لكن لم يكن بإمكان إليان أن يظلّ يعانق ليديا إلى الأبد، فاضطرّ في النهاية إلى تركها.
تراجعت ليديا قليلاً، ثم أشارت إلى ذراعه المغطّاة بنبرة حازمة وقالت بوضوح:
“الآن يجب أن نحلّ هذه المشكلة أيضًا. قبل قليل، حاولنا التواصل مع ذلك التنين أو أيًا كان، لكنّ الخادم قاطعنا.”
كان واضحًا أنّها تطلب منه كشف ذراعه. تنهّد إليان بأسف، خلع قفّازاته ووضعها جانبًا، ثم فكّ أزرار كمّه وكشف ذراعه.
بسبب الاحتكاك المتكرّر مع ليديا مؤخرًا، كان قد نسي تقريبًا معنى الألم. لكن بدلاً من ذلك، كانت ليديا نفسها تُثقل ذهنه بالكثير من التساؤلات الجدّية.
“انتظر لحظة. ابقَ ساكنًا.”
ظهرت شبه ابتسامة على وجه ليديا، ووضعت يدها فوق يده كعادتها. لكن، كأنّ شيئًا لم يسرِ على ما يرام، بدأت يدها النحيفة تنزلق ببطء من يده إلى أعلى.
بدا من تجعّد حاجبيها أنّ “التواصل” الذي أرادته لم يتحقّق كما تمنّت.
كلّما مرّت يدها، شعر إليان وكأنّ شرارات دغدغة تشتعل. كانت منعشة نوعًا ما، لكنّها كانت تثيره بطريقة أساسيّة.
انجذبت عيناه إلى شفتيها المفتوحتين قليلاً بسبب تركيزها وهي تميل جانبًا. ربما كان الأدقّ أن يقول إنّ نظرته توقفت على الفور.
كان يحدّق بشفتيها بإصرار، مأخوذًا برغبة مفاجئة وغير منطقيّة، حتّى انتبه إلى ليديا وهي تتراجع، تتنهّد بضيق وتمسح جبهتها. رمش ببطء وحاول تذكّر ما كان يفكّر فيه للتوّ.
‘ما هذا الجنون…’
هل كان حقًا جنونًا؟ ألم يكن هناك صدق في تساؤله عن ملمس شفتيها الصغيرتين أمامه؟
تحدّثت ليديا، التي لم تلاحظ أبدًا أيًا من معاناته الداخليّة، أخيرًا وهي تحمل تعبيرًا محيّرًا:
“لا أستطيع إيجاده أبدًا. حاولتُ تتبّع الإحساس الذي شعرتُ به في الحلم، لكنّه ليس موجودًا في أيّ مكان.”
كانت ليديا تبدو جدّية للغاية بمفردها. المشكلة أنّ إليان لم يكن يأخذ الأمر بجدّية كبيرة.
بالنسبة له، حتّى لو أعلن ذلك التنين أو أيًا كان أنّه سيطيل عذابه أكثر، كان قد بدأ يفكّر في التكيّف والخضوع لهذا الواقع.
كلّ ما أراده الآن هو إبقاء ليديا بجانبه لفترة أطول، ثم التفكير في الخطوة التالية. لذا، كان يدرك لحظة بلحظة أنّ حلّ مشكلة اللعنة بسرعة ومغادرة ليديا فجأة ليس ما يتمنّاه حقًا.
“إذًا لا خيار آخر.”
“إذا كنتَ تريد منّي كسر اللعنة تمامًا، كن أكثر تعاونًا وأجبني بجدّية، لا بهذا الردّ السطحيّ.”
هل يريد منها إزالة اللعنة؟ نعم، يمكنه قول ذلك. لكن في هذه العمليّة، إذا سُئل عما إذا كان يريد استيفاء مدّة العقد المتّفق عليها بينهما لمدّة عام، أو حتّى تمديدها قليلاً، فسيجيب بنعم أيضًا.
“مدّتنا المتّفق عليها عام، ولم يمرّ وقت طويل بعد.”
“لو تمكّنتُ من التفاوض مع هذا التنين وتقليصها إلى نصف النصف، سيكون أفضل.”
لكن بدا واضحًا أنّ ليديا تريد مغادرته. كان واجبها، وهو زبونها، ومن الطبيعيّ أن يبقيها بجانبه باستخدام الخاتم كرهينة، وهذا ما أراده إليان إستوبان من ليديا سوليم في البداية.
في البداية، شعر بالارتياح لطلب ليديا البسيط والواضح بالخاتم فقط، لكن الآن لم يعد كذلك. أصبح يتمنّى أن تجد فيه هي أيضًا نوعًا من التعلّق.
‘هل هذا الوقت لا يعني لكِ شيئًا؟’ تبدّد هذا السؤال دون معنى. توقّع أنّها ستقول إنّه مجرّد صفقة لتلبية احتياجات كليهما، لا أكثر.
“لماذا تنظر إليّ بهذا التعبير؟”
“أيّ تعبير؟”
“تعبير يبدو… وكأنّكَ غير راضٍ؟”
كانت ليديا تلاحظ منذ قليل أنّ إليان يحدّق بها. كيف لا تلاحظ وعيناه الزرقاوان مثبتتان عليها كلّما التفتت إليه؟
لكنّها تظاهرت بتجاهل ذلك، متمنّية ألّا يحمرّ وجهها، لكنّ ذلك وصل إلى حدّه، فتساءلت إن كان لا يزال لديه ما يقوله.
“…ألن تتحقّقي من الحالة اليوم؟”
“أيّ تحقّق؟”
ارتبكت ليديا من تصرّفه، إذ بدأ يفكّ أزرار قميصه فجأة دون أن يجيبها. أين ذهب تردّده السابق في تفقّد حالتها؟
نظرت بدهشة وهو يخلع قميصه نصفه دون تردّد، ثم تساءلت إن كان عدم تفقّدها للعنة هو سبب استيائه، ففحصت كتفه العاريّ.
“لقد تقلّصت كثيرًا. من المؤكّد أنّها كانت تمتدّ إلى هنا…”
مرّت يدها على منطقة الكتف التي كانت سوداء سابقًا لكنّها عادت طبيعيّة الآن. كانت اللعنة تتراجع فعلاً.
“عندما أنظر إليها هكذا، أتساءل إن كان التنين لا يظهر بسبب ضعف قوّته.”
كانت الكائنات السحريّة غير البشريّة متقلبة، فلم تستطع التأكّد. مفهوم الزمن لديها يختلف عن البشر أحيانًا، مما زاد الأمر غموضًا.
لكن طالما أنّ اللعنة تتراجع بأمان، ربما تُرفع تدريجيًا دون مشاكل، على عكس تهديد “التنين”، وهذا ما فكّرت فيه.
كانت ليديا على وشك الغرق مجدّدًا في أفكارها الجدّية المنفردة.
لم يتحمّل إليان دغدغة شعرها الطويل على بطنه، فرفع يده اليمنى وأمسك يدها عند حدود اللعنة.
“لماذا…”
تبعت ليديا، كأنّها مفتونة، يده وهو يمسك يدها وينزل بها ببطء من كتفه إلى ذراعه. كانت يده التي تمسكها، وبشرته تحت كفّها، ساخنتين بشكل غير عاديّ.
عندما وصل إلى يدها اليسرى، قلب يدها ورفعها، ثم ضغط شفتيه على ظهرها. بدا التصرّف تقيًا نوعًا ما، فلم تستطع ليديا سوى مشاهدته.
لكنّه أنزل يدها فجأة كأنّ شيئًا لم يحدث، ثم مرّر شعرها خلف كتفها وتحدّث بصوت خافت جدًا:
“شعركِ كان يزعجني.”
“…آه.”
كان هذا كلّ ما استطاعت قوله. شعرت أنّ كلامها سيتعثّر لو حاولت المزيد. كان ظهر يدها يحترق، فجذبته إلى صدرها وأخفته بين ثيابها. كانت تعرف كم بدت مشوّشة.
ربما كان ذلك بسبب نار الموقد التي لا تزال تشتعل خلفها. كان وجه إليان، المضاء باللهب، وتصرّفه الغريب، يثيران اضطرابًا في قلبها. لم تكن هناك ضجّة مثل هذه.
“سأربط شعري. يجب أن أجد شريطًا، لذا…”
فكّرت في الخروج من هذا الموقف. حاولت ليديا ترتيب فستانها بسرعة والنهوض، لكنّ إليان منعها.
“لا، ابقي كما أنتِ. إذا تجوّلتِ بحثًا عنه بهذا الشكل، ستصابين بالبرد حقًا.”
كان فستانها الخفيف، الذي ترتديه عادةً، مناسبًا للموسم، لكن ليس لحالتها الحاليّة التي لا تزال تشعر بالبرد.
رفع يده عن يدها التي منعها من النهوض، وأحضر بطانيّة وغطّى كتفيها، ثم جلس مجدّدًا تاركًا مسافة بينهما.
مدّت ليديا يدها نحوه دون وعي، ثم تراجعت وفركت يديها ببعضهما بلا سبب.
‘ما الذي أفكّر فيه…’
شعرت بأسف خفيف لتركه يدها. كان إليان، على عكس برودته الظاهرة، شخصًا يعرف كيف يكون لطيفًا.
كان من الواضح أنّ القليلين يمكنهم رؤية هذا الجانب من إليان بعد اختراق حاجز الحذر البارد الذي يضعه.
لماذا تريد رؤية هذا الجانب أكثر؟ كان هذا لغزًا بالنسبة لليديا.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 43"