كانت روزلين لاهثة، لكن لم يكن هناك مفر. كان من المستحيل مُقاومة قوة جاريد. فقط بعد أن تحررت من القُبلة الطويلة والمستمرة، استعادت روزلين أنفاسها وفتحت عينيها بصعوبة. بدا جاريد هادئًا للوهلة الأولى. شعره المُصفف بعناية ونظرته الحادة، لم يُظهر أيَّ انزعاج. ما إن أدركت روزلين إلى أين يتجه نظر جاريد، حتى أخفضت عينيها. كانت بلوزتها نصف مفتوحة، كاشفةً عن ثدييها. كان جاريد ينظر إلى ثدييها، ويتنفس بصعوبة. بدافع غريزي، رفعت روزلين يديها لتمسك بياقة بلوزتها، أغمضت عينيها بإحكام، وغطت صدرها.
فكرت روزلين: “هل أستطيع الهرب؟ ربما أستطيع. لو فتحتُ الباب وغادرتُ، لربما هربتُ بسهولة. لكنني كنتُ أعلم أن ذلك سيُدمّر علاقتنا تمامًا. كما كنتُ أعلم أن قطعها تمامًا ليس ما أريده. حزينة، مستاءة، ومع ذلك…”
ضمّت روزلين شفتيها. وتمتمت في نفسها: “لم أستطع أن أدع الكلمات التي وصلت إلى حلقي تفلت مني. لم أستطع أن أخرج من الغرفة مسرعة. لم أدري حتى لماذا كانت دموعي على وشك السقوط، أكان ذلك من الغضب أم من الألم…”
لم يتحرك جاريد لحظة، وقف هناك فقط، يُحدّق في روزلين التي كانت تتراجع. لم يمدّ جاريد يده إلا بعد مرور بعض الوقت، وعندما هدأت أنفاسه الثقيلة، رفع جاريد بيده الكبيرة ذقنها، لم تفتح روزلين عينيها قط، حتى بينما كانت أطراف أصابع جاريد تمسح خدها بحرص، ويلمس شفتيها، ويقبّلها مجددًا، أبقت روزلين عينيها مغمضتين بعناد. كانت القُبلة الثانية مختلفة عن الأولى. كانت أنعم بكثير، مترددة بعض الشيء، ونقر جاريد بإصرار على شفتيها اللتين لم تفتحهما. بدا وكأن جاريد يحاول التكفير عن خطئه السابق. ففي النهاية، لم يكن إجبارها على ذلك تصرفًا لائقًا.
فكرت روزلين: “سيكون الأمر أسهل لو قبلت الأمر فقط…”
في اللحظة التي خطرت فيها الفكرة ببالها، أدارت روزلين رأسها. نفضت يدي جاريد وشفتيه وانسلت من حضنه. محاولةً الحفاظ على هدوئها، جمعت بلوزتها المفتوحة بين يديها.
“دعنا نذهب إلى غرفة النوم.”
التفتت روزلين نحو باب غرفة النوم وقالت.
“أنا أيضًا أرغب بشدة في إنجاب طفل، لكن هذا ليس المكان المناسب.”
قالت روزلين، على أمل أن يبدو صوتها باردًا وعمليًا.
لم تنتظر روزلين رد جاريد، وانصرفت متجاهلةً صوت خطوات جاريد المتزايد. لم تلتفت إليه إلا عندما أمسكت يد جاريد بكتفها، بأقصى برودة ممكنة، وبأقصى نظرة انفصالٍ ممكنة. لم يتفاعل جاريد مع نظرتها الباردة.
فكرت روزلين: “لم أستطع تفسير معنى تعبيره، لا سخرية ولا غضب في عينيه. خشيتُ فقط ما قد ينطق به بشفتيه المطبقتين. ما الكلمات القاسية التي قد ينطق بها بعد ذلك، ويغرسها في قلبي؟”
“دعينا نتوقف.”
عندما تكلم جاريد، لم تُصدّق روزلين كلامه. شدّ جاريد يده على كتفها، كما لو أن الكلمات زادته قوة. مرّ وقتٌ قصير قبل أن تتحرر من قبضته.
“سوف أراكِ على العشاء.”
قال جاريد باختصار، ثم أدار جسده وسار نحو غرفة الملابس وكأن شيئًا لم يحدث. حدقت روزلين به بنظرات فارغة وهو يفتح الباب ويختفي. وقفت هناك ممسكةً بطرفي بلوزتها، وبقيت وحيدةً أمام باب غرفة النوم.
فكرت روزلين: “شعرتُ وكأنني تم التخلي عني، مثل شيء مهمل. عرفتُ أنها فكرة سخيفة، لكنني شعرتُ أنني شيء تافه للغاية. شعرتُ وكأن ذلك الرجل لا يراني إلا مجرد ذلك، إمرأة لا تحتاج إلى كلمات، إمرأة لا تستطيع رفضه، امرأة يمكن استخدامها بلا مبالاة والتخلص منها. أداة لغرض ما…”
[إذا لم نعد بحاجة إلى المحاولة، فهذه هي أفضل الأخبار التي يمكن أن أتلقاها.]
فكرت روزلين: “بدا لجاريد أن الزوجة شيءٌ مهم. لم يكن يختلف عن غيره من النبلاء. تزوجني، لمسني، قبّلني، كل ذلك لسبب واحد. وما إن يُرزق بوريث، حتى لن يعد يرغب بي. لن يريدني بعد الآن…”
تنهدت روزلين، وأغمضت عينيها وضبطت أنفاسها. شدّت ركبتيها كي لا تنهار. وبينما هي واقفة على هذا الوضع، غمرتها فجأة ذكريات ذلك اليوم، يوم أول علاقة جمعتها به بعد زواجهما.
[أنا بحاجة إليه حقًا. وريث.]
فكرت روزلين: “كانت الغرفة بنفس إضاءة ذلك اليوم، وكان زوجي قاسيًا وباردًا. شعرتُ أن كل شيء يعود إلى سابق عهده. ظننتُ أن قلبي قد اقترب منه، لكن في النهاية، لم يتغير شيء…”
[لهذا السبب تزوجتك.]
فكرت روزلين: “لا، ربما تغيّرت أشياء كثيرة. شعرتُ هذه اللحظة بحزن أشد من ذي قبل. كان قلبي يتمزق، وشعرتُ بالعجز. كرهتهُ، واستأتُ منه، ولم أعد أدري ماذا أفعل…”
فتحت روزلين باب غرفة النوم ودخلت، وهي لا تزال ممسكة ببلوزتها. أغلقت الباب خلفها واتكأت عليه، واقفةً ساكنةً.
تمتمت روزلين في نفسها: “بدا السريران المتجاوران وكأنهما لا يُضفيان أي دفء على غرفة نوم الزوجين الصامتين…”
وبينما كانت تنظر إلى المنظر، غطت روزلين وجهها أخيراً بكلتا يديها: “لم أستطع التفكير في أي آداب نسائية. لم أعر بلوزتي المرخية أي اهتمام. لم أحاول إيجاد مكان أكثر عزلة، مكان أكثر أمانًا يضمن كرامتي…”
جلست روزلين هناك تبكي. جلست هناك أمام باب غرفة نوم الزوجين الفارغ، بكت كطفلة.
“هل غادر الدوق؟”
“نعم جلالتكِ.”
“متى؟”
“منذ أربعة أيام، لذا كان من المفترض أن يصل إلى المنزل الآن.”
أجاب غونتر شوارتز بهدوء وهو يحمل كأس النبيذ.
عندما تناولت الإمبراطورة العشاء معه لأول مرة، شربت معه في نفس الوقت، لكنها الآن لم تلتزم بهذه الرسميات. عادةً ما يكون الإتيكيت متناسبًا مع الاحترام.
“يبدو أن الدوق كان محبطًا للغاية في عشاء اللورد مندل.”
“هذا محتمل.”
“الرجل المسكين.”
نقرت الإمبراطورة بلسانها وهزت رأسها. انجذبت نظرة غونتر لا إراديًا إلى الأقراط البراقة المتدلية من أذنها.
كانت الإمبراطورة الشابة في أوائل الثلاثينيات من عمرها، جميلةً بشعر أشقر فاتح وعينين زرقاوين. لم يكن سبب احترام شعب الإمبراطورية لها جمالها فحسب، بل إن استبعاد الجمال من أسباب حبهم لها يُعدّ كذبة. كان غونتر، البارون الثالث والأربعون من عائلة شوارتز، معروفًا بزعامة التيار التقدُّمي في مجلس اللوردات. ومع ذلك، كان الجميع في البرلمان يعلمون أن القائد الحقيقي للتقدُّميين هو الإمبراطورة. لم يكن مسموحًا للعائلة المالكة بالتدخل في السياسة قانونًا، ولكن لم تكن هناك طريقة لتنظيم نفوذها خلف الكواليس. لكي تتمكن الإمبراطورة العاجزة من تحريك البرلمان، احتاجت إلى غونتر. ولمعارضة الدوق مندل في المجلس الأعلى، كان دعم العائلة المالكة ضروريًا. وهكذا، كانت بينهما علاقة تكافلية، أشبه بشراكة تجارية.
“لا يزال الدوق ويندبرغ يفتقر إلى الخبرة السياسية.”
“لقد كان عضوًا في مجلس الشيوخ لبضع سنوات فقط. إنها سنته الرابعة، أليس كذلك؟”
“التجربة هي أفضل معلم.”
“لهذا السبب يُمكنه أن يكون جريئًا. الطفل الساذج لا يخاف.”
“لقد كلّفته بمهمة صعبة للغاية. لقد خطا للتو خطوته الأولى.”
“ماذا أفعل عندما يخيب أملي جميع الكبار؟ لا خيار أمامي سوى أن أعلق الأمل على الطفل.”
أطلقت الإمبراطورة نكتة، وضحك غونتر بشكل محرج.
كانت الإمبراطورة، رينريس، تضغط من أجل مراجعة قانون الأسرة لما يقرب من ثلاث سنوات. كان قانونًا جذريًا وعمليًا لدرجة أن صياغة حتى الاقتراح الأولي استغرقت وقتًا طويلاً. كان هناك خلاف حتى بين التقدُّميين، واستغرق إقناعهم أكثر من عام. كما أن حشد الدعم في مجلس النواب لم يكن سهلاً. فرغم إرادتها القوية، كانت العملية شاقة على غونتر.
“لم تُسفر أي نتائج. هناك مشرّعون يُبدون اهتمامًا بمقترح الدوق المُعدّل.”
“إنه رجل ذكي. كان عليه أن يُصرّ على الاقتراح الأصلي.”
“حتى أنني التقيتُ بأعضاء مجلس النواب مباشرةً، وحصلتُ على عددٍ لا بأس به من الأصوات.”
“يا مسكين! لقد ثبت أن القتال في البرلمان لا جدوى منه.”
عند توبيخ الإمبراطورة، صمت غونتر. كانت مُحقة.
“لكي يُقرّ مشروع القانون، لابدّ من دعم شعبي. علينا حشد الناخبين للضغط على المشرّعين. من المستحيل إقناعهم واحدًا تلو الآخر.”
بتنهيدة قصيرة، وضعت الإمبراطورة أدوات المائدة جانبًا. وبينما كان صوت رنين أدوات المائدة يملأ المكان، التزم غونتر الصمت. بعد أن لم يحقق شيئًا خلال ثلاث سنوات، لم يعد لديه ما يقوله.
لطالما رغبت الإمبراطورة رينيريس في مراجعة قانون الأسرة. وعندما تباطأ المشرعون التقدميون، وضعت خطةً بمفردها. كانت فكرتها الاستعانة بكاتبة مشهورة لجذب انتباه الرأي العام وإثارة الجدل. عندما سمع غونتر بهذه الفكرة لأول مرة، رأى أنها فكرة رائعة، أن تنشر رواية تكشف عن مظالم قانون الأسرة. لكن تلك الخطة، التي كانت قد أثارت الكثير من الأمل، فشلت في النهاية، رفضت الكاتبة كتابة الرواية كما أمرتها الإمبراطورة.
♣ ملاحظة المترجمة: الكاتبة الذي ذكرها غونتر هي خطيبة جاريد السابقة، وكما شرحت سابقًا، اسمها إيفلين، وكانت على علاقة مع مدير دار نشر كتب اسمه براينت كليفتون. براينت يكون عم الامبراطورة. لكن والد الامبراطورة يكون الأخ الأصغر غير الشقيق لبراينت. والد الامبراطورة هو ماركيز من مملكة ليتون، والد الامبراطورة هو ابن شرعي، أما براينت هو ابن غير شرعي، والدة براينت محظية. في مملكة ليتون مسموح بتعدد الزوجات واتخاذ محظيات، ومسموح حتى بالعلاقات غير الشرعية، وهذا هو السبب في أن براينت رغم أنه الآن قريب من الاربعين وغير متزوج وينتقل من امرأة لأخرى. على اي حال، العلاقة بين براينت والامبراطورة هي أنه عمها غير الشقيق، وبراينت لم يكن يريد أن يدخل هو وإيفلين الساحة السياسية لأن كلاهما منبوذين وخلفية حياتهما غير نظيفة. لكن غونتر فهم الموضوع خطأ.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات