[حاولتُ مخاطبتها لكنّها اختفت.] 

كان في كلام التنّين الذي يرافقهم مزيج غريب من الأسى والخيبة. 

حتى لو كانت مجرّد فكرة متبقّية، كم من السنين مرّت منذ التقى بأحد من جنسه؟ 

لكن لم يكن هناك وقت للتفكير في ذلك بعمق. بدأ الكونت يتأوّه ويتلوّى بجسده. 

“لحظة فقط. سينتهي الأمر بسرعة.” 

أمسكت ليديا يد الكونت برفق. 

“إذا أمسكتِها حقًا هكذا…!” 

يبدو أنّ كاترينا فهمت كلام ليديا عن “شفاء ليون” على أنّها عالجته كمعالجة. 

“لا بأس.” 

رنّ صوت إليان المتذمّر وهو يمنع كاترينا. 

‘كلّ مرّة…’ 

حتى مع علمه أنّها لن تتأذّى الآن، كانت ليديا تلاحظ أنّ إليان يظهر دائمًا عدم رضاه عندما تُقدم على فعل خطير. 

‘ليس الوقت للتفكير في هذا…’ 

ركّزت ليديا مجدّدًا. كان جسد الكونت مدمّرًا تقريبًا. 

لكن إزالة آثار السحر المظلمة الرتيبة التي ترسّبت كظلّ على جسده لم تكن صعبة جدًا. 

[حتى العلاج ستفعلينه؟] 

أدرك التنّين نيتها بذكاء عندما لمع الخاتم. 

“لا أعتقد أنّني سأتمكّن من شفائه تمامًا.” 

لكن هذا السحر لم يكن من النوع الذي يُتقن بسرعة حتى مع الخبرة. 

بما أنّها لم تتدرّب عليه بشكل صحيح من قبل، كان الأمر معقّدًا للغاية. 

“يا إلهي…” 

على عكس شعور ليديا الداخلي بقيودها، أطلقت كاترينا تنهيدة دهشة فقط. 
فقد فتح الكونت عينيه أخيرًا. 

“…أين أنا؟” 

كان صوته المبحوح يشي بأنّه لم يستوعب الوضع بعد. 

“في الممرّ السرّي الذي أخبرتني عنه.” 

“هل تفاقم الوضع إلى هذا الحدّ؟” 

“بشكل هائل، وبشدّة.” 

تراجعت ليديا لتترك كاترينا تتحدّث مع زوجها. 

عندما تعثّرت وهي تقوم، أمسكها إليان. 

“لم يبدُ أنّكِ بذلتِ الكثير من الجهد من الخارج.” 

“حاولتُ جعل الأمر بسيطًا، فقط لأغلق الجرح وأجعله يلتئم… لكن العلاج يستهلك طاقة أكثر ممّا توقّعت.” 

لكن كان عليها فعل ذلك، فقد بدا حال الكونت سيئًا للغاية. 

لم يكونوا في وضع يسمح بحمله والتحرّك به فورًا. 

“هل ذلك الطريق يؤدّي إلى القصر؟” 

“نعم. هناك جدار في مخزن تحت الأرض يتحوّل إلى باب وينفتح.” 

رفعت كاترينا رأسها لتجيب بعد حديث هامس مع الكونت. 

“إذًا يجب أن نتعامل مع الساحرة فورًا.” 

“سنذهب إلى القصر؟” 

“في الطريق إلى هنا، واجهنا أتباع الساحرة… ربّما أدركت أنّ أشخاصًا قادرين على مواجهتها وصلوا إلى جزر ليسكال.” 

حتى لو لم تكتشف وجود الكهف، فهي تتوقّع على الأرجح أن يتوجّهوا إلى القصر. 

“علينا ضربها قبل أن تستعدّ جيّدًا.” 

“كاترينا، هل هناك شيء يمكنكِ إخبارنا به عن الساحرة؟” 

“من هي بالضبط؟ هل هم عدّة أشخاص؟” 

أجابت كاترينا بهدوء على أسئلة إليان وليديا. 

“لا، واحدة فقط. ظننتُ أنّهم عدّة أشخاص في البداية، لكن تلك المرأة وحدها هي من علّمت القراصنة أساليب غريبة وجاءت إلى القصر.” 

“…مرأة؟” 

“نعم. بحثتُ عن كلّ المعالجين، فأخبرني البحّارة عن ساحرة تعيش بمفردها، تشفي الناس وتقرأ الطالع.” 

“قد تبدو منبوذة من الخارج، لكن هنا تُعتبر أحيانًا في الخفاء بمثابة حلّ لكلّ شيء.” 

في تلك اللحظة، أطلق الكونت زفرة طويلة وحاول النهوض. 

“وافقتُ أنا أوّلاً. إذا كان هناك أمل في إنقاذ رجالي وحياتي، فلمَ لا نتمسّك بأيّ فرصة؟” 

“لم نكن نعلم أنّه سيكون أسوأ قرار.” 

تنهّدت كاترينا بعمق وهي تظهر ندمًا واضحًا. 

“كان يجب أن نشكّ في صلة أساليب القراصنة بالساحرة، لكنّنا كنّا في عجلة من أمرنا.” 

“لكن حتى لو عدنا بالزمن، لم يكن هناك حلّ واضح. كان الموت مصيرنا جميعًا على أيّ حال.” 

كشفت كلمات الكونت الكئيبة لمحة عن مدى يأس الوضع آنذاك. 

“الفرق فقط بين الراحة في سلام أو التجوّل كأتباع للساحرة كما قلتم. كيف تعاملتم معهم؟” 

رفع إليان سيفه وتوجّه إلى كاترينا: 

“تتذكّرين؟ الأسطورة التي قيل أنّها نزلت على هذا السيف.” 

“ألم تكن مجرّد هراء؟ أنّ قوّة عظيمة تسكن السيف وما إلى ذلك.” 

“المادّة التي صُنع منها السيف استثنائيّة بالفعل، مثل قدرات ليديا التي أظهرتها.” 

“…بالمناسبة، ليديا، قدرتكِ…” 

“أعرف السحر. إنّه مختلف عن الشعوذة. لو كنتُ ساحرة، لما استطعتُ الدخول هنا أصلاً. يبدو أنّ من صنع هذا الكهف يرفض السحرة كأعداء.” 

“ومع ذلك، لم أكن أعرف ذلك. وجود هذا الممرّ نفسه كان تحذيرًا من الأجداد.” 

ربّما نُقلت طريقة الهروب من القصر فقط، ولم يبقَ تحذير عن السحرة.

أو ربّما، بما أنّ هذا المكان كان لتنّين، كان المقصود أكثر من مجرّد “ممرّ سرّي”، بل طلب المساعدة. 

‘ربّما مرّ وقت طويل، مات التنّين، وبقي المكان فقط…’ 

خطر لها أنّه ربّما كان عليهم إيقاظ تنّين نائم ليطلبوا مساعدته في أزمة. 

“ما الذي قيل عن هذا الممرّ بالضبط؟” 

“أنّه في حال واجهت العائلة أزمة كبيرة، علينا الذهاب إلى هنا.” 

“فهمتُ.”

شرح التنانين كان مجرّد تخمين من ليديا إلى حدّ ما. 

حتى لو تحدّث إليها تنّين كان سيّد هذا المكان، لم يكن هناك ضمان أنّه سيكون ودودًا أو مفيدًا. 

‘التنانين، مثل سولايا، يتحرّكون دائمًا وفق آرائهم الخاصّة…’ 

إذا احتاجها أو كان لديه هدف واضح، سيعاود الاتّصال بها. 

ابتعدت ليديا عن التفكير في ما ليس مهمّ الآن وتحدّثت عن شيء آخر: 

“…أساليب السحرة قد تبدو مفيدة لشخص يائس.” 

حتى لو كانت تعتمد على اللعنات والتضحيات لتحقيق الأمنيات، أليست فعّالة في النهاية؟ 

ربّما طلب القراصنة من الساحرة طريقة لضرب من يحاولون القضاء عليهم. 

‘يكفي أن ننظر إلى ما فعلوه قبل موتهم…’ 

إذا أُمسكوا، كان مصيرهم الإعدام، لذا ضحّوا بأنفسهم لحماية رفاقهم في مكان آخر. 

بهذا المعنى، كانت الساحرة مفيدة لهم. 

[لكن لا. إنّه طريق لا يجب اختياره أبدًا.] 

“ما يُعتبر محرّمًا، أو منطقة يُحظر على البشر التعدّي عليها، هو مجرّد خطّ وضعه البشر اعتباطيًا.” 

[بالضبط. الاستخدام المعتاد يؤدّي إلى الهلاك فقط. قذر ومقزّز.] 

من وجهة نظر التنانين، تجسيد السحر النقي، قد يبدون متسائلين عن وجود مثل هذه الأشياء النجسة. 

على أيّ حال، التداخل العميق مع السحرة يؤدّي إلى مستقبل سيّئ بلا شكّ.

“على الأقل، لو كانت تقرأ المستقبل بهدوء لشخص واحد…” 

“لكنّها تتجوّل هكذا، فالجواب واضح.” 

نظرت ليديا إلى إليان الذي أكمل كلامها. بطريقة أو بأخرى، كان عليهم التعامل مع الساحرة. 

لحسن الحظّ أنّها واحدة فقط. 

“ربّما الساحرة نفسها شخص عادي بلا وسائل دفاع جسديّة كبيرة.” 

“لذلك تصنع كلّ شيء لتمنع اقتراب الناس.” 

استدار إليان وأشار برأسه: 

“يبقى اثنان هنا. الباقون يأتون معي.” 

“سنذهب الآن؟ حقًا؟” 

تحدّثت كاترينا بصوت مليء بالقلق: 

“كُن حذرًا. يبدو أنّ لديها قوّة لمواجهتك، لكنّها ليست سهلة. ذكيّة جدًا. خصوصًا في… قراءة الناس.” 

“سأنتبه.”

“لن أتأثّر بأيّ شيء، فلا بأس.” 

أومأت كاترينا برأسها مطمئنّة. 

“إذا تبعتَ ذلك الطريق، ستصل إلى طريق مسدود. مع هذا المفتاح، سيظهر باب. افتحه به.” 

سلّمت إليان مفتاحًا قديمًا يشبه التحفة. شعرت ليديا بسحر خافت ينبعث منه دون لمسه. 

—

المترجمة:«Яєяє✨»