في المستقبل، سيكون جاكوب قادرًا على تجسيد الهالة. إذا اكتشف الدوق الأكبر أن ديلاني قالت مثل هذه الأشياء عن شخص عينه هو شخصيًا، ستنتهي سمعتها في الغربان السوداء. قد لا يقول جاكوب شيئًا، لكن فمي كثير الكلام. للحظة، سألتزم الصمت لحماية شرف جاكوب، ولكن في اللحظة التي يظهر فيها هالته، سأحرص على أن يعرف الجميع هذا الخبر.
“لحسن الحظ أنني التزمت الصمت!”
ابتسمت سريعًا وهرعت بعيدًا فور دخول الخادمة إلى غرفة الجلوس.
“يجب أن أخبر ديدريك عن هذا الخبر المثير!”
كنت على وشك الركض عندما استوقفني صوت الخادمة.
“سيدتي، وصل السير هوغان.”
هوغان؟ انتبهت وأسرعت بالعودة إلى الغرفة. كان هوغان قائد الغربان السوداء. لقد كان غائبًا يقود حملة لقتل الوحوش، فلماذا عاد بالفعل؟ عاد قبل الوقت المتوقع…
قفزت الدوقة الكبرى من مكانها بدهشة.
“…لم نتلقَّ أي إشعار!”
إذا عادت حملة الغربان السوداء، كان ينبغي أن يتم التحضير لمأدبة كبيرة للترحيب بهم. لكن لا شيء كان جاهزًا، وهذا سيؤثر سلبًا على سمعة الدوقة الكبرى.
تراجعت الخادمة وقالت بسرعة،
“يبدو أن السير هوغان عاد بمفرده لأسباب شخصية. لهذا لم يتم إخطار أحد، سيدتي.”
“أين هو الآن؟”
“إنه في طريقه إلى ساحة التدريب مع السير جاكوب.”
شحب وجه ديلاني. حتى لو بقي جاكوب صامتًا، لا يمكن أن يمر الأمر دون أن يلاحظه هوغان. في الرواية، كان يتمتع بذكاء حاد لدرجة أن الناس كانوا يلقبونه بالـ “شبح”.
تسللت ضحكة خفيفة مني. لم يكن عليّ أن أفعل شيئًا، وديلاني كانت بالفعل في موقف محرج.
“أحتاج لرؤية السير هوغان.”
“آه…”
ترددت الخادمة قبل أن تتكلم.
“قال السير هوغان إنه لا يريد مقابلة أي أحد. وأخبرني أنه سيحييك لاحقًا، سيدتي، لذا ليس عليك البحث عنه.”
صمتت ديلاني.
استمتعت بمشاهدتها في تلك الحالة قبل أن أسرع إلى ساحة التدريب أسرع من أي شخص آخر.
“من فضلك، أخبر هوغان بكل شيء! طالما أنه لن يخبر الدوق الأكبر، فلا بأس!”
كنت أدعو في سري بينما أركض.
لكن، لأنني تم سحبي بالقوة إلى خزانة ملابس في الطريق، تأخرت قليلًا عن الوصول إلى ساحة التدريب.
لحسن الحظ، لم تكن ديلاني موجودة.
“كنت أعتقد أنها ستقتحم الغرفة بلا تردد.”
لكن، مع ذلك، كانت تلك خطوة ستجعلها تبدو يائسة.
“هل حقًا لن تقول شيئًا؟”
قطع صوت عميق أفكاري. تحركت بسرعة نحوه.
ديدي، أنا أجري هنا وهناك من أجلك. من فضلك، قدّر حبي.
“ماذا تقول؟”
“ما زال هذا الفتى يخفي الأمر؟”
عندما اقتربت، فُتح فمي من الدهشة.
كان هوغان طوله يتجاوز المترين، وكان وجوده الفاتن يملأ المكان.
لحيته الكثيفة، والندبة الضخمة على شكل حرف X عبر وجهه، ويداه الضخمتان كانتا تبدوان قادرتين على سحق دب بكل سهولة.
ورغم أنه لم يكن مرعبًا مثل الدوق الأكبر، إلا أن هالته كانت قوية أيضًا.
رفعت رأسي للنظر إليه.
رغم مظهره الخشن، كانت عيناه تتلألأان بخبث.
“رأيتك تغادر غرفة الدوقة الكبرى!”
أغلق جاكوب عينيه بإحكام وتوسل،
“من فضلك، اخفض صوتك، أيها القائد.”
“هل تريدني أن أقتلك بدلاً من ذلك؟”
“هذا ليس مضحكًا، أيها القائد.”
“تسك! إذا لم تتكلم، فلن أأخذك في الحملة القادمة!”
تجهم الرجل الضخم.
كانت ذراعيه العريضتين كبيرتين لدرجة أنه لم يكن يستطيع ضمهما بشكل صحيح. كانت عضلاته تتمايل وكأنها تعرض قوتها.
“لن تأخذني…؟”
“هل تخطط للجلوس هنا دون أن تجسد الهالة وتترك الناس يتحدثون من وراء ظهرك؟”
ظل جاكوب صامتًا.
“أنت تفتقر للإحساس بالاستعجال. لهذا عدت مؤقتًا – لأخذك معي.”
“…ماذا؟”
“إذا ألقيت بك وحدك في جبل مليء بالوحوش، ألن ترغب في النجاة بما يكفي لإيقاظ الهالة؟”
يبدو أن هذا أقرب إلى القتل…
لكن رد فعل جاكوب كان مختلفًا. تغيرت ملامحه على الفور.
امتلأ وجهه بالدهشة، وهمس،
“أنت… حقًا تعني ذلك؟”
“فقط إذا أخبرتني بما أريد أن أعرفه!”
“آه!”
تصدع رأسي وأطلقت صرخة.
رجل مسن يتصرف كطفل؟
“سيدي، أُحذرك. لا تفعل ذلك مجددًا.”
“لكن يجب عليّ الاعتناء بالشاب الصغير…”
“لهذا السبب بالذات يجب أن تأتي. لابد أنك سمعتِ الدوقة الكبرى وهي تطلب منك التوقف عن كونك معلمًا له لأنك لا تستطيع حتى استخدام الهالة.”
صمت جاكوب.
إذاً هوغان حقًا يستحق لقبه كـ “الشبح”. لقد اكتشف الأمر دون أن يراه بعينه.
“أنت لا تجيب، إذاً أنا على صواب.”
“إذا تركتُه، سيعاني الشاب الصغير. في الوقت الحالي، هو…”
“إذن أيقظ هالتك بسرعة. إذا كنت تريد أن تجعله الأقوى في العالم، فهذا هو الطريق!”
“الأقوى في العالم… يبدو هذا مغريًا.”
ابتسم جاكوب بابتسامة خفيفة ولكنه ظل مترددًا.
هز هوغان رأسه بتأفف.
“سأعين فارسًا آخر ليهتم به.”
“ماذا؟”
“هل أنت غيور؟”
“…”
“هم فقط بحاجة لمراقبته حتى تعود! هل تريد أن تُطرد من الغربان السوداء لأنك لا تستطيع إيقاظ هالتك؟ هل تريد أن تفظحني أنا، الشخص الذي جلبك شخصيًا إلى هنا؟”
كان صوت هوغان عميقًا لدرجة أن أذني أصابها الألم.
“هل ستجلس هكذا وتسمح للدوقة الكبرى بالتحقير منك فقط لأنك لا تستطيع إيقاظ هالتك؟ لو كنت مكاني، لكنت حطمت كل شيء من الغضب!”
هو ليس على خطأ.
فكرت فيما سيكون الأفضل لديدريك، وأدركت أن جاكوب يجب أن يذهب مع هوغان.
جاكوب سيوقظ هالته أسرع مما توقعت، وبعد عودته، ستصبح مكانته أقوى. وهذا سيساعد ديدريك على النمو أكثر.
بعد لحظة قصيرة من التردد، بدا أن جاكوب أدرك أن هذا هو الخيار الأفضل و أومأ رأسه.
“إذن، هل يمكنني أن أخبر الشاب الصغير بنفسي قبل أن أغادر؟”
“هل تذكر الشروط التي وضعتها لك؟ إذا لم تتبعها، لن آخذك معي.”
“ماذا؟”
تنهد هوغان وضرب صدره بإحباط.
“قل لي كل شيء حدث مع الدوقة الكبرى!”
تردد جاكوب للحظة قبل أن يشرح باختصار.
“…الدوقة الكبرى لا توافق على أن يتعلم الشاب الصغير مني….و تقول أنه يشتكي مني”
“تلك المرأة كاذبة. فهمت؟ ديدريك الصغير لن يقول شيئًا من هذا القبيل. خصوصًا ليس لتلك المرأة التي قتلت أمه!”
“من فضلك، اخفض صوتك!”
“من سيوبخني؟”
انفجر هوغان في الضحك، دون أن يبدُ عليه أي تأثر.
أعطيته إشارات صامتة بالإعجاب. لكي تكون قائد الغربان السوداء ، يجب أن تكون ماهرًا، وأيضًا مجنونًا بعض الشيء.
في الرواية، لم يكن تم استكشاف شخصية هوغان بهذا التفصيل، لذلك كان هذا الموقف مثيرًا للاهتمام بالنسبة لي.
“لم أصدقها أيضًا. لقد كنت بجانب الشاب الصغير لفترة طويلة جدًا لدرجة أنني لا يمكن أن أنخدع بمثل هذه الحيلة الواضحة.”
أدار جاكوب وجهه بعيدًا.
“على أي حال، سأذهب لإبلاغ الشاب الصغير. حافظ على وعدك و خذني معك! سأحرص على إيقاظ الهالة.”
مع ذلك، ركض جاكوب ليبحث عن ديدريك. هرعت خلفه، ولكن تم سحبي إلى الخزانة مرة أخرى.
قبل أن أتمكن من الخروج، فتح ديدريك الباب على مصراعيه.
نظر إليّ بتعبير غريب من الحزن.
“…”
على الرغم من أنني لم أكن قد فعلت شيئًا خاطئًا، شعرت بالذنب وترددت لحظة وأنا أخرج. ببطء، اقتربت منه.
“لماذا تبدو هكذا؟ هل أنت غاضب لأنني لم أكن أدرس؟”
تحركت شفتيه قليلًا قبل أن يلين تعبيره.
كنت قد تعلمت أن ديدريك ضعيف تجاه العاطفة الجسدية. احتضنني بقوة وهز رأسه.
“لا… كنتِ غائبة لفترة طويلة. شعرت بالوحدة.”
“هل فعلت؟ أنا آسفة. لكنني رأيت شيئًا مذهلاً!”
“شيء مذهل؟”
“نعم، نعم! سأخبرك به بعد قليل. جاكوب سيكون هنا قريبًا.”
“لماذا يأتي السير جاكوب؟”
“لديه شيء ليقوله… همم…”
نظرت إليه برفق وأمسكت برأسه.
“لا تكون حزينًا جدًا، حسنًا؟”
ديدريك كان طيب القلب. قد يكون من الصعب عليه أن يرى شخصًا يهتم به يغادر.
“هل هو عنك…؟”
اهتز صوته قليلاً. هززت رأسي.
“بالتأكيد لا.”
في تلك اللحظة، جاء طرق على الباب.
“الشاب الصغير، إنا جاكوب. هل يمكنني الدخول؟”
أعطيت ديدريك نظرة، حاثة إياه على فتح الباب.
بتردد، تركني وتراجع ليتيح لجاكوب الدخول.
شرح جاكوب كل شيء لديدريك، ثم نظر إليه بعزم.
“سأوقظ الهالة بالتأكيد هذه المرة. لذا، هل يمكنك انتظاري؟ أعدك أنني سأصبح معلمًا أفضل وسأكون أكثر فائدة لك.”
راقبت ديدريك بقلق، خائفة من أن يشعر بالوحدة. لكنه ببساطة أومأ برأسه.
“سأنتظرك. عد بعد أن توقظ الهالة…. أنا حقًا أرغب في التعلم منك.”
“…شكرًا لك، سيدي، حتى ذلك الحين، كن قويًا.”
تحولت عينا جاكوب إلى الحمرة قليلاً تأثرًا.
ومن المفارقات أن الشخص الذي كنت قلقة عليه،….. ديدريك، بقي هادئًا ومتزنًا.
التعليقات لهذا الفصل "38"