توقّع إليان أنّه بعد غيابه الطويل الذي قضاه دون رؤية ليديا، سيعود متبلّدًا بعد أيّام عاديّة ومستقرّة نسبيًا، وسيكون لقاؤها مجدّدًا عاديًا أيضًا.
لكنّه أدرك الآن أكثر من أيّ وقت أنّه هو من يعرف أنّ هذا غير صحيح.
‘أيّ تدريب هذا؟’
كلام فارغ. حتّى تسميته لأيّامه بالمستقرّة كان مجرّد تسامح. لم يكن الألم من اللعنة هو السبب، بل لو كان كذلك لكان أفضل.
كان اعتياده على وجود ليديا بجانبه، حتّى في أبسط الأمور التي تُبدي رأيها فيها، يجعله يشعر بالفراغ كلّما نظر إلى المكان الفارغ بجواره.
لدرجة أنّ الفرسان المرافقين له كانوا يتوقّفون ويسألون عن سبب توقّفه المفاجئ.
لم يكن يعلم أنّه يشارك ليديا حياته اليوميّة بهذا العمق. غيابها لبضعة أيّام كشف له ذلك، وأثار فيه مشاعر متنوّعة.
كلّ ذلك الفراغ تلاشى كضجيج يهدأ بلحظة رؤيتها مجدّدًا، فوجد نفسه عاجزًا عن التقدّم أو التراجع.
“إذًا، ما الأمر؟ المشكلة التي كنتَ تتحدّث عنها مع الفارس؟”
شعرت ليديا أنّ نظرات إليان الثابتة غريبة، فعادت إليه بخطواتها الهادئة الناعمة، ونظرت إليه تسأل.
“هناك غابة بجانب القلعة. كنتُ أذهب إليها كثيرًا، وليست كثيفة لدرجة تمنع المرور، لكن مؤخرًا لم يتمكّن أحد من عبورها، وأصبحوا يسلكون طريقًا أطول حولها.”
“ما الذي في الغابة؟”
“لا أعرف.”
تذكّر إليان القصص المحيّرة التي سمعها. لو لم يكن أمامه شخص يعاني لعنة ويتحدّث عن أمور غريبة بطبيعيّة، لاعتبرها هراء.
شرح لليديا بإيجاز ما حدث: من يدخلون عمق الغابة يخرجون مسحورين ويقفون عند المدخل، ومن يقتربون من بدايتها يجدون أنفسهم فجأة في فضاء ضبابيّ لا يرون فيه حتّى من بجوارهم.
من لديهم ذكرى باهتة قالوا إنّهم سمعوا بكاء امرأة، أو رأوا امرأة طويلة الشعر تغطّي وجهها وتقف في وسط بحيرة، فانتشرت شائعات عن ساحرة أو شبح ماء يصطاد البشر، محذّرين من الدخول.
“…أؤكّد لكَ أنّه ليس شبح ماء. لا يوجد ضحايا، إذًا لا يهتمّ بالبشر، فقط يسبّب الضرر دون قصد.”
قلّبت ليديا قائمة الكائنات السحريّة في ذهنها، واستقرّت على إجابة واحدة، خاصّة مع ارتباط الأمر بالماء.
“يبدو أنّه روح ماء.”
“ليس جنيّة؟”
“الجنيّات مختلفات. يحببن المزاح والإزعاج عمدًا. الارواح لا تهتمّ بالبشر إلّا إذا كان لها متعاقد.”
نظر إليان إليها وهي تضع يديها خلف ظهرها تفكّر، متوقّعًا كلامها التالي، ربما منذ البداية.
“يجب أن نذهب إلى الغابة.”
كان من الممكن أن تشعر بالخوف من هذه الشائعات المبالغ فيها، لكن ليديا لم تبدُ متأثّرة.
تمنّى إليان أحيانًا أن تخاف قليلاً من المجهول.
“تساءلتُ لمَ لم تطرحي ذلك فورًا.”
تنهّد إليان، فابتسمت ليديا بحرج دون أن تتراجع.
“لكن لا يمكنني الجلوس هنا والتحدّث مع روح، خاصّة أنّنا لسنا متأكّدين أنّها كذلك.”
“لا توجد طريقة لحلّها دون ذهابكِ؟”
“إلّا إذا أردتَ حرق الغابة؟”
كانت ليديا دائمًا محاورة صعبة. أدرك إليان منذ سماعه للأمر أنّها ستعرف الحلّ، لكنّه ندم أنّه لم يتوقّع سير الأمور هكذا.
ورغم معرفته الطويلة بطباعها.
‘لقد مرّ وقت طويل بالفعل…’
تقلّصت اللعنة التي كانت تغطّي كتفه إلى نصف ذراعه. إذا مرّ وقت مماثل، قد لا يلتقيا مجدّدًا.
كان هو من أراد ذلك أكثر من أيّ أحد، لكن الآن، عكس ذلك هو ما يشعر به، وهذا لم يكن مضحكًا.
“لن تحرق الغابة حقًا، أليس كذلك؟”
سألته ليديا بجدّيّة وهي تمسك ذراعه بعد صمته الطويل، فابتسم بخفّة.
“لا، سأذهب معكِ.”
“بهذه السهولة؟”
“وماذا أفعل غير ذلك؟”
توقّعت ليديا معارضة ما. كان إليان حذرًا دائمًا، على عكس اندفاعها، فظنّت أنّه سيؤخّر الأمر ويطلب منها التفكير ببديل.
“أعرفكِ جيّدًا، فمن الأفضل أن أذهب معكِ بدلاً من المقاومة.”
“جيّد أنّكَ تعرف أنّني سأصرّ في النهاية.”
رغم الوقت الطويل معًا، تفاجأت ليديا بموافقته السريعة. بينما كانت متفاجئة، خرج إليان من الممرّ وأخبر الخدم أنّهما سيتجوّلان حول القلعة، ثم التفت إليها.
“هل القوّة الجسديّة تنفع؟”
“بما أنّها موجودة في هذا العالم، نعم، ستنفع.”
نظر إليان إليها، ثم دخل المبنى وعاد سريعًا حاملاً السيف الذي كان معلّقًا في قاعة الاجتماعات.
“هذا…”
“إذا احتجتُ لاستخدام سيف بجدّيّة، فهذا أفضل.”
“هل هو سيف عظيم لهذه الدرجة؟”
“على الأقلّ لن يتكسّر بسهولة.”
لم ترَه يقاتل أو يستخدم سيفًا، لكنّه بدا كمحارب متمرّس، وهذا كان غريبًا.
“ماذا؟”
“لا شيء.”
هزّت ليديا رأسها كأنّها تقول إنّه لا يهمّ. كان هناك جانب جديد تكتشفه فيه.
—
لم تبدُ الغابة مظلمة أو مخيفة كما قال إليان، بل مليئة بالحياة الخضراء.
كانت الأشجار تتراقص مع النسيم، وتبدو عاديّة. رغم المسافة من القلعة، كانت القلعة الضخمة مرئيّة بوضوح.
“لندخل.”
تنفّست ليديا بعمق وأومأت بتصميم. لم يكن هناك سبب كبير للتوتر، لكن لقاء كائن مجهول جعلها متوترة.
“احذري أمامكِ، قد تتعثّرين.”
كان إليان، الذي ظلّ يلمس مقبض سيفه طوال الطريق كأنّه سيستلّه، يشدّد كتفيه الآن.
“يدكَ.”
“يدي؟”
مدّت ليديا يدها، مفضّلة التمسّك به لتجنّب ضياعه وحده خارج الغابة على أن تحذّره فقط.
ما إن أمسك يدها حتّى خطت خطوتين. لم تظنّ أنّها مشت كثيرًا، لكن عندما التفتت، اختفى المدخل خلف الأشجار الكثيفة.
“يبدو أنّ كلّ شيء بخير…”
…لكن لم يكن كذلك. قبل أن تكمل ليديا، رأت ضبابًا يتصاعد من بعيد.
بدأ يتسلّل كالدخان، يحيط بهما ويمرّ حولهما.
“لا تترك يدي.”
لكن ذلك لم يؤثّر على ليديا. بدا الضباب وكأنّ له إرادة، وعندما أدرك عدم تأثيره، تحرّك بعنف كأنّه مستاء، ثمّ ارتفع فجأة إلى السماء، فعاد كلّ شيء طبيعيًا.
لكن المكان لم يعد مدخل الغابة، بل أمام بحيرة. عرفت ليديا أنّها تلك التي تحدّثوا عنها بشبح الماء.
‘إذًا، يجب أن يكون قريبًا…’
بما أنّ الضباب فشل في طردهما مرّة، لن يحاول مجدّدًا.
تركت ليديا يد إليان بخفّة، وتقدّمت نحو البحيرة تتفحّص المكان. شعور الضباب اللاذع أكّد أنّه سحر، ويجب أن يكون صانعه موجودًا.
بعد اختراق الضباب، وصلا مباشرة إلى مصدره، لكن سطح البحيرة كان هادئًا، والمكان يبدو سلميًا مع أصوات الطيور.
بينما كانت ليديا مشتّتة بحركة الأعشاب بعيدًا، حدث ذلك.
“ليديا!”
فوجئت ليديا بإليان يجذبها من خصرها من الخلف، فتراجعت معه، ثم تفاجأت مجدّدًا بامرأة ظهرت أمامها فجأة كالضباب.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 50"