—
### الحلقة 46
وسّعت ليديا عينيها بدهشة وهي تتفحّص الصندوق الفاخر من كلّ الجوانب.
“هديّة؟ لماذا؟”
“لا أعرف. ربما لأنّه الشخص الذي يدير أمور القصر الكبيرة والصغيرة، وهذه اعتذار لأنّه لم يعرف الضيوف غير المدعوّين للعشاء أمس ولم يتعامل معهم.”
تحدّث إليان بنبرة مليئة بالسخرية. كان يعلم أنّ أليك يدرك تسامحه مع يولينا، لكنّه لم يفهم تهاونه.
لكن ليديا، وبشكل مزعج بالنسبة له، قرّرت الدفاع عن أليك كأنّها متسامحة.
“إنّها أخته الصغيرة التي يحبّها، عائلته. تخيّلها لو كانت كونتيسة رودريغو.”
“أختي لا تفعل شيئًا غبيًا مثل التعلّق بشخص متزوّج.”
“هذا صحيح، لكن الأميرة يولينا ستفهم الأمور شيئًا فشيئًا لاحقًا.”
شعر إليان بخيبة أمل غريبة من موقف ليديا البعيد، كأنّها تتحدّث عن قصّة لا تخصّها.
بالطبع، بما أنّهما ليسا زوجين حقيقيّين، لم يكن غريبًا أن تتحدّث بموضوعيّة، لكن شعورها بالمسافة ترك في نفسه أسفًا.
لكن ليديا بدت مهتمّة أكثر بالهديّة بين يديها منه.
“ما بداخلها… آه، علامة كتاب.”
كان داخل الصندوق علامة كتاب من الجلد. لم تكن مميّزة سوى بريشة جميلة في نهايتها، لكن ليديا لمستها بحذر كأنّها شيء ثمين.
“ربما أرسلها لأنّه يظنّ أنّني أحبّ قراءة الكتب.”
“هذا شيء يلاحظه الجميع.”
“هل تشاجرتَ مع وليّ العهد؟”
لم تفهم ليديا لماذا يتحدّث إليان بنبرة ناقدة وساخرة منذ أن رفعت الصندوق، إلّا إذا كان قد تشاجر مع أليك فعلاً.
مرّرت يدها على رسم صغير خلف العلامة. ربما كان مجرّد وردة مقتبسة، لكن شكل الوردة المفتّحة أعجبها، وذكّرها بشعار عائلة سوليم.
“لم تُعطي صندوق الجواهر الذي أعطيتكِ إيّاه اهتمامًا طويلاً كهذا.”
“لأنّه ليس ملكي حقًا. لكن هذا… هل يمكنني أخذه؟ إذا كان يجب إعادته…”
كان اختيار أليك لهديّة تُعجب ليديا مزعجًا له. لكن لم يستطع مواصلة الحديث بنبرة متجهّمة وهي تتردّد في إعادة العلامة إلى الصندوق كأنّها لا تريد تركها.
“لن أخذه منكِ. أعطاه لكِ أليك، فماذا سأكون إن أخذته؟”
“شخص يستعيد بجدارة هديّة كان يجب أن تصل إلى ‘زوجة ماركيز إستوبان الحقيقيّة’.”
زوجة ماركيز إستوبان الحقيقيّة. هل يمكن أن يوجد شخص آخر؟ منذ البداية، لم يفكّر في وضع أحد في هذا المكان قبل أن تدخل ليديا حياته.
كان اللقب الذي يقلق الجميع بشأنه يمكن أن ينتقل إلى ليون، أو إلى أخيه الأصغر إن وُلد.
“أليك لم يكن ليُرسل هديّة كهذه لو كنتِ شخصًا آخر.”
كان هذا أسلوب أليك كرونون في إظهار التقدير، متظاهرًا باللطف لكسب المودّة. كان يشكّ في جلوس ليديا فجأة في مكان زوجة الماركيز، وراقبها طويلاً.
بعد أحداث الأمس، قرّر أنّ ليديا تُناسب إليان، فأرسل هذه الهديّة المختارة بعناية.
“إذًا، قُل له شكرًا منّي.”
لو لم يكن إليان يعرف أنّ أليك تخلّى عن تعلّقه بيولينا تمامًا، لما أراد نقل هذا الشكر.
لحسن الحظ، كان إليان يعرف طريقة لجذب نظر ليديا إليه مجدّدًا.
“بدلاً من عدم قدرتكِ على استخدام مكتبة القصر كثيرًا، جمعتُ لكِ كتبًا قد تُعجبكِ ووضعتها هنا. انظري إليها بدلاً من الذهاب إلى المكتبة.”
أشار إليان إلى كومة كتب في ركن الغرفة، كان قد تذكّر عناوينها التي أبدت اهتمامًا بها وجلبها.
“حقًا؟ كنتُ أشعر بالأسف على ذلك، لكن هذا جيّد. الحقيقة أنّ مكتبة القصر لم تكن تحتوي على الكثير مما أريده.”
“ما تريدينه بالتأكيد يتعلّق بالسحر، أليس كذلك؟”
“على الأغلب. الجميع يعتبرونه هراء، فمن الصعب إيجاده، وأحيانًا يُصنّف كروايات، مما يجعل البحث عنه شاقًا.”
نزلت ليديا من السرير بهدوء، وأخذت تتفحّص الكتب واحدًا تلو الآخر. كان بينها كتاب عن جزر ليسكال كانت تقرؤه أمس.
بدت منغمسة في القراءة لفترة، ثم رفعت رأسها فجأة وقالت:
“آه، بالمناسبة، إذا سنغادر، أريد التوقّف عند المتجر لأخذ شيء.”
“ما هو؟”
“شيء بسيط.”
“ليس اليوم، على الأقل انتظري حتّى تتحسّني.”
لم يعرف ما الشيء الغريب الذي تريد جلبه، لكن التفكير الطويل لن يفيد. أفكار ليديا المرتبطة بـ”السحر” و”الأشياء القديمة” كانت دائمًا غير متوقّعة.
—
كان ذلك سبب استعداد ليديا وإليان للخروج بعد أيّام. كان إليان ينظر إلى السلّم متوقّعًا نزول ليديا في أيّ لحظة، ثم التفت قليلاً عندما سمع صوتًا بجانبه.
“لقد أصبحتَ أكثر إشراقًا، سيّدي.”
اقترب الخادم منه، متّكئًا على الدرابزين أسفل السلّم. أومأ إليان برأسه للتحيّة، لكن عينيه ظلّتا على السلّم.
“مع شخص مشمس كهذا بجانبكَ، من الطبيعيّ أن يصبح أيّ أحد كذلك.”
“ليديا هكذا بالفعل.”
شخصيّتها المشرقة قد تزيل الكآبة والبرودة التي ترتبط بمقرّ عائلة الماركيز في ذهنه بسرعة.
“هل انتهى الاستعداد للذهاب إلى الأراضي؟”
“بدأنا التحضير فور أمركَ، ويمكننا الانطلاق الآن. مرّ وقت طويل.”
بدا الخادم متفاجئًا قليلاً. كان يتوقّع أن يبقى إليان في قصر العاصمة حتّى بعد زواجه.
كان من المفترض أن يكون كذلك، لكن هذه المرّة لم يجد مفرًا. كأنّ إله القدر يدفعه لمواجهة ماضيه كرجل ناضج.
“حان وقت الذهاب.”
تحدّث الخادم بنبرة تحمل فخرًا خفيفًا:
“قرار صائب. مهما قال الآخرون، أنتَ سيّد ذلك المكان. السيّدة ستُحبّ الأراضي كثيرًا.”
“…نعم.”
على أيّ حال، بدت القلعة المنخفضة ذات الألوان الزاهية والطبيعة المحيطة بها مناسبة لليديا.
“سأطلب تهيئة حديقة الورود جيّدًا.”
“لا داعي لكلّ هذا الجهد.”
“لا يمكننا أن نخيّب أمل السيّدة.”
كاد إليان يقول إنّ ترتيب المكتبة وتنظيف الأغراض القديمة المتربّة في مخزن المقرّ قد يجذب فضول ليديا أكثر، لكنّه توقّف، مدركًا أنّها فكرة تافهة.
“…ليديا.”
بعد قليل، نزلت ليديا السلّم بملابس بسيطة وداكنة، تُشبه ما كانت ترتديه عندما التقيا أوّل مرّة، مع ربطة كبيرة تربط شعرها عاليًا.
“إليان.”
كانت تُعدّل شعرها بعبوس لأنّ شكله لم يُعجبها، لكنّ وجهها أضاء فور رؤيتها لإليان.
توقّفت ليديا على بعد درجات من الأسفل، متسائلة لماذا ينظر إليها دون أن يمدّ يده. التفتت خلفها، لكن لم يكن هناك شيء سوى الحيرة.
“ماذا؟”
“…هيّا.”
أمسكها إليان بلطف عندما كادت تتعثّر، ثم عاد لطباعه وقال بنبرة توبيخ خفيفة:
“من الأفضل أن تحذري. وإلّا لن يبقى في جسدكِ مكان سليم.”
“الفستان مزعج جدًا صدقًا.”
في العربة، لم تترك يده أبدًا، وأصبح ذلك مألوفًا جدًا. نظر إليان إليها وهي تستند بذقنها على يدها الأخرى تتأمّل المنظر خارجًا، ثم دغدغ كفّها بخفّة.
كان يستسلم لرغبته في استعادة انتباهها إليه كلّما نظرت بعيدًا.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 46"