لم يجد إليان كلمات يقولها خلال فترة الصمت الطويلة التي تلت ذلك. في الأساس، لم يكن هناك خطأ في ما قالته ليديا.
نظرت ليديا خلسة إلى إليان، الذي كان يعبث بالتقرير دون أن يقلب صفحة واحدة، غارقًا في أفكاره، وقالت:
“بصراحة، كلامي صحيح، أليس كذلك؟”
كان من المستحيل أن يغضب من نبرتها المرحة التي بدت وكأنّها تقرأ أفكاره، فقط لأنّ القائلة هي ليديا.
“أختي ستكون سعيدة. شخص قابلها مرّة واحدة يفهم مشاعرها هكذا.”
بعد أن قال ذلك، شعر أنّ تعليقه أكثر طفوليّة من ابن أخته. لماذا حاول المقارنة بهذه الطريقة؟
لكن ليديا ضحكت ضحكة قصيرة وقالت كأنّ الأمر بديهيّ:
“لأنّني أهتمّ بكَ. من في حياتي الآن أهمّ منكَ؟”
ما إن سمع إليان ذلك حتّى التفت إليها وحدّق بها. كانت ليديا تقرأ كتابها دون أيّ اهتزاز.
كأنّها أثارت موجة عاتية، وألقت إليان في وسط تلك الفوضى العاطفيّة، ثم تظاهرت بالجهل.
“……شخص مهمّ؟”
فأمسك بطرف كلامها وسأل مجدّدًا. لكن ليديا أجابت ببساطة كأنّ الأمر مفروغ منه:
“كلّما أنهينا هذا الزواج بسرعة، كان ذلك أفضل لكلينا. لكلّ منّا طريقه. لذا الشخص الوحيد الذي يجب أن أركّز عليه الآن هو أنتَ.”
“……صحيح.”
“لن تكون متردّدًا في إعطائي الخاتم، أليس كذلك؟ لا فائدة لكَ من الاحتفاظ به.”
يبدو أنّ ليديا فسرت تأخّر إجابته بشكل مختلف تمامًا. في الحقيقة، كان إليان قد نسي وجود الخاتم منذ فترة.
“مستحيل. كما قلتِ، لا فائدة لي منه.”
“إذًا هذا جيّد.”
انتظرت ليديا لحظة بعد ذلك، لكن عندما لم يقل إليان شيئًا آخر، عادت للتركيز على كتابها.
بعد ذلك، اختلطت أصوات تقليب الصفحات بتثاؤبات ليديا المتقطّعة. حاولت كبحها ومسح عينيها، لكن دون جدوى.
كانت تحاول فتح عينيها اللتين تباطأتا بشكل ملحوظ، لكن عندما التفت إليها إليان، كانت قد غفت بالفعل.
“ليديا.”
ناداها إليان مرّة وهي تحتضن الكتاب المفتوح وتتنفّس بهدوء بعينين مغلقتين، لكنّها لم تستجب.
“يبدو أنّ وقت التعب قد حان.”
ألقى نظرة خاطفة على سماء الليل التي بدأ القمر يميل فيها، ثم أخرج الكتاب بحذر من بين ذراعيها. تحرّكت ليديا مرّة، ثم تكوّرت على نفسها، وتنفّست بعمق أكبر، وتوقّفت عن الحركة.
نظر إليان إلى كومة الوسائد التي تفصل بينهما كجبال، وضحك ضحكة خافتة، ثم استلقى ببطء على السرير. كان صادقًا حين قال إنّ وجود شخص بجانبه يزعجه ويمنعه من النوم، لكنّ صوت تنفّس ليديا بدا مقبولاً نوعًا ما.
وبينما كان يفكّر في هذه الأفكار التافهة، غفا إليان دون أن يدرك. لم يستيقظ إلّا عندما هزّت ليديا كتفه بحذر.
عندما فتح عينيه، شعر بقبضته المشدودة بقوّة حتّى تؤلمه، مع تنفّس متسارع قليلاً وعرق بارد على جبينه. يبدو أنّ لاوعيه تآمر مع اللعنة مجدّدًا ليعذّبه.
“بدا أنّكَ ترى كابوسًا.”
جاء صوتها الناعس متمتمًا بخفوت. التفت إليان إلى جانبه ليرى ليديا. لم يعرف إن كان قد دفع الوسائد في نومه أم أنّها أزالتها، لكن نصفها كان ملقًى على الأرض.
كانت ليديا مستلقية على جانبها، تنظر إليه بعينين نصف مغلقتين، ويدها في وضع غامض كأنّها مدّتها ثم تراجعت.
“لذا، دعنا ننام ممسكين بأيدينا فقط.”
ابتسم إليان رغم الموقف. وضعت ليديا يدها فوق يده كأنّها سقطت، فأمسكها إليان بسرور.
في تلك اللحظة التي حاول فيها الكابوس، كظلّ أسود، الإمساك بكاحله مجدّدًا، شعر أنّ ليديا سحبته إلى الأعلى مرّة أخرى.
—
استمرّ الحلّ الذي ابتكرته ليديا لعدّة أيّام. لكن في كلّ صباح، كانت تستيقظ بمظهر فوضويّ لتجد إليان قد غادر بالفعل، فتجمّدت هذا الصباح عندما شعرت بحضور شخص ما بجانبها وهي تستيقظ.
لم تكن بحاجة لفتح عينيها لتعرف أنّ إليان يمسك يدها بقوّة. فاستعادت ذكريات الليلة الماضية ببطء. تذكّرت أنّها كانت بخير أمس، لكن اليوم وجدت إليان يتعرّق باردًا ويتحرّك بهدوء، فأيقظته.
‘ثم مددتُ يدي… أليس كذلك؟’
ربما فعلت. لكن الغريب أنّه لم يُظهر أيّ علامة على الاستيقاظ رغم نهوضها. ربما تراكم تعبه فغرق في نوم عميق اليوم.
شعرت ليديا بحكّة ضوء الصباح على عينيها، ففتحتهما ببطء، وتفاجأت بوجه إليان القريب جدًا.
وهو مغمض العينين بهدوء، تخيّلت للحظة كيف كان مظهره العفويّ المريح الذي ذكره أخوه الصغير في يوميّاته.
“يجب أن أنهض.”
مهما كان الجوّ مريحًا، لم تستطع البقاء مستلقية هكذا. لكن أيديهما المتشابكة كانت متشابكة بقوّة أكبر من المتوقّع، مما جعل تحريرها صعبًا.
فتح عينيه أخيرًا، ورأى ضوء الشمس الساطع، ثم أغلقهما مجدّدًا.
“الوقت لا يزال مبكرًا.”
“كنتَ تنهض عادة مع الفجر، أتعني أنّكَ ستعود للنوم الآن؟”
لم تكن ليديا من هواة النوم المتأخّر، لكن إليان كان دائمًا يبدأ يومه قبلها.
حاولت مرّة الاستيقاظ مبكرًا، لكنّها رأته يرتدي ملابسه بأناقة قبل شروق الشمس، فاستسلمت. حتّى أمس، ألم يكن هو من نهض وغادر الغرفة أوّلاً؟
“أنتِ هنا.”
ثم ضرب وسادتها برفق كأنّه يقول إنّ عليها ألّا تتعب نفسها بالاستيقاظ مبكرًا، بلا أيّ تكلّف. أين ذهب ذلك المظهر الحادّ المعتاد؟ كان المشهد غريبًا.
لكن بدلاً من مواكبته، استغلّت ليديا لحظة استرخاء قبضته، وسحبت يدها، وأمسكت بشريط على الطاولة الجانبيّة، وربطت شعرها بسرعة.
“اتّفقنا أن نذهب إلى مكتبة القصر الملكيّ قبل مأدبة اليوم. لم يعد بإمكاننا التأخير أكثر.”
“هل قلتُ لكِ من قبل؟ أكثر ما أندم عليه هو ذكري لكِ مكتبة القصر الملكيّ.”
“لا تتفوّه بالهراء.”
“أنا جادّ.”
عندما حدّقت به ليديا متكتّفة الذراعين، تنهّد إليان بهدوء، وجلس متكئًا بتراخٍ. مدّ يده ليعدّل خصلة من شريط شعرها المتشابك، وقال بتعبير لا يزال يحمل نعاسًا:
“لا داعي للتوتر بسبب مأدبة واحدة.”
“سنقابل جلالة الملك وزوجته. كيف لا أتوتر؟”
“لو تحدّثتِ معهما مرّة واحدة بجديّة، لتغيّر رأيكِ.”
“حتّى لو.”
ربما كان إليان إستوبان الوحيد في العالم القادر على تجاهل دعوة الملك بهذه اللامبالاة. أجابت ليديا بنبرة مستسلمة.
دفع إليان تجعيدة جبينها المشدود برفق وقال:
“……سأكون معكِ، فلا داعي للقلق.”
بالطبع، لم تشكّ ليديا في أنّه سيكون درعًا ممتازًا لها. قد يكون من المؤلم مواجهة تعليقاته الساخرة، لكنّهما في النهاية في صفّ واحد.
“هل ستكون الأميرة يولينا هناك أيضًا؟”
“لماذا الأميرة يولينا؟”
هزّت ليديا رأسها لإليان الذي عبس قليلاً وسألها، وقالت إنّه لا شيء. لم تفهم حتّى هي لماذا طرحت هذا السؤال فجأة.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 31"