عندما أخبرها لويس أن تأكل، بدأت ديفون تعبث بأصابعها بتوتر. راقبته وهو يلتقط عيدان الطعام بكل طبيعية، كما لو كان يلتقط قلماً، ثم أشار لها أن تبدأ بالأكل.
عضَّت على شفتها السفلى وهي تمسك عيدان الطعام بتردد، لكنها لم تعرف كيف تستخدمها.
“كيف؟” سألت بخجل، شاعرة بالحرج لأنها تعيق الأمور مرة أخرى.
تساءلت في داخلها: هل سيغضب مجددًا؟
على عكس ما توقعت، هز لويس رأسه فقط، ثم نهض ليحضر لها ملعقة وشوكة قبل أن يعود إلى مقعده.
“استخدمي هذه بدلاً من ذلك.” قال وهو يزلق أدوات المائدة نحوها.
اتسعت عيناها بفرح عندما رأت الأدوات المألوفة، وارتسمت على شفتيها ابتسامة رقيقة.
مع ذلك، انتظر حتى تأخذ لقمتها الأولى قبل أن يبدأ هو بالأكل. وعندما شعرت بنظراته عليها، رفعت رأسها ببعض الحيرة.
“نعم، صديقي؟”
“كُلي.” قال بإيجاز، رغم أنه لم يكن متأكدًا من السبب، إلا أنه أراد رؤية رد فعلها.
كانت هذه المرة الأولى التي يطهو فيها من أجلها، أو بالأحرى، كانت المرة الأولى التي يطهو فيها لشخص آخر على الإطلاق. اعتاد أن يطهو لنفسه في بعض الأحيان، لكنها كانت حالات نادرة.
ربما بدافع الفضول… أو ربما فقدتُ حاسة التذوق. حاول إقناع نفسه بهذه الفكرة، مبررًا اهتمامه برأيها في طعامه.
في الفترة الأخيرة، أصبح متذمرًا من مذاق الطعام، معتقدًا أنه أصبح بلا نكهة. لكن ربما لم يكن مزاجه السيئ هو السبب… ربما هو فقط طاهٍ أفضل من الآخرين.
“أوه، حسنًا.” رغم أنها وجدت الأمر غريبًا، أطاعته ديفون دون تردد.
بحذر، أخذت ملعقة من الأرز مع قطعة من البيض والطماطم، ثم وضعتها في فمها ببطء. فور أن تذوقت الطعام، ارتفع حاجباها إعجابًا بقوامه الناعم.
بعدها، قضمت البيض، واتسعت عيناها بدهشة وهي تنظر إليه.
حتى قبل أن تنطق بكلمة، كان لويس قد فهم كل شيء من تعابير وجهها. ابتسم بمكر وهو يرى رد فعلها، وكأنه تأكد أخيرًا أن الطعام الذي كان يتناوله طوال الفترة الماضية كان بلا نكهة حقًا.
إذن، الطعام الذي كنت أتناوله مؤخرًا لم يكن لذيذًا كما كنت أعتقد؟ استنتج في داخله وهو يأخذ لقمة لنفسه.
بما أن طعامه لم يكن سيئًا، لكن طعام الآخرين كان فظيعًا بالنسبة له، فهذا يعني أن ذوقه لم يتغير… بل هو فقط طاهٍ ماهر.
شعر بالرضا عن هذا الاستنتاج، واستمر في تناول الطعام دون أن يعطيها اهتمامًا إضافيًا.
بينما كان يأكل، ابتسمت ديفون وقالت بحماسة: “لم أكن أعلم أن طعام العامة يمكن أن يكون شهيًا!”
كاد لويس يختنق بلقمته وهو يسعل بقوة، واضعًا يده على صدره. مدّ يده إلى كوب الماء وشربه على الفور.
“صديقي! هل أنت بخير؟ عليك أن تكون حذرًا!” قالت بقلق وهي تراقبه.
بعد أن التقط أنفاسه، رمقها بنظرة حادة. “ماذا قلتِ؟”
حين التقت عيناها بعينيه، تراجعت قليلاً، متسائلة في داخلها: كيف أزعجته هذه المرة؟ هذا الرجل لا بد أنه وحيد للغاية ليكون بهذه الحدة طوال الوقت.
“قلتُ إن طعام العا—” لكنه توقف، واضعًا يده على عنقه كما لو أنه شعر بارتفاع ضغطه.
“آه… ضغطي ارتفع.”
“هل أزعجتك؟ أعتذر، لم أقصد ذلك.” قالت بصدق، عاقدة حاجبيها. “فقط… هذا الطعام لذيذ جدًا، وأنا مندهشة من أن طبقًا بسيطًا يمكن أن يدفئ القلب بهذا الشكل. أود تناوله كل يوم.”
كان الجزء الأخير من كلامها همسًا بالكاد سُمع، لكنه وصل إلى أذنيه بوضوح.
تجمد لويس للحظة عندما استوعب كلماتها، ثم زفر بعمق، دالكًا صدغه بأصابعه.
“لا تهتمي. أنا فقط مشوش ومتوتر، لكن هذا ليس خطأك.” تمتم، نقر لسانه بخفة وهز رأسه.
“لا ينبغي أن أُخرج غضبي عليكِ. آسف.”
لو سمع أي شخص يعرف لويس ما قاله الآن، لما صدق أبدًا. بل ربما كان سيظن أن شخصًا آخر يتحدث بلسانه.
“صديقي…” تأثرت ديفون، وارتسمت على شفتيها ابتسامة دافئة.
“توقفي. فقط كُلي.” أدار وجهه بعيدًا، مركزًا على طعامه.
كان هذا أول اعتذار يقدمه. ليس لأنه لا يعرف كيف يعتذر، بل لأنه عادة لا يفعل شيئًا يندم عليه. كان يتصرف دائمًا وفقًا لمنطقه، لذا حتى إن بدا غاضبًا أو متذمرًا، نادرًا ما كان يتجاوز الحد.
لكنه أدرك اليوم أنه يتصرف بطريقة غير معتادة.
بينما كانت تأكل، ظلت ديفون تبتسم. يبدو منعزلًا ومتحفظًا، لكنه في الحقيقة شخص طيب القلب.
عمّ الصمت بينهما أثناء تناول الطعام، لكنه لم يكن صمتًا محرجًا، بل على العكس، كان هادئًا ومريحًا.
خلال ذلك، كان لويس يراقبها بين الحين والآخر. لاحظ أن ديفون يمكنها البقاء بدون طعام طوال اليوم. لو كان بإمكانها تحويل دمها إلى قهوة، لكانت فعلت ذلك. لقد اعتادت أن تعيش على القهوة والنودلز سريعة التحضير فقط.
وهذا سبب نحافتها. لكن الآن، كانت تأكل جيدًا، وهذا أمر أسعده.
دون تفكير، التقط قطعة من البروكلي ووضعها في طبقها.
توقفت ديفون عن الأكل، ونظرت إليه ببطء. كانت الشوكة لا تزال بين شفتيها وهي ترمش بدهشة.
“اعتني بنفسك من الآن فصاعدًا. لا تسيئي معاملة جسدك مجددًا.” قال بنبرة مليئة بالصدق.
كان ذلك نابعًا من رغبته الحقيقية في أن تستعيد عافيتها وذاكرتها.
إن استعادت هويتها الحقيقية، فربما يعود كل شيء إلى طبيعته. وإن استعادت شخصيتها الباردة والمتحفظة، فربما تتوقف هذه الأفكار الغريبة التي تراوده.
ولكن، على عكس ما توقع، رأى عينيها تمتلئان بالدموع.
“هاه؟! لم أفعل شيئًا! أنا بريء— لا تبكي!” ارتبك لويس عندما بدأت دموعها تنهمر فجأة.
نهض من مكانه، لكنه توقف عندما هزّت رأسها ومسحت دموعها بقبضتها.
“لا، الأمر ليس كذلك.” تمتمت بين شهقاتها، مما جعله يتجمد في مكانه.
ثم ابتسمت له ابتسامة مشرقة، قائلة: “أنا فقط… سعيدة لأنك هنا للاعتناء بي!”
دقّ قلبه بقوة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل "22"