عبثت ليديا بأقراطها التي شعرت بغرابتها، حتّى داخل العربة المتأرجحة، وهي تتحسّس أذنيها باستمرار.
لم يتحمّل إليان، الجالس مقابلها، ذلك، فأمسك يدها وأنزلها.
“ستُجرحين نفسكِ هكذا.”
“هل كان علينا حقًا التزيّن لهذه الدرجة؟”
تنهّدت ليديا وهي تعيد فرد أطراف فستانها الذي يصدر صوت خشخشة مع كلّ حركة لذراعيها. كان التزيّن الكامل يجلب معه الكثير من الهموم.
لكن لم يكن بإمكانها ردع الخادمات اللواتي انتهزن الفرصة النادرة بحماس.
وكان إليان، الذي راقب كلّ ذلك بتعبير مستمتع، يزيد الطين بلّة بتعليقات مثل “هذه الأقراط قد تكون أنسب” أو “ألا يجب أن ترتدي شالاً؟”، مما جعله مزعجًا حقًا.
كان يعلم أنّها تكره هذه الملابس المزركشة التي تعيق حركتها بشعرها المتدلّي فوقها، ومع ذلك كان هذا هو الجزء الأكثر إثارة للغضب.
التفت إليان، الذي كان ينظر من النافذة، نحوها، وتفحّص زيّها بابتسامة.
“مع ذلك، يليق بكِ.”
“ليس هذا ما أريد سماعه.”
كانت ترفض المديح المجامل. خاصّة أنّه جاء فجأة كمحاولة لتهدئتها وهي تبدو غير راضية قليلاً.
“لا ألجأ إلى مديح مصطنع أو أفعال غير ضروريّة، ليديا.”
تردّدت عندما قابلت عينيه الزرقاوين الجادّتين. هل يعني أنّه يقول ذلك بصدق؟
لم تجد سببًا منطقيًا ليمدحها بصدق. كادت ليديا تتخلّى عن التفكير المنطقيّ وتسأله لماذا قال ذلك، لكن العربة توقّفت في تلك اللحظة.
“لننزل.”
نزل إليان أوّلاً ومدّ يده بطبيعيّة. أمسكت ليديا يده، وما إن خرجت من العربة حتّى أعجبت بهدوء بمظهر المبنى أمامها.
“……مبنى مثير للإعجاب.”
كان سقف القبّة فوق المبنى غير الكبير جدًا يحمل لونًا سماويًا خافتًا وغامضًا. الجدران تحته، المصبوغة بألوان باهتة، بدت قديمة نوعًا ما، لكن ذلك بدا مناسبًا عند التفكير بأنّه مكتبة.
بما أنّهما استعجلا، كانت الشمس لا تزال مرتفعة، ويبدو أنّ هناك متّسعًا من الوقت حتّى المأدبة. تأكّدت ليديا من ذلك، وابتسمت براحة، ثم حاولت فتح الباب والدخول بمساعدة إليان.
فجأة، رأت شخصًا يركض نحوها من بعيد بلهفة. اقترب من إليان، وألقى نظرة خاطفة على ليديا، ثم بدأ يهمس بشيء في أذنه.
ظهرت على وجه إليان، وهو يستمع، تعبير نادر من الحيرة.
“ليديا.”
شعرت ليديا من نبرته البطيئة أنّ هناك أمرًا عاجلاً يحتاج إلى حلّ. وبالفعل، كانت كلماته التالية تحمل خبرًا غير عاديّ.
“يبدو أنّ أختي تستعدّ لمغادرة العاصمة اليوم.”
“ماذا؟ بهذه السرعة؟ لم تمضِ سوى أيّام قليلة على وصولها!”
تفاجأت ليديا بصدق. كانت تظنّ أنّها ستبقى أكثر. عبس إليان قليلاً كأنّه لم يتوقّع هذا الخطأ.
“ظننتُ أنّ عدم دعوتها للمأدبة كان لأنّ وجود اثنين من عائلة إستوبان قد يُفقدهما السيطرة على الحديث، لكن يبدو أنّها هي من رفضت.”
أليس من الأفضل إذًا إيقافها؟ عند ربط حديثهما السابق مع هذا المغادرة السريعة، بدا واضحًا أنّ هناك سببًا عاجلاً لعودتها إلى جزر ليسكال، ليس مجرّد إصابة الكونت رودريغو، بل قصّة أكثر تعقيدًا.
“اذهب وألقِ بها بسرعة. قبل أن تتأخّر.”
حثّت ليديا إليان، الذي كان لا يزال واقفًا، خاصّة أنّه بدا متردّدًا في تركها هكذا.
رسم إليان تعبيرًا يظهر استياءه الواضح، لكنّه لم يخفِ تكلّفه وهو يعطي أوامر سريعة بصوت منخفض للرجل الواقف بجانبه. أومأ الرجل مرارًا، وأجاب بـ”حسنًا”، ثم اختفى بنفس السرعة التي ظهر بها.
“للاحتياط، استدعيتُ شخصًا ليبقى بجانبكِ، فلا تخرجي من المكتبة.”
تساءلت ليديا إن كان سيعيد العربة إلى القصر ويعود لاحقًا للمأدبة، لكنّه لم يقل ذلك بشكل مفاجئ. وقبل أن تسأله من هو ذلك الشخص، كان قد استدار بالفعل.
—
في البداية، شعرت ليديا بالارتباك، لكنّها استعادت هدوءها بمجرّد دخولها المكتبة. كانت الأرفف المملوءة بالكتب مشهدًا مألوفًا لها.
كان هناك أمين مكتبة عند المدخل، لكنّه اكتفى بتحيّة خفيفة مع انحناءة بسيطة قائلاً “سيّدة الماركيز” دون أيّ تصرّف آخر. يبدو أنّ إليان أخبرهم مسبقًا بزيارتهما.
لكن بعد جولة كبيرة في المكتبة، واجهت ليديا حيرة من نوع آخر.
“من أين وكيف أبدأ البحث؟ هذا محيّر حقًا.”
قال إليان إنّه وجد معلومات عنها هنا، لكن ذلك كان لأنّ له هدفًا واضحًا، فباستخدام قاموس الأسماء كان من السهل العثور على إجابة.
كانت مسألة تصديق السحر والسوليم أم لا أقرب إلى الفكرة نفسها. بما أنّ إليان إستوبان مقتنع بوجود ظاهرة سحريّة بسبب لعنة، فالمعلومات كانت متاحة بسهولة.
أمّا هي، فكلّ ما لديها من أدلّة هو “كائن سحريّ غير بشريّ” و”أخذ القلب”، وهما خيطان غامضان بلا بداية أو نهاية.
“……ربما أبحث في التاريخ والأساطير؟”
اتّجهت ليديا نحو قسم الكتب التاريخيّة، بداية من تأسيس مملكة كرونون. مجرّد التفكير في الزمن الطويل الذي يجب أن تعود إليه أثار تنهيدة.
“……هل هناك شيء عنّي…؟”
“……نعم، حسنًا.”
“……إذًا…”
فجأة، سمعت ضجيجًا خافتًا من الأسفل. يبدو أنّ هناك شخصًا آخر دخل المكان. حاولت ليديا تجاهل ذلك والاختباء بين الرفوف، لكن صوت الخطوات اقترب منها تدريجيًا.
عندما سمعت الخطوات تتجوّل بين الرفوف وتتوقّف أحيانًا كأنّها تبحث عن شخص، تنهّدت ليديا بعمق وخرجت أوّلاً. إذا كان اللقاء حتميًا، فمن الأفضل أن تكون مستعدّة.
“……سموّ وليّ العهد.”
لكن مهما كان توقّعها للشخص الذي ستقابله، لم يكن هذا الرجل. شعر بنيّ غامق وعينان خضراوان تلمعان بلطف.
كان يقف باستقامة تحمل هيبة دون أيّ تهديد. تذكّرت ليديا أنّها تبادلت التحيّة معه في الزفاف، خاصّة أنّ إليان ذكره لها، فاحتفظت بمظهره جيّدًا في ذهنها.
“أحيّي سموّك.”
بعد عدّة أنفاس، أدركت أنّها لم تحيّه بعد، فانحنت مسرعة. كان من حسن حظّها أن تتذكّر آدابها في موقف محرج كهذا.
“سيّدة الماركيز إستوبان.”
شعرت بغرابة اللقب الجديد الذي سقط فوق رأسها. رفعت رأسها قليلاً، ورأت الرجل لا يزال يبتسم بلطف.
“لا داعي لكلّ هذا الرسميّات.”
“……شكرًا.”
ثم ساد الصمت. لم تكن ليديا تعرف سبب حضور وليّ العهد، ولم يكن هناك موضوع مشترك للحديث سوى إليان إستوبان، لكنّها كانت متوترة جدًا لتتجنّب أيّ زلّة لسان.
“طلب مني إليان فجأة أن آتي إلى مكتبة القصر. قال إنّه لا يرتاح لترك زوجته وحيدة في وسط القصر.”
“……هل قال إليان ذلك؟”
يا إلهي. ظنّت أنّ الشخص الذي سيرافقها سيكون خادمة من القصر أو أحد أتباع إليان، لكنّها لم تتوقّع أن يستدعي وليّ عهد البلاد.
“لا يوجد كثيرون في هذا القصر يستطيعون إعطائي أوامر، أليس هذا خيارًا منطقيًا؟”
شعر أليك بالحيرة من هذا “الطلب” المفاجئ. لكن حقيقة أنّ إليان إستوبان وصفه بـ”طلب” هي ما دفعتْه للحضور. في كلّ حياته مع إليان، كانت هذه أوّل مرّة يطلب منه شيئًا بهذا الشكل.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 32"