ليديا نظرت إلى المرآة الكبيرة التي تعكس الجسم بالكامل، والتي عادت إلى كونها مرآة عاديّة بعد أن تحرّرت من السحر الذي ظلّ معلّقًا بها لمدة طويلة، وقالت بثقة:
“هذه المرآة الآن ستكون بخير.”
رجل في منتصف العمر كان يشعر بالحيرة لأنّه لا يستطيع التخلّص من شيء مهمّ ينتقل عبر أجيال العائلة، فأشرق وجهه بالفرح وقال:
“هل هذا صحيح حقًا؟”
“لقد أعدتُها إلى مرآة سليمة.”
لقد جاء بها زاعمًا أنّها مسكونة بالأرواح، لكن كالعادة هذه المرّة أيضًا، كان الأمر مجرّد سحر تنظيف قديم تالف تسبّب في اهتزازها كلّما لمسها أحد.
من وجهة نظر ليديا، لم يكن إلغاء السحر أمرًا صعبًا، لذا تمّ حلّ المشكلة بسرعة.
الرجل الذي كان ينظر إليها بعينين مليئتين بالشكّ وهي تدقّق في المرآة وتتفحّصها وتهمس لنفسها، ما إن انتهت من كلامها حتى لوّح بيده بسرعة.
سرعان ما تقدّم الحمّالون، لفّوا المرآة الثقيلة بقماش بإحكام، ثمّ حملوها بحذر وخرجوا بها.
“كما توقّعتُ، لقد فعلتُ صوابًا بزيارتكِ بعد سماع الإشاعات. شكرًا لكِ على طرد الروح الشريرة ببراعة.”
في عصر تلاشت فيه كلّ القوى السحريّة الموجودة في هذه الأرض، وأصبح معظم الناس لا يؤمنون بالسحر، كان من المرهق شرح التفاصيل الصغيرة.
ليديا كتمت تنهيدة كادت أن تخرج منها، واكتفت بهزّ رأسها.
لم يعد لديها اهتمام كبير بنقل المعلومات بدقّة.
كلّ ما كانت تحتاجه هو الأجر الذي يتركه العملاء الذين يريدون فقط استعادة أغراضهم أو الأشخاص المتأثّرين بها بحالة جيّدة.
“نعم. إذًا، الأجر الذي وعدتني به…”
“ها هو. سأذهب الآن إذًا.”
“شكرًا لك. زورني مرّة أخرى.”
بينما كانت تردّ بأدب على ظهر الزبون الذي غادر مسرعًا،
كانت ليديا تعدّ النقود الذهبيّة وتعلم أنّ هذا الزبون لن يعود إلى هنا مجدّدًا،
إلّا إذا كان سيئ الحظّ بما يكفي ليصادف شيئًا مسحورًا مرّة أخرى.
‘من يريد أن يتذكّر ذكرى سيئة؟’
بعبارة لطيفة، إنّه متجر تحف، لكنّ هذا المكان كان أقرب إلى مستودع للأغراض غير المستخدمة.
في الواقع، كانت تعيش بصعوبة من الزبائن الذين يأتون بناءً على الإشاعات المتداولة ويطلبون خدمات كهذه، أكثر من بيع التحف نفسها.
هكذا أصبح المتجر هادئًا في لحظة.
ليديا، التي كانت جالسة بملل خلف المنضدة العالية واضعة ذقنها على يدها، رفعت مرآة يدويّة موضوعة بجانبها دون سبب.
المرآة المشقوقة بعمق عكست امرأة ذات شعر بنيّ كثيف مربوط برباط أزرق عاليًا.
ثمّ بعد لحظة، تحوّل المشهد إلى غرفة صغيرة بسيطة تتدفّق من نافذتها أشعّة الشمس.
“ديدي، أنتِ بخير، أليس كذلك؟”
ربّما كان الأمر صدفة، لكنّ صوت “نيا” قصير ردّ عليها من قطّة بيضاء كثيفة الفراء قفزت فوق الطاولة.
ليديا ابتسمت وأعادت المرآة إلى وضعها مقلوبة.
“مرآة تُظهر من تريد رؤيته، كم هي مفيدة، لكن يطلبون التخلّص منها لأنّها مخيفة.”
بالطبع، كان من المشكلة أنّ المالك السابق لهذه المرآة أراد رؤية شخص كان قد مات بالفعل.
بدت طريقته في الحكم على الآخرين طبيعيّة جدًا، حتّى أنّه جعل موافقته تبدو شيئًا عظيمًا، فارتفع صوتها دون قصد.
“وأنتِ أيضًا الوريثة الوحيدة لآخر عائلة سحريّة.”
“… لا أحد يعرف ذلك حقًا. كيف عرفتَ؟”
كان هناك سبب لذلك بالطبع.
حتّى لو أُطلق عليها لقب وريثة آخر عائلة سحريّة، فالحقيقة أنّها مجرّد شخص يعيش في أرض فقدت سحرها، يتعامل مع بقاياه ويتظاهر بكونه ساحرًا.
يمكنها تمييز السحر وإزالته، لكنّها لا تستطيع استخدامه، وهي حقيقة بائسة.
حتّى قدرتها على التعامل معه ليست سحرًا حقيقيًا، بل موهبة موروثة في دمها.
“لا أعرف من أين حصلتَ على هذه المعلومات، لكن إن كنتَ تتمنّى أن ألعن شخصًا لك، فأنتَ في المكان الخطأ. أنا لا أعرف كيف أستخدم السحر.”
“لكنّكِ وريثة سوليم، أليس كذلك؟”
اتّسعت عينا ليديا دهشة.
كانت المرّة الأولى التي تسمع فيها اسم عائلتها، الذي كانت جدّتها تفتخر به وتطلب منها عدم نسيانه، من شخص خارج العائلة.
كان ذلك دليلًا على معلوماته المذهلة. ربّما يعرف هذا الرجل عنها أكثر ممّا تعرف هي نفسها.
“أليس كذلك، ليديا سوليم؟”
“كيف تعرف حتّى هذا؟ لا أحد يتعرّف على هذا الاسم عندما أذكره!”
“لنقل إنّ سجلّات المكتبة الملكيّة محفوظة جيّدًا.”
ترك الرجل إجابته تزيد من حيرة ليديا، ثمّ تقدّم بخطى واثقة داخل المتجر.
مرّ بجانبها وتوجّه نحو المنضدة، ينظر حوله.
عندما خلع معطفه وعلّقه، ظنّت أنّ الجوّ دافئ فقط، لكن عندما بدأ يفكّ أزرار قميصه من الأعلى، صُدمت.
“لماذا تخلع ملابسك هنا فجأة؟!”
“من هنا، سيكون من الأسرع أن تري بنفسكِ بدلاً من الشرح.”
عندما بدأت بشرته تظهر بوضوح، حاولت ليديا تغطية عينيها بيديها لتتجنّب النظر.
“… ما هذا؟”
لكن بين أصابعها المتباعدة، رأت ذراع الرجل مغطّاة بالكامل ببقع سوداء غريبة.
“هذا ما أريد منكِ التعامل معه.”
كان مظهرًا يصرخ أنّه ليس سحرًا عاديًا بأيّ شكل.
اقتربت ليديا بضع خطوات دون أن تشعر لتتفحّصه عن قرب.
“ما الذي جعلك تصبح بهذا الحال؟”
“لا أعرف. كلّ ما أعرفه أنّ هذا بدأ ينهش جسدي منذ سنة.”
عندما خلع قفّازاته، ظهرت يد سوداء مرعبة، تثير القشعريرة بمجرد رؤيتها.
كانت هناك ومضات خافتة حمراء تظهر وتختفي، كأنّ نارًا تحت الجلد تحرقه من الداخل.
في لحظة، لاحظت ليديا تجعّد جبينه قليلاً، فأدركت أنّ هذه اللعنة تسبّب ألمًا كبيرًا.
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"