بعد أن انتهت من تجهيز نفسها، جلست على المكتب وكتبت الردود.
بالطبع، بما أنّ دوق سالفاتور لا يزال حيًّا والزفاف لم يُقم بعد، أرفقت رفضًا مهذّبًا.
‘هل ينبغي أن أقبل بعض طلبات الزيارة؟’
بما أنّها غابت عن القصر طويلًا، سيكون من المفيد مقابلة بعض الأشخاص قبل المراسم لتستشعر أجواء المجتمع.
فصلت تينيري بعض طلبات الزيارة وكتبت بقيّة الردود.
عند رفض الدعوات، كان البعض يستخدمون الخدم لكتابة العبارات نفسها، لكنّها كانت دائمًا تكتب بنفسها.
كانت عادة تعلّمتها من بياتريس.
رغم استخدام عبارات متشابهة، كانت بياتريس تفضّل دائمًا كتابة الردود بخطّ يدها.
بما أنّ هذا هو المكان الذي أقامت فيه الإمبراطورة الأم ، فآثارها لا تزال موجودة في أنحاء القصر.
كان شعورًا غريبًا أن تجلس على مكتبها القديم.
‘كنا نقرأ هنا معًا……’
تذكّرت تينيري الإمبراطورة المتوفّاة بين الحين والآخر، ربّما لأنّها تقيم في قصر الورد.
حتّى وهي مستلقية في السرير، أثناء الاستحمام، وحتّى الآن وهي جالسة أمام المكتب.
«جلالتك، يقولون إنّ الأمير استيقظ.»
كانت تينيري قد أنهت ردّها الثاني والعشرين عندما أعلنت الخادمة أنّ الأمير يستيقظ.
طوت تينيري البطاقة المعطّرة بعناية وأدخلتها في المغلّف.
«والمربيّة؟»
«المربيّة تساعد وليّ العهد في استحمامه.»
عند كلام الخادمة، ختمت تينيري فتحة المغلّف ونهضت.
رتّبت ما لم تكتبه بعد لتضعه في الدرج.
ما إن فتحت درجًا قديمًا حتّى لفت انتباهها شيء لامع.
«هذا……؟»
داخل الدرج كان مفتاح صغير بحجم إصبع.
كانت ورقة الذهب الرقيقة تتفلّت مع الزمن، لكن الزخرفة الفاخرة على رأس المفتاح جعلته يبدو كأنّه يخصّ شخصًا عزيزًا جدًّا.
لعبت تينيري به وسألت:
«هل أقام أحد في قصر الورد قبل عودتي؟»
«لا. ظلّ فارغًا منذ أن غادرت جلالتك إلى قصر الماركيز.»
كانت تينيري تدير القصر أحيانًا بعد رحيل بياتريس، لكنّها لم ترَ مثل هذا الشيء في ذلك الوقت.
يعني ذلك أنّه وُضع هناك بعد رحيلها.
«أحضري لي من كان مسؤولًا عن قصر الورد.»
«نعم.»
انحنت الخادمة بأدب وغادرت الغرفة.
بعد قليل، أحضرت امرأة متوسطة العمر طويلة ذات مظهر صحيّ.
كانت المرأة متوترة، لكنّها انحنت بأدب.
«جلالتك، أنا إيميلي دييغو، أنا من تدير القصر.»
«دعوتكِ لأنّني استغربت وجود مفتاح في الدرج لم أره من قبل. هل أنتِ من وضعته؟»
رفعت إيميلي رأسها ببطء عند الصوت الناعم.
وقعت عيناها على المفتاح في يد تينيري.
«نعم. وجدته خادمة كانت تنظّف في القصر الخاصّ بعد أن غادرت الإمبراطورة إلى قصر الماركيز. يبدو أنّه كان للإمبراطورة، لكنّها لم تجد شيئًا يناسب المفتاح، فأمرتني بحفظه في الدرج مؤقّتًا.»
«فهمت. إذا وجدتِ شيئًا لاحقًا، أحضريه لي.»
«نعم.»
انحنت إيميلي بأدب كما دخلت وغادرت الغرفة.
نهضت تينيري واتّجهت نحو غرفة الأطفال.
كانت الغرفة المخصّصة لوليّ العهد داخل القصر بجانب غرفة تينيري المؤقّتة مباشرة.
كانت غرفة مؤقّتة قبل المراسم، لكنّ جدرانها مليئة بورق حائط ملوّن وكلّ أنواع الدمى والألعاب.
لا بدّ أنّ ليونارد أرسل تعليمات مسبقة للقصر لتجهيزها.
كانت تُعدّل نبرة صوتها، تضيف حركات مبالغ فيها بين الحين والآخر لتلفت نظره، وتبتسم ابتسامة عريضة عندما يلتقي نظرهما.
«صباح الخير، لورا.»
«جـ-جلالتك.»
حيّتها تينيري، فقفزت لورا من مكانها.
ضحك الطفل عند سماع صوت أمّه.
«ماما. ماما.»
«هل نمتَ جيّدًا، جوش؟»
قبّلت تينيري جبهة الطفل.
تكلّمت لورا التي كانت تراقبها عن كثب.
«أردتُ فقط أن يعرف أنّ الاستحمام شعور جميل. عندما يبلغ إخوتي الصغار الثامنة، كانوا دائمًا يهربون لأنّهم لا يريدون الاستحمام…»
بدت الطريقة المتعجّلة المتلعثمة وكأنّها تبرّر أنّها لم تفعل شيئًا خاطئًا.
بدل أن تهدّئها، سألت تينيري:
«هل هذا طبيعيّ في عمره؟»
«إخوتي كانوا كذلك. بما أنّ لدينا خدم قليلين، كان من الصعب ترتيب الاستحمام كلّ مرّة، فكان علينا أحيانًا أن نفعل ذلك بأنفسنا. لكنّهم كانوا يخترعون كلّ أنواع الأعذار، يهربون، ثمّ ما إن يدخلوا الحمّام حتّى يلعبون ويعبثون ولا يخرجون لساعتين.»
«لا بدّ أنّ ذلك كان لطيفًا.»
«نعم، لكنّهم كانوا وقحين جدًّا لدرجة أنّني كنت أريد أن أصفع أحدهم أحيانًا…… آه، لا، كنت أصفع فقط لأنّهم إخوتي الصغار، لن أضرب وليّ العهد أبدًا.»
بعد أن تفوّهت بها، رفعت لورا يديها بسرعة واعتذرت.
رغم أنّها بدت متوترة، إلّا أنّ لمستها وهي تجفّف جسد الطفل وتضع له الحفّاضة ظلّت ماهرة.
«في أيّ عمر بدأتِ برعاية إخوتكِ؟»
«بصراحة… لا أتذكّر. كان منذ سن صغيرة جدًّا.»
فتحت لورا فمها، محرجة قليلًا.
كانت تساعد في رعاية إخوتها عندما كان هناك نقص في الأيدي وحتّى بعد ولادتهم.
بعد دخولها المجتمع النبيل، كانت تساعد في مسقط رأسها عندما ينتهي موسم الحفلات.
استمعت تينيري لقصّتها صامتة.
كان الأمر مضحكًا قليلًا أنّ شخصًا ظنّته في غير مكانه تمامًا يبدو قريبًا جدًّا من قصّة قصر ريفيّ لأنّها عاشت فيه فترة قصيرة.
بعد أن تحدّثت مع لورا قليلًا، نهضت تينيري.
«سآخذ جوشوا إلى غرفة الأطفال. لم تتمكّني من الراحة جيّدًا مع رعاية الطفل، ولو لوقت قصير.»
«آه…… نعم. وداعًا، جلالتك، صاحب السموّ الإمبراطوريّ.»
التعليقات لهذا الفصل " 80"