إذا استخدمت المانا لثانية أخرى…”
ابتسمت بيركن ابتسامة عريضة على تذمر صوفيا.
لم يكن السبب أعراض استنفاد المانا، بل تصلب الجسد بسبب التركيز لفترة طويلة، لكنها وجدت تدليلها لطيفًا.
في اللحظة التي أنهت فيها بيركن الترتيب وهمت بالصعود إلى مكتب الطابق الثاني…
بييب
وصل إشعار إلى ساعة بيركن.
كان إنذارًا من “الساعة 6:06:06”.
•نصيحة للحياة في البرج السحري!
رقم زنبرك بيركن، بما في ذلك فترة عملها في المقر الرئيسي، هو 7:07:07 منذ ثماني سنوات فهي تعتقد أنه رقم الحظ الذي يجلب الكثير من المال!
[يتبع في الفصل القادم]
ترجمة مَحبّة
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 10"