انطلق منه الكلام مذهولاً من الكلمات غير المتوقّعة. نظرت تينيري إلى ليونارد الحائر وضحكت ضحكة صغيرة.
«بما أنّه تبيّن أنّكما لستما مرتبطين بالدم، أفترض أنّكَ و ألينا……. كما كان مخطّطًا؟»
«مستحيل تمامًا، أنا فقط……»
رفع ليونارد يديه، عاجزًا عن إخفاء حيرته من الكلمات غير المتوقّعة.
«أنا فقط أريد…… أن تختاريني .»
«……»
«سأترك الأمر لإرادتكِ، أينما ترغبين في تربية جوشوا؛ يمكنكِ أخذه معكِ إلى الماركيزية، أو القرية التي كنتِ تعيشين فيها تمّ نقلها إلى ملكيّة ترافيل، والتي ستكون صعبة…… لكن إن رغبتِ سأجد طريقة.»
كان في الحقيقة جشعه العبثي.
ألم يكن جشعًا بالفعل عدم الرغبة في شيء آخر غير أخذ الطفل المولود من جسد أمّه؟
«جوشوا طفلكِ، وسأطيع إرادتكِ.»
«……»
«لكن، تينيري، إن اخترتِني أنتِ بعد.»
ركع ليونارد ببطء. نظرت تينيري إليه بدهشة.
«إن سمحتِ لي بأن أكون إلى جانبكِ، سأكون مخلصًا لكِ كشريككِ حتّى نهاية حياتي، كأب لجوشوا. سأكرّس كلّ حبّي وشرفي لكِ. لذا…»
أمسك ليونارد يد تينيري بحذر.
ثمّ مال ببطء ليقبّلها.
«اختاريني ، أرجوكِ»، همس.
حدّقت تينيري في ليونارد، غير متأكّدة مما تعنيه الكلمات غير المتوقّعة.
هل يقصد ذلك حقًّا، هل يقصد حقًّا أنّها تستطيع أخذ الطفل والرحيل؟
رغم أنّها لم تسأل لماذا يبكي، تمتم ليونارد بإحراج. ضحكت تينيري بهدوء.
«هل تكذب عليّ مرّة أخرى؟»
أوقفت الكلمات ليونارد في مكانه. لمعت عيناه الحمراوان نحو عينيها، ثمّ انخفضتا بخجل عندما التقيا.
«…أنا فقط سعيد.»
كان صوته متلعثمًا، لكن الرسالة كانت واضحة.
لكن رؤيته يكافح لإيجاد الكلمات المناسبة، هل يمكن أن يكون هناك لا يزال ضغينة متبقّية؟
«لم أجبكَ بعد……»
كان تعليقًا نابعًا من الدلع، لكن رؤية العينين المبلّلتين التي تنظران إليها بشفقة، لم تستطع إلّا أن تشعر بتصميمها يضعف مرّة أخرى.
بتردّد، أزالت تينيري يدها ببطء من وجه ليونارد.
ثمّ قبّلت خدّه المبلّل بلطف.
عندما نظر ليونارد إليها بدهشة، ابتسمت قليلاً بخجل.
«سأنتظر طلب زواجكَ.»
«……»
«……ليون.»
شعرت تينيري بإحراج قليل من الاحمرار المفاجئ على وجهها، فنهضت مسرعة.
ثمّ، دون كلمة أخرى، تحرّكت نحو الباب كأنّها تهرب.
لم يبدُ الاحمرار على وجهها يخفّ على الإطلاق.
* * * *
كان خبر ذهاب جوشوا مع تينيري إلى مسكن الماركيز قد جعل بعض الرعاة يرتجفون.
كان المكان الذي يقيم فيه الأميّر قبل الحفل مهمًّا لأنّه يشير إلى من يملك حقوق الأولويّة على الطفل.
بما أنّ القرارات الملكيّة تميل إلى وضع سابقة عند حدوث شيء مشابه في دوائر النبلاء، كان متوقّعًا أن يثير الذين يعلّقون أهمّية كبيرة على النسب اعتراضات في اجتماع المجلس.
مع ذلك، استطاعت تينيري ركوب العربة دون الكثير من الضجّة.
أوّلاً، لأنّهم غادروا في الصباح قبل اجتماع المجلس، وثانيًا، بسبب إعدام إيزاك سالفاتور، الذي جعل العديد من النبلاء في اضطراب.
«بابا.»
لوّح الطفل بين ذراعيّ مربّيته لأبيه.
ربتت تينيري على خدّ الطفل.
«قل ‘سأعود’ لأبيكَ.»
«……»
«’سأعود’. هم؟»
«ساود…»
فتح جوشوا شفتيه الصغيرتين كطائر صغير وحاكى كلمات أمّه.
رغم أنّ ما خرج كان بعيدًا عن شيء مثل ‘سأعود’، مع معنى غير واضح إلى حدّ ما، إلّا أنّهما كوالدين أرادا الإصرار على أنّه قريب بما يكفي.
نظر ليونارد إلى الطفل بتعبير مسرور على وجهه، ثمّ استدار نحو تينيري.
«سأرسل طلب الزواج خلال بضعة أيّام.»
«أنا بخير مع ذلك، لكن قد يكون هناك الكثير من الكلام… هل أنتَ متأكّد أنّكَ بخير مع ذلك؟»
يوم أو نحو ذلك كان مرونة معقولة بما أنّ الطفل لا يمكن فصله عن أمّه، لكن بضعة أيّام خارج القصر ستثير بالتأكيد اعتراضات. خاصّة إن كانت لفترة طويلة.
«لا تقلقي بشأن ذلك، أنتِ وجوش يمكنكما الراحة والاسترخاء.»
ابتسم ليونارد.
قد يكون هناك بعض غير الراضين، لكن على الأقلّ الذين انحازوا إلى دوق سالفاتور لن يجرؤوا على التحدّث ضده.
يجب أن يدركوا أنّ لا خير يأتي من معارضته الآن.
«ذكرتُ أنّني سأعود…»
كانت تينيري على وشك قول شيء ما لكنّها تذكّرت أنّها طلبت من الطفل قول الوداع فسكتت.
ضحك ليونارد ضحكة صغيرة وانحنى ليقبّلها بلطف على خدّها.
التعليقات لهذا الفصل " 121"