“……اتكئ عليّ. لا بد من الاستماع إلى الحديث. سأكون بجانبك”.
نعم، كل ذاك أمسى من الماضي.
إذا كنت سأخاف من هذا، فكيف سأنتقم من سومرست و ديلاني؟
الأهم من ذلك، كان عليّ الاستماع إلى هذا الحديث. كانت هذه فرصة جيدة لأعطي ديدريك بعض المعلومات.
قد يساعد أرنولد الدوقة . كان ذلك الرجل قادرًا على فعل أي شيء.
أخذت نفسًا عميقًا، ثم أمسكت بيد نوفمبريس.
“لنذهب.”
ذلك القبو لا يعني لي شيئًا.
تمتمت بذلك في داخلي، وشددت قبضتي على يده.
“……لا تبتعدِ عني.”
بمجرد أن ضرب الأرض بقدمه، وجدنا أنفسنا على الفور في القبو حيث كان ديلاني وأرنولد.
‘هاه……’
جيد.
كان الأمر أهون مما توقعت.
بللت شفتي الجافتين ونظرت حول القبو. سرعان ما سمعت صوت أرنولد الساخر.
“إذا سمع أحد أننا هنا بمفردنا في هذا المكان السري، ألا تعتقدين أن الدوقة ستكون في موقف صعب؟”
كانت ديلاني تعض أظافرها، وعيناها المحمرتان تحدقان به بغضب.
“هل هذا وقت لمثل هذه الأحاديث؟! انتشرت الشائعات بأنني على علاقة غرامية!”
“وماذا في ذلك؟”
“هاه…! هل تعتقد أن هذا يخصني وحدي؟ إذا اكتشفوا الأمر، فأنت أيضًا……!”
“آه، ديلاني.”
وضع أرنولد يده على كتفها، وابتسم ابتسامة ساخرة.
“لقد تغاضى الدوق بالفعل عن الأمر، فما المشكلة لو انتشرت الشائعات؟ لن يتحرك الدوق بدون دليل، كما تعلمين.”
“لكن لا يزال هناك ديدريك!”
“هممم.”
قطب أرنولد حاجبيه. أمسكت ديلاني بيده ونظرت إليه بتوسل.
“من أجل ابننا، لا يجب أن يُكشف هذا الأمر أبدًا. إذا انفضح كل شيء، ماذا سيحدث لأكسل؟ هل ستقبل بأن يُعامل ابننا بقسوة؟”
لم أستطع إلا أن أعبس وأنا أرى ديلاني تغيّر استراتيجيتها إلى التوسل.
‘هل سيقع في فخها؟’
حتى لو أصبح فارس الصقر الأسود كما أراد، فإن انتشار خبر خيانته لن يمر بلا عواقب، و أرنولد يعرف ذلك جيدًا.
لكن على عكس توقعاتي، دفع أرنولد يدها بعيدًا.
“……لم تريه حتى مرة واحدة، والآن تستخدمينه كذريعة؟”
“كان ذلك لحماية ذلك الطفل !”
“هاه!”
عض أرنولد على أسنانه وكأنه غير مصدق.
“ما هو تعريفك للحماية؟ مقارنته بسومرست، ودفعه إلى حافة الهاوية؟!”
“ماذا……؟”
“كنت أحبك بصدق ذات يوم. لو لم أسمع أخبار أكسل، لكنت قد تحالفت معك للإطاحة بديدريك!”
“ماذا تقول؟!”
“هل تعتقدين أنني أحمق؟!”
ارتفعت حدة صوته، وملأ صداه القبو. وعندما سمعا صوت خطوات تقترب، صمت كلاهما فورًا.
عضت ديلاني شفتيها و أطلقت تحذيرًا بصوت خافت.
“لن أموت وحدي، هل تفهم؟”
“سواء كُشف الأمر أم لا، سنموت كلانا في النهاية.”
ربت أرنولد على كتفها بلا اهتمام ومر بجانبها. ارتجف جسدها، بينما كنت أراقب أرنولد بذهول.
“لم أتوقع هذا التطور…….”
كنت متأكدة من أنه سيتعاون مع دوقة القصر لطعن ديدريك في ظهره… لكن يبدو أنه يهتم بابنه أكثر مما كنت أعتقد.
“يبدو أنه يفكر بابنه كثيرًا أكثر مما توقعت.”
“مثير للسخرية حقًا.”
سخرت بازدراء.
***
بمجرد وصولي إلى غرفة ديدريك، قفزت مباشرة إلى سريره. أصيب نوفمبريس بالذعر وحاول منعي.
“انتظري……! ماذا تفعلين؟!”
“دعني أبقى هكذا قليلاً.”
كنت أحاول التظاهر بأنني بخير، لكنني كنت متوترة بسبب برودة القبو. الآن، شعرت بالاسترخاء.
“أحتاج إلى شم رائحة ديدي لأشعر بالراحة.”
“أنتِ تبدين كمنحرفة الآن.”
“أنا كذلك.”
لذا، دعني وشأني.
أخذت أشتمّ رائحة ديدريك بعمق. كانت رائحة عبير الصباح البارد المنعش تناسبه تمامًا.
بدأت دقات قلبي المتوترة تهدأ أخيرًا.
أريد البقاء هكذا……
شهقة.
متى ستنمو قروني أخيرًا؟!
” عيناك ممتلئتان بالدموع سوف تبكين و يسيل مخاطك. انهضِ الآن.”
“فقط القليل بعد.”
لكن في تلك اللحظة، سمعت صوت مقبض الباب وهو يدور، فنهضت جالسة بسرعة.
ذُعرنا كلانا.
“لماذا لم تخبرني أنه قادم؟!”
“لم أستطع الشعور بوجوده! إنه سيد السيف، من المستحيل التنبؤ بحركته!”
قفزت من السرير بسرعة، و رتبت الفراش كما كان، ثم التصقت بالجدار.
شعرت بالارتياح لرؤية الخط الأفقي المحفورة عليه.
“آه، هذه….لقد مضى وقت طويل على هذا. إنها العلامة التي سجلتُ فيها طولي مع ديدي.”
“إنه يدخل الآن!”
“آه!”
أخذت نفسًا عميقًا لا إراديًا.
نظر إليّ نوفمبرس بنظرات بائسة.
“يمكنكِ التنفس.”
“فيوو.”
في تلك اللحظة، توقف ديدريك أمامي مباشرة.
“ماذا، لماذا……؟”
“أعتقد…… أنه شعر بأنفاسك.”
“ها؟ أليس من المفترض أن مهمة بريس هي اخفاء ذلك؟!”
“طاقته هذا الرجل قوية جدًا! انحني و أخفضي رأسك!”
انخفضت بسرعة، وفي نفس اللحظة، مد ديدريك يده نحوي.
لم يجد شيئًا، فقبض يده بإحكام.
“……هاه.”
شحب وجهه، ثم استدار وخرج من الغرفة.
“ديدي…….”
راقبت ظهره وهو يبتعد، ثم حولت نظري إلى الفراغ حيث كان هناك خزانة. شعرت فجأة بالكآبة.
“……أريد أن أظهر أمام ديدي قريبًا.”
دفنت وجهي في ركبتي للحظة، لكنني سرعان ما نهضت لطرد المشاعر الحزينة.
“فلنتحرك مجددًا!”
لكن عندما كنت على وشك المغادرة، دخل بافل و ميلوس إلى الغرفة.
فتح ميلوس درجًا وأخرج بعض الأوراق، ثم تنهد بقلق.
“……يبدو أن وجوده في القصر يجعله يشعر بآثار تلك المرأة أكثر.”
“لقد كان معها يوميًا. بدا وكأنه على وشك البكاء.”
فتحت عينيّ على اتساعهما، محاولة كبح دموعي.
ناولني نوفمبريس منديلاً بصمت، فأخذته وضغطت به على عينَي.
“أخشى أن يفكر في فعل شيء متهور.”
اهتز صوت ميلوس، فتردد بافل للحظة، ثم أجاب بصعوبة.
“كفى. لا تقل هذا الكلام. لنسلم الأوراق بسرعة.”
“لا تقل هذا الكلام. ديدي لن يفعل شيئًا كهذا. صحيح، بريس؟”
“….”
لماذا أنتَ صامت؟ أشعر بالتوتر.
عندما حدقت به، أجاب متأخرًا قليلًا.
“ربما……”
“ماذا تقصد بـ’ربما’؟ لماذا تتحدث هكذا؟”
“لا شيء.”
شعرت فجأة بالقلق.
تابعت التوأمين بسرعة إلى غرفة الاستقبال.
كان ديدريك يجلس على الأريكة بوضعية متراخية، مقابل الدوقة التي كانت تحدق به بتوتر.
ناول بافل ديدريك الأوراق، لكن ديلاني لم تهتم بذلك، بل عضّت شفتيها وهي تنظر إلى التوأمين.
“أخبر هذين الاثنين بالخروج من هنا.”
“لماذا علينا……!”
“اخرجا.”
بكلمة واحدة من ديدريك، عبس ميلوس لكنه غادر مع بافل بهدوء.
الآن، لم يبقَ سوى ديدريك، ديلاني، و جيما.
“لكن لماذا جيما تجثو على ركبتيها؟”
“لا أدري. ربما أصيبت قدماها بالخدر.”
“حسنا ، من المستحيل أن تعرف هي عن ذلك”
جلست بهدوء على الأريكة و راقبت ديدريك. بعد سماع كلمات التوأم، بدا خطيرًا لسبب ما.
ضغط ديدريك على جبهته، التي كانت تضيق باستمرار كما لو كان متعبًا، وسأل بنبرة باردة.
“ماذا تريدين أن تقولي ؟”
“…الشائعات التي تدور في الخارج الآن، هل أنت من تسبب بها؟”
لم ينكر ديدريك ذلك. رفعت ديلاني فنجان الشاي الخاص بها، غير قادرة على السيطرة على غضبها.
“لماذا؟ هل تريدين إلقائه؟”
ارتجفت ديلاني عندما سأل ديدريك. لم تستطع سوى الارتعاش بيديها، غير قادرة على إجبار نفسها على رمي فنجان الشاي.
سخر و رفع فنجان الشاي أمامها. ارتجفت ديلاني بشدة.
بعد رؤية رد فعلها، أخذ ديدريك كوب الشاي نحوه و أخد يروي عطشه على مهل.
“لماذا أنتِ مدهشة جداً؟”
“.….”
شعرت ديلاني بالإهانة و ارتجفت كتفاها بغضب.
“إذا كنتِ ستضيعين وقتي هكذا، فسأرحل الآن.”
عندما همّ ديدريك بالنهوض، صرخت ديلاني بغضب حاد
“تلك الشائعات كاذبة! من الذي نشر تلك الأكاذيب السخيفة؟!”
“هل تحاولين إخافتي؟”
عضّت ديلاني على شفتيها المتشققتين.
بهذه الكلمات من ديدريك، أدركت أنه يعرف كل شيء عن أكسل.
“ما الذي تخطط له بحق الأرض؟”
“مخطط؟”
أخذت ديلاني نفسا عميقا وصرخت.
“حتى الدوق نفسه لم يحرك ساكنًا، فلماذا أنتَ من يُثير مثل هذه الضجة؟!”
لم تكن في وعيها تمامًا، فكيف ستكون في عقلها و كرامتها كانت على وشك الانهيار؟
لم يكن الأمر مجرد خيانة عادية، بل كانت قد أنجبت ابنًا غير شرعي وربّته كما لو كان ابن الدوق، وهي جريمة كبرى. لو أنها اعترفت بالأمر منذ البداية، لكان ذلك شيئًا آخر.
لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فقد حاولت حتى قتل الدوق نفسه.
“هذا صحيح، ففي ذلك الوقت لم يفعل الدوق شيئًا، لكن الدوقة هي من تخلصت من الخزانة.”
“ذ… ذلك كان بأمر من سومرست… أما أنا!”
حتى في هذه اللحظة، لم تتردد في التضحية بابنها. متى كانت تحبه بهذا الجنون إذًا؟
“إذن، هل تحاولين القول أنكِ غير مذنبة بشيء؟”
قال ديدريك بلهجة باردة، وهو يحدّق بها بنظرة قاتلة. لم تستطع ديلاني الرد.
أخذ ديدريك نفسًا عميقًا، محاولًا كبح غضبه، ثم سألها بنبرة أكثر حدة، متخليًا عن أسلوبه الرسمي
“سأسألكِ سؤالا واحدا.”
وضع حزامه جانبا و قال.
“أخبريني، هل سومرست مزيف أيضًا؟”
شحبت ملامح ديلاني تمامًا.
التعليقات لهذا الفصل " 107"
ديلاني الآن محاصرة و ماعندها منفذ لم يبقى لها سوى الصراخ و التخبط تحت قدم ديدريك 💘