بينما كانت تنظر إلى الأغراض التي بدت مهملة منذ زمن، خطرت لها فكرة أنّها قد تجد دليلًا عن أصل اللعنة.
كانت متأكّدة أنّ اللعنة لا تعتمد على شيء ماديّ، لكن ربّما كان أحد الماركيز السابقين قد تورّط في سحر محظور.
لم يبدُ ان هناك مكان أنسب من هذا المخزن المهجور للبحث عن سجلّات أو آثار كهذه.
“بالطبع. سأترك الباب مفتوحًا وأخرج.”
سمعت ليديا خطوات تبتعد، ثمّ أعادت نظرها إلى داخل المخزن بسرعة.
في تلك اللحظة، بدأت تتحرّك مركّزة للبحث عن أيّ شيء يحمل أثرًا سحريًا.
حينها، لفت انتباهها كيس كبير يشبه الحقيبة بشكل غريب، فأثار فضولها.
‘يُسمّونه حدسًا’، لكن عادةً عندما يتكرّر جذب انتباهها، يكون السحر متورّطًا.
اقتربت ليديا وفكّت الرباط الموجود على الكيس قليلًا، ثم شعرت بخيبة أمل.
“يا إلهي، ما كلّ هذا؟”
تذكّرت حينها ما قاله إليان عن مصدر خاتم عائلة سوليم، أنّ أحد الماركيز السابقين كان له هواية جمع الأغراض المتنوّعة.
جلست ليديا على الأرض منحنية، وبدأت تُخرج الأشياء واحدًا تلو الآخر.
“هذا لا يحمل سحرًا، وهذا مجرّد سحر زخرفيّ، وهذا العقد… أوه، لكن به سحر حظّ. ضعيف جدًا.”
أخيرًا، وجدت عقدًا يمكن اعتباره يحمل سحرًا حقيقيًا، كان عبارة عن خيط طويل مع جوهرة شبه شفّافة منحوتة بطريقة بدائيّة معلّقة فيه.
لكن كان به بالتأكيد سحر حظّ ضئيل قد يساعد قليلًا.
ذلك الحظّ كان من نوع العثور على عملة في زاوية أثناء تنظيف الغرفة.
“ما ذلك؟”
لفت نظر ليديا كتاب صغير موضوع وحيدًا على الأرض في زاوية. مدّت يدها وأمسكت بالكتاب المثير للاهتمام.
نفضت الغبار المتراكم على سطحه وهي تكحّ، وتفحّصته، فوجدت اسمًا مكتوبًا بخط مائل على الغلاف الخلفيّ.
إيدان إستوبان.
تجمّدت ليديا لحظة اكتشاف الاسم.
نظرت حولها، لكن لم تفهم من أين سقط هذا، كان ملقى بمفرده.
رفعت الغلاف بحذر بأصابعها.
“… هل هذا دفتر يوميّات؟”
عندما قلبته برفق ورأت الصفحة الأولى، كان هناك تاريخ مكتوب أعلى الصفحة. بدا بالتأكيد كيوميّات.
مرّت عينا ليديا على التواريخ المكتوبة بعناية. بحساب سريع، كانت تعود لأكثر من عشر سنوات.
[اليوم لعبتُ مع أخي إليان. قال لي لا أصعد الشجرة لأنّني قد أتأذّى. لكن لا. أنا أنزل من الشجرة جيّدًا.]
ضحكت ليديا بخفّة بمجرّد قراءة أوّل تدوينة. بدا صوت إليان وهو يوبّخ كأنّه يرنّ في أذنيها.
يبدو أنّه حتّى وهو يلعب مع أخيه الصغير، لم يستطع إخفاء طبعه المتطلّب الفطريّ.
[قال الأخ إنّ عليّ أكل الطعام الذي لا أحبّه لأكبر بسرعة. لكنّني أكره الفول. هو أيضًا يترك الفول أحيانًا. سأخبر أختي كاترينا بكلّ شيء. باه!]
[أختي كاترينا مخيفة قليلًا. لكنّها طيّبة. قالت إنّه لا بأس إن لم آكل الفول. أخي إليان يسمع كلامها جيّدًا. الأخت هي الأفضل. ألغي ذلك. الأخ هو الأفضل.]
كان دفتر اليوميّات، الذي بدا أنّ صبيًا صغيرًا كتبه، مليئًا بالحبّ الصافي تجاه إليان.
رغم تذمّره من إليان أحيانًا، كان واضحًا أنّ إليان هو المفضّل لدى إيدان بلا شكّ.
كما كان جليًا من هذه اليوميّات البسيطة أنّ إليان يعتني بإيدان بعناية رغم تظاهره بغير ذلك.
[أخي إليان هو الأروع في العالم. أريد أن أحرّك السيف الخشبيّ بروعته. قال إنّه خطير. ووعدني أنّه سيعلمّني فنون السيف عندما أكبر.]
أدركت ليديا مجدّدًا أنّ صاحب هذا الدفتر لم يعد في هذا العالم.
شعرت بالحزن لأنّ مستقبل هذا الطفل لن يتحقّق، فكيف كان شعور إليان الذي وعده بتعليمه السيف؟
[يبدو أنّني أزعج أمّي اليوم أيضًا. لكن لا بأس. قال الأخ إنّه سيرافقني للعب. هو يكره التجوّل في القرية! انا متحمّس!]
[غضب أمّي مخيف جدًا. أتمنّى أن تبتسم. أختي كاترينا ابتسمت عندما أعطيتها زهرة. قالت إنّني لطيف. أتمنّى أن تبتسم أمّي أيضًا. لكن يبدو أنّها تكرهني. لا. قال الأخ إنّ ذلك غير صحيح.]
“سِرْ”، مع تقدّم الوقت وهي تقلب الصفحات، أصبح الخطّ أكثر انتظامًا، وبدأت مشاعر مظلمة مرتبطة بـ”الأمّ” تظهر هنا وهناك.
خاصّة الجملة الأخيرة، على عكس الشطب اللطيف السابق، كانت مليئة بالخطوط العشوائيّة، كأنّه ينفي ذلك تمامًا ولا يريد التفكير فيه.
“الأمّ، هل تطيقصد الأميرة مادلين؟”
كان واضحًا للجميع أنّ كاترينا وإليان أخوان شقيقان.
لكن إيدان وحده لم يشبههما. بإضافة أنّه الأصغر، يمكن استنتاج أنّ الماركيز السابق تزوّج من الأميرة مادلين من مملكة إينيس مجدّدًا، وأنّهم إخوة غير أشقّاء.
أكّدت اليوميّة التالية ذلك. استمرّت اليوميّات العاديّة لبضع صفحات، ثم انتهت دون أن تملأ الدفتر.
كأنّ حياة صاحب الدفتر انتهت فجأة.
<كان هناك حادث مؤسف سابقًا.>
ما الذي حدث لينتهي مصير هذا الصبيّ المرح مبكرًا هكذا؟
كانت ليديا تُرتب مشاعرها الحزينة وتُغلق الدفتر، عندما سقط شيء من بين الصفحات على ركبتها “طق”.
“… سوار؟”
كان سوارًا بدائيًا مصنوعًا من جلد مجدول. لكن ما جذب انتباه ليديا لم يكن شكله، بل أثر السحر الضعيف المنبعث منه.
كان غريبًا، لا يمكن تحديده كنوع معيّن من السحر.
لكنّه بالتأكيد سحر إيجابيّ، كأنّه يحمل نسمة منعشة، أثر سحر خفيف باقٍ.
“إليان إستوبان…”
عند تفحّص داخل السوار، وجدت كلمات صغيرة مكتوبة بخطّ اليوميّات نفسه، يصعب قراءتها. يبدو أنّ إيدان صنعه لأخيه إليان.
‘لكن لمَ يبدو أنّ به سحرًا؟ سحر غير واضح، كأنّه ليس سحرًا كاملًا.’
غرقت ليديا في التفكير، منشغلة بحيرتها، فلم تشعر بخطوات تقترب من خلفها.
“ليديا.”
انتفضت ليديا من الصوت المفاجئ واستدارت.
كان الماركيز إليان إستوبان نفسه يقف متّكئًا على الباب، والضوء خلفه.
“كيف أتيتَ إلى هنا؟”
“لم أجدكِ. قالوا إنّكِ هنا.”
بالتأمّل، كان إليان يتعامل معها بفتور أيّامًا، لكنّه لم يتوقّف عن تفقّدها بين الحين والآخر.
في اليوميّات أيضًا، كان “أخي إليان” يظهر كلّ بضعة أيّام، يفعل شيئًا لإيدان أو يسأله عن شيء، يعتني به.
يبدو أنّ الاهتمام بمن حوله عادة لديه.
حتّى لو كان ذلك مع شخص مثل ليديا، موضوع بطريقة مصطنعة تمامًا.
‘وربّما بسبب إزالة اللعنة.’
في الحقيقة، هذا التخمين أكثر منطقيّة. قالت ليديا إنّ عليها فحصه يوميًا، لذا يبحث عنها بدافع الواجب الغريزيّ بالتأكيد.
“ماذا كنتِ تفعلين؟”
“هذا…”
لم يقل أحد إنّه ممنوع، لكن ليديا شعرت كأنّها ضُبطت تتطفّل على سرّ، فتلعثمت.
لكن الماركيز إستوبان اقترب، وتعرّف على الدفتر في يدها بسرعة.
“يبدو أنّ الخادم لم يتخلّص منه أخيرًا.”
“آسفة. لم يكن يجب أن أقرأه، لكنّه كان ملقى على الأرض، فأردتُ التقاطه…”
“لا. كان سيُرمى على أيّ حال. لا يهمّ.”
لم يبدُ أنّه لا يهمّ. إليان المسجّل في كلمات إيدان كان أخًا رائعًا له أكثر من أيّ أحد.
شخص كهذا لا يمكن ألّا يتعلّق بهذا الدفتر، الدليل المهمّ على وجود إيدان في العالم.
مرّرت ليديا يدها على سطح الدفتر بهدوء، ثمّ مدّت السوار الذي لا تزال تمسكه فجأة.
“مع ذلك، أعتقد أنّ ‘إيدان’ كان يريد منكَ أن تحتفظ بهذا.”
“ما ذلك؟”
“ربّما سوار صنعه بنفسه.”
نظرت ليديا بين السوار في يدها والعقد المسحور بـ”الحظّ” الذي وضعته جانبًا، ثمّ أدركت فجأة.
آه، ربّما.
“يبدو كسوار مليء بأمنياته أن تكون بأمان وسعيد.”
“كيف عرفتِ ذلك؟”
حتّى الماركيز، الذي بدا يتظاهر باللامبالاة، جثا على ركبة واحدة بجانب ليديا عند هذه الكلمات ليفحّص السوار.
قلّب إليان السوار، وعندما رأى كلمة “إليان إستوبان” بخطّ طفوليّ، تجمّد جسده.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 14"