«كانت هناك شائعات بعد مغادرتكِ القصر. قيل إنّ الإمبراطورة لم تختفِ حقًّا. جلالته يحبّها إلى هذا الحدّ فحبسها سرًّا في غرفة.»
«…يا إلهي.»
لم تستطع تينيري إخفاء إحراجها من القصّة غير المتوقّعة. غطّت ألينا فمها وضحكت.
«كم هو سخيف، رغم أنّه كان واضحًا كم يحبّ جلالته الإمبراطورة.»
«……»
«أنكر ذلك عليكِ مرّات ومرات، لكن في النهاية، أظهره. بمجرّد أن التقيتما مرّة أخرى، قصفكِ بكلّ أنواع الإيماءات الحنونة. ليست قصّة غير قابلة للتصديق بعد كلّ شيء.»
كانت الإيماءة الحنونة في الشمال لها تاريخها الخاصّ، لكن تينيري لا تتعب نفسها لشرحه.
لم يرغب في إخبار أحد بما حدث بينهما.
‘زوج وزوجة…’
كان مضحكًا قليلاً التفكير بمثل هذه الأفكار قبل حتّى استلام خطاب الخطبة.
لكن في اللحظة التي قبّلته فيها، كانت قد أعطته بالفعل الجواب على طلبه.
لذا كان ليونارد متحمّسًا للزفاف والهدايا.
«…لم يكن يجب أن أقول ذلك.»
شعرت تينيري بالإحراج من أفكارها الطفوليّة، ولم تستطع إلّا الشعور بخيبة أمل قليلة مع مرور الوقت، مفكّرة أنّها ربّما قبلت بسرعة كبيرة، حتّى لو لم يمسك ليونارد بتنورتها أو يذرف الدموع.
«فقط أرسليه في طريقه. هل كان لديكِ شيء آخر في بالكِ؟»
تمتمت ألينا، لكنّها لم تسمع جيّدًا لأنّ الطفل بصق فجأة البسكويت الذي كان يأكله.
مسحت تينيري مسرعة زاوية فمه وذقنه قبل أن تتحدّث.
«……حسنًا، طلب الزواج سيستغرق وقتًا على أيّ حال، لذا فكّرتُ في أخذ جوش في جولة في احتفالات عشيّة المهرجان في هذه الأثناء، بما أنّني لن أستطيع التجوّل بحرّية بعد الزفاف كما أستطيع الآن.»
حتّى لو لم تكن محبوسة فعليًّا في القصر، كان واضحًا أنّها بمجرّد أن تصبح إمبراطورة، ستكون أكثر انشغالاً ممّا هي عليه الآن.
لذا بجانب رغبتها في طلب زواج أسرع بدلاً من أبطأ، كانت تريد أيضًا الاستمتاع بالوقت الذي لديها الآن مع طفلها.
«يجب أن يكون بخير. جلالته عيّن حرّاسًا لكِ.»
«ألينا، هل ترغبين في المجيء معنا؟»
«أودّ ذلك، لكن… يجب أن أقوم بدوريّات خلال فترة المهرجان.»
قالت ألينا بأسف.
بعد أن ورثت اللقب فجأة إلى هذا الحدّ، لم يكن لديها بعد قاعدة دعم صلبة داخل دةقية، لذا كان عليها إظهار نفسها كقائدة بالمشاركة في التدريبات مع الفرسان والدوريّات معهم.
«قريبًا، سأضطرّ أيضًا إلى تفقّد أراضيّ. سأغيب لبضعة أشهر بعد الزفاف.»
«سيكون صعبًا. أراضيكِ واسعة إلى هذا الحدّ.»
«مع ذلك، إنّه راحة كبيرة أنّني تلقّيت اللقب بسلام. مباشرة بعد الوراثة، تمكّنتُ حتّى من طرد ذلك رئيس الخدم غير الكفؤ…»
استمرّ حديثهما طويلاً بعد أن أخذت لورا جوشوا للقيلولة.
تحدّثتا عن ما كنّا تقومان به، أخبار المجتمع الرّاقي، الصالونات الرّائجة، وصديقاتهما.
تذكّرت تينيري كيف رحّبتا بها عندما رقصت هي وليونارد رقصتهما الأولى.
حتّى بعد أن أصبحت إمبراطورة، استمرّتا في إظهار الرّضى عنها.
«تساءلتُ إن كنتِ طلبتِ منهما ذلك.»
«…آه.»
بدت ألينا مذهولة من سؤالها مثل هذا السؤال وخدشت خدّها، متردّدة في الإجابة.
تردّدت، ثمّ ابتسمت.
«هل يجب أن أجيب على ذلك؟ أنا لا أحبّ الإحراج حقًّا.»
«إذًا……»
«أيضًا… هما ليستا من النوع الذي يفعل كلّ شيء فقط لأنّني طلبتُ. كانتا معجبتين بكِ حقًّا أيضًا.»
برزت الغمّازتان تحت عينيها المنحنيتين كالهلال بوضوح.
أومأت تينيري ببطء.
* * *
وصل خبر من القصر في صباح اليوم السابق لعشيّة المهرجان.
كان اليوم العاشر لتينيري في مسكن الماركيز.
كانت الاحتفالات عادةً تجري حول هذا الوقت من السنة لاستقبال الرّبيع، لكن هذه المرّة كانت للاحتفال بعودة الأمير والإمبراطورة وزفاف العائلة الإمبراطوريّة الثّاني.
كان الزفاف مخطّطًا ليجري في اليوم الأخير من المهرجان، وسيتبعه استقبال ليومين في القصر الإمبراطوريّ، لذا ستكون العاصمة في مزاج احتفاليّ لما يقرب الأسبوع.
«أين هم؟»
«من المفترض أن يصلوا حول السّاعة الحادية عشرة. لا، ألا يرسلون هذه الأشياء عادةً في الظهيرة؟ ما هذه العجلة؟»
كان من العادة استلام الوثائق التي تحمل ختم الإمبراطور بنفس الطريقة التي يُستقبل بها الإمبراطور نفسه.
جاء طلب الزواج متأخّرًا جدًّا ممّا كان متوقّعًا، لكن البرقيّة أُرسلت مبكّرًا جدًّا في الصباح إلى درجة أنّ كلًّا من تينيري وإريك كانا مستيقظين ونشيطين.
بمجرّد أن انتهيا من حمّاميهما، ذهبا إلى غرفة الملابس لتغيير الملابس وتصفيف الشّعر.
انتهى إريك أوّلاً، لكن لم يكن لديه وقت كثير للانتظار، إذ كان عليه الاستعداد لاستقبال المسؤول.
بعد وقت قصير من انتهائهما، أعلن رئيس الخدم وصول عربة إمبراطوريّة.
ذهب إريك إلى الباب الأماميّ لتحيّة المسؤول، بينما ذهبت تينيري مباشرة إلى الصّالون وهي تحمل الطفل بين ذراعيها.
جوشوا، المرتدي بدلة طفل، كان يتقلب كأنّه يريد التجوّل لوحده، لكنّه هدأ بسرعة عندما أحضرت له لورا دمية.
«أخيرًا، طلب زواج. كنتُ أتساءل متى سيأتي.»
ثرثرت لورا بحماس.
كانت تينيري تنتظر طلب الزواج أيضًا، لكنّها جلست بهدوء، غير راغبة في إظهار حماسها.
قريبًا، حدث ضجيج صغير خارجًا، ثمّ طرق على الباب.
«جلالتك. ……»
فتح رئيس الخدم الباب ودخل الصّالون بمظهر حائر.
رؤية مظهره الحائر، نظرت تينيري إليه بفضول.
«ما الخطب؟»
«جلالته هنا، جلالتك.»
«……ماذا؟»
عند الخبر غير المتوقّع، نهضت تينيري من مقعدها دون أن تدرك.
انفتح الباب نصف المفتوح على مصراعيه.
«…جلالتك.»
وقفت تينيري هناك، عاجزة عن الكلام أمام الرّجل الكبير أمامها.
تعرّف جوشوا على أبيه، فقفز بسرعة عن الأريكة وركض نحوه.
«بابا!»
«نعم، جوش.»
حمل ليونارد جوشوا بحضن سريع.
ضحك الصبيّ من رؤية أبيه بعد وقت طويل.
«ما الذي أتى بكَ…»
«جئتُ لتسليم طلب زواج.»
جاء الجواب كأمر طبيعيّ.
نظرت تينيري إلى أخيها، لا يزال مذهولة، واقفًا خلفه.
بدى إريك مذهولاً أيضًا، كأنّه لم يتوقّع ذلك.
«……ظننتُ أنّكَ مشغول، لم أتوقّع أن تأتي هكذا.»
بدا الصوت الذي خرج قاسيًا، ربّما محاولة إخفاء الفرح.
لكن ذلك لم يدم طويلاً. رؤية الطفل يلعب ويسحب وجه أبيه، لم تستطع تينيري إلّا أن تنفجر في ضحكة.
«لا يمكنكَ فعل ذلك، جوش.»
«يينغ.»
حاولت تينيري رفع جوشوا بسرعة، لكن الطفل تشبّث بأبيه ورفض الإفلات. قبّل ليونارد جوشوا بين ذراعيه عدّة مرّات، ثمّ عاد بنظره إلى تينيري.
«أردتُ المجيء مبكّرًا، لكنّني تأخّرت بسبب الاستعدادات.»
التعليقات لهذا الفصل " 125"