استيقظ إليان من نوم خفيف على صوت أنين خافت، فنظر إلى جانبه. اعتادت عيناه على الظلام تدريجيًا، ورأى ليديا مجدّدًا، كعادتها، مكوّمة خلف كومة وسائد لطيفة، متكوّرة على نفسها.
لاحظ إليان، وسط وعيه البطيء، أنّ ليديا ترتجف بين حين وآخر، فنهض نصف نهوضة من مكانه.
“ليديا.”
لكن بدا أنّ صوته لم يصل إلى أذنيها. مال إليان إلى الأمام، وأزاح الوسائد المزعجة، وأمسك كتفيها.
“ليديا.”
مع ذلك، لم تبدُ ليديا مستعدّة للاستيقاظ. كانت تتنفّس بصوت خافت، وتصدر أنينًا بين الحين والآخر. لمس إليان جبهتها، فشعر بدفء خفيف.
“…بارد.”
لم تفعل ليديا سوى أن تتكوّر أكثر إلى الأمام، وتمتمت بكلمة “بارد” كمن يهذي في نومه.
فجأة، خطر له أنّها كانت دائمًا من توقظه من كوابيسه، لكن هذه المرّة تبدّلت الأدوار لأوّل مرّة. رأى نومها العميق مرّات عديدة، لكن رؤيتها بهذا الضعف كانت حقًا جديدة عليه.
ألقى إليان نظرة خاطفة نحو الموقد الذي لم يبقَ منه سوى الرماد. كان قد رفع حرارة الغرفة عمدًا، لكن مع عمق الفجر، بدا أنّ ذلك لم يعد مجديًا، وبدأ البرد يتسلّل.
“ليديا.”
تردّد إليان، ثم هزّها مجدّدًا ليوقظها. لو استمرّت نائمة هكذا، لن تتحسّن في الصباح، بل ستزداد سوءًا. فكّر أنّه حتّى لو تجنّب استدعاء الطبيب، يجب أن يعطيها دواءً ويعيدها للنوم.
“لا أريد النهوض…”
ظهرت ابتسامة لا تتناسب مع الموقف على شفتي إليان. كان يعلم أنّها لن تتصرّف معه هكذا وهي مستيقظة، فتوقّف عن إيقاظها وأصغى لتمتماتها دون قصد.
“أعلم أنّكِ لا تريدين النهوض، لكن حالتكِ ليست جيّدة.”
بدا أنّ كلامه المنخفض والبطيء وصل إليها أخيرًا، ففتحت ليديا عينيها قليلاً. كانت عيناها الغارقتان في النعاس ترفضان الاستيقاظ بوضوح.
“…لماذا؟”
نظرت ليديا إلى إليان، الذي اقترب منها ليحدّثها، ثم رمشَت وكادت عيناها تنغلقان مجدّدًا.
ثم أمسكت يده الموضوعة على كتفها كأنّها تتعلّق بدعامة، وأنزلت رأسها لتسند خدّها إليها. مع هذه الحركة، مالت إلى الأمام أكثر، مقتربة من إليان كأنّها تبحث عن الدفء غريزيًا.
“ها…”
عادت ليديا للنوم مجدّدًا، تاركة إليان في حيرة مختلطة بالرضا، مما أطاح بنومه تمامًا.
فكّر في إيقاظها مجدّدًا، لكنّه رأى أنّ تركها لترتاح قد يكون أفضل في حالتها هذه. توقّف أنينها، وتنفّست بهدوء، فبدا أنّها مستقرّة.
‘ربما هذا حكمي الأنانيّ.’
كان اختياره أنّ النوم أفضل من الدواء مجرّد رغبة أنانيّة في احتضانها تقريبًا. كان متأكّدًا أنّه لو كانت حالتها خطيرة لأيقظها.
نظر إليها، ورأى جبهتها مستندة إلى صدره بهدوء، فتمنّى أن يتوقّف الوقت لحظة، ولم يستطع سوى التحديق بها طويلاً.
—
كان من الطبيعيّ جدًا أن تستيقظ ليديا في الصباح التالي وتعرف فورًا أنّها أصيبت بنزلة برد.
لم تكن بحاجة للكلام لتعرف أنّ صوتها أجشّ. فكّرت في إغلاق عينيها مجدّدًا في هذا الدفء، لكن عندما أدركت من يملك اليد على خصرها والدفء خلف ظهرها، فتحت عينيها بسرعة. التفتت ورأت عينين تراقبانها عن قرب.
“…أنا، لماذا أنا هكذا، آسفة…”
كان صوتها خشنًا ومزعجًا حتّى لنفسها، مختلطًا بنبرة معدنيّة. لم يكن مجرّد برد، بل كان قويًا جدًا.
شعرت بثقل جسدها أكثر، وبدأت تسعل بخفّة. لم تتذكّر متى كانت آخر مرّة أدركت فيها إصابتها بالبرد بهذا الوضوح عند الاستيقاظ.
كان هذا تفسيرًا مختصرًا للغاية، لكنّه لم يكن خاطئًا. احمرّ وجه ليديا بشكل لم يسبق له مثيل.
حاولت النهوض بسرعة، لكن رأسها دار فجأة، فأعادها إليان إلى الفراش، وأصبحا يواجهان بعضهما مجدّدًا.
تجنّبت ليديا عينيه وهو يلمس جبهتها، وتمتمت مرّة أخرى:
“…آسفة حقًا.”
كانت كومة الوسائد بينهما، التي فقدت معناها مجدّدًا، ملقاة على الأرض بعيدًا. نظرت ليديا إليها، وفكّرت أنّ عليها إيجاد طريقة أكثر متانة، لكنّها لم تستطع التركيز في أفكارها المتراخية.
بينما كانت كذلك، وضع إليان يده على رأسها، وأصدر صوت “هم” غامض، ثم سحب يده وقال:
“لا يبدو أنّ حالتكِ ساءت عن الفجر. تناولي الإفطار والدواء أوّلاً.”
“…لا أريد الدواء ولا النهوض.”
“لذلك قلتُ لكِ ألّا تقفزي.”
“ستظلّ تستخدم ذلك طوال حياتكَ، أليس كذلك؟”
تنهّدت ليديا طويلاً، وجذبت الوسادة فوق رأسها، ودفنت وجهها فيها، وأنّت، دون أن تلاحظ توقّف إليان للحظة عند كلمة “طوال حياتكَ”.
“يجب أن أنهض… أعلم ذلك…”
لكن عندما يمرض الإنسان، يريد التذمّر، وكان منذ زمن بعيد جدًا آخر مرّة استطاعت فيها ليديا التذمّر لأحد.
لذا، ظلّت ساكنة رغم كلامها. ثم لاحظت صمت إليان، فأنزلت الوسادة ببطء، ورأته ينظر إليها كعادته دون تغيير.
“ستصاب بالبرد إذا بقيتَ قريبًا.”
قالت ليديا ذلك أخيرًا. كان يكفي أن تكون هي الوحيدة التي تمرض بسبب تهوّرها أمس، الفعّال لكن ذي العواقب الوخيمة.
في الحقيقة، كان يزعجها أنّه بدا بصحّة جيّدة رغم قفزه معها في الماء وقضائه وقتًا مماثلاً هناك.
“سأطلب الإفطار هنا، فابقي مستلقية.”
نهض إليان بسرعة، وأزال خصلات شعرها عن وجهها، وتحدّث بنبرة ألطف ممّا توقّعت، مما فاجأها.
كانت تظنّ أنّه سيقول “ألم أقل لكِ؟” أو يوبّخها أكثر.
بينما كانت ترمش بعينين ناعستين، غير قادرة على مواصلة التفكير، مرّ وقت إضافيّ، وهزّها إليان ليوقظها مجدّدًا.
“ليديا، تناولي الطعام ونامي.”
في غيبوبة النوم، لم تعرف كيف أمسكت الملعقة، لكن بعد تناول الدواء الموضوع مع الصينيّة، غرقت في النوم مجدّدًا. عندما استيقظت لاحقًا، كانت شمس الظهيرة على وشك الغروب خلف النافذة.
حاولت ليديا رفع جفونها ببطء، ثم شعرت بيد تمرّ على جبهتها، فتوقّفت وسكنت.
شعرت بانخفاض السرير من جانب، مما يعني أنّ إليان بجانبها. لكنّه لم يوقظها أو يتحدّث، فقط استمرّ في لمس جبهتها برفق.
شعرت ليديا براحة من أنفاسه الخافتة خلفها، وكادت تعود للنوم، لكن دغدغة أذنها أجبرتها على فتح عينيها.
“استيقظتِ.”
سحب إليان يده بهدوء، كأنّ شيئًا لم يحدث، مما جعل ما كان يفعله يبدو غير واقعيّ. التفتت ليديا نحوه، واستلقت لترى تعبيرًا متجهّمًا على وجهه.
كان هذا التعبير غريبًا لأنّه لم يكن مألوفًا لها تمامًا. رأته أحيانًا بشكل عابر، لكن لم يظهر بمثل هذا الوضوح من قبل، مليئًا بالقلق الجدّي.
ربما لم يكن هو نفسه يدرك ذلك.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 44"