إذا نظرنا إلى أعمق المشاعر التي كانت تدفع إليان أحيانًا لدفع ليديا بعيدًا عنه بوعي، سنجد أنّ الخوف هو ما يتربّص في القاع، وهذا كان الجزء الذي كان يرفض إليان الاعتراف به أو قبوله أكثر من أيّ شيء آخر.
لأنّها أيضًا شخص سيغادر يومًا، أو بالأحرى، لأنّه قد سمّاها عمدًا على أنّها ستفعل ذلك.
“نعم.”
كان قبول ليديا، التي تحمل دفء الشمس الثابت في لطفها، في حياته اليوميّة بصدق بمثابة سمّ يطعن قلبه بنفسه.
على أيّ حال، كلّ من منحَهم مكانًا إلى جانبه قد خانوا توقّعاته أو غادروا في النهاية.
كان من الطبيعيّ أن تكون ليديا أيضًا شخصًا يخطّط للمغادرة في أيّ وقت.
لذا، إذا كان هناك درس تعلّمه من نفسه في الماضي، حيث كان يتأذّى بغباء، فإنّه يجب على إليان ألا يترك أيّ مجال لليديا أبدًا.
“لذا، من فضلك، ارتدِ ملابسك مجدّدًا.”
“لا أريد.”
لكن في موقف غير متوقّع، بينما كانت تتظاهر بالجرأة، كان يحمرّ وجهها ببراءة في هذه اللحظة، مما جعل من الصعب عليه أن يرفع عينيه عن ليديا، التي تمنحه شعورًا غريبًا لم يشهد مثله من قبل مع شخص يمتلك هذا التنوّع في العواطف.
“لا يزال هواء الليل باردًا، ستُصاب بالزكام، أيّها الماركيز. أنا لا أستطيع علاج ذلك، كما تعلم.”
“يا للأسف حقًا.”
كان إيجاد المتعة في حواره معها، وهو يفكّر في رغبته في الهروب من روتين حياته المملّ والرتيب سابقًا، هو كلّ ما يحتاج أن يكون عليه.
مجرد اهتمام بسيط، كما لو أنّه يراقب قطرة ماء تنفجر عند لمسها بفضول، ثم يمرّ بها عندما يفقد الاهتمام.
‘هي مجرد شخص يخفّف الأعراض، ربما لهذا السبب.’
نعم، هذا فقط. بسبب قدرتها على اختراق نقاط ضعفه لا محالة.
فقط بسبب ذلك كان يستمرّ في التفكير بها.
“أنا، آه، أريد أن أعود للنوم حقًا…….”
كان منظرها وهي تبدأ بالنعاس مجدّدًا في لحظة، غارقة في النوم، يعكس حالة من الضعف التام. نظر إليان إليها مطوّلاً وهي تكاد تغرق في الوسادة، ثم مدّت يدها فجأة.
“سأمسك يدك فقط وأنام.”
ضحك إليان ضحكة خافتة على كلماتها البريئة بعينيها الناعستين. كان في أنفاس ليديا رائحة حلوة تجعله يرغب في الانحناء لتذوّقها.
“يبدو أنّكِ ضعيفة أمام الخمر.”
“لست كذلك على الإطلاق.”
لكن عينيها المتقطّعتين كانتا تحكيان قصّة أخرى. نظر إليان إلى شعر ليديا المبعثر وقال بلا مبالاة:
“كفى.”
“في المرّة السابقة، حلمتَ بكابوس، أليس كذلك؟ أليس من الأفضل أن يكون النوم غير مريح قليلاً بدلاً من كابوس؟”
كانت وجنتاها، المتورّدتان بفعل الخمر، تتجاهلان التفكير المنطقيّ وهي تحثّ إليان.
في النهاية، استسلم إليان لإصرار ليديا، ومثلما فعل قبل أيّام، استلقى بحذر إلى جانبها، ممسكًا بيدها، ثم غطّت في النوم سريعًا وهي تتنفّس بهدوء تام.
نظر إليان إلى تنفّسها المنتظم لوقت طويل، ثم رتّب شعرها المبعثر. كان في إعادته بيده تردد واضح.
عاد إلى الكرسيّ وجلس ينظر إليها بهدوء، وكان من الواضح أنّ الليل سيكون طويلاً بالنسبة له.
—
في صباح اليوم التالي، استيقظت ليديا وهي تنظر إلى السقف على سرير ناعم، بشعور غامض سيّئ.
“مهلاً، كان بجانبي بوضوح…….”
عندما حاولت تذكّر الأمر، احمرّ وجهها فجأة.
‘هل جننتِ؟ ما هذا الهراء عن ‘سأمسك يدك وأنام’، يا ليديا!’
صرخت داخليًا وهي تستغرق وقتًا لتقبل الواقع، ثم نهضت من السرير فجأة.
لاحظت إليان جالسًا على كرسيّ بعيد في وضعيّة غير مريحة، مغمض العينين.
“هل بقيتَ هناك طوال الوقت؟”
نهضت ليديا من السرير مندهشة.
بغضّ النظر عن بعض التصريحات المحرجة التي قالتها بسبب شرب الخمر بلا حدود، شعرت بالأسف لأنّ سيد هذا القصر قضى الليل على كرسيّ غير مريح بسببها بدلاً من السرير.
استيقظ إليان من صرختها المفاجئة وقال بصوت ناعس ممزوج بزفرة:
“لم أستطع الذهاب إلى غرفة أخرى، أليس كذلك؟”
“لكن السرير واسع جدًا…… لم يكن عليك…….”
كان السرير واسعًا بشكل مبالغ فيه، ربما يكفي لخمسة أشخاص دون إزعاج.
بينما كانت ليديا تتألّم من الشعور بالذنب لأنّها تركت شخصًا يعاني من اللعنة ونامت بمفردها براحة، اقترب إليان فجأة.
حاولت التراجع عندما صعد إلى السرير، لكن لم يكن هناك مكان للتراجع.
“انتظر، انتظر لحظة. لماذا تفعل هذا؟”
“تعالي إلى هنا.”
احتضنها إليان بسرعة، ممسكًا بخصرها، دون أن يترك مجالًا للشرح.
كانت رائحة الليلك الخفيفة أوّل ما تبادر إلى ذهنه وهو يقترب منها.
كانت تلك الرائحة الحلوة الخفيفة، التي تميّزها عن رائحة الخمر، تنبعث منها دائمًا، وكأنّها تُعرّف من جديد.
كانت أقوى من الدفء الذي شعر به عبر ملابسها الرقيقة، تأسر عقله بقوّة.
“لماذا بالضبط…….”
لم يدرك إليان أنّه كان يحدّق بها دون كلام حتّى شعر بيدها الصغيرة تمسك كتفه.
بينما لم تلحظ ليديا، التي كانت مشوّشة، الأصوات الخارجيّة، سمع إليان تحرّكات الخدم وبدأ يتوقّع قدوم أحدهم إلى الغرفة قريبًا.
“سمعتُ صوتًا من الخارج.”
“آه.”
استرخت ليديا فورًا مع هذا الفهم، مدركة أنّه يتظاهر عمدًا.
من الواضح أنّ مشهدًا يظهر فيه الاثنان منفصلين في صباح زواجهما الأوّل سيبدو غريبًا وخارجًا عن التوقّعات.
“لكن الآن يبدو الأمر غريبًا بعض الشيء…….”
شعرت أنّ هذا الوضع المفتعل يحتاج إلى أن يبدو أكثر طبيعيّة.
كعادتها في الحماس، حرّكت ليديا يدها من كتفه إلى مؤخّرة عنقه، ورفعت يدها الأخرى لتجذبه أقرب.
هذه المرّة، تجمّد إليان. على الرغم من أنّه اقترب أوّلاً، إلا أنّ مبادرتها جعلته يتفاجأ ويتركها تقوده.
“أقرب قليلاً، أليس هذا أفضل؟”
احتضنته بإحكام حتّى لامست خدّاهما، وهمست له بصوت لعوب.
تجمّد إليان تمامًا، يكاد لا يتنفّس.
كانت عيناها البريئتان المتلألئتان تعكسان عزيمة قويّة لتتجاوز هذا الصباح دون أيّ شكوك.
‘سأفقد عقلي…….’
شعر برغبة في دفن رأسه في السرير وهو يرى ابتسامتها المنعشة التي بدت راضية تمامًا.
كان ردّ فعله المبالغ فيه مضحكًا نوعًا ما.
لكنّه لم يستطع تجاهل دقّات قلبه التي تتسارع كما لو أنّه يقترب منها للمرّة الأولى.
“ليديا، انتظري لحظة.”
لم يعرف إن كان يشعر بالاختناق من رائحتها القريبة أم برغبة في الاقتراب أكثر.
“……لماذا؟”
لم يجد إليان جوابًا سهلاً لسؤالها “لماذا”، فهو نفسه لم يفهم سبب ردّ فعله.
بالنسبة لليديا، كان هذا ردّ فعل غريب حقًا. ففي النهاية، كانا يمسكان أيدي بعضهما دائمًا، فما الفرق الكبير إذا زاد التقارب قليلاً؟
لحسن الحظ، قطع طرق خادمة على الباب تلك اللحظة التي بدت وكأنّ الوقت توقّف بالنسبة لإليان.
“سيّدي، هل يمكنني الدخول؟”
“……ادخلي.”
أمال إليان جسده نحو الباب، مانعًا رؤية ليديا تمامًا. سمعته يقول بصوت هادئ من فوق رأسها:
“لا تزعجينا واخرجي. اتركي منشفة مبلّلة للغسيل وملابس جديدة فقط.”
“نعم، نعم! مفهوم.”
استغلّت ليديا الفرصة لترفع عينيها نحوه خلسة. بدا وكأنّ شيئًا ما يزعجه، إذ كان يعبّس.
صحيح، بدا الوضع من الخارج مليئًا بالمودّة، لكنّه في الحقيقة كان غير مريح على الإطلاق.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 25"