ليديا قالت فجأة وهي تنظر إلى إليان الذي كان يحدّق بالسوار دون حراك:
“سيّدي الماركيز، هل تعرف ما هو السحر؟”
التفتت إليها نظرة تحمل تساؤلاً عما إذا كانت تقول شيئًا غريبًا.
لم تكترث، بل جلست على ركبتيها وأشارت له أن يجلس براحة، وهي تضرب المكان بجانبها برفق.
لكن إليان لم يتحرّك، بل ظلّ ينظر إليها بثبات، فاضطرّت للاستسلام. بدلاً من ذلك، أشارت ليديا إلى السوار في يده وتابعت:
“يقال إنّ جوهر كلّ سحر ينبع من أمنية عميقة. إنّه تحويل الرغبة إلى واقع ملموس. كلّما كانت الأمنية عظيمة ومستحيلة، بدا السحر أقرب إلى المعجزة.”
أدركت ليديا أنّ إليان، الذي أمسك السوار بقوّة وتحرك بنظره، كان يستمع لكلّ كلمة تقولها بعناية.
“لكن في هذا السوار، شعرتُ بذلك ‘السحر’ أيضًا.”
سمعت منه صوتًا كأنّه نفَس يخرج منه مع ضحكة خافتة مشوبة بالتهكّم:
“هل تقولين إنّ أخي غير الشقيق أصبح ساحرًا؟”
“شيء من هذا القبيل.”
لكن ليديا كانت جادّة. إذا كان تخمينها صحيحًا، فقد حقّق إيدان إستوبان السحر في أبسط مراحله دون أن يدرك ذلك.
“الأمنية الصافية بسعادة من سيتلقّى هذا السوار محفورة هنا. أشعر أنّه سحر من هذا النوع. خفيف جدًا كنسمة، لكنّه سحر على أيّ حال.”
عندما مدّت ليديا يدها، أعاد إليان السوار دون تفكير، ونظر إليها بذهول وهي تجذب يده السليمة وتضع السوار فيها.
“ربّما لو كان ذلك في الماضي البعيد، لكان أخوكَ، سيّدي الماركيز، قد وُلد بموهبة ليصبح ساحرًا عظيمًا. لكن الآن، أصبحنا في عصرٍ تترك فيه هذه المواهب آثارًا سحريّة دون أن يعي أصحابها ذلك.”
توقّفت عن الشرح لحظة لتركّز على ربط عقدة السوار جيّدًا حتّى لا يسقط.
“… كأن يتمنّى شخص يحمل أثرًا سحريًا باهتًا أن يتعثّر شخص آخر في اليوم التالي، فيحدث ذلك بالصدفة عندما يتعثّر ذلك الشخص بحجر في الطريق.”
رفعت ليديا رأسها وهي تهمس “تمّ”، لتجد نفسها تواجه وجه إليان عن قرب مباشرة.
نظر إليها إليان بهدوء ثم بدأ يتكلّم بصوت منخفض وبطيء:
“… إيدان رحل عن هذا العالم بسببي تقريبًا. هل تظنّين أنّه مع ذلك يتمنّى سعادتي؟”
“سمعتُ أنّه كان حادثًا مؤسفًا. إذن، لم يكن شيئًا تستطيع التحكّم به، سيّدي.”
تقلّص وجه إليان وهو ينظر بعيدًا كأنّه يتذكّر الماضي.
“لكن لو كنتُ متيقّظًا وأكثر انتباهًا، لربّما منعتُ موت إيدان.”
شعرت ليديا من كلمات إليان المملوءة بالندم العميق أنّها بدأت تفهم إلى أيّ مستنقع من الذنب ألقى بنفسه.
وضعت ليديا يدها فوق يده وقالت:
“كيف يمكن أن يكون ذنبكَ أمرٌ لم تكن لتعرفه مسبقًا؟”
“تقولين ذلك لأنّكِ لا تعرفين شيئًا.”
“إذن، أخبرني. عن ‘إيدان’.”
لم يستطع إليان أن يرفض عيني ليديا الهادئتين وهما تنظران إليه.
كان يعلم أنّ إيدان إستوبان، الذي كان يتبعه ببراءة دائمًا، لن يلومه بل سيغفر له. ولهذا كان يكره أن يغفر لنفسه.
<أخي، لا تكرهني ولا تكره نفسك.>
كان إيدان بريئًا وضعيفًا، لكنّه ذكيّ أيضًا. عرف أنّ موته سيجعل إليان يرغب في تدمير كلّ ما تسبّب فيه، بما في ذلك نفسه.
لذا، حتّى في آخر لحظاته، ترك إيدان كلمات ناضجة تطلب من إليان ألّا يُغرق نفسه في الكراهية.
لكن إليان، الذي كان يفترض أن يتصرّف بنضج أكبر، لم يستطع ذلك أبدًا.
لهذا دفن كلّ شيء. لم يستطع حتّى تلبية وصيّة إيدان الأخيرة، ولم يعرف كيف يعيش في هذا العالم.
ترك فقط “إليان إستوبان، ربّ عائلة إستوبان”، وتخلّص من كلّ شيء آخر.
كان يعتقد أنّه فعل ذلك بالتأكيد.
“إيدان… ذلك الطفل كان يغفر بسهولة.”
كان دائمًا كذلك. حتّى أمّه التي لم تعطه ذرّة حنان، أحبّها ولم يستطع كرهها.
لذا، رغم كراهية إليان الشديدة لتلك المرأة، تركها دون مساس من أجل إيدان.
لأنّها، على أيّ حال، من اعتبرها إيدان إستوبان أمّه. لهذا السبب الوحيد فقط.
“لكنّني لا أستطيع أن أغفر لمادلين إينيس بسهولة.”
مادلين إينيس، أميرة إينيس.
بعد وفاة الماركيز إستوبان السابق، ظلّت جزءًا من العائلة، لذا من الناحية الرسميّة، يجب أن يكون اسمها مادلين “إستوبان”.
لكن تلك المرأة كانت تكره أن تكون مجرّد زوجة ماركيز لا تبرز فيها، ففضّلت دائمًا لقب “الأميرة مادلين”. لذا، بالنسبة لإليان، ظلّت دائمًا مادلين “إينيس”، وليست “إستوبان”.
“هذا كلّ شيء. تلقّيتُ إشعارًا بأنّ تلك المرأة قادمة إلى العاصمة، فتحمّلتِ ضيقي دون ذنب.”
تفاجأت ليديا بتحوّل الحديث المفاجئ، وحاولت مواكبة كلامه، لتدرك متأخّرًا أنّه يحاول الاعتذار عن تصرّفاته السابقة.
“أعتذر عن تصرّفاتي. لم يكن عليّ أن أعاملكِ بتلك الطريقة هناك.”
“أنا…”
بالطبع شعرت بالغضب والانزعاج. لكن ليديا لم تتوقّع أن يعترف إليان إستوبان، الماركيز المتباهي بكبريائه، بخطئه بهذه السهولة، فأصابها الارتباك الحقيقيّ.
فضلاً عن ذلك، من الحقائق القليلة في اليوميّات، إذا كان إليان يحبّ إيدان لهذه الدرجة، فمن المنطقيّ أن يكره مادلين التي بدت باردة ولا مبالية كأمّ.
“أفهم ذلك. لكلّ إنسان أيّام كهذه.”
كانت جدّتها تقلق أحيانًا من هذا الجانب في ليديا. كانت تقول إنّها تركّز على رؤية الجوانب الجيّدة في الناس، وعليها أن تحافظ على توازنها في الحياة.
لكن من خلال إدارة متجر التحف وسماع قصص العملاء، تعلّمت شيئًا.
من الصعب الحكم على الناس من حادثة واحدة أو جانب واحد فقط.
الإنسان مزيج معقّد من الماضي والحاضر يتشابك مع مشاعر تشكّل مستقبله.
لذا، اعتادت ليديا ألّا تحكم على الناس بسرعة.
“وكما قلتُ من قبل، إذا تحدّثتَ بصراحة، تصبح الحلول أبسط.”
“تطلبين منّي أصعب شيء.”
الصراحة تقرّب المسافات بين الناس. كانت المسافة بين ليديا وإليان قريبة بما فيه الكفاية.
أن تكون أقرب من ذلك سيكون أمرًا سيندم عليه بالتأكيد.
“لا تغفري للناس بهذه السهولة، ليديا. هذه خسارة لكِ.”
بدا كلامه قاسيًا، لكن يده التي امتدّت لتزيل الغبار عن رأسها كانت حذرة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"