“سموّكِ لاريسا، أنتِ لا تعرفين مدى خطورة أن تكوني الخلاص الأخير لشخصٍ ما.”
“لا أُريد أن أعرف، ولا يُهمّني. أُريدكَ أنتَ. ألا تفعل كذلك؟”
هل يُمكنكَ القول إنّك لا تُريدني؟ نظرتُ إليه بنظراتٍ حادّة، فابتسم فالنتين بمرارة.
“كيف… كيف يُمكنني ألّا أُريدكِ؟ أُريدكِ أيضًا، يا سموّكِ. بطريقةٍ دنيئةٍ وقبيحةٍ لا يمكنكِ تخيّلها.”
“إذن، انتهى الأمر!”
دفعتُ يده ووضعتُ يدي على خصري. ثم نظرتُ إليه بتعبيرٍ حاسم، رافضة أيّ نقاش.
“كلّ شيءٍ انتهى. قلتَ بفمكَ إنّك تُريدني، وهذا يكفي. أنتَ الآن مِلكِي، يا فالنتين. يجب أن تنظر إليّ وحدي، تُحبّني وحدي، وتفعل كلّ شيءٍ معي وحدي. ليس جسدكَ فقط، بل قلبُكَ أيضًا مِلكِي. هل فهمتَ؟”
حاول فتح فمه، لكنني قطعتُ حديثه مجددًا.
“لا تهرب. أعرف كلّ شيءٍ الآن. فالنتين، أنتَ لم تتقدّم لخطبة أوكسانا. إذا بدأتَ تتحدّث بالهراء وتتصرّف كجبانٍ مرّةً أخرى، سأذهب إلى والدي فورًا وأُطالب بكَ.”
بعد هذا الإعلان الجريء، بدا أن لدى فالنتين المزيد ليقوله. حسنًا، هل لا يزال يعتقد أن هناك مخرجًا؟ دعني أرى ماذا ستقول.
ثم نطق فالنتين باسمٍ غير متوقّع.
“وماذا عن إيغور تولستوي؟”
“…إيغور؟”
“أليس موجودًا في هذا القصر؟ إذا أخذتِ جسدي وقلبي، ماذا ستفعلين بهذا الرّجل؟ وماذا عن سيرجي نيكيتين؟”
“هل أنتَ غبي؟ لم يعد لهما علاقةٌ بي. أنتَ الوحيد الآن. بسببكَ أصبح عقلي في حالة فوضى!”
“وماذا عن الزّواج؟”
“الزّواج؟ توقَّفْ عن القفز بين المواضيع!”
“لن تجعلينني عشيقًا وتتزوّجين من آخر، أليس كذلك؟”
“مُستحيل!”
هل الاعتراف بالحُبّ مُتعبٌ ومرهقٌ إلى هذا الحدّ؟ تنفّستُ بعمقٍ لتهدئة الحرارة التي ارتفعت إلى حلقي، كأنني ركضتُ لفترةٍ طويلة.
كان لفالنتين تعبيرٌ غريب.
لا، بما أنّه دائمًا غريب، رُبّما يجب أن أقول إنه نفس التّعبير المعتاد. أمسك يدي مُجددًا. حاولتُ سحبها بغضب، لكنها لم تتحرّك. عندما أدرتُ رأسي لإظهار انزعاجي، بقي صامتًا لفترةٍ طويلة.
لكنه، حتّى في تلك اللحظة، لم يترك يدي أبدًا. بل أمسك معصمي وسحبني نحوه ببطءٍ شديد، بحيث لا أُلاحظ إلّا إذا ركّزتُ. إليه.
فقط عندما التقينا بالعيون تحدَّثَ فالنتين.
“قد تندمين.”
قلتُ لكَ لا تتحدّث بالهراء، يا فالنتين.
هل هذا تعبير شخصٍ يُحذّر؟ لِمَ تُمسك يدي بمثل هذا اليأس إذا كنتَ تُحذّرني؟ لِمَ تنظر إليّ بعيونٍ ضعيفةٍ وحزينة؟
“لن أندم.”
“قد أُخيّب ظنّكِ.”
“الجميع يُخيّب ظنّ الآخرين أحيانًا.”
“وهل ستظلّين تنتظرينني حتّى النّهاية؟”
“نعم.”
“في هذا الجحيم الذي قد يتكرّر إلى الأبد، هل ستظلّين تمسكين يدي؟”
شعرتُ بألمٍ في قلبي. كأنني أعرف الآن ما كان يخاف منه فالنتين أكثر من أيّ شيء، وشعرتُ بحلقي يختنق. أومأتُ برأسي بصوتٍ مليءٍ بالثّقة أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
“نعم.”
رسم فالنتين ابتسامةً ضعيفةً لا تناسبه.
“حتّى هذا المظهر الضّعيف… إذا كان مُجرّد خدعةٍ لخداعكِ، هل سيكون ذلك مقبولاً؟”
“قلتُ لكَ، يا فالنتين. لا يُهم من أين أو متى. إذا كنتَ أنتَ، فلا بأس حتّى لو استخدمتَني.”
“و؟”
نظرتُ إليه بنظراتٍ مستاءة.
“ماذا تُريد أكثر؟ لقد قلتُ كلّ شيء.”
“لا، لم تقولي كلّ شيء.”
“قلتُ كلّ شيء.”
“لا. فكِّرِي جيّدًا. بالتّأكيد هناك كلمةٌ واحدةٌ أكثر أهمية.”
حاولتُ دفعه وسحب يدي مجددًا، لكن فالنتين لم يتحرّك. شعرتُ بإرادته الحديديّة لتحقيق ما يُريد بأيّ وسيلة.
كان يُحدّق إليّ بعينين كأنهما غارقتان في المستنقع، ثمّ طلب منّي.
“قولِيها.”
فالنتين الدنيء يُريد سماع كلماتٍ مُعيّنة.
لكنّه دنيءٌ جدًا لدرجة أنه لن يكشف أبدًا عن تلك الكلمات بفمه. شعرتُ بالغضب الحقيقي من هذا، وفي الوقت نفسه…
“…أنتَ جبانٌ دنيء.”
“أعرف. أنا آسف، يا سموّكِ.”
“ماذا تعرف؟ لا تتظاهر بأنّكَ تعرف. أنتَ لا تعرف شيئًا! لا تعرف أنكَ الأسوأ على الإطلاق!”
في نهاية تردّدي، نطقتُ بالكلمة التي كنتُ أحتفظ بها في قلبي.
“لكنني أُحبّكَ.”
أخيرًا، بَرَقَت عيون فالنتين بالبهجة.
على الرّغم من دفعه لي بعيدًا مرّاتٍ لا تحصى، كَسَرَ اعترافٌ بسيطٌ أخيرًا هدوءه. ابتسامته الجميلة تحت سماء اللّيل كانت رائعة. في ذروة النشوة، هو…
“لِمَ تعترفين لي بالحُبّ بهذه الرّوعة؟”
بدت ملامحه وكأنّه سينفجر بالبكاء.
“ماذا؟”
“لقد أعطيتُكِ فرصًا. فرصًا لا حصر لها للهروب منّي.”
شعرتُ بصدمةٍ داخليّةٍ من ردّ فعله. لم أستطع فتح فمي حتّى بعد سماع هذا الهراء.
‘إنّه مُجرّد حُبٍّ، يا فالنتين.’
ما الذي يُخيفكَ إلى هذا الحدّ؟
“لِمَ لا تقولين شيئًا؟ هل ندمتِ متأخّرة؟”
“…مُستحيل.”
لم يستمع فالنتين لصوتي. انحنى وقبَّلَ كتفي بحذر. ثم رفع رأسه ببطءٍ وقال.
“آسف. الآن، حتّى لو ندمتِ، لا فائدة.”
ثم سرق شفتي. كانت قبلةً وقحةً دون إذن. لكنني فتحتُ فمي بطاعةٍ وقبّلتُ فالنتين. لا أُريد دفعه بعيدًا. أُحبّه.
‘أيها الأحمق.’
كانت أوكسانا مُحقّة. أنتَ حقًا شرير، يا فالنتين. دمّرتكَ حيواتك الأربع.
الآن أراك بوضوح. أنتَ جبانٌ أصبح طاغية. جبانٌ تخاف من حُبّي، وطاغيةٌ تُجبرني على الاعتراف بالحُبّ بفمي فقط. إذا علمَت تاتيانا بما حدث اليوم، ستصرخ وتوبّخني.
أُدرك أنني ميؤوسٌ منّي أنا أيضًا، لأنّني اخترتُ شخصًا مثلكَ.
لكن لا بأس. أنا لاريسا، أميرة إمبراطوريّة أوهالا. سواءٌ مرّت 10 سنوات أو 50، يُمكنني التّعامل مع شخصٍ مثلكَ بسهولة.
التعليقات لهذا الفصل " 122"