لم يكن لدى ليديا حلّ واضح في الحقيقة. لكن إذا كان هناك شيء تعلّمته من مواجهتها للعديد من الأحداث، فهو أنّ النّاس يأتون إليها يائسين أو متوسّلين، يرجون أن يكون لديها حلّ.
بعد أن جربوا كلّ شيء “منطقيّ”، جاؤوا إلى ليديا بفكرة أنّ عليهم فعل أيّ شيء. كآخر أمل لهم، كان عليها دائمًا أن تحقّق شيئًا ما.
“اهدئي، ليديا.”
أثناء تنفّسها بعمق وهي تتبع الفارس المسمّى هيلدين نزولاً على الدّرج بسرعة، أصبحت تنّورتها عائقًا يعترض طريقها.
“آه…”
“انتبهي.”
قبل أن تسقط للأمام وهي تتعثّر، أمسكتها يد قويّة. كان إليان، الذي لم تلاحظ أنّه يتبعها لأنّه كان هادئًا جدًا.
أنزل يده ونظر في عينيها، ثمّ قال بنبرة جديّة:
“قلتُ لكِ إنّه ليس خطأكِ.”
كان تصريحًا قد يبدو غامضًا، لكن ليديا فهمته على الفور.
‘موتهم ليس مسؤوليّتكِ.’
كان هذا ما قاله لها عندما سمعت أنّ كلّ من كانوا يحرسون ليون قد ماتوا، وهي في حالة يأس. لكن أن لا يكون خطأها لم يمنع قلبها من التّثاقل.
خاصّة أنّها هذه المرّة، على عكس الماضي، فكّرت أنّها ربّما كان بإمكانها منع ذلك، ممّا زاد الأمر سوءًا.
ليديا، لو كانت أكثر حذرًا. لو لم تكتفِ بارتداء هذا الخاتم فقط، بل حاولت فهم تحذيراته. لو بحثت عن ماهيّته وتعلّمت كيف تستخدم وظائفه بشكل صحيح.
تدفّقت أفكار لا حصر لها في ذهنها، متشابكة ومبعثرة.
استأنفت ليديا خطواتها المتوقّفة بسرعة وقالت:
“لو لم يُكلّفوا بحمايتي، لما كانوا واقفين هناك.”
زاد هذا الكلام من ثقل قلبها. كان شخص تحدّثت معه للحظات في خطر الموت.
“إذا فكّرنا هكذا، فهو خطأي لأنّني لم أضع حراسًا كافين عندما غادرت.”
“كيف يكون هذا خطأ الماركيز؟”
ها قد حدث مجدّدًا. شعر إليان أنّ ليديا تحاول الابتعاد عنه مرّة أخرى. كأنّها تقول إنّهما مختلفان ولا يفهمان بعضهما، لذا يجب إنهاء هذا الحديث هنا.
“من هنا. ادخلي من هذا الباب.”
قبل أن يفتح هيلدين باب الغرفة ويدخل، نظر إليان إلى ليديا للمرّة الأخيرة وقال:
“مهما حدث، ضعي اللّوم عليّ فقط. لا تحاولي تحمّل كلّ المسؤوليّة أو حلّ كلّ شيء بنفسكِ.”
حاولت ليديا إخفاء ذلك، لكنّ يدها التي تمسك تنّورتها بقوّة كانت ترتجف، وهو شيء لاحظه من بعيد.
لو لم يقل هذا الآن، فقد تغرق ليديا في حفرة أعمق منه إذا حدث شيء لجيس، من تلك اللحظة فصاعدًا.
كان هو شخصًا أنانيًا يستطيع دفن تلك المشاعر، متظاهرًا بأنّه لا يشعر بالمسؤوليّة أو التأثّر. لكن ليديا لم تملك حتّى ذرّة من هذه الأنانيّة.
نظرت ليديا إلى إليان، لكنّها لم تجد المزيد لتقوله، فدخلت الغرفة مسرعة.
“أحضرتها. هذا هو الحال الآن.”
كانت ليديا بالكاد تستمع إلى كلام هيلدين. بين الأشخاص الذين يحاولون العلاج بفوضى، كان هناك وجه مألوف مستلقٍ. على السّرير، كان الدّم يتدفّق من بطن جيس، ممزوجًا بشيء أسود لزج.
الأقمشة بجانبه كانت مماثلة. كان يجب أن تكون حمراء فقط، لكنّها تلطّخت ببقع سوداء كالقطران.
“السّير جيس.”
بدأ بياض عينيه يتحوّل إلى الأسود، كأنّه مصاب بعدوى. رأته ليديا يتلوّى بين الحين والآخر، فأمسكت يده على الفور. كانت ملطّخة بالدّم وزلقة، لكنّها لم تتردّد.
“لن تفعل شيئًا؟”
“ما الذي ستفعله بهذا…؟”
“لا، بالتأكيد يمكنها فعل شيء.”
بدأت أصوات الحرّاس حولها تخف. ركّزت ليديا على عيني جيس. عندما نظرت إليهما وأمسكت يده، شعرت بطاقة لزجة وكئيبة تتدفّق نحوها من كلّ جانب. وقفت في المنتصف وبدأت تدفعها بعيدًا.
كأنّه ردّ فعل على تهديد، بدأ الخاتم يتألّق مجدّدًا. شعرت ليديا بقوّتها تفيض أكثر من المعتاد. إذا كان الأمر كذلك، فكلّ ما عليها هو أن تجتاحها كموجة عاتية مرّة واحدة.
“يا إلهي…”
“ما هذا؟”
تردّدت أصوات مليئة بالذّهول. لكن ليديا لم تهتمّ، وركّزت على ما تواجهه.
عندما تعاملت مع لعنة إليان، شعرت كأنّها تواجه كائنًا علويًا لا يمكن التّعدّي عليه. أمّا هذا، فكان مقزّزًا لكن لم يكن هناك ضغط يدفعها للتراجع.
لكن تلك القوّة المجهولة التي بدت وكأنّها ستُجرف بلا مقاومة بدأت تتسلّق نحو ليديا عكسيًا، كأنّها تحاول التشبّث بكائن حيّ لتبقى.
‘لا يمكنني التراجع هنا.’
كان عليها تجاهل ما يحاول التّسلّق عليها والتركيز على إعادة جيس إلى حالته الطّبيعيّة. أيّ قوّة كانت، ستصبح “لا شيء” أمام قدرتها. كان عليها أن تثق بهذه الحقيقة الأساسيّة.
تجاهلت ليديا البرودة القارسة التي انتشرت في أطراف أصابعها وبقيت في مكانها دون تراجع.
“ليديا!”
في اللحظة التي ظنّت أنّها انتهت تقريبًا وكانت ستنهي الأمر تمامًا، انتزع أحدهم يدها. آه، ليس الآن. ربّما لا يزال ناقصًا. يجب أن تتأكّد من أنّ كلّ شيء نُظّف تمامًا…
“توقّفي، ليديا.”
خرجت من حالة تركيزها العميق، وعندما عاد بصرها، رأت عينين زرقاوين. كان إليان يمسك يدها.
“توقّفي.”
كان هناك يأس غير معتاد في نبرته، فنظرت ليديا إلى يدها التي يمسكها.
بين الدّم الأحمر، كانت أطراف أصابعها العشرة سوداء تمامًا، كأنّها غُمست في ماء أسود ثمّ أُخرجت.
“ربّما لا يزال ناقصًا، لا أعرف.”
لم تعرف كم مرّ من الوقت، لكن يبدو أنّها استخدمت قوّتها لفترة طويلة، حتّى صوتها بدا خافتًا لها.
“أصبح في حالة يمكن علاجها، فتوقّفي الآن.”
حينها فقط لاحظت جيس مستلقيًا بهدوء على السّرير، على عكس ما كان عليه. لم يعد هناك أيّ لمعان أسود غريب في عينيه أو في جرحه. كان ذلك مطمئنًا.
“حتّى لو كنتِ بخير بسبب قدرتكِ، لا تستمرّي أكثر.”
“أعتقد أنّني بحاجة للرّاحة قليلاً.”
بما أنّ المشكلة بدت محلولة، فكّرت أنّ عليها الرّاحة ثمّ التأكّد مرّة أخرى. لكن عندما حاولت الابتعاد خطوة، بدا العالم يهتزّ أمامها.
‘الخاتم…’
كان الخاتم ملوّنًا بأرجوانيّ كئيب، يضيء بشكل مضطرب كأنّ قوّته استُنزفت. تعثّرت ليديا، وأمسكت بأيّ شخص قريب، ثمّ انحنت للأمام.
“ليديا!”
يبدو أنّه كان إليان. شعرت به يمسكها من الجانب، يمرّر يده بسرعة على شعرها ويفحص وجهها. لكن عندما رأت السّائل الأسود الممزوج بالدّم الذي تقيّأته على الأرض، شعرت بمعدتها تتقلب.
لم تستطع إكمال جملتها عن أنّ تلك القوّة التي تبحث عن مضيف جديد تُقاومها قدرتها بدرع داخليّ، لكن الصّدام العنيف يؤثّر على جسدها.
سقطت ليديا على ركبتيها عندما خارت قواها، وانزلق إليان معها على الأرض. وهو يرى الدّم الأسود يخرج منها مرّة أخرى، شعر بعجز شديد. كيف لا يستطيع فعل شيء؟
“سأكون بخير.”
بينما كانت تتكئ بلا قوّة على صدره، تتقيّأ دمًا بلون مشؤوم، تمسّكت ليديا بهذا القول حتّى النّهاية.
لم يطمئن إليان أبدًا. بدت كأنّها تحتضر. كلّ كلمة تبدو كآخر كلماتها.
“قلتُ لكِ لا ترهقي نفسكِ. ليس مسؤوليّتكِ.”
“كنتُ قادرة على تحمّله.”
كان عقلها يصفو تدريجيًا بالفعل. مع صداع رهيب وإرهاق، لكن قوّة السّحر لم تؤثّر عليها أبدًا.
“قادرة على تحمّله؟ أنا من أوقفكِ.”
بدا غاضبًا مرّة أخرى. نظرت ليديا إلى وجهه المتشنّج عن قرب، وأدركت سبب حالتها. لم يكن فقط “الشّعور بالمسؤوليّة” كما يعتقد.
‘قلبي…’
آه، هكذا كان الأمر.
على الرّغم من أنّها أضافت همومًا إلى وجهه، كانت ليديا تريد طوال الوقت تخفيف التّعب العميق عن وجه إليان المليء بالقلق. أرادت أن تكون تلك الشّخصيّة له. أن تلعب هذا الدّور. وإذا استطاعت، أن تفعل ذلك أكثر وضوحًا وكثيرًا من أيّ أحد.
كان هذا شعورًا واضحًا في قلب ليديا.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 63"