كانت ليديا تشعر وكأنّ رأسها يدور من كثرة التحيّات التي لا تعرف عددها أو من تُوجّه إليهم.
تناولت المشروب من كأسها دون وعي مرّة تلو الأخرى. وما إن أفرغته وحاولت أخذ كأس جديد حتّى أوقفتها يد.
“تبدين متعبة. اصعدي وارتاحي أوّلاً.”
كان إليان، الذي راقبها وهي تشرب النبيذ متوترة خوفًا من ارتكاب خطأ طوال حفل الاستقبال، يعبّس قليلاً.
“لقد شربتِ كثيرًا.”
شعرت بلطف غريب من لمسة يده الباردة على جبهتها. كانت تعلم أنّها لا يجب أن تشعر بهذا، لكن بعد رؤيتها لإليان يتعامل بصرامة مع الآخرين في مثل هذه المناسبات العامّة، شعرت بسرور لكونها تُعامل معاملة خاصّة من هذا الماركيز الحادّ.
ما إن فكّرت بذلك، أقرّت ليديا داخليًا أنّها ثملة، رغم أنّها لن تعترف بذلك علنًا أبدًا.
قال ذلك ثم أمر خادمة بمرافقتها إلى الغرفة. نظرت ليديا إلى الماركيز.
نعم، كان إليان إستوبان. بعد أن تأكّد منها للمرّة الأخيرة وعاد إلى قاعة الحفل، بدا كأنّه ينتمي إلى عالم مختلف تمامًا.
كانا قد تقاطع عالماهما مؤقّتًا لمصلحة مشتركة فقط. لم تكن حياتها اليوميّة تتضمّن مثل هذه الأماكن أو مواجهة أشخاص مثله.
مع ذلك، لماذا شعرت بأسف إن اختفى هذا الشخص من حياتها مجدّدًا؟
“سيّدتي، هل أنتِ بخير؟”
انتفضت للقب غير المألوف. لم تكن الغرفة التي أرشدتها إليها الخادمة غرفة ضيوف بعد الآن.
بما أنّهما زوجان اسميًا، كان عليهما مشاركة غرفة نوم على الأقلّ. فركت ليديا رأسها وهي تنظر إلى الغرفة المزيّنة بعناية والسرير الضخم.
كان عليها الاعتراف بكلام إليان. عادةً، ربّما فكّرت في كيفيّة مشاركة الغرفة، لكن رأسها المشتّت الآن رفض التفكير بهذا أصلاً.
“هل يمكنكِ جلب كأس ماء بارد؟”
“نعم، بالطبع.”
يبدو أنّ الخادمة أساءت فهم حالتها، ظنًا أنّها متوترة من ليلة الزفاف الأولى، فغادرت مبتسمة.
“… تماسكي، ليديا.”
جلست ليديا على السرير فجأة دون اكتراث لتجعّد فستانها، فشعرت بغثيان فوريّ.
“آه، لقد أفسدتُ الأمر.”
لم تفهم لماذا كانت متوترة لهذا الحدّ. عرفت الإجابة. لم ترد إحباط إليان. لكن، لماذا؟
“لن يوبّخني كثيرًا إن أخطأتُ قليلاً.”
كانت تتخيّل صوت إليان يقول إنّ اسم إستوبان كفيل بتسوية الأمر. لكن لماذا أرادت حقًا أن تنجح هذه الليلة “بشكل جيّد”؟
“… لا أعرف.”
تخلّت ليديا عن التفكير أخيرًا واستلقت على جنبها براحة.
تراكم الإرهاق سريعًا، وغفت في تلك الحالة بسرعة.
بينما كانت تحاول التمسّك بوعيها الضبابيّ، تفاجأت بصوت مفاجئ:
“توقّفي عن إزعاجي.”
كان صوت امرأة سمعتها من قبل. أو ربّما صوت فتاة صغيرة أقرب.
التفتت ليديا بسرعة، لكن لم يكن هناك سوى ظلام فارغ. هل كان وهمًا؟
“ألم تسمعي جيّدًا؟ قلت توقّفي عن إزعاجي.”
هذه المرّة كان أقرب بكثير. نظرت ليديا أمامها، ورأت فتاة ذات شعر أحمر متّقد كالنار، فتفاجأت.
في تلك اللحظة، أدركت مصدر الشعور بالألفة في صوتها. كان الصوت الذي صرخ بها عندما ساءت حالة إليان سابقًا.
“أنتِ، الفتاة التي قالت لي اخرجي.”
“من تظنّينني إذن؟”
نظرت الفتاة إليها ببرود، بوجه خالٍ من العواطف لا يتناسب مع صغر سنّها، وقالت بحدّة:
“توقّفي عن التدخّل في أمري، يا سليلة سوليم.”
كانت نبرتها كالكهلة. شعرت ليديا، من تسميتها “سوليم” ومن وجودها، أنّها ليست بشريّة رغم مظهرها.
“لماذا تعذّبين إليان إستوبان؟”
“لأنّ إستوبان أخذ قلبي، ومنعني من الراحة الأبديّة.”
كان كلامًا بلا مقدّمة أو خاتمة. لكن قبل أن تطلب ليديا تفسيرًا، بدت الفتاة غاضبة فجأة وقالت:
“حتّى اللحظة الأخيرة، قاوم وجعلني أتيه هكذا، وسأجعله يدفع الثمن. هل تعتقدين أنّ ساحرة بشريّة مثلكِ يمكنها هزيمتي؟ كيف تجرئين؟”
من حديثها عن “إستوبان”، لم يبدُ أنّ إليان هو من فعل ذلك. لكن أليس معنى هذا أنّها تحتجزه رهينة فقط لأنّه إستوبان؟
أطلقت ليديا أسئلتها بسرعة:
“كيف أخذ القلب أصلاً؟ هل يمكن أخذه؟ إذن، إن أعدنا القلب، هل ستزيلين اللعنة؟”
أطلقت الفتاة صوتًا كضحكة ساخرة أو تنهيدة قصيرة:
“طمع البشر لن يسمح بذلك. لو كان ممكنًا، لما أخذوه من البداية.”
كانت ليديا تتمنّى لو شرحت الفتاة ما هو القلب وماذا يجب إعادته للتفكير في الأمر، لكن الفتاة، التي كانت تضع ذراعيها متقاطعتين، رفعت عينيها فجأة إلى السقف المظلم، ثم عبست بشدّة ونظرت إليها مجدّدًا:
“لذا، توقّفي عن التدخّل.”
نظرت ليديا حولها، لكن الفتاة اختفت، واستقرّ الظلام الدامس مكانها.
في اللحظة التالية، بدأت النيران الحارّة تلتهم المكان فجأة. حاولت ليديا التراجع خوفًا، لكن لا مفرّ.
كلّ ما حولها كان لهبًا متلاطمًا.
سمعت صرخات أشخاص تتلاشى في أذنيها، صرخات تعاني ألمًا رهيبًا.
أدركت ليديا حينها حقيقة اللعنة التي يعانيها إليان.
‘هذا ما يتحمّله كلّ يوم؟’
يا إلهي. إن كان عليه تحمّل هذا الألم مدى الحياة، لن يصمد دون أن يفقد عقله. الانهيار النفسيّ سيأتي أوّلاً بلا شكّ.
في تلك اللحظة، سمعت صوتًا يناديها من بعيد. “ليديا”، صوت عاجل.
“ليديا، استيقظي!”
فتحت عينيها وقفزت من مكانها، وتأكّدت من سلامتها حولها، مدركة متأخّرة أنّ ما رأته كان حلمًا.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 23"