كان أقلّ ما يستطيع فعله لأمّه أن يتظاهر أنّ شيئًا لم يحدث.
«إذا كان أبي، كما تقولين، قد اعترف بي كوليّ عهد حتّى بعد أن علم، فسيُتجنَّب الأسوأ إن ساءت الأمور. لكن إن اعترف دوق ولو بأضعف احتمال أنّه والدي، فستكون مطالبات التّعويض كبيرة جدًّا.»
حتّى هاينريش، الّذي أُشيد به لإعادة بناء الإمبراطوريّة، لم يستطع التّخلّص من وصمة قتل والديه مباشرة.
قتل الوالدين كان محرّمًا، وعادةً حتّى للجرائم الكبرى لا يُعاقب المرء إلّا بالنّفي.
علاوة على ذلك، كان النّبلاء الّذين تمتّعوا بسلطة كبيرة في ظلّ ضعف السّلطة الإمبراطوريّة في عهد الإمبراطور إدوين حريصين على استعادة ما فقدوه على يد هاينريش.
ربّما سيحاولون جعل دوق سالفاتور والد الإمبراطور بطريقة ما، مستخدمين النّسب كذريعة، وبهذا يمارسون نفوذًا على العائلة الإمبراطوريّة.
«قبل الهجوم الثّاني، كانت الخطّة اغتياله لإسكاته، لكن إن بدأ يُعامل كأبي، فحتّى ذلك سيصبح معقّدًا بعض الشّيء.»
في هذه الحالة، كان من الضّروري أوّلًا تقسيم الفصائل النّبيلة المتّحدة.
من بينهم يمكن استمالته نحو صفّهم؟
الّذين لم يحصلوا على كثير من التّفضيل داخل الفصائل النّبيلة. أو الّذين يملكون نفوذًا مفرطًا.
«جلالتك، لقد فكّرتُ أنا أيضًا في هذا الجزء…»
تكلّمت تينيري بحذر. توقّف ليونارد عن التّفكير ونظر إليها.
«حتّى لو كان دوق فعلًا عشيق الإمبراطورة، أليس من الممكن ألّا يكون والدكَ على الإطلاق؟»
تردّدت تينيري، كأنّها تريد إضافة شيء، لكنّها لم تستطع الكلام.
انتظر ليونارد بصبر أن تتكلّم. بعد صمت طويل، تكلّمت أخيرًا.
«إذًا، بشأن قدرة دوق على الإنجاب… إن كان هناك أيّ خلل…»
سألت تينيري بحذر. نظر ليونارد إليها مباشرة قبل أن يخفض صوته قليلًا.
«…بالضّبط ما تفكّرين فيه.»
«آه. ذلك…»
غطّت تينيري فمها بتنهيدة خافتة. بدا ليونارد متفاجئًا قليلًا من الرّد غير المتوقّع.
«ألم تكوني تقترحين جعله عاجزًا؟»
«كنتُ أعني شيئًا من هذا القبيل، لكن… لم أقصد جسديًّا.»
«…»
«وعلاوة على ذلك، جلالتك، ما قلته للتوّ يترك أدلّة بطرق كثيرة… لا يبدو الطّريقة الأفضل.»
أومأ ليونارد، غير معارض لكلام تينيري.
لم يعتبرها الطّريقة الأفضل، لكنّها لم تكن مستحيلة تمامًا.
ورغم ذلك، سيكون كاذبًا لو قال إنّه لم يُغرَ.
«…إذًا، ماذا تقترحين؟»
صفّى ليونارد حنجرته بهدوء وسأل. بدأت تينيري، لا تزال محرجة، تتكلّم.
«حسنًا، في الحقيقة، حين كنتُ في الشّمال، رأيتُ نباتًا غريبًا نوعًا ما. كان عشبًا أبيض يشبه العشب…»
بدأت تينيري تتحدّث عن العشب الّذي جعل رجال القرية يرتجفون في الشّمال.
كانت لا تزال بنبرة حذرة، لكن مع استمرار كلامها، ازداد وجه ليونارد حيرة.
«تقولين إنّ لمس هذا العشب يجعل المرء عقيمًا؟»
«لا، لا. لمسه لا يجعله عقيمًا، لكن سمعتُ أنّ أكله يفعل. لا بدّ أنّ له تأثيرًا ما، لأنّ رجال القرية لم يكونوا يريدون لمسه.»
«…»
«…إذًا، ماذا لو أطعمنا ذلك للدوق… واقترحنا اختبار عقم عامّ؟»
على عكس النّساء اللواتي يمكن ببساطة قياس نبضهنّ لتحديد العقم، كان اختبار خصوبة الرّجال يتضمّن إسقاط كواشف في سوائل الجسم المجموعة بحقنة ومراقبة التّفاعل.
كان مؤلمًا جدًّا، وبعض الرّجال يعتبرونه إهانة، لذا كان طريقة نادرًا ما تُستخدم.
«ربّما مجرّد طلب مثل هذا الاختبار يمكن أن يضغط على دوق والنّبلاء إلى حدّ ما. قد لا يرفضون خوفًا من أن يبدون غير كافين، وبما أنّ اختبار الكواشف يظهر نتائج فوريّة، فإن أُعلن عقيمًا في الحال، سيصبح موضوعًا كبيرًا.»
علاوة على ذلك، سيجعل تشخيص عقم علنيّ دوق يبدو سخيفًا جدًّا.
بينما لن ينقص الشّكّ في تدخّل الإمبراطور من وراء الكواليس، فإنّ قصّة أنّ الرّجل الّذي ادّعى أنّه والد الإمبراطور كان عقيمًا في الواقع ستُدفن بسرعة.
لكن ليونارد لم يومئ بسهولة لكلامها.
«لكن، يا تينيري، كما تعلمين… السيّدة سالفاتور أصغر منّي.»
«…آه.»
أطلقت تينيري تنهيدة قصيرة عند كلام ليونارد.
كما قال، ألينا أصغر من ليونارد، لذا إن كان دوق عقيمًا، لن يستطيعوا تفسير وجود ابنة دوق المولودة بعد ليونارد.
«علاوة على ذلك، دوق يشبه ابنته كثيرًا، فقد يرتدّ الأمر.»
«صحيح. لم أفكّر إلى هذا الحدّ…»
عبست تينيري محرجة.
«…أعتذر لتكلّمي خارج السّياق.»
«لا، إنّه اقتراح أكثر عمليّة بكثير من قطعه.»
ضحكت تينيري بخفّة عند المزحة. لكنّها لم تستطع إخفاء تعبيرها القلق.
قلّب ليونارد الدّفتر وتكلّم.
«…لم أكن أحبّ أبي كثيرًا.»
«…»
«كنتُ أعلم ما كان أبي يحذر منه، لكنّني دائمًا ظننتُ أنّه مبالغة. لم أظنّها ضروريّة يومًا، حتّى لو كانت من أجل الإمبراطوريّة. ما الفائدة إن لم يعتنِ بمن هي الأقرب إليه؟»
أوّل فكرة جاءت في باله حين فكّر أنّه قد لا يكون من دم والده لم تكن حقدًا على أمّه.
جزء من إحراج زواجه تقريبًا من أخته غير الشّقيقة كان شعورًا مبهمًا بالابتهاج.
ربّما وجوده نفسه كان شكلًا من أشكال الانتقام من والده.
إن كان هو، الّذي كان يجب أن يكون من نسل إمبراطوريّ، دمه ممزوجًا بدم آخر، ربّما كان عقابًا لخطايا والده.
«لم أعتبر دوق أبًا تمامًا يومًا، لكنّه خفّف من وحدة أمّي لفترة، فلم أكرهه تمامًا. اعترف لاحقًا أنّه أخذ الدّواء الخطأ بالخطأ بسبب صيدليّ.»
«…»
«علاوة على ذلك، كان الدّوق هادئًا جدًّا منذ اختفاء السيّدة ألينا، فظننتُ أنّه مجرّد خطأ… حتّى بدأ يذكر مسألة خلافتكَ للنّبلاء بعد وفاة أمّي.»
كانت قصّة لم تسمعها تينيري من قبل.
كلّ ما كانت تعلمه أنّ دوق سالفاتور كان يشكّ فيها حين أثار الموضوع أوّل مرّة.
التعليقات لهذا الفصل " 100"