كان في قبولي للوكاس — ذاك الذي لم يعترف يومًا بشولينا كأخته، بل أذاقها صنوف الإهانة — شعورٌ مبهم بالذنب يتسلّل إلى صدري كخيطٍ باردٍ من الريح.
وما إن أدرت رأسي نحوه حتى لمحت على وجه وينديرت ابتسامةً خفيفةً، بدت وكأنها تحمل شيئًا من الرضا.
‘على كل حال… إنه دائريّ الشكل.’
لعل هالته المهيبة بثّت الخوف في نفوس من حولنا؛ فالأطفال كانوا يرمقوننا من بعيد بنظراتٍ فضولية، لكن أحدًا لم يجرؤ على التقدّم نحونا.
يبدو أنّ الحديث معنا دون سببٍ وجيه أمرٌ لا يجرؤ عليه أحد.
ولهذا، بدا المكان من حولنا أشبه بدائرةٍ خاوية، كأنّ الأطفال رسموا حولنا جدارًا غير مرئي.
‘إذن… هذه هي مكانة بيت الدوق الكبير.’
مكانةٌ سامية لا تُدانى، ومع ذلك لا يحصد أصحابها سوى العزلة والنفور في مجتمع النخبة.
في أراضي الدوقية، كان الجميع من الخدم والأتباع، فبدت الأمور أكثر دفئًا هناك.
أما الآن، بعد أن رأيت الأطفال يبتعدون بهذه الطريقة فقد أدركت أن ما أراه هو الصورة الحقيقية للعالم من حولنا.
‘ولولا أنهم أطفال، لكانت نظراتهم أشدّ قسوة.’
كان الأطفال، على طريقتهم البريئة، يختزنون في أعماقهم فضولًا خافتًا تجاه تلك الحكايات المريبة التي نُسجت حول عائلة الدوق الكبرى، العائلة التي تشبه الأساطير بقدر ما تشبه البشر.
وبينما كانوا يحيطون بنا في دائرةٍ متوترة، لم تكن على وجوههم ملامح الاشمئزاز، بل شيئًا آخر… خليطًا من الدهشة والرهبة، كأنهم يريدون التقدّم خطوة، غير أن أقدامهم تأبى الطاعة.
فالأطفال، أضعف من الكبار، يعجزون عن احتمال تلك الهالة الثقيلة التي تحيط بعائلة الدوق، الهالة التي تهمس في الهواء بعظمةٍ لا تُفسَّر.
ومع ذلك، حين استحضرت ما كُتب في القصة الأصلية، تذكّرت أنّ نبذ المجتمع الأرستقراطي للدوقية لم يكن مجرّد صدفة أو كراهية عمياء، بل قرارًا متقنًا من عقولٍ لا تعرف إلا الحذر والمصلحة.
أما ساحة السياسة في الإمبراطورية — آه، تلك الرقصة الأبدية فوق الجليد — فقد كانت منذ زمنٍ بعيد لوحةً اكتملت ألوانها.
كل موقعٍ محسوم، كل خطوةٍ محسوبة، وكل كلمةٍ مسيّجة بالمصلحة.
فلو أنّ الدوقية، التي غابت لأجيال عن لعبة السلطة، قرّرت فجأة أن تستعيد موقعها، لانقلبت اللوحة رأسًا على عقب.
ولأن النبلاء لا يرون أبعد من مصالحهم، فقد رحّبوا بالشائعات التي لطّخت اسم الدوقية كما يُرحَّب بالعذر حين يُبرّر الجبن.
همستُ، بالكاد أسمع صوتي:
“كم هو صعب… أن تغيّر شيئًا صُنِع لئلّا يتغيّر.”
كنت أظنّ أن رحلتي إلى العاصمة ستمنحني ما يشبه الانتصار، شيئًا أستطيع أن أقول إنني قاتلت لأجله.
لكنني بدأت أُدرك… ربما كان مجرد الصمود أمام أزويلا والمحظية بطولةً في حدّ ذاتها.
“هاه؟ هل قلتِ شيئًا؟”
سأل أحدهم بفضولٍ وديع.
فأجبتُ بسرعة مبتسمة:
“آه، لا… لا شيء على الإطلاق!”
ربما لأنها التقطت همهمتي الخافتة، التفتت إيفيان برأسها نحوي.
حدّقتُ في ملامحها المندهشة لبرهة، ثم ابتسمت بخفة.
لقد أدركت حين رأيتها أنّ شيئًا ما… قد تغيّر بالفعل.
فإيفيان، رغم كل شيء، كانت تقف إلى جانبي متحمّلةً الهالة الخانقة لوينديرت، فقط لأنها تعتبرني صديقتها.
ورغم أنني كنت أراها أحيانًا ترتجف لا إراديًا، أو تلمح وينديرت بنظراتٍ مرتعشة قبل أن تقترب مني أكثر، كان ذلك دليلًا قاطعًا على أن لعنة الدوقية ما زالت قائمة.
لكنني آمنت بأنّه إن استطعتُ جمع الناس حولي، واحدًا تلو الآخر، فسيأتي يومٌ يفهم فيه أحدهم حقيقة عائلة الدوق الكبرى كما هي، لا كما يُقال عنها.
وبينما حاولت أن أتمسّك بهذا الأمل، التفتُّ إلى إيفيان لأقترح عليها أن نذهب سويًا لاحتساء بعض عصير الفاكهة المنعش.
.”إيفيان… حلقي جافّ بعض الشيء، ألا ترين أنّه سيكون من الجي—”
لكن صوتي انقطع، كأنّ الهواء نفسه تجمّد في صدري، حين بدأ همسٌ غريب يتعالى من خارج قاعة الحفل.
لم يكن هناك سببٌ لظهوره — فهذه حفلة للأطفال، والإمبراطور لا يحضر مثل هذه المناسبات أبدًا — ومع ذلك، كان يقف هناك حقًا.
الإمبراطور، بثيابه البيضاء التي تشعّ وقارًا، اعتلى الدرجات بخطواتٍ بطيئةٍ محسوبة،
ونظر من علٍ إلى الحضور بنظرةٍ واحدةٍ باردةٍ كأنها تمسح القاعة.
بدا وكأن الإمبراطور، من عليائه على الدرج، يُنقّب بنظراته بين وجوه الأطفال المتجمّعين كزهورٍ صغيرةٍ في حديقةٍ، يبحث عن شخص وسط الزحام.
تردّد صوت لوكاس متوترًا، منخفضًا بالكاد يُسمع:
“لماذا… جاء والدي الإمبراطور إلى هنا؟”
ارتسمت على وجهه ملامح دهشةٌ حائرة، إذ بدا أن قدوم الإمبراطور لم يكن ضمن أيّ إخطار مسبق أو بروتوكولٍ معلن.
وخلفه، وقف بعض المرافقين في صمتٍ مطبق، رؤوسهم منحنية بخشوعٍ كأنهم ظلالٌ تتبع نورًا لا تجرؤ على النظر إليه.
‘ما الذي يحدث…؟’
خفضت رأسي امتثالًا، فيما راح ذهني يدور في دوّامةٍ من التكهنات.
ثم دوّى في القاعة وقع الخطوات الرفيعة الثقيلة.
وفجأة، اخترق الصمت وقعُ خطواتٍ صغيرةٍ سريعة، هرعت نحو الإمبراطور بخفةٍ كنسمةٍ تمرّ بين الستائر.
“أبتاه! هل جئتَ لرؤيتي؟!”
كان الصوت كجرسٍ من فضة — صوت أزويلا.
رفعتُ نظري ببطء، فرأيتها تمسك وجنتيها المتوردتين بحرارة الحماسة، تحدّق في الإمبراطور بعينين تلمعان كسماءٍ مبللةٍ بالمطر.
كانت ابتسامتها أنقى من كلّ ما رأيته هذا اليوم، صافية كضوء الصباح بعد ليلةٍ من العاصفة.
‘يقولون إن العلاقة بين أزويلا والإمبراطور وثيقة… ويبدو أنّ ما يُقال لم يكن مجرّد إشاعة.’
على الأقل، كانت أزويلا وحدها تبدو مأخوذة بحضور الإمبراطور حتى الفناء.
كانت تحدّق به بعينين تلمعان كقطعتين من البلّور، يفيض منهما الإعجاب الطفولي والانبهار.
غير أن الإمبراطور بدا غارقًا في بحرٍ من أفكاره، لا يكاد يُبدي ردّة فعل، وكأنّ العالم من حوله مجرّد صدى بعيد.
“لقد التقت أعيننا!”
لكنّني أدركت سريعًا أنّ نظره لم يكن موجَّهًا إلى أزويلا، بل إليّ.
وحين التقت نظراتنا للحظةٍ خاطفة، ارتبكتُ وأخفضت رأسي على عجل، تزامنًا مع صوتٍ جهوريّ رخيم يأمر بلُطفٍ حازم:
“ارفَعوا رؤوسكم جميعًا.”
فصدحت الأصوات في آنٍ واحدٍ، مفعمة بالهيبة والرهبة:
“نُحيّي سيّد الإمبراطورية!”
حينها فقط، بدا الأطفال وكأنّ عنهم ثِقل الخوف، فرفعوا رؤوسهم بخفةٍ وحيوا الإمبراطور كما تقتضي آداب القصر.
“أبي…”
نادته أزويلا بصوتٍ رقيقٍ متهدّج، فالتفت إليها الإمبراطور، وضيّق عينيه قليلاً قبل أن يزفر تنهيدةً ثقيلة.
“سمعتُ أنّ الحفل لم يَخلُ من بعض الإشكالات.”
قالها بصوتٍ هادئٍ يخفي ما تحته من توبيخٍ دفين.
أجابت أزويلا بنبرةٍ ناعمةٍ تحاول استدرار العطف:
“لم يكن أمرًا يستدعي حضورك بنفسك يا أبي… هل ظننتَ أنّني أُصبتُ؟”
لكن الإمبراطور لم يُجبها. كانت عيناه قد عادتا لتستقرّا عليّ، كما لو أنَّ شيئًا آخر يشغله عن ابنته المدلّلة.
هل جاء حقًا من أجل أزويلا؟
لا يبدو ذلك… فاهتمامه بها باهت.
ثم إنّه كان على علمٍ بما جرى، وقد أرسل إليّ سرًّا ثوبًا جديدًا بيده.
إذن، ما الذي يجعله يتظاهر بالجهل الآن؟
“أزويلا، من كانت صاحبة حفل الأطفال؟”
“أنا…”
“إذًا من الطبيعي أن تتحمّلي مسؤولية ما يقع فيه من فوضى. لا ينبغي أن تتحدثي بمثل هذا الاستخفاف.”
تجمّدت ملامحها، وأجابته بصوتٍ مرتعش:
“أ… أبي…”
كانت نبرته صارمة، لكنها لم تخلُ من ثقل الخيبة.
الدموع ترقْرق في عيني أزويلا، فيما ظلّ وجه الإمبراطور جامدًا كالرخام، لا يلين.
وأخيرًا تمتمت الفتاة، تُحاول أن تُخفي ارتجافها:
“لقد كانت آنسة إيفيان ضحية حادثٍ مؤسف… تعثّرت في الهواء وسقطت، لكن لحسن الحظ لم تُصب بأذى. كلّ اللوم يقع عليّ، لأنني لم أُحسن التنظيم… أعتذر يا أبي.”
قالت أزويلا بصوتٍ خافتٍ، كمن فقد حيويته تمامًا:
“أنا… آسفة.”
ثم ألقت نظرة جانبية نحو إيفيان، وأطبقت شفتيها بإحكام قبل أن تُخفض رأسها.
كانت حركتها تلك تنطق بالعجز، وكأنها تقول بلسان الحال: “ما ذنبي إن تعثّرت قدماها في الهواء؟”
ومع ذلك، فإن ضعفها البادي وملامحها الغارقة في الحزن انسجما معها لدرجةٍ جعلت الحاضرين يشعرون بالشفقة عليها، فعمّ المكان همسٌ خافت.
“جلالتكم، إن سموّ الأميرة ما تزال صغيرة السن، ألا ترون أنه يكفي أن تُظهروا لها بعض التشجيع الدافئ بدلًا من اللوم؟”
“الأطفال قد يتعثرون أحيانًا، فالأمر لا يستحق القسوة.”
قال ذلك رجلٌ في منتصف العمر كان يقف خلف الإمبراطور، ثم تبعه آخرون ليؤيدوا رأيه.
همم، وجه مألوف…
حمدت نفسي لأنني درست مسبقًا وجوه النبلاء المهمّين قبل قدومي إلى العاصمة الإمبراطورية.
فقد كانت قوائم النبلاء تحتوي على صورهم أيضًا، ما مكّنني من التعرّف تقريبًا على معظم الحاضرين.
وأولئك الذين دافعوا عن أزويلا جميعهم من أنصار حزب النبلاء — أي من أتباع أزويلا والمحظية.
من الطبيعي إذن أن يسارعوا لمساندتها.
“كلا، جلالتكم محقون تمامًا.”
جاء صوت امرأةٍ باردٍ لكنه رنّان، يخترق السمع بوضوحٍ حاد.
كان في نبرتها لزوجةٌ خفيّة جعلت جسدي يقشعرّ دون وعي، وما إن سمعتها حتى خرجت صاحبة الصوت من بين صفوف النبلاء وتقدّمت إلى الأمام.
إنها تشبهها… تشبه أزويلا تمامًا.
امرأة ذات شعرٍ أحمرٍ كالنار، مرفوعٍ بأناقة، ترتدي ثوبًا أخضر زمرديًّا، وجمالها صارخٌ حدّ الندرة.
كانت المحظية، بلا شك.
ملامحها متجمّدة ولكنها دقيقة وواضحة، تشبه زهرة وردٍ فاخرة يحيط بها هالةٌ من النبل والهيبة.
في تلك اللحظة، بدأ قلبي يخفق بقوة، كما يحدث دائمًا حين أواجه شيئًا مرتبطًا بالأصل الذي أعرفه من قبل.
شعرت بقطرات عرقٍ باردةٍ تسيل على جبيني.
“أبي… أمي… أعتذر لأنني خيّبت آمالكما.”
همست أزويلا بخضوعٍ، موجّهة كلامها إلى الإمبراطور والمحظية معًا.
وفي اللحظة التي ارتسمت فيها ابتسامةٌ رقيقة على شفتي الإمبراطورة، أبصرتُ في عينيها برودًا قاسيًا يخلو من أي دفءٍ أمومي، حتى ارتجفتُ من دون قصد واختبأت خلف ويندِرت.
ما هذا؟ لماذا تنظر إلى ابنتها بتلك الطريقة…؟
هل كان ذلك لأنها لم تحتمل أن ترى ابنتها تُوبَّخ أمام الجميع؟
رغم أن المحظية كانت امرأة فاتنة الجمال، إلا أن حضورها كان يخلو من أي دفءٍ بشري.
كانت أشبه بزهرةٍ جميلة نُزِع منها العطر، لا حياة فيها سوى المظهر.
خفضت أزويلا بصرها بتوترٍ نحو الأرض، وفجأة شهقت بخفوتٍ وهي تترنّح، ثم انهارت فوق جسد فيليكس المتفاجئ.
“أ… أعتذر… لم أكن أشعر أنني بخير اليوم، لكنني أردتُ إتمام ما عليّ من واجبٍ رغم ذلك…”
قالت بصوتٍ واهن، وقد بدت على وجهها علامات الإرهاق والذبول.
اقتربت المحظية بخطواتٍ متزنة، وضعت يدها على جبينها وقالت:
“يا للأسف… يبدو أنكِ لم تتعافي بعد من مرضك الأخير يا عزيزتي.”
فقال أحد النبلاء الواقفين خلفها بصوتٍ مفعمٍ بالقلق:
“صحيح، جلالتكم، يبدو أن مرض سمو الأميرة لم يشفَ تمامًا بعد. ربما من الأفضل أن تخلد للراحة الآن.”
نظرتُ حولي فرأيت وجوه الجميع وقد بدت كأنها تعلم تمامًا عمّا يتحدثون.
‘المرض الأخير لأزويلا؟’
ما الأمر يا ترى؟
لم يُذكر في الرواية الأصلية أن أزويلا قد ألمّ بها مرضٌ خطير في طفولتها.
اعتراني الفضول، فأملت رأسي في تساؤلٍ صامت، وما هي إلا لحظات حتى دوّى صريرٌ خافتٌ في القاعة، تلاه صوتُ بابٍ عند أعلى الدرج يُفتح ببطءٍ ويُغلق خلف خطواتٍ مغادرةٍ بثقلٍ مهيب.
“اطمئني… لقد رحلت.”
همس وينديرت بصوتٍ خفيضٍ، وكأنه أدرك دون أن أقول شيئًا سبب اختبائي خلفه.
وما إن تلاشت ظلال المحظية من المكان حتى انحلّ التوتر من صدري، وشعرتُ بحرارة القلق تتبدّد شيئًا فشيئًا من أطرافي.
لعلها لم ترني…؟
من المؤكد أنها تعرف وجهي جيدًا، فهي من نوع الذي لا يفوته شيء.
لكنني على الأقل أردت أن أتفادى مواجهتها مباشرة ما استطعت.
تنفست بعمقٍ محاولةً تهدئة نفسي، ثم رفعت رأسي… لأصطدم بنظرةٍ حادةٍ من لوكاس، الذي كان يراقبني وكأنه يحاول قراءة أفكاري.
وإلى جواره— كان الإمبراطور نفسه يقترب، وعيناه متسمّرتان عليّ كمن يبحث عن وجهٍ يفتقده.
“جَـ… جلالتكم؟”
تمتمتُ بصوتٍ خافت، وفي عينيه ومضةٌ غريبة، تشبه الحنين… نفس النظرة التي رأيتها قبل قليل على وجه لوكاس.
“إذن… أنتِ…”
“شوشو، جلالتك. هل أصيبت بشيء؟”
قطع صوت الدوق الإمبراطورَ، إذ تقدم بخطواتٍ سريعة ورفعني فجأة بين ذراعيه.
شهقتُ بخوفٍ وارتفع صوتي بخفة، قبل أن أجد نفسي آمنة بين ذراعيه القويتين.
قبل لحظات فقط كنت أرتجف قلقًا، لكن بين ذراعيه… تبخر ذلك الخوف تمامًا، كأنه لم يكن.
هززت رأسي نفيًا وأشرت نحو بيلا.
“التي سقطت قبل قليل هي إيفيان، لا أنا. لم يُصب أيٌّ منا بأذى، فقط تناثر بعض الكعك على ملابسنا فاضطررنا لتبديلها.”
“إيفيان؟”
“نعم، إنها صديقتي الجديدة. سأشرح كل شيءٍ لاحقًا عندما نعود إلى المنزل.”
عندما التفتّ حولي، لاحظتُ نظرات الدهشة التي تجمعت نحونا.
كان وجودي بين ذراعي الدوق كافيًا لجذب أنظار الجميع، خاصة مع وقوف وينديرت إلى جانبه، وكأننا مركز دائرةٍ يتجمع حولها الفضول.
احمرّ وجهي خجلًا، فدفنت رأسي في كتفه وهمست بلطف:
“أبي… أريد أن أنزل، أرجوك.”
ضحك بخفةٍ مكتومة، ومع ضحكته ازدادت الهمسات من حولنا.
“يبدو أن صاحب السمو الدوق شديد التعلق بابنته، أليس كذلك؟”
“أهي إذن تلك أميرة الدوقية الجديدة؟”
تعالت الهمهمات في القاعة، وشعرت بنظراتٍ فضولية تخترق ظهري كالإبر.
هززت كتفه مستعجلةً أن يتركني، فضحك مرةً أخرى وأنزلني برفق على الأرض.
نفضتُ ثوبي المرتبك بخفة، ورفعت رأسي— لأجد الإمبراطور قد اقترب خطوةً أخرى، وعيناه تتأملانني بابتسامةٍ باهتةٍ يملؤها شيءٌ غامض.
قال بصوتٍ خفيضٍ بالكاد يُسمع:
“تبدين جميلةً… تمامًا مثل أمك.”
اتسعت عيناي في ذهول، بينما ساد المكان صمتٌ ثقيل، وكان بإمكاني أن أرى وجوه الحاضرين وقد شحب لونها فجأة، وكأن الهواء نفسه تجمّد بيننا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 83"