### الفصل 72 

 

مرت الأيام التالية بهدوء دون أي أحداث تُذكر.

 

“يبدو أن القلادة التي أعطيتها إياه فعالة.”

 

قالت ليديا فجأة وهي تقف عند النافذة، تراقب ليون وهو يحمل سيفًا خشبيًا ويتدرب مع الفرسان.

 

كان من الواضح أن ليون استعاد الكثير من نشاطه.

 

“يبدو ذلك.”

 

“ما الذي يشغل بالك؟”

 

عندما جاءها رد متشتت، ابتعدت ليديا عن النافذة وتوجهت نحو إليان.

 

كانا يناقشان حاليًا ما يجب فعله بشأن جزر ليسكال.

 

في الحقيقة، كان ما يحدث هناك غامضًا تمامًا، لذا كان الأمر أقرب إلى سلسلة من التخمينات بدلاً من وضع خطة فعلية.

 

“…في النهاية، أعتقد أن علينا التحرك.”

 

كان الاستنتاج النهائي واحدًا.

 

كان عليهما التوجه مباشرة إلى جزر ليسكال.

 

“هؤلاء البشر المتزمتون يقولون إن علينا انتظار أوامر الملك. لكن من يدري ما الذي قد يحدث بحلول ذلك الوقت.”

 

حتى لو كان الرسول سريعًا، فإن العودة ستستغرق وقتًا طويلاً على أي حال.

 

فرك إليان وجهه وتنهد، وظهرت عيناه الزرقاوان تلمعان خلال ذلك.

 

“علينا الذهاب والتأكد بأنفسنا. ثم إما أن نخرج أختي من هناك، أو نحل المشكلة، أو -باحتمال ضئيل- نجد أن الأمر قد حُل بالفعل.”

 

“هل وجدتَ طريقة للدخول؟”

 

كان ذلك ما شغل تفكير ليديا منذ أيام. كما تقول دائمًا عن السحر بعادتها.

 

كانت هناك أشياء لا يمكن حلها إلا برؤيتها بعينيها.

 

“هناك طريقة. لكنها تسمح فقط بدخول عدد قليل جدًا، وليس فرقة كبيرة.”

 

“إذًا، يجب أن نذهب بفريق صغير من النخبة.”

 

كما قال، كان الحل الوحيد.

 

لكن تعبير إليان كان واضحًا أنه غير متحمس.

 

أدركت ليديا فورًا من تعبيره ما الذي يتردد في قوله.

 

“أنتَ تعلم أن عليّ الذهاب، أليس كذلك؟ كيف ستفعلها بدوني؟”

 

[صحيح. هذه الفتاة تتدرب مؤخرًا على استخدام هذا الخاتم أيضًا.] 

 

رفعت ليديا كتفيها عندما شعرت بنظرات إليان.

 

كان الخاتم الذي تتحسسه بعادة يضيء بلطف ثم يعود إلى حالته الطبيعية بسرعة.

 

“بفضل مساعدة سيفكَ، تمكنتُ من فهم مبدأ استخدامه.”

 

“متى بالضبط؟”

 

“عندما كنتَ مشغولاً بحضور تلك المناوشات العقيمة تحت اسم اجتماعات التخطيط؟”

 

تنهد إليان مجددًا واستقر أعمق في كرسيه.

 

كانت تلك هي المشكلة الأساسية. إذا كان الذهاب سيقتصر على عدد قليل، فمن المنطقي أن تكون ليديا ضمنهم.

 

قدراتها كانت كذلك، وفي الوضع الحالي، لم يكن هناك ما يُضاهي بصيرتها.

 

كالعادة، كان ذلك منطقيًا.

 

“…ألا تفكرين في البقاء هنا مع ليون؟”

 

“لماذا أنا؟”

 

كانت مشاعر إليان تتغلب على منطقها. أراد أن يضع من يعتز بهم في أكثر مكان آمن ممكن.

 

وليس أن يأخذهم معه في رحلة مجهولة المخاطر.

 

“لا داعي للتفكير في البقاء دون مناقشة مسبقة. يمكننا التفكير في الذهاب بحذر أكبر.”

 

“لقد فكرتُ بحذر. خلال الأيام القليلة الماضية، لم نتحدث عن موضوع آخر، أليس كذلك؟”

 

لماذا يتصرف هكذا الآن، فجأة؟

 

[إذا لم تأخذ ليديا معكَ، ستواجه الكثير من المتاعب، مهما كان الأمر.] 

 

لم يتأثر إليان بتعليق التنين الممزوج بالتذمر.

 

“لهذا عقدتُ صفقة معكَ، أليس كذلك؟ قلتَ إنكَ كنتَ قادرًا على إزالة ذلك ‘المرض’ الغامض الذي أصاب ليون بقوتكَ.”

 

[قلتُ ‘كنتُ قادرًا’، لم أقل إنه كان سهلاً. توقف عن العناد.] 

 

استمعت ليديا إلى حديثهما بهدوء ثم تدخلت أخيرًا. كان واضحًا أن إليان يعاني من سوء فهم كبير.

 

“لستُ أعتقد أنني يجب أن أذهب لأنني أريد مساعدة كل الناس في العالم.”

 

كانت ليديا تعرف حدودها. لم تكن خالية من الخوف.

 

لو كان هذا يتعلق بغرباء، لكانت ترددت بالتأكيد في الذهاب إلى الموقع وربما اكتفت بتقديم النصيحة.

 

لكن اتخاذ القرار والمطالبة بالذهاب لم يكن صعبًا. كان ذلك لسبب مختلف تمامًا.

 

“لأنهم عائلتكَ.”

 

“…ماذا؟”

 

“أختكَ، وابن أختكَ. لهذا أنا هكذا.”

 

كان هو من طلب منها البقاء بجانبه. لكن يبدو أن إليان نسي ذلك منذ وصول ليون.

 

كانت ليديا تجيب على ذلك.

 

“بسببكَ، أشعر برغبة في مواجهة هذه الصعوبات معًا.”

 

إذا لم يفهم جيدًا، كان عليها التأكيد مرة أخرى.

 

كانت تعلم أنه لن يتركها تتأذى. وبالتالي، تمنت ألا يتأذى هو أيضًا.

 

ظنت أنهما يتشاركان هذه الثقة القوية.

 

لكن مشاعره بدت أحادية الجانب بطريقة ما.

 

“تركي خلفكَ هو مجرد اختياركَ لراحتكَ.”

 

أليس نحن “نحن”؟ لسنا أنتَ وأنا فقط.

 

“في النهاية، إذا كنتَ تريد فعل ما يحلو لكَ، فهل كان لمناقشاتنا معًا أي معنى؟”

 

غرقت عينا ليديا الهادئتان في سكون وهي تتحدث بهدوء.

 

لم تقل المزيد وغادرت المكان.

 

[إنها قوية بما فيه الكفاية.] 

 

بعد خروج ليديا، وقبل أن يستقر الصمت مجددًا، ظهر صوت مفاجئ.

 

“أعلم ذلك.” 

 

[تعلم ومع ذلك تُضيع جهدكَ؟] 

 

كان ما يعرفه دائمًا يتعارض مع قلبه. لم يعد يريد تعريضها للخطر، ولو استطاع، لتركها في مكان آمن.

 

على الرغم من علمه أن ليديا ليست الشخص الذي سيوافق على ذلك أبدًا.

 

كان يعلم أن رغبته في وضع ليديا حيث يريد هي أنانيته المحضة.

 

ومع ذلك.

 

لم يكن التخلي عن أنانيته بسهولة.

 

* * *

 

اختارت ليديا ركوب الخيل لتحسين مزاجها. منذ أن قررت أنه يجب الذهاب إلى جزر ليسكال، كانت تتدرب بتركيز كلما سنحت الفرصة.

 

“أنتِ تجيدين ركوب الخيل حقًا.”

 

اقترب شخص ما وهي تربت على ظهر الحصان بلطف وتقوده ببطء.

 

كان هيلدين، الذي تولى حمايتها بشكل كامل مؤخرًا.

 

“اضطررتُ لتعلمه من أجل البقاء. إنها طريقة فعالة لتحسين المهارة. أنصحكَ بها أيضًا.”

 

“هل كان عليكِ ركوب الخيل في موقف لا مفر منه؟”

 

“شيء من هذا القبيل. لنقل إنه كان أسوأ.”

 

كان من الطبيعي أن يتلاشى خوف أي شخص من الخيل بعد تجربة ترويض حصان جامح دون سرج.

 

كان ذلك مرتبطًا بمهمة سابقة، لكن ليديا لم تشرح أكثر.

 

“أكثر من مجرد اعتيادكِ على الركوب، يبدو أنكِ تتعاملين مع الحصان وتتواصلين معه جيدًا.”

 

“إنه وقت مفيد لاكتشاف موهبة لم أكن أعرفها طوال حياتي.”

 

في الحقيقة، كان ذلك بفضل قوة الخاتم.

 

قال سولايا إن الحيوانات أكثر حساسية لتدفق السحر من البشر.

 

لذا، من خلال القوة التي ينقلها الخاتم، تتشكل رابطة تؤدي إلى توافق عاطفي.

 

بفضل ذلك، كان لدى ليديا ميزة التواصل مع الخيل بسهولة أكبر من الآخرين.

 

“لنذهب إلى هناك.”

 

في الوقت نفسه، استجاب الحصان قبل أن تسحب ليديا اللجام أو تعدل جلستها.

 

“لا يبدو أنها هواية جديدة اكتسبتها فجأة…”

 

تبعها هيلدين بسرعة، على عكس توقعها أنه سيتأخر.

 

استشفت ليديا الفضول من تردده في الحديث.

 

“إذا سألتني إن كنا سنذهب إلى جزر ليسكال، فهذا هو الخيار الوحيد.”

 

“كلاكما معًا؟”

 

أغلقت ليديا فمها بإحكام عند سؤاله الجانبي.

 

“يبدو…”

 

أن الاتفاق لم يُحسم بشأن هذا بعد.

 

كانت الأحداث المتتالية كافية لهيلدين لفهم علاقة ليديا وإليان.

 

كانت علاقتهما مختلفة تمامًا عن زوجين عاديين من الماركيز. لذا، حتى لو لم يرد المراقبة، لم يكن أمامه خيار.

 

‘يبدوان غير مدركين لذلك…’

 

كانا يكملان بعضهما.

 

كانت الثقة التي تشكلت، ولو دون وعي، مذهلة.

 

لم يكن اهتمام إليان الدائم بليديا وتفقدها مجرد قلق على حالتها فقط.

 

 

 

<“ما رأيكِ؟”> 

 

<“من وجهة نظري، هذا…”> 

 

لم يرَ هيلدين أحدًا من عائلة إستوبان يعتمد على رأي شخص آخر بهذا الشكل من قبل.

 

كان قد نشأ في أراضي إستوبان منذ طفولته ورأى حتى الماركيز السابق.

 

كانت قرارات إستوبان دائمًا منفردة. كان هذا جزءًا من طباعهم.

 

<“أنا ضد ذلك.”> 

 

كان ليديا الشخص الوحيد الذي يمكنه تقديم رأي صلب دون أن يخضع.

 

<“أحيانًا، يبدو أنكِ تعارضين نصف آرائي.”> 

 

<“لأنني أعرف هذا الأمر أفضل منكَ.”> 

 

هيلدين وكل من في المكان توقعوا أن ينزعج إليان من شخصية ليديا هذه.

 

<“على أي حال، لا تستسلمين لكلمة واحدة.”> 

 

كان هناك من ظنوا في البداية أن رده المتجهم يعني ذلك فقط.

 

—

 

المترجمة:«Яєяє✨»