لمس إليان جبهتها للحظة ثم رفع يده، وقال كأنّه يعلن:
“غدًا ستتمكّنين من النهوض.”
“وهل لديّ سبب للنهوض؟”
حتّى في نظر ليديا، وبعد يوم كامل من الراحة، بدا أنّ نزلة البرد ليست شديدة وستزول بخفّة، إذ لم تشعر بثقل كبير في جسدها. كانت مجرّد إجابة عفويّة على كلامه التفقّديّ، لكن إليان صمت فجأة.
عندما شعرت ليديا بشيء غريب ونظرت إليه، بدا أنّه تذكّر شيئًا مهمًا نسيه، ورمش بعينيه عدّة مرّات بطريقة غير معهودة، ثم أخبرها بخبر مفاجئ:
“يبدو أنّ علينا الذهاب إلى مقرّ إستوبان الرئيسيّ.”
“ماذا؟ لماذا؟”
“أختي قد تحتاج إلى مساعدتي، والعاصمة بعيدة جدًا عن جزر ليسكال.”
عندما فتحت عينيها مجدّدًا، رأت عينيه الزرقاوين تحملان تلك النظرة مرّة أخرى. نظرة غير مألوفة، لكنّها تودّ أن تعتادها.
‘كأنّه يقلق بصدق…’
ما الشعور الذي يرتبط بقلقه؟
هل هو مجرّد قلق لتجنّب المتاعب؟ أم رغبة في أن تتعافى بسرعة لأنّه يجب التوجّه إلى أراضي عائلة إستوبان فورًا؟
ظهر تعقيد مشاعر ليديا على وجهها، فتنهّد إليان خفيفًا، وقاطع أفكارها المتطاولة قائلاً:
“…لم أقصد أن ننطلق غدًا مباشرة. توقّفي عن التفكير المعقّد، يا ليديا.”
“هل يظهر ذلك على وجهي؟”
“بالطبع.”
هزّ رأسه وابتسم وهي تلمس وجهها دون وعي. كانت ابتسامته النادرة غريبة عليها، فنظرت إليه بدهشة.
كان يجعلها الآن تغرق في وهم كبير. كأنّ هذه اللحظات بينهما طبيعيّة، وكأنّها قد تتوق إلى المزيد وتشعر بأسف لغيابه دون قصد.
“لكن هذا لا يعني أنّ بإمكانكِ البقاء مريضة إلى الأبد، فاستلقي مجدّدًا.”
“يبدو أنّكَ تنصحني أكثر من جدّتي.”
كانت مجرّد مزحة، لكن صوتها ارتعش غريبًا أثناء الكلام. بعد وفاة جدّتها، كانت تكتفي بالتحديق في السقف عندما تمرض.
لم تكن تشعر بالراحة الكافية لتمرض “براحة بال” بسبب ضغط الحاجة إلى عدم المرض. كانت تذهب لفتح المتجر رغم السعال الطويل، لأنّ حياتها لن تستمرّ إذا توقّفت.
ظنّت أنّها راضية بتلك الحياة وأنّها بخير، لكن يبدو أنّها كانت مخطئة.
“لماذا تبدين وكأنّكِ ستبكين مجدّدًا؟”
“أنا لا أبكي.”
غطّت وجهها بالوسادة بقوّة ودفنته فيها. لم تكن تريد البكاء حقًا، لكن حتّى لو حاولت استخدام المرض كعذر، فقد فعلت هذا من قبل.
عندما تكون أمام إليان، تنهار رباطة جأشها التي بنتها بعناية، وتظهر مشاعرها الحقيقيّة فجأة.
“هل تؤلمكِ كثيرًا؟ الطبيب وصف دواءً بسيطًا وغادر، هل أطلب منه العودة؟”
“لا، هذا أكثر إزعاجًا.”
انتزع إليان الوسادة منها أخيرًا، فاستدارت ليديا إلى الجانب لعدم وجود مكان تختبئ فيه.
“ليديا.”
آه، كانت ستفتقد هذا بالتأكيد. أن يناديها أحدهم بصدق وحميميّة يمنحها شعورًا بالاستقرار.
كأنّ وجود شخص آخر يؤكّد أنّها تتنفّس، تعيش، ومستمرّة في الحياة.
كانت تعلم أنّ الفراق معه محتوم، وأنّها لا يجب أن تتأسّف على هذه اللحظات، لكن شعورها بالعناية من أحدهم كان ممتعًا لدرجة أنّها أرادت البقاء هكذا إلى الأبد.
“لماذا جزر ليسكال؟ ماذا قالت كا… كونتيسة رودريغو؟”
كانت كاترينا قد طلبت منها مناداتها باسمها، ففكّرت في ذلك دون قصد، لكن استحيَت من ذلك لأنّه قد يترك تعلّقًا آخر.
كلّ هذه اللحظات يجب أن تتركها خلفها دون ندم، لكن كلّ ما يدخل حياتها باسم إستوبان كان أكبر من قدرتها على التحمّل.
“لم تُعطِ تفسيرًا واضحًا. هذا يشبهها. منذ زمن، كانت دائمًا تفكّر وتحلّ وتتّخذ القرارات بمفردها، ثم تُخبرنا كإخطار.”
“هذا يبدو وصفًا دقيقًا لشخص أعرفه جيّدًا.”
سمعت ضحكة خافتة من خلفها. التفتت ببطء، ورأته ينظر إلى الفراغ بابتسامة مريرة.
شعرت بالضيق لذلك، فمدّت يدها نحوه. أمسك إليان يدها دون كلام، وأصبح تشابك أصابعهما مألوفًا الآن.
تساءلت ليديا فجأة عمّا يفكّر به. كانت تودّ معرفة المعنى خلف تصرّفاته، لكنّها شعرت أيضًا بعدم الرغبة في ذلك.
“القرب منها يسهّل التواصل، ويجعل الأمور أريح لكلينا.”
كان لدى إليان ثقة أنّ كاترينا تستطيع التكيّف طالما قالت ذلك.
لذا، كان الذهاب أقرب إلى الاستعداد لأيّ طارئ بدلاً من الحذر. كما وافق على قول كاترينا أنّ الوقت قد حان لزيارة المقرّ الرئيسيّ.
“وهل أنتِ بخير؟”
“بخير بشأن ماذا؟”
“الذهاب إلى مقرّ إستوبان. لم يكن هذا جزءًا من اتفاقنا.”
كان ذلك صحيحًا. لم يكن أمرًا متوقّعًا من الأساس، لكن كلام إليان عن العقد جعل ليديا تشعر كأنّها استيقظت من حلم، وهدأت.
نعم، لقد تقابلا لأنّ كلّ منهما يملك ما يحتاجه الآخر.
“لا يمكنني البقاء هنا إذا قلتُ إنّني لا أريد الذهاب. ولا معنى لإجباركَ على البقاء هنا.”
عندما ذكر العقد، أصبحت نبرتها رسميّة، وخرجت ألقاب رسميّة.
“لن يكون سيئًا. إنّه المكان الذي قضيتُ فيه طفولتي، أضمن ذلك.”
“طفولتكَ؟”
“نعم. المناظر تستحقّ المشاهدة. وسنصل في الوقت المناسب للموسم.”
فوجئت ليديا بنفسها وهي ترحّب بهذا السفر أكثر ممّا توقّعت. فكرة أن يأخذها إليان إستوبان إلى “مساحته” الخاصّة جعلتها تتوقّع ذلك داخليًا، وهو أمر مضحك.
أخفت ليديا ذلك، وتحدّثت بهدوء كأنّها تذكر حقائق بديهيّة:
“بما أنّكَ قلتَ إنّ من الطبيعيّ أن أعيش في المقرّ كزوجة الماركيز، يبدو أنّ الذهاب مناسب.”
كانت تشعر بالضيق من حقيقة أنّ كونتيسة رودريغو، التي أحبّتها منذ البداية واهتمّت بها، ستنخدع في النهاية، وأرادت فعل شيء حيال ذلك.
كانت تتمنّى ألّا تخيّب ظنّ شخص يؤمن أنّ أخاها الوحيد وجد السعادة، وهذا الشعور ظلّ يزعجها.
‘هل هذه حقًا النهاية…’
أو ربما تريد الانضمام إلى هذه الرحلة لتتعرّف على إليان إستوبان أكثر. كان للذهاب إلى مكان طفولته معنى خاصّ بالتأكيد.
“إذًا، سنستعدّ لذلك.”
كان إليان نفسه يدرك مجدّدًا معنى أن يأخذ ليديا إلى ذلك المكان بالذات.
كان هذا القصر يستقبل زوّارًا عابرين، لكن دخول غريب إلى مقرّ إستوبان الرئيسيّ كان منذ زمن بعيد، آخر مرّة كانت في حفل أقيم عندما كانت والدته على قيد الحياة.
كان إليان قبل أن يصبح ماركيز إستوبان لا يزال موجودًا هناك.
“لكن ما هذا؟”
تركت ليديا يده، ومدّت يدها نحو شيء على الطاولة بجانب السرير، وسألت فجأة. نظر إليان إلى الصندوق الصغير المزخرف الذي رفعته ليديا، وأجاب بجواب لم يكن يريد قوله:
“هديّة أرسلها أليك.”
كان قد نسي إخفاء هذا الشيء بعيدًا عن الأنظار. حدّق إليان في الصندوق بضيق، كأنّه المسؤول عن تعكير الجوّ.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 45"