رفع ليونارد عينيه، متحمّسًا ليخبرها بسلوك الطفل الاستثنائيّ.
لكن كلامه لم يستمرّ.
كان ذلك بسبب تينيري التي خرجت بعد تغيير ملابسها.
بعد أن ارتدت الفستان، كانت تينيري تحمل تعبيرًا عاديًّا، كأنّها تحاول إخفاء إحراجها.
الفستان الأبيض الذي يكشف كتفيها وعظمة ترقوتها كان منسوجًا بدقّة بالدانتيل، فيبدو أنيقًا دون رتابة، والتنورة ذات الثنيات الغنيّة تحت الخصر النحيل كانت تتمايل كبتلات الزهر مع كلّ حركة.
وبينما كانت تتحرّك نحو ليونارد، كانت الخرز تتلألأ في الضوء.
ضحك جوشوا وصفّق بيديه.
«… هل هناك خطب؟»
انتبه ليونارد من شروده عند السؤال الحذر.
ارتعشت شفتاه طويلًا قبل أن يتمكّن أخيرًا من قول.
«جميلة، حقًّا……»
رغم قدرته على إلقاء كلمات مزيّنة بكلّ أنواع المديح والبلاغة، إلّا أنّ هذا هو كلّ ما خرج.
لكن مهما قيلت الكلمات، ألم تكن كلّها تعبّر عن المعنى نفسه؟
كانت جميلة جدًّا أمامه، وشعر كصبيّ أخرق يخوض أوّل حبّ.
«شكرًا.»
أجابت تينيري باختصار، مبتسمة الابتسامة نفسها التي دائمًا ما تبتسمها.
نظرت في المرآة وتبادلت بضع كلمات مع المصمّمة قبل أن تعود إلى غرفة التبديل لتجرب فستانًا آخر.
«جلالتك، هل أقدّم لكم شرابًا باردًا؟»
سألت الخادمة بحذر.
كان عرضًا غريبًا، بما أنّ اليوم لم يزل في بدايته.
لكن ما إن رأى ليونارد انعكاسه في المرآة حتّى أدرك لماذا تكلّمت الخادمة فجأة هكذا.
«نعم. الجو…… حارّ قليلًا.»
أجاب ليونارد، فهزّت الخادمة رأسها وأحضرت له شاي ليمون مثلّج.
نظر الطفل إلى وجه والده المحمّر بعيون فضوليّة.
بعد أن شرب بضع رشفات من الشاي البارد، هدأ وجهه المحمّر قليلًا.
كان الفستان التالي بتصميم دانتيل على شكل زهرة يلفّ الصدر وينزل إلى الخصر.
كان خطّ حوريّة بحر يلتصق بالجسد، يكشف كلّ منحنى.
«ماذا عن هذا؟ هل يجوز إضافة زخارف لؤلؤ هنا؟»
«هذا جميل أيضًا.»
كانت الملابس مختلفة، لكن الكلمات كانت نفسها .
هل هذا كلّ ما يستطيع قوله؟ ألا يستطيع التعبير عن إعجاب أكبر؟
أو ربّما يقول تحديدًا أين وكيف شيء ما جميل.
لكن ماذا يفعل عندما تكون جميلة مهما ارتدت؟
الفستان الغنيّ بالثنيات كان أنيقًا ككلاسيكيّة، والفستان ذو الخطوط الكاشفة كان مغريًا جدًّا.
الفستان ذو الأكمام المنتفخة كان قديم الطراز، والفستان ذو التنورة التي تسقط طبيعيًّا تحت الخصر كان أنيقًا كنرجس.
«أيّها أعجب جلالتها أكثر؟»
بعد تجربة سبعة فساتين، عانقت تينيري جوشوا بسرعة.
تبادلا قبلة كأنّهما افتقدا بعضهما لحظة.
لم يفوّت ليونارد الفرصة لالتقاط هذه اللحظة التي بدت فيها تينيري جميلة ومحبوبة حتّى في ملابسها اليوميّة.
«ماذا عن…… سبعة حفلات زفاف؟»
اتّسعت عينا تينيري عند الملاحظة العابرة.
انفجر المحيطون بهما ضحكًا.
«… بما أنّكِ تبدين جميلة مهما ارتديتِ، أليس من الصعب الاختيار؟»
«آه……»
لكن تينيري لم تضحك كالبقيّة؛ مجرّد أن عبست وجهها دهشة ورفعت زوايا فمها بإحراج.
«…… شكرًا.»
لم يكن مشهدًا غريبًا.
ألم تكن هكذا في الكوخ أيضًا؟
كانت تتصلّب كأنّها سمعت شيئًا لا ينبغي سماعه، ثمّ تبتسم ابتسامة متكلّفة.
كأنّها لا تريد سماع اعترافي.
رغم أنّها حثّته على عدم الاستعجال، إلّا أنّه كلّما رآها هكذا لم يستطع إلّا أن يشعر بالإحباط.
ماذا لو لم تتغيّر مع الوقت؟
إذا لم تصدّق حبّي وتحمل أفكار الرحيل حتّى وهي موجودة جسديًّا…
لو أدرك مشاعره مبكّرًا قليلًا، لما حدث ذلك.
لو لم يتبجّح جدّه من الضغينة تجاه أمّه المهملة، لو لم يطارده شبح والده، لو لم ينكر قلبه، لما كان قلقًا هكذا.
الأشياء التي فقدها كانت مظلمة جدًّا.
عزم على استعادتها، لكن مع مرور الوقت شعر بثقل أكبر.
لم يكن يعلم إن كانت سعيدة أم لا عندما يفعل لها أشياء تسرّها لأنّها دائمًا مبتسمة، وإذا قالت إنّها سعيدة لم يكن يعلم إن كانت تقصد ذلك أم لا.
«إذا كان من الصعب على جلالتك الاختيار، سأتشاور مع المصمّمة ونقرّر.»
قالت تينيري ذلك بأدب.
يبدو أنّ ليونارد لم يكن الوحيد الذي لاحظ شيئًا غريبًا.
التعليقات لهذا الفصل " 86"