حدّقت به بغضب، فكّها مشدود بقوّة، ثمّ فتحت ألينا الباب وانطلقت خارجًا. قفز إيزاك واقفًا وركض خلفها.
جلست بياتريس هناك، متجمّدة في مكانها.
ماذا سمعت؟
قال بوضوح إنّه أخذ الدّواء، أليس كذلك؟
لماذا يكذب هكذا…
«…أمّي.»
كان صوت ابنها، الحلو دائمًا، هو من أيقظها من ذهولها.
طق. طق. اقترب صوت الخطوات ببطء.
«أمّي، ما هذا…»
«على وليّ العهد أن يبتعد لحظة.»
«جلالتك.»
«أحتاج أن أتكلّم مع والدتكَ على انفراد.»
«أبي!»
رفع ليونارد صوته لكنّه لم يضف شيئًا.
مسح يده بغضب على وجهه واستدار، ولم ترفع بياتريس نظرها حتّى تلاشت خطواته.
«…يا إمبراطورة.»
كان هاينريش أوّل من تكلّم. كانت بياتريس عاجزة عن الكلام.
«يا إمبراطورة…»
«…»
«هذا هراء بلا دليل.»
«حتّى لو لم يكن دوق قد أخذ الدّواء فعلًا… لا يوجد دليل أيضًا أنّ ليونارد ليس ابنه، أليس كذلك؟»
رغم كلامه القاسي، كانت اليد الّتي تمسك ثوبها ترتجف قليلًا.
ماذا لو لم يكن ليونارد فعلًا من دم إمبراطوريّ، إذًا…
«إنّه خطأ جلالتك.»
لم تستطع كلمات اللّوم أن تخرج، حتّى لو حاولت.
‘كلّ ذلك بسببك. كلّ ذلك لأنّك لم تحبّني.’
‘بدل أن أتوسّل حبًّا لم تعطنيه، وجدته عند غيرك.’
‘لو أعطيتني قليلًا من الحنان، قليلًا من اللّطف، لما حدث هذا.’
كان أقلّ من بضعة أشهر في أكثر من عشرين سنة من الوحدة.
كانت بضعة أيّام فقط في الكوخ هي التي تجاوزت الحدّ، فمن الذي كان مخطئًا حقًّا؟
«لقد عاملني جلالتك ببرود شديد، فحدث هذا.»
غلبها القلق والذّنب، وشعور بالظّلم أيضًا.
هذا هو الرّجل الّذي قبل منديلها المطرّز يدويًّا وقال لها لا تتوقّعي الحبّ حالما تزوّجا.
هو من لم يعلّمها كيف تؤدّي عملها بشكل صحيح حين لم تكن تعرف.
الرّجل الّذي لم يقل كلمة حين سُخر منها في المجتمع وتجاهلتها الوصيفات.
لم تستطع بياتريس أن تطلب منه الغفران.
كان يعلم طوال الوقت، وتظاهر بأنّه لا يعلم. أنّه ممتنّ لأنّ الدّوق خفّف من وحدتها؟
كان مجرّد برود لعين.
«ليس خطأكِ.»
كان الصّوت ألطف ممّا سمعته منه يومًا. رفعت بياتريس رأسها ببطء.
رفع هاينريش ذراعها المتيبّسة ودلك بلطف ظهر يدها.
«أنتِ أيضًا لم تكوني تعلمين. يمكنكِ فقط فسخ الخطبة الآن. يمكن إصلاح كلّ شيء، فلا تعاقبي نفسكِ كثيرًا.»
بدت كلمات التّعزية من فمه غريبة.
‘لمَ قلتَ هذا الآن فقط؟ لمَ انتظرتَ حتّى تموت لتلعب دور الزّوج الحنون؟’
لم يعطها ابتسامة في حياته قطّ. لم يمسك يدها يومًا.
«…منذ متى عرفتَ؟»
نظرت بياتريس إليه ببرود، كما كان هاينريش يفعل دائمًا، لكن ليس دون لمسة من الشّكّ.
هل كان ذلك حين دخلت الغرفة وقبّل العلامات التي تركها إيزاك ؟ حين رآها في فستان صيفيّ يغطّي عنقها فسأل إن كانت مصابة بنزلة برد. أم حين أومأت بخجل عند ذكر رغبتها في إجازة قبل ذلك.
التعليقات لهذا الفصل " 96"