اقترب فارس ذو مظهر قويّ وثابت إلى جانب ليديا وأجاب. أرادت ليديا أن تقول إنّه لا داعي لإهدار فارس عليها الآن، لكن عندما التقت عيناها بعيني إليان، لم تستطع النطق.
“…حتّى لو كان الأمر مزعجًا، احرصي على اصطحاب حارس عندما لا أكون موجودًا من الآن فصاعدًا، ليديا.”
كأنّ حديثهما السابق لم يحدث. ربما كان ذلك بسبب وعيه بأعين من حولهم، لكن ليديا أومأت برأسها على أيّ حال.
كان الوضع ملحًا جدًا للتفكير بعمق في ذلك الآن.
“هكذا أطمئن.”
لكن كلماته الإضافيّة لم تكن تشبه إليان السابق. لم يكن من عادته التعبير عن أفكاره بهذه الصراحة الواضحة.
نظر إليها وهي صامتة، وعندما بدأ الحصان بالتململ، أمسكت به وهو يهمّ بالانطلاق للخارج. تردّدت ليديا، لكنّها قالت أخيرًا قبل أن يفوت الأوان:
“كن حذرًا.”
تمنّت لو كانت قادرة على أداء ولو تعويذة صغيرة، سحر “حقيقيّ”، بدلاً من كونها شخصًا لا يملك سوى تلاوة النظريّات في مثل هذه المواقف الطارئة.
استطاع إليان أن يخمّن ما تفكّر به من نظرة عينيها المليئتين بالعزيمة في تلك اللحظة.
كانت ليديا هكذا دائمًا. إنسانة متفانية جدًا، لدرجة أنّه أراد أحيانًا احتكار كلّ تلك التضحية لنفسه، لكنّه شعر بالحسرة لعجزه عن امتلاك قلبها الذي يوزّع عدله بين الجميع.
لكن هذه كانت ليديا سوليم بالضبط.
“لا تتدخّلي كثيرًا لحلّ الأمور مهما حدث. كوني معتدلة وانتظريني حتّى أعود. في غيابي، أنت صاحبة القرار النهائيّ هنا، لكن حتّى مع ذلك.”
كانت جملة متناقضة حقًا. صاحبة القرار النهائيّ ومع ذلك لا تتدخّلي؟ لكن ليديا فهمت مخاوفه وضحكت باستخفاف.
“هل أبدو كشخص متهوّر إلى هذا الحدّ؟”
“لا، لديكِ خطط. لكنّها ليست الاتّجاه الذي أريده، كالعادة.”
قبل أن تسأله ليديا عن معنى ذلك، كان قد انضمّ إلى الفرسان الآخرين، أمسك اللجام واستدار بسرعة مبتعدًا.
ظلّت ليديا واقفة دون حراك حتّى بعد أن تلاشى الفرسان كنقاط في الظلام الباهت ثم اختفوا تمامًا. كلّ شيء بدا مشؤومًا.
وكانت توقّعاتها السيّئة تتحقّق دائمًا بطريقة ما. كأنّها تثبت أنّها من سلالة سحرة، رغم عجزها عن أداء ولو تعويذة واحدة.
“ما رأيكِ بدخولنا الآن، سيّدتي؟ الخارج خطر.”
تحدّث الفارس بجانبها بنبرة مهذّبة عندما لم يعد يطيق صبرًا. أضاف عندما التقت أعينهما:
“سيّدنا سيكون بخير. لديه موهبة فطريّة، ومهارته لم تصدأ رغم تدريبه المستمرّ.”
“كان بهذه المهارة؟ منذ صغره؟”
“كان الأفضل، بلا منازع.”
كان مذهلاً أنّه أخفى تلك المهارة في العاصمة، كأنّه كبتها عمدًا. تنهّدت ليديا بعمق. إذًا، كانت مخاوفها زائدة عن الحاجة بلا شكّ.
“…هيّا ندخل.”
قرّرت ليديا كبح قلقها واتّباع نصيحة حارسها. بمعلوماتها المحدودة الآن، لم يكن بإمكانها فعل شيء حتّى يعود إليان ويشرح التفاصيل.
* * *
في صالة الاستقبال الواسعة داخل القلعة، كانت ليديا تغرق في أفكارها وهي تدير الخاتم بتوتر. استدارت نحو صوت خطوات تقترب.
كان مصدر الخطوات السريعة المتقطّعة شخصًا واحدًا فقط في هذه القلعة الآن.
“خالي!… لستِ هو.”
تنفّس ليون بصعوبة وهو يركض بسرعة، نظر حوله بأمل، ثم خاب أمله وانخفضت معنوياته.
لم تستطع ليديا مخاطبته مباشرة وهو يقف محرجًا يمسك مقبض الباب ويدير عينيه، فتحدّثت بلطف لتبدّد حيرته:
“خالك خرج للبحث عن من جاؤوا معكَ.”
“حقًا؟ ذهب ليبحث عن السير رودن؟ والسير سيراين أيضًا؟”
أخطأت في الحديث. لم تكن معتادة على التحدّث مع طفل بريء كهذا، فندمت وهي تعضّ شفتها. لم يكن عليها إعطاؤه أملًا بشأن أشخاص ربما ماتوا بالفعل.
“…نعم، قد يكونوا ضلّوا الطريق إلى البيت، لذا ذهب ليبحث عنهم.”
لم تستطع الكذب تمامًا، فالتفت حول الحقيقة. يؤمن الكثيرون أنّ من يموتون بعيدًا دون مراسم دفن لائقة يظلّون تائهين إلى الأبد. لذا، يفضّل من يتوقّعون الموت ترك شيء ثمين يحمله أحباؤهم على الوصايا.
لو كان ليون مراهقًا أكبر قليلاً، لترك له الفرسان شيئًا لدفنهم وطلبوا منه إيصاله إلى عائلاتهم.
لكن ليديا علمت أنّ الفرسان، حتّى لو كان ذلك يعني التيه إلى الأبد دون راحة، لم يخبروا هذا الطفل بوضوح أنّهم ضحّوا بحياتهم لأجله.
كان واضحًا أنّ ليون في سنّ لا يجب أن يعرف بعد هذا النوع من الوداع القاسي، ولا أن يُثقل بذنب ذلك.
“لا أستطيع العودة إلى البيت أيضًا. أمّي، لا، والدتي قالت لي أن أبقى مع خالي.”
شعرت بألم وهي ترى كتفيه المتهدّلتين. ربما كان هذا الطفل، الذي يحاول الظهور بثبات، يدرك بالفعل الحقيقة المخفيّة وعنف العالم، لذا يتصرّف كالكبار ليخفّف قلق من حوله.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 59"