عاد الإمبراطور الذي أكمل رحلته إلى العاصمة، ومعه الإمبراطورة المفقودة والأمير وليّ العهد الذي ولدته والذي كان بعيدًا عنه.
في الظروف العاديّة، كان ينبغي أن يثير ذلك وحده ضجّة في أنحاء العاصمة كلّها.
كانت الإمبراطورة ابنة متمرّد سابق لم تنجح في إنجاب وريث خلال أربع سنوات من حكمها، ثمّ طلبت تنازلها بنفسها، وبعدها قضت عامين في العزلة.
لذا كان يفترض أن تتركّز كلّ الأنظار على الإمبراطورة العائدة، وعلى وليّ العهد، وعلى محبّة الإمبراطور لهما.
لكنّ فضيحة أكبر كانت تنتشر بالفعل في العاصمة.
تردّدت شائعات أنّ ألينا سالفاتور، خطيبة الإمبراطور السابقة، هي أخته من أبيه. وأكثر من ذلك، قيل إنّ الإمبراطور يخطّط لاتّهام والده زورًا بجريمة للقضاء عليه وإخفاء هذه الحقيقة.
«احذروا ألّا تنتشر كلمات غير ضروريّة عن الإمبراطورة.»
كان الإمبراطور يعلم أنّه لا يستطيع إبقاء الأمر سرًّا إلى الأبد، لكنّه لم يرد أن يُسبّب قلقًا غير ضروريّ لتينيري التي عادت لتوّها إلى العاصمة.
بفضل سيطرة ليونارد الصارمة على المعلومات، دخلت تينيري القصر الإمبراطوريّ دون أن تسمع أيّ خبر.
كان القصر الإمبراطوريّ، الذي رأته بعد زمن طويل، مهيبًا وعظيمًا كما كان دائمًا.
«بما أنّ وليّ العهد موجود الآن، ينبغي أن تكون المراسم أكثر فخامة ممّا سبق، لكنّ التحضير سيستغرق وقتًا، لذا أظنّ أنّه بإمكانكِ البقاء في القصر الخاصّ في هذه الأثناء.»
حاول إريك استكمال علاجه الباقي في قصر الماركيز، لكن لم يكن بالإمكان توقّع بقاء سكّان القصر بلا صاحب.
سيستغرق الأمر وقتًا حتّى يعود الخادم القديم ويُختار خادم جديد وطبيب، لذا سيقيم إريك في القصر حتّى يشفى تمامًا.
وقفت لورا إلى جانب تينيري ممسكة بيد جوشوا بقوّة.
لم تكذب عندما قالت إنّها بارعة مع الأطفال، وخلال الأيّام القليلة التي سافروا فيها بالعربة، ارتبطت بجوشوا بسرعة.
كان الطفل يتبعها بالفعل؛ «ماما، ماما»، يبدو أنّ الخبرة لا تُقهر بسهولة.
«في الوقت الحاليّ، أقترح أن ترتاحي، وغدًا عندما يقلّ الإرهاق قليلًا، سنتجوّل في القصر وأريكِ كلّ شيء.»
بدَا ليونارد وكأنّه يلمّح إلى شيء ما.
في الحقيقة، كان القصر منزل تينيري لأربع سنوات، فهي لا تحتاج إلى مرشد، لكنّها تساءلت إن كان شيء ما قد تغيّر أثناء غيابها.
«نعم، جلالتك، سأنتظر.»
قوبل الجواب القصير بوجهٍ محمّر.
شعرت تينيري ببعض الحيرة من ذلك لكنّها لم تعلّق.
«حسنًا، إذًا سأنصرف.»
استعادت تينيري رباطة جأشها بسرعة واستدارت على عقبيها.
أمسك ليونارد يدها بسرعة. عندما استدارت متفاجئة، كان على وجهه ابتسامة متكلّفة.
«أودّ أن أرافقكِ.»
«……»
«هل تسمحين لي؟»
تسلّلت أصابعه الغليظة بين أصابعها. هزّت تينيري رأسها مطيعة، متفاجئة قليلًا، لكن مطيعة على أيّ حال.
هزّت لورا رأسها لرؤيتهما لكنّها تبعتهما مع الطفل.
خارج قصر الورد، كانت وجوه مألوفة تنتظر تينيري.
كنّ خادمات الإمبراطورة، وكلّهنّ رحّبن بها بأدب، ووجوههنّ مشرقة بالسرور.
«مرحبًا بعودتكِ، يا جلالة الإمبراطورة.»
«يسعدنا خدمة سيادتكم مجدّدًا.»
أمسكت تينيري بيد كلّ واحدة منهنّ وردّت التحيّة.
كانت بعضهنّ عيونهنّ دامعة أو يبكين، فاضطرّت لتهدئتهنّ بسرعة.
«هذا جوشوا. وهذه مربيّته، لورا هيل.»
قدّمتهنّ تينيري، وتبادلت لورا نظرات محرجة مع الخادمات.
رفعت تينيري يد جوشوا ولوّحت بها تحيّة للخادمات. ضحك الطفل بخفّة.
«سمعتُ أنّه يشبه الإمبراطور، وهذا صحيح.»
«يسعدني سماع ذلك جدًّا، جلالتك.»
كنّ معًا في قصر الإمبراطورة لأربع سنوات.
كانت الوصيفات اللواتي اختارتهنّ الإمبراطورة بنفسها للإمبراطورة الجديدة نادمات حقًّا لرؤية تينيري تغادر القصر بسبب خيانة والدها وعقمها.
لكنّ فرحتهنّ الآن لا حدود لها بعودة تينيري مع وليّ عهد يشبه الإمبراطور نفسه.
تبادلت تينيري الحديث الودّيّ مع الخادمات واستدارت نحو ليونارد. كان بعض الوجوه غائبًا.
قرّب ليونارد فمه من أذنها.
«الذين كان لهم أدنى صلة بالدوق سالفاتور تمّ التحقيق معهم والتخلّص منهم.»
كان بين الوصيفات أشخاص تابعون للدوق.
شعرت بمعدتها تنقلب، رغم أنّها كانت تعلم أنّ هناك من في القصر كان يعيق لقاءاتها بالإمبراطور.
هزّت تينيري رأسها قليلًا لكلامه، فاستقام ليونارد.
«سأعود في المساء إذًا.»
«في المساء؟»
«ينبغي أن نتناول العشاء معًا، بما في ذلك جوش.»
بلكنة ناعمة، لامس شفتاه يدها بخفّة.
جعلت الكلمات الأمر يبدو حقيقيًّا جدًّا بعودتها إلى القصر.
* * *
قبل وقت الطعام، استحمّت تينيري في ماء دافئ.
غسلت وصيفاتها جسدها المنهك بعناية.
لم تكن الورود قد أزهرت بعد، فلم يتمكّنّ من تعويم البتلات، لكن عندما صببن ماء الورد الكثيف في الحوض، امتلأ الحمّام برائحة الحنين.
التعليقات لهذا الفصل " 77"