### الفصل 75
“…أعرف.”
لذلك كبح كل تلك المشاعر. كان يكاد يتماسك أمام التناقضات التي تتصارع داخله.
“أعرف أنني أتحدث بكلام لا معنى له.”
كانت المشاعر المتناقضة تثور بين الحين والآخر. كاترينا، ليون، ليديا، إستوبان.
تلك الأسماء التي تستمر في إرباك قلبه كانت تحثه على اتخاذ خيار.
كأن عليه التخلي عن أحدهم لا محالة.
إذًا، هل قراره بأخذ ليديا معه يعني أنه اختار كاترينا؟
هل اختار مستقبل ليون؟
“إليان، أعرف أنكَ قلق عليّ.”
نظرت ليديا طويلاً إلى وجه إليان الممزوج بمشاعر معقدة.
لولا تنبيه هيلدين، ربما كانت قد أثارت المزيد من الخلاف مع إليان هنا.
‘يقول إنه يهتم بي لهذه الدرجة…’
حتى لو كانت طريقته تختلف عن ما تفكر به، فهذه كانت الحقيقة على أي حال.
لم يكن هناك من يهتم بها مثل إليان إستوبان. كان يهتم بها أكثر مما تهتم هي بنفسها.
“لكن، كما قلتُ لكَ من قبل، يبدو أنكَ نسيت ذلك مجددًا.”
إذا بدا أنه نسي، فما عليها سوى تذكيره.
“أنا أيضًا قلقة عليكَ بنفس القدر. عليكَ وعلى عائلتكَ.”
لم تفهم لماذا يصدّ كلامها كما لو كان درعًا يحميه.
لم يكن هذا ما تعنيه بكلامها.
“لذا، أقول إننا يجب أن نحل الأمر معًا. لا داعي أن نكون منفصلين، أنتَ وأنا.”
من بعض النواحي، كانت المسألة بسيطة.
ألم يقل إليان نفسه إن عليها أن تثق بقدراته وقدراتها؟
قد يكون الأمر صعبًا عليها لوحدها.
لكن أليس من الواضح أنهما معًا؟ منذ زمن طويل، حتى قبل أن يعقد إليان صفقته مع التنين، كانا دائمًا كذلك.
كانا يبحثان عن حلول لنفس المشكلات معًا.
“أنتَ تحتاجني، وأنا أحتاجكَ. هكذا نحن، أليس كذلك؟”
لم تكن تنوي الخوض في موضوع ثقيل كهذا مباشرة.
لكن بدا أن إليان يفكر في شيء خاطئ. لم تستطع إلا أن تصحح له.
“على الأقل، هكذا أرى الأمر.”
لم يأتِ رد من إليان.
لكنها علمت أنه يستمع. مدّت ليديا يدها نحوه.
متى كانت آخر مرة وضعت يدها فوق يده هكذا؟
ربما كانت هذه المرة الأولى منذ أن لم تعد هناك حاجة لذلك.
“أنا آسفة لأنني أجعلكَ قلقًا باستمرار… أعرف أن القول إنني لم أستطع تجنب ذلك مجرد عذر.”
لم تستطع أن تؤكد أن مثل هذه الأمور لن تحدث مجددًا.
ومع ذلك، لم تستطع أن تقول له، الذي كان يركز كل اهتمامه على القلق عليها، إن هذه “طريقتها” فقط.
أليس هذا نقصًا في الإنسانية؟
من بعض النواحي، لم تكن طريقتها مثالية تمامًا.
بينما لديها شخص يمكنها مناقشته، أن تتصرف بتهور كما لو كانت وحيدة—ألا يجب أن تتوقف عن ذلك أولاً؟
“أتمنى لو لم تفعلي ذلك.”
خرجت أعمق مشاعر إليان من قلبه.
“لكن هذا سيكون صعبًا، أليس كذلك؟”
كان استنتاجًا توصل إليه قبل أن تجيب ليديا.
ابتسمت ليديا ابتسامة تعبر عن عجزها.
“إذًا، من أجلي على الأقل…”
لم يكن متأكدًا إن كان من الصواب وضع هذا الافتراض. “من أجله”؟
“امنحيني وقتًا لأستعد نفسيًا.”
كان يعلم أنه لا يستطيع إيقافها. ومن حيث النتائج، كان يعرف أن عدم إيقافها كان للأفضل.
لم تكن اختيارات ليديا وقراراتها خاطئة تمامًا يومًا. فقط كانت تزعج قلب إليان بشدة.
“يبدو أن هذا قد يكون تسوية مقبولة.”
تذكرت ليديا حادثة سقوطها في البحيرة.
ربما، أحيانًا، قد تكون هناك لحظات صعبة.
“…سأحاول.”
“هذا ليس كافيًا.”
أمسك إليان يد ليديا بقوة أكبر. انتشر دفء لطيف من اليدين المتماسكتين.
“هناك مواقف لا مفر منها، أليس كذلك؟”
“لا تتصرفي بمفردكِ في كل تلك المواقف.”
“أنتَ تعلم أن هذه مغالطة أيضًا، أليس كذلك؟”
مالت رأس ليديا. تساقط شعرها المبعثر، مما أربك نظر إليان.
“…إذا كان من الصعب تحذيري مسبقًا، فتراجعي خطوة واحدة على الأقل.”
“ومن سيتعامل مع المشكلة العاجلة؟”
“أنا، الذي سأصل إلى هناك بسرعة.”
كانت هذه القوة التي يمسكها بيده لذلك الغرض. كما لو كان يستجيب لإرادته، شعر إليان برعشة خفيفة من سيفه.
صعدت يد إليان على ذراع ليديا. كانت نعومة هشة تتناقض مع المرأة القوية التي أمامه.
“إذا لم تأتِ فورًا، سأحلها بنفسي.”
مالت ليديا للأمام بشكل طبيعي. تقلصت المسافة بينهما.
“لن أترك ذلك يحدث.”
كانت المسافة قريبة لدرجة أن أنفاسهما تكاد تتلاقى. امتلأت رؤيته بعينيها البنفسجيتين اللتين تأسرنه دائمًا.
رفع إليان رأس ليديا بيد، بينما كانت يده الأخرى تلف خصرها بالفعل.
“…هذا غير عادل. بهذه الطريقة…”
كان إليان على وشك أن يضغط بشفتيه على شفتيها، غير مبالٍ بشكواها، عندما—
طُق طُق—
“سيدي، قائد الفرسان يطلبكَ.”
تسلل صوت خافت عبر شق الباب.
تباعدت المسافة التي كانت على وشك أن تتلاشى بينهما في لحظة.
كانت ليديا أول من ضحك. نقرت على فم إليان بشكلٍ مرح.
“لأنكَ حاولتَ إنهاء الحديث بطريقة غير عادلة حتى لا أستطيع قول المزيد، انتهى الأمر هكذا.”
“العالم غير عادل بطبيعته.”
تظاهر إليان بأنه يعض أصابع ليديا برفق. تفاجأت ليديا برد فعله المفاجئ وتجمدت للحظة.
نهض إليان من مكانه وسرق قبلة منها في النهاية.
“التصرف بسرعة مهم أحيانًا.”
لم تتمكن ليديا من الرد على الإحساس الذي مرّ بشفتيها للتو.
حتى عندما رفعت يدها لتلمس شفتيها مجددًا، لم تصدق ما حدث. احمرّ وجهها بعد ذلك.
رأت إليان يضحك بصمت.
“أنتَ حقًا غير عادل…”
لكنه كان قد اقترب من الباب بخطوات واسعة وفتحه دون تردد.
“هل يحتاجونني الآن؟”
“نعم. يبدو أن هناك شيئًا يريدون منكَ التحقق منه بسرعة.”
دفنت ليديا وجهها بين يديها، غير قادرة على مواجهة الخادمة المجهولة.
حتى مع محاولتها للهدوء، كلما تذكرت، شعرت أن وجهها يزداد احمرارًا.
“سيدتي… هل أنتِ مريضة؟ هل أذهب لـ…”
“سأخرج أنا أيضًا.”
لم تكن لتُعامل كمريضة. نهضت ليديا بسرعة وهي تهوّي وجهها بيدها.
“أريد التحقق من القافلة بنفسي مسبقًا.”
“…حسنًا.”
كان هناك نبرة خفيفة من الضحك في صوت إليان، أو هكذا بدا.
تجاهلت ليديا ذلك. لو التقت عيناه، لكان وجهها الذي بدأ يهدأ قد احمرّ مجددًا بلا شك.
* * *
استعادت ليديا رباطة جأشها بسرعة بعد خروجها.
أعادتها رؤية عربات القافلة إلى الواقع.
“سيدتي، إلى أين تتجهين؟”
“أريد التحقق من العربات.”
لم تقل “أتجول” أو “أتفرج”، بل “أتحقق”.
يبدو أن هيلدين لاحظ اختيارها للكلمة.
“هل يبدو أن هناك مشكلة؟”
“لا، لا أرى أي علامات على ذلك. لكن، للاحتياط فقط.”
نظرت ليديا حولها في الأرض المفتوحة حيث كان الناس يتحركون بنشاط.
‘حتى لو لم أقل ذلك.’
كانت متأكدة أن هيلدين سيتبعها بالتأكيد. لذا، كان عليه أن يعرف أيضًا، بما أنه سيكون قريبًا منها.
“إذا رأيتَ هذا الخاتم يضيء، فهذا ليس علامة جيدة، فكن حذرًا.”
“سأزيد من الحذر حولنا.”
مشيت ليديا ببطء كما لو كانت في نزهة. مرّت يدها التي ترتدي الخاتم قرب العربات دون أن يلاحظ أحد.
كان الخاتم هادئًا كما لو كان يقول إنه لا شيء جديد.
تنفست ليديا الصعداء. لحسن الحظ، لم يكن هناك ما يستدعي القلق من البداية.
لم تكن تعتقد حقًا أن السحرة قد أخفوا شيئًا هنا.
لكن كان ذلك كافيًا لتهدئة قلبها الذي يقلق بسهولة.
“هل هناك أي مشكلة؟”
في تلك اللحظة، جاء صوت واضح من خلفهما. التفتت ليديا ورأت تلك المرأة ذات الشعر القصير مجددًا.
من قرب، بدت أصغر سنًا.
“لا، لا مشكلة على الإطلاق.”
كانت نظرتها متيقظة. وكان ذلك متوقعًا. في النهاية، أليس هذا جزءًا من أصول القافلة الثمينة؟
بالطبع، سواء كان الأمر كذلك أم لا، لاحظت ليديا توتر هيلدين. لم يكن هناك داعٍ للتصرف بتهديد مع شخص ستستمر في رؤيته لفترة.
“سير هيلدين، لا بأس.”
جمعت ليديا يديها أمامها عمدًا. مالت رأسها قليلاً، فتراجع هيلدين خطوة إلى الخلف مجددًا.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 75"