كانت تلك هي الكلمات التي أطلقها الضيوف، كما زُعم، كنوع من التبريكات. بدت كلماتهم وكأنهم ينتظرون ولادة مهرٍ أصيل.
وبينما كان جاريد يُعرب عن امتنانه لكلٍّ منهم، لم يستطع إلا أن يُواجه حقيقة هذا الزواج.
تمتم جاريد في نفسه: “في النهاية، كان الأمر كله يدور حول إنجاب وريث. الحفل الأنيق، والزينة الزهرية، والاحتفال المهيب؛ كل ذلك كان مجرد زينة لإخفاء هذه الحقيقة. كان الهدف الحقيقي والوحيد لهذا الزواج هو تأمين وريث. ما كان الجميع ينتظره بفارغ الصبر أمس لم يكن سوى وضع فحل وفرس ثمينين معًا في إسطبل. ولكنني فشلتُ…”
“سنبدأ، يا صاحب السمو.”
عند سماع كلام الحلاق، أغمض جاريد عينيه. كان حلاقه الشخصي خادمًا مقيمًا في ماكسفيل، مسؤولًا وحده عن حلاقة الدوق وقص شعره. وللحفاظ على مظهر أنيق، كان عليه أن يحلق ذقنه كل صباح. بينما كان الحلاق يضع رغوة الحلاقة البيضاء الكثيفة، انبعثت رائحة الشموع المعطرة.
استنشق جاريد العطر المألوف، فوجد نفسه يفكر مجددًا في عروسه، لم يكن أمامه خيار سوى ذلك، كان يفكر في روزلين طوال الوقت.
تمتم جاريد في نفسه: “من الليلة الماضية وحتى هذه اللحظة، بينما كنتُ أجلس هنا للحلاقة، لم تغادر ذهني أبدًا…”
[إنه يؤلمني كثيرًا…]
تمتم جاريد في نفسه: “في تلك اللحظة، أُخذتُ على حين غرة. أي رجل لا ينزعج من إمرأة تصرخ من الألم؟ حتى أنني فكرتُ للحظة في استدعاء طبيب. لو علم أحدٌ أنني فكرتُ في هذا، لسُخر مني حتمًا؛ السُخرية من جاريد غلين باعتباره رجلًا واهمًا مغرورًا. فكرة أنني أستطيع أن أحيل امرأةً سليمة إلى طبيب بعد إتصال جنسي واحد، أيُّ رجلٍ في هذا العالم يستطيع فعل ذلك؟”
سخر جاريد من أفكاره الحمقاء. ضحك بصمت، ثم فتح عينيه ونظر إلى انعكاسه في المرآة. ظهر وجهه، المغطى برغوة حلاقة كثيفة حول خط الفك.
تمتم جاريد في نفسه: “يا له من أمرٍ سخيف! هل هناك ما هو أكثر إضحاكًا من رجلٍ أفسد ليلة زفافه من شدة الذعر؟”
جعله هذا الفكر يضحك ضحكة خفيفة. نظر إليه الحلاق، وهو يُجهّز الشفرة، بحذر، لكن جاريد تظاهر بعدم الانتباه.
فكر جاريد: “لو اعترفتُ بأنني أضحك لأنني شعرتُ بالسُخرية مما فعلته ليلة زفافي، لضحك عليّ الحلاق أيضًا…”
لتوضيح أمرٍ واحد، لم يكن جاريد غلين شاب عديم الخبرة لا يعرف شيئًا عن النساء. فمثل معظم أبناء العائلات النبيلة الأصغر سنًا، التحق بمدرسة داخلية، حيث كان المراهقون لا يتحدثون إلا عن النساء. عندما عاد إلى المنزل، كان إخوته الأكبر قد نقلوا إليه شتى أنواع المعرفة والتقنيات، سواءً شاء أم أبى. لو جمع القصص والشائعات التي تراكمت لديه على مدى أكثر من عقد، لملأت كتابًا ضخمًا. كل رجل عرفه جاريد تقريبًا فقد عذريته بين أحضان عاهرة. كان الأمر حتميًا، فهنالك دائمًا نساء مستعدات لإشباع رغبات الشباب الفضوليين. السبب الوحيد لعدم انضمام جاريد إليهن هو إلتزامه ومبادئه الفاضلة. لم يكن يومًا يائسًا بما يكفي لتحمل الضيق الذي يصاحب تجربة كهذه. وهكذا، وبعد انتظار طويل، وجد أخيراً الخطيبة التي أرادها، وأصبح من الرجال النادرين الذين يمنحون عذريتهم لعذراء. لهذا السبب لم يستطع إلا أن يُقارن تلك التجربة الماضية مع خطيبته السابقة بليلة الأمس. فالبشر، في نهاية المطاف، مُقيّدون بحدود تجاربهم. من كل ما يعرفه جاريد، فإن النساء يشعرن بالألم خلال المرة الأولى، لكنه لم يكن شديدًا جدًا ولا طويل الأمد.
فكر جاريد: “كان واضحًا أن تلك الليلة الماضية كانت المرة الأولى لروزلين وإنها عذراء. كانت ترتجف حتى قبل أن ألمسها، وهو موقفٌ يتناقض تمامًا مع فستان النوم الكاشف الذي كانت ترتديه. رفضت روزلين الويسكي، مما جعلني أعتقد أنها جريئة نوعًا ما، ولكن ما الذي دفعها لمحاولة فعل ذلك دون رشفة واحدة منه؟ كنتُ مضطربًا أنا الآخر، إذ عليّ التعامل مع امرأة كهذه. سارت الأمور أسوأ بكثير مما كان متوقعًا. ملأني منظرها وهي ترتجف خوفًا بالذنب، إلا أن ضرورة أداء واجبي أثقلَت كاهلي. حتى أنني شعرتُ بالحرج من جسدي الذي استثار غريزيًا، وتصاعدت شهوتي لها رغم الظروف. وعندما ضغطتُ عليها دون وعي بينما كانت تتلوى من الألم، كنتُ قد فقدتُ السيطرة بالفعل…”
[فقط قليلًا أكثر.]
فكر جاريد: “لم أكن أريد التوقف. لم أستطع التوقف. لو أن روزلين التزمت الصمت، لما فعلتُ على الأرجح…”
[جاريد!]
فكر جاريد: “فقط لأنها نادت باسمي. لأنها صرخت بيأس. كان لابد أن المرة الأولى التي خاطبتَني فيها زوجتي باسمي كانت في تلك اللحظة…”
“سأبدأ الحلاقة الآن، يا صاحب السمو.”
عند إعلان الحلاق الهادئ، أغمض جاريد عينيه مجددًا. تبع ذلك شعورٌ باردٌ بشفرات الحلاقة على جلده. كشطت الشفرة المصقولة الرغوة بضرباتٍ ناعمة.
ووسط هذا الشعور المنعش والتوتر الطفيف، فكّر جاريد: “ماذا أقول لها عندما أراها؟”
[هذا يكفي لهذا اليوم.]
فكر جاريد: “ليلة أمس، لم أكن أعرف ماذا أقول. كان من المُحيّر أن تتوسّل إليّ إمرأةٌ من خلال دموعها أن أتوقف فجأةً، عن طلب الاستمرار. ولم يكن هناك سبيلٌ لأعود إلى السرير ببساطة وأستأنف من حيث انتهى. ماذا ظنَّت بي؟ هل ظنَّت أنني وحشٌ أُطيع أوامرها، يأتي متى دُعي، ويغادر متى طُرد؟”
زفر جاريد ببطء. كاد الحرج الذي كاد أن يكبته أن يعاود الظهور. كتم انفعاله، وأغمض عينيه في صمت.
لامست شفرة الحلاق حلقه. حتى بعد سنوات من ثقته بهذه اليد، توتر جسده غريزيًا.
فكر جاريد: “عند تقديم حلقك لرجل يحمل شفرة، كان أحكم تصرف هو البقاء ساكنًا قدر الإمكان.”
في الليلة الماضية، لم يعد زوجها إلا بعد أن غلبها النعاس. وعندما استيقظت روزلين في الصباح، كان السرير فارغًا. لم يكن هناك ما يدل على عودته سوى الشراشف المجعّدة. كانت روزلين مستلقية بمفردها في غرفة النوم قبل أن تتسلق من السرير بحذر.
كان جسدها بخير. بدا الألم المبرح من الليلة الماضية أشبه بوهم. ولو أنها شعرت ولو ببعض الانزعاج المتواصل، ولكنها قد اطمأنت. لكن معرفتها بأنها ربما بالغت في ردة فعلها تجاه أمر يمر به الجميع جعلتها تشعر بالحرج والندم.
[سيؤلمكِ الأمر قليلاً في البداية، لكن سرعان ما سيتحسن. تحمّلي الأمر.]
فكرت روزلين: “كان عليّ أن أتحمل. لو صمدتُ قليلًا، لربما كان كل شيء على ما يرام. لقد أفسدتُ كل شيء بذعري من أمر تافه كهذا. كان عليّ أن أتحمل أكثر…”
ومع تلك الأفكار التي تدور في ذهنها، بدأت يومها، مثقلة بالندم والقلق.
“هل نمتِ جيدًا الليلة الماضية؟”
عند السؤال الموجه إليها، تخلصت روزلين من أفكارها. رفعت بصرها والتقت بعينا ديانا غلين، التي كانت تجلس أمامها. كانت عينا السيدة الأولى الخضراوان تراقبان بشرة زوجة ابنها بعناية.
كان من المعتاد دعوة النساء الأكبر سنًا في العائلة إلى أول تجمع اجتماعي للعروس في اليوم التالي للزفاف. وبناءً على نصيحة إيديث تشيشاير، دعت روزلين حماتها، بالإضافة إلى عمات زوجها وخالاته، إلى غرفة الشاي. كان التجمع في وقت متأخر من الصباح، خلال الساعات المشرقة بين الإفطار والغداء.
“لابد أنكِ كنتِ منهكًة من الزفاف. لابد أنكِ متعبة.”
“نعم يا أمي. لقد استرحتُ جيدًا. شكرًا لاهتمامكِ.”
ردّت روزلين بأدب، مبتسمةً. كان هناك سبعة ضيوف مجتمعين في غرفة الشاي، معظمهم وجوهٌ غير مألوفة لها.
“هل استراح الجميع، أليس كذلك؟ هذا أمر يصعب تصديقه.”
باستثناء شخص واحد، كارينا غلين.
“أجد هذا غير مقنع. هل تعتقدين حقًا أن جلالته كان سيترك هذه العروس الجميلة وشأنها؟ حتى تعذيبكِ طوال الليل لم يكن كافيًا، على ما أعتقد.”
عند ملاحظة كارينا، ابتسمت السيدات الأكبر سنًا في الغرفة بفهم. قبل أن تتمكن روزلين من الرد، احمرّ وجهها بشدة.
“كفى يا زوجة أخي، إنه وضح النهار.”
“أوه، هيا بنا. كلنا نساء هنا. ما المشكلة؟ إضافة إلى ذلك، الدوقة لم تعد عذراء، عليها أن تعتاد على تجمعاتنا الاجتماعية.”
لوّحت كارينا بيدها الممتلئة مازحةً، وعيناها تلمعان من التسلية. حتى ديانا غلين، التي تظاهرت بتوبيخها، لم تبدُ مستاءةً تمامًا من الموضوع. كانت النبيلات السبع ينظرن الآن إلى روزلين ببريقٍ خفيٍّ لكن فضوليٍّ في عيونهن.
فكرت روزلين: “كانوا فضوليين. فضوليين للتأكد مما إذا كنتُ قد توقفتُ عن كوني عذراء الليلة الماضية…”
[لماذا ظلّ عازبًا كل هذا الوقت؟ لقد مرّت أكثر من ثلاث سنوات منذ أن أصبح دوقًا، لابدّ أن فيه خطبًا ما.]
لم تكن الشائعات المحيطة بجاريد خالية من الصحة تمامًا. ففي النهاية، يبلغ الآن ثلاثين عامًا دون أن يُخطب. وكان بقاؤه عازبًا حتى بعد وراثة اللقب، على أقل تقدير، أمرًا غير مألوف. لابد من وجود سبب، وعاجلاً أم آجلاً، ستكتشفه روزلين.
فكرت روزلين: “لكن مهما كان السبب الذي همس به الناس، فقد اتضح الآن أنه ليس كذلك. وقد أثبتت الليلة الماضية ذلك. بصفتي زوجته، كان من واجبي دحض هذه الشائعات. كنتُ مسؤولة عن تبرئة اسمه…”
“بالتأكيد يا عمتي كارينا.”
أجابت روزلين بابتسامة هادئة.
“مع أن أمامي الكثير لأتعلمه قبل أن أصبح عضوًة حقيقيًة في المجموعة.”
“هذا هو السبب بالتحديد وراء عقد هذه التجمعات؛ لمساعدة الزوجات المسكينات اللاتي لم يتمتعن بعد بمتع كونهن نساءً.”
أطلقت كارينا غلين ضحكة عذبة. ردّت روزلين الابتسامة بثقة تامة، مواجهةً عمة زوجها مباشرةً. لكنها لم تجرؤ على النظر في عيني حماتها. كان وجهها لا يزال مليئًا بالخجل، فاضطرت إلى خفض بصرها لإخفائه.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات