7
“أريد أن أمنح ليديا لقب زوجة الماركيز بسرعة.”
شعرت ليديا كأنّ جلدها يقشعرّ كلّما تفوّه الماركيز بكلمات محرجة بهذا البرود.
عندما تذكّرت نبرته الباردة داخل العربة التي كأنّ ريحًا عاصفة تهبّ فيها، تساءلت كيف يستطيع تزييف هذا الحنان بهذه المهارة.
“سيّدي، مهما كان الأمر، هل يصحّ أن تُقام الزفاف هكذا؟ إن كان هناك أيّ تقصير ولو بسيط، ستشعر الآنسة ليديا بخيبة أمل.”
“أنا بخي…”
“استخدم المزيد من الأشخاص، اجمع المزيد من الأغراض، أو أنفق المزيد من المال. يجب أن يكون حفل الزفاف بحدّ ذاته فخمًا بأقصى درجة.”
كادت تقول إنّه بدلًا من رذاذ الذهب على الأرض، ليُتبرع به إلى مكان مفيد.
لكن ليديا صمتت تحت نظرة الماركيز المائلة التي تتطلّع إليها، مدركة أنّ هذا أيضًا “لعدم إثارة الشكوك”. كان هذا جوهر المسرحيّة التي وجدت نفسها في وسطها دون تخطيط.
لكنّها لم تستطع طرد فكرة أنّها انضمّت إلى مسرحيّة أكبر وأعظم ممّا توقّعت.
“أتمنّى ألّا يجرؤ أحد على التعليق على هذا الزواج.”
كان صوته المنخفض وهو يمسك خدّيها يحمل نظرة حنونة لدرجة قد تجعلها تظنّ أنّها صادقة.
بالطبع، كلّ ما أرادته ليديا هو أن يمرّ هذا الوقت بسرعة.
“… أنتَ تعلم أنّني لا أهتمّ بمثل هذه الأمور.”
لاحظ الماركيز إستوبان أنّها تشدّ أسنانها قليلًا، فظهرت ابتسامة صادقة عابرة على وجهه.
كأنّه سمع صرختها الصامتة التي تعلن أنّها تشعر بالضغط الشديد.
“ضعوا أغراض ليديا في غرفة الضيوف، وانصرفوا الآن. سأتولّى تعريفها بالقصر بنفسي.”
كان هذا أفضل خبر سمعته.
غادر الخادم، الذي لم يزل يبتسم كأنّه يحتفل بزواج حفيده، وهو يعطي تعليمات للخدم حوله، دون أن يمحو فرحه.
تنفّست ليديا الصعداء بمجرد أن اختفى الخادم من أمام عينيها.
“هل يجب أن نفعل كلّ هذا؟”
“لإدخال عاميّة كزوجة فجأة، أفضل طريقة هي كتابة قصّة حبّ عظيمة.”
وضع إليان يديه خلف ظهره، توقّف لحظة، ثمّ أضاف بسخرية خفيفة:
“وهذا يساعد أيضًا على التخلّص من الذباب المزعج بسهولة أكبر.”
“… الذباب؟”
“لماذا؟ ألم تذكريها من قبل؟ الأميرة الصغرى الطائشة من العائلة المالكة.”
ذهلت ليديا من موقف إليان الذي يصف أميرة البلاد بـ”الذباب” ويظهر امتعاضًا واضحًا.
“هل يجوز أن تتحدّث عن الأميرة هكذا؟”
“آه، في الحقيقة، وصفها بـ’العلقة’ قد يكون أدقّ.”
كان محتوى كلامه صادمًا مقارنة بنبرته المرحة. لكن إليان وقف دون أن يرى أيّ مشكلة في ذلك.
“… بصراحة، زواجنا هذا، أليس جزءًا منه لأنّكَ لا تريد الزواج من تلك الأميرة؟ وجدتني فرصة مناسبة فاستغللتني، أليس كذلك؟”
مالت رأسه إلى الأمام، وتحدّث بنبرة هادئة كأنّه يشرح حقيقة بديهيّة:
“ما دام الأمر قد وصل إلى هنا، ليس سيئًا أن أحلّ الأمرين معًا.”
شعرت أنّها وضعت قدمها في أمر أكثر تعقيدًا ممّا توقّعت. بدا أنّ حيرتها ظهرت، فأضاف إليان:
“لذا سألتكِ مرارًا عن طلباتكِ. اطلبي أيّ شيء يمكن لاسم إستوبان تحقيقه.”
“إذًا، كعربون ثقة، أعطني الخاتم أوّلًا.”
قبل أن يكمل كلامه، ألقت ليديا بطلبها، لكنّه رُفض فورًا كما توقّعت.
“هذا غير ممكن.”
“ألم تقل أنّ بإمكاني طلب أيّ شيء باسم إستوبان؟ أقسم أنّني لن أهرب بالخاتم.”
“وكيف أثق بذلك؟”
“لديّ ضمير، هل تعتقد أنّني سأتجاهل شخصًا يعاني من لعنة؟”
فضلًا عن أنّها لن تتحمّل أن تعيش كفارّة تحت غضب عائلة مثل إستوبان.
“منطقيًا، هذا مستحيل. لقد اتّفقنا على كتابة عقد، فإن هربتُ سأكون المخالفة للعقد.”
ما فائدة استعادة الخاتم إن لم تستطع العودة إلى متجرها واضطرّت للهروب من هذا الماركيز العنيد؟
“العالم واسع، والحيل كثيرة.”
“لا أعرف أيّ عالم تعيش فيه.”
“أضمن لكِ أنّه ليس رائعًا كما يبدو.”
ابتسم إليان ابتسامة مريرة، متفهمًا إلى حدّ ما شكواها الصادقة.
العالم الذي يعيش فيه لا يعتمد على السلوك العقلانيّ، بل على عقد متشابكة تضمن الثقة.
رفعت ليديا كتفيها بحماس لاستعادة الخاتم، لكنّها سرعان ما أرختهما وتنهّدت مستسلمة.
“… حتّى لو كان الأمر مؤقّتًا، أنا قلقة. أعرف القراءة والكتابة، لكن عندما أفكّر في الأمر، لا أعرف شيئًا عن آداب النبلاء.”
راقب إليان تغيّر مشاعرها بعناية، ثمّ أجاب ببطء:
“لا تقلقي. سأعيّن من يعلّمكِ. ومن يجرؤ على انتقادكِ بسبب الآداب، تجاهليه فقط. إن أراد أحد أن يخرج من نطاق رضاي، فليفعل.”
حتّى الملك لن يكون واثقًا هكذا. لكن هذا جعلها تشعر ببعض الطمأنينة.
كان ينفّذ فعلًا ما قال إنّه “سيتولّاه”، رغم أنّ لديها الكثير لتقوله عن أسلوبه الجريء.
“كلّما أظهرتُ أنّني أحميكِ وألبّي رغباتكِ وأنفق أموال عائلة الماركيز، كلّما أصبحت خدعتنا لإخفاء الصفقة بيننا أكثر إحكامًا، فكّري بهدوء.”
“لستُ مرتاحة أبدًا. لم آتِ لأهدر المال.”
قبل أن يصل الماركيز إلى متجرها، كانت تفكّر بجديّة في كيفيّة توفير ولو قطعة نقديّة واحدة، فلم تستطع السكوت عن هذا.
“إذًا، لنعدّلها إلى استثمار ضروريّ.”
أليس هذا نفس الشيء؟
لكن في النهاية، إذا أراد إهدار ماله، فما الذي ستفعله ليديا لتمنعه؟ لم تكن تنوي التدخّل في كيفيّة إنفاق الآخرين لهذه الدرجة.
كان ذلك لأنّها لم تدرك بعد مدى الثروة الهائلة التي تمتلكها عائلة إستوبان بالضبط.
في تلك اللحظة، ندمت ليديا قليلًا على تجاهلها تعريف “فخم” الذي يصف “حفل الزفاف” وعدم مناقشته بجديّة أكبر.
* * *
كان صباح اليوم التالي لإحضار ليديا.
كان إليان إستوبان يقف متّكئًا على الحائط، مكتّف الذراعين، يراقب ليديا من بعيد وهي جالسة وسط كومة كتب تحيط بها من كلّ جانب.
“… على أيّ حال، انها غريبة.”
تبدّدت تمتمته الخفيفة دون معنى.
كانت ليديا منغمسة في كتاب قديم يبدو أنّ صفحاته قد تتفتّت، مطأطئة رأسها بتركيز شديد، غير مدركة لوجوده.
كانت الكتب التي أمر بجلبها كثيرة بشكل لا يصدّق، لدرجة أنّ المرء يتساءل كيف احتوتها عائلتها القديمة.
<منذ الصباح، ظلّت في غرفتها هكذا. طلبت عدم الدخول عليها، وبدا أنّ الأمر مهمّ، فلم أجرؤ على مقاطعتها، ربّما سيّدي…>
<سأذهب بنفسي لأرى ذلك.>
كان إليان قد عاد لتوّه من القصر الملكيّ بعد إبلاغ الملك بزواجه.
بالأحرى، كان قد أوقف محاولة الملك لإثارة موضوع زواجه من الأميرة مجدّدًا بعد انتهاء الاجتماع الصباحيّ.
<ستتزوّج؟ أنتَ، الماركيز؟ من هي؟>
<عاميّة.>
كان بإمكانه تخيّل الفوضى التي أعقبت مغادرته الاجتماع بعد هذه الكلمة الوحيدة،
لكن لا أحد، حتّى الملك، يستطيع التدخّل في قراره الحاسم.
كلّ عائلات النبلاء في العالم إمّا مدينة لإستوبان أو ستكون كذلك.
والعائلة المالكة ليست استثناءً، فإن لم يرغبوا في ربط أحزمتهم أكثر أمام خزينة تتقلّص، فعليهم السكوت.
“يبدو أنّكِ مشغولة جدًا.”
تحدّث إليان إلى ليديا، التي لم تتناول حتّى الغداء ولم تتحرّك، واقترب منها متجنّبًا أكوام الكتب العالية.
“سيدي الماركيز؟ هل عدتَ بالفعل؟”
“يبدو أنّني لستُ مرحّبًا بي. هل أخرج مجدّدًا؟”
كان يقول ذلك دون جديّة.
كانت يده المغطاة بالقفاز تتوق إلى خلعه والإمساك بيد ليديا، متوقعًا أن يزول الألم المستمرّ بمجرّد ذلك.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 7"