استيقظت ليديا فجأة على لمسة تُداعب وجهها. كانت أطراف الأصابع التي تمرّر على جبهتها بلطف تنزلق عبر خدّها حتّى تصل إلى أذنها.
على الرّغم من عدم وجود شيء يعيقها، توقّفت اليد عند أذنها للحظات كأنّها تحاول تمرير شعرها خلفها، ثمّ ابتعدت، وكرّرت ذلك مرّة أخرى. كان من الصّعب فتح عينيها بسهولة مع هذا الإحساس الدّافئ.
خشيت أن تتلاشى هذه الرّقة التي شعرت بها في حلمها كوهم عندما تستيقظ، فأرادت أن تستمتع بهذا الدّفء وتعود للنّوم كما هي.
“أمم…”
في اللحظة التي مالت فيها بوجهها دون وعي نحو تلك اليد النّاعمة التي كادت تلمس خدّها مجدّدًا وهي تتقلب، سمعت صوتًا.
“استيقظتِ؟”
فتحت ليديا عينيها مع السّؤال الذي رافق انسحاب اليد. رمشَت عدّة مرّات لتوضّح رؤيتها الضّبابيّة، ثمّ نظرت للأعلى لترى إليان جالسًا على حافة السّرير ينظر إليها.
كانت السّماء خارج النّافذة ملوّنة بضوء الغروب. بدأ عقلها يعمل، وتذكّرت أخيرًا ما حدث قبل أن تنام.
‘كم مرّ من الوقت…’
انتبهت ليديا فجأة، ونسيت أن تدفن وجهها في الوسادة النّاعمة، وقفزت لتجلس.
“كم نمتُ؟ هل الوضع بخير؟ وماذا عن ليون؟ والسّير جيس؟”
“لم يمرّ سوى نصف يوم. الجميع بخير.”
أعاد إليان ليديا التي حاولت النهوض إلى الجلوس. شعرت ليديا بشيء غريب في هدوء إليان الذي بدا حتّى غير مبالٍ، فنظرت إليه بعناية.
“اشربي ماءً أوّلاً. يبدو أنّ حلقكِ جافّ.”
“ماذا؟ آه، نعم…”
أخذت ليديا الكوب الذي ملأه إليان بالماء من الطّاولة الصّغيرة ومدّه لها بنبرة هادئة، وشربت منه دون تفكير. لكنّها لم تستطع التّخلّص من شعورها الغامض.
ثمّ، في لحظة وضعها الكوب الذي أعادته إليه، لاحظت يده وأدركت شيئًا.
“أنت…”
كانت يد إليان اليسرى، التي لم يرتدِ عليها قفّازًا، سليمة تمامًا. نظيفة كأنّ شيئًا لم يحدث. أمسكت ليديا يده بسرعة وفحصتها مجدّدًا.
لم يكن هناك شيء فعلاً. لا أثر للّعنة. معصمه، وجلد ذراعه حتّى الكوع، كانا عاديّين مثل الجانب الآخر.
ترك إليان يده بين يديها بسهولة، ونظر إليها بهدوء وهي تتفقّدها.
“يدك… لماذا هي هكذا؟”
“ولماذا تظنّين؟”
ذُهلت ليديا من ردّ إليان الهادئ، الذي بدا حتّى متساهلاً. لقد اتّخذ قرارًا بمفرده بينما كانت نائمة. قرارًا بأخذ قوّة مجهولة هائلة مع ثمن غامض، ربّما أخطر من اللّعنة نفسها.
“قلتُ لكَ ألّا تتسرّع في مثل هذه الصّفقات. يجب أن تكون حذرًا في قرارك.”
لم تستطع ليديا إلّا أن ترفع صوتها وهي تستجوبه. كان ذلك طبيعيًا. الشّخص الذي طلب منها رفع اللّعنة قد مشى الآن نحو الخطر بنفسه.
“لأنّني فكّرتُ في كلّ شيء… كان هذا الخيار الوحيد.”
مرّر أصابعه على أطراف أصابعها واحدًا تلو الآخر، كأنّه يتذكّر كيف كانت سوداء قبل قليل، على الرّغم من أنّها سليمة الآن.
فقدت ليديا قوّتها في مواجهته فجأة. شعرت أنّ عجزها هو ما دفعه لاتّخاذ هذا القرار على عجل.
“يبدو أنّ حدود قدرتي ليست واسعة كما ظننت.”
“من الجيّد معرفة ذلك مسبقًا.”
تشقّق صوت إليان قليلاً أخيرًا، بعد أن حافظ على هدوئه وكأنّ شيئًا لم يكن.
أدركت ليديا الآن فقط كم يبدو متعبًا بشكل لا يُصدّق. هل أغمض عينيه ولو للحظة؟ بالتأكيد لا.
مدّت يدها دون وعي نحو عينيه، فأطلق تنهيدة طويلة وأمال رأسه ليستند إلى يدها. كشفت الخشونة التي شعرت بها عن الضّغط الهائل الذي يعانيه.
‘لكن… هناك شيء…’
كان هناك شيء غريب. كلّما لمسته أكثر، وطال الوقت، شعرت بوخز مألوف يصعد عبر يدها.
شعرت كأنّ راحة يدها التي تلمس خدّه توخزها دون ألم.
لم يكن سيّئًا أو مشؤومًا، لكنّه لم يكن مألوفًا تمامًا أيضًا، شعور فريد لم تستطع تعريفه بسهولة.
“لم يحدث شيء آخر؟ أيّ أعراض غريبة؟”
لم تستطع ليديا البقاء ساكنة، وبدأت تفحّصه بعناية. أنزلت يدها، ومالت إلى الأمام، ورفعت كمّه، متحرّكة كأنّها متأكّدة أنّ مشكلة أخرى قد ظهرت. تدلّى شعرها للأمام، يُداعب جلد إليان العاري.
لم يتحدّث إليان عن “الآثار الجانبيّة” لاستخدام هذه القوّة التي يسيطر عليها الآن، وغيّر مجرى الحديث.
“كان هناك مشكلة بالفعل.”
“ماذا؟”
“تعاملتُ مع قاتل آخر. جاء يبحث عنّا.”
“تعاملتَ مع واحد آخر؟”
اتّسعت عينا ليديا بدهشة، لكن ما تذكّره إليان عن الحادثة كان بسيطًا جدًا.
شعر بشيء مزعج في أطراف منطقته التي يراقبها، وعندما ذهب ليتفقّد، وجد شيئًا مشابهًا للأوّل، فقطعه بسيفه فاحترق فورًا دون أن يترك حتّى دخانًا أسود، تاركًا رمادًا فقط، مؤكّدًا قدرته على استخدام قوّة السّيف.
“يا إلهي… صحيح. طاقة النّار، نار التنّين تحرق كلّ شيء بسرعة…”
سمعت ليديا ذلك وغرقت في أفكارها بهدوء، ثمّ أمسكت يده اليسرى فجأة.
“قلتَ إنّ نقشًا ظهر هنا، على ظهر يدك، صحيح؟”
“نعم.”
عندما دلّكت ليديا ظهر يده بدقّة، بدأ النّقش يظهر مجدّدًا.
على عكس المرّة الأولى، لم يصحبه إحساس قويّ كأنّ النّار تنتشر في جسده، بل ظهر بضوء ذهبيّ غامق ممزوج بقليل من الأحمر.
كان يلمع كأنّه يرحّب بصديق، يُظهر وجوده فقط. ابتسمت ليديا عندما رأت خاتمها يومض معه.
“هذا… اسم. سول… لايا. يبدو أنّه اسم التنّين.”
شعر إليان بارتجاف خفيف من السّيف بجانبه، وأدرك أنّ ذلك تأكيد صامت.
ربّما تأثّر التنّين باستخدام إليان لقوّة السّيف، فبعد القضاء على القاتل، اختفى فجأة مدّعيًا الإرهاق، وظلّ صامتًا بعد ذلك.
“ما شعرتُ به من غرابة ربّما كان ردّ فعل هذه القوّة تجاهي.”
نظرت ليديا إلى ظهر يده مفتونة. كان النّقش الغامض الذي يظهر ويختفي جميلاً.
كأنّك تنظر إلى ضوء الشّمس المنعكس على الماء، لا تملّ من مشاهدته.
كان تدفّق القوّة الذي يتجمّع ويتفرّق مشابهًا لما شعرت به عبر الخاتم. شعورٌ كالفرح السّاطع.
“بعد حصولي على هذه القوّة، أستطيع فهمكِ.”
نظر إليها بعينين مليئتين بفهم عميق، وشعرت ليديا بصدق كلماته. كان أمامها شخص قد لا تلتقي بمثله مجدّدًا، يفهم أعمق رغباتها وآمالها.
خفضت ليديا صوتها تلقائيًا، وهمست:
“هناك جانب مخيف وجميل في قوّة السّحر، أليس كذلك؟”
التفت القوّة حولها كأنّها تغنّي عند أطراف أصابعها. كان شعورًا جديدًا عليها أن تشاهد قوّة عظيمة كهذه تتحرّك بحريّة.
نظر إليان إلى يديهما الممسكتين. الدّفء الذي ينتشر منهما إلى قلبه كان كالمعتاد، لا يتغيّر. حتّى أنّه لم يعد بحاجة للتأكّد من وجود اللّعنة في يده اليسرى.
آه، كلّ شيء كان ليديا بحدّ ذاتها.
شعر بأسف خفيف لأنّه لم يعد لديه عذر ليمسك يدها. على الرّغم من أنّها تهزّه بهذا الشّكل.
“ما بكَ؟ هل تحتاج شيئًا؟”
انتقلت نظرة ليديا، التي كانت غارقة في هذه اللحظة السّحريّة الشّبيهة بالحلم، إلى إليان الذي بدا عليه تعقيد في مشاعره، على عكسها.
أجابها إليان ببطء:
“أنا بحاجة إليكِ.”
بينما رمشَت ليديا دون أن تفهم كلامه بوضوح، مال إليان للأمام. وضع يده على خدّها، وقرّب وجهه أكثر، فتجمّدت ليديا.
كانا قريبين جدًا، لو تحرّكت قليلاً لتلمست شفتاهما.
لكن ليديا لم تستطع إبعاد عينيها عن عينيه الزّرقاوين اللتين تنظران إليها، ولم تفكّر حتّى في الهروب من هذه اللحظة.
لم تعرف كيف تتجاهل عينين تحملان عاطفة جيّاشة كهذه. بل ربّما لم ترغب في ذلك.
أرادت الآن أن تتقدّم. كما يريد قلبها النّابض بقوّة.
“كنتُ بحاجة إليكِ. دائمًا كذلك. دومًا.”
“آه…”
تحوّل ردّ ليديا، الذي كان يمكن أن يكون أيّ شيء، إلى تنهيدة فقط، حتّى هذه ابتلعها إليان عندما استولى على شفتيها بالكامل.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 65"