Chapters
Comments
- 5 - حنين ؟ منذ يومين
- 4 - خيبة منذ يومين
- 3 - تآكل منذ يومين
- 2 - ملامح لا تُدان منذ يومين
- 1 - بيت بلا صدى منذ يومين
عرض المزيد
أخبار صباحية
جلست أوليفيا جيمس على الطاولة القريبة من النافذة في مقهى صغير في لندن، كما اعتادت في كل صباح. كوب القهوة الساخنة أمامها كان يدفئ يديها، لكنه لم يخفف من ثقل الصباح، ولا من إحساسها بالوحدة.
فتح الهاتف كان عادة صباحية صارمة: الأخبار. لم تكن تبحث عن القصص المثيرة، فقط العناوين التي تعرف أنها ستشد انتباهها. لم تكن تهتم بالاقتصاد عادة، لكن هناك من يستحق القراءة أحيانًا.
وقفت عينها فجأة على عنوان أثار انتباهها:
“شركة كبرى تترأسها شخصية مثيرة للجدل: أدريان أوين يعلن عن توسع جديد في آسيا.”
توقف قلبها لحظة. أدريان أوين… الرجل الذي رحل عن حياتها منذ عدة أشهر فقط، أصبح الآن خبرًا في صفحات الاقتصاد، في الشركات، في الاقتصاد البريطاني.
رفعت حاجبيها، وابتلعت رشفة من القهوة قبل أن يظهر صوت مألوف يقطع تركيزها:
— هل ما زلتِ منشغلة في قراءة أخبار الرجال الأغنياء؟ قالت كلارا وهي تجلس مقابلها، ضاحكة.
ابتسمت ابتسامة متعبة، وأرجعت الهاتف إلى حقيبتها.
— فقط أتأكد أن العالم لم يتوقف، قالت أوليفيا، والنبرة فيها شيء من الدعابة، لكنها محاولة لتخفيف الثقل الذي تشعر به كل صباح.
ضحكت كلارا بخفة، ثم أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تقول:
— كيف حالك اليوم؟ يبدو أنك قلقة.
رفعت أوليفيا كتفها بخفة.
— مثل كل صباح، قالت. العمل، الأموال، المنزل… كل شيء مضغوط كما تعلمين.
تنهدت كلارا، وهي تنظر إليها بعينين مليئتين بالاهتمام.
— وكيف حال والدك؟ سألت بحذر.
ابتسمت ابتسامة قصيرة، بلا مرح.
— المرض يسيطر عليه كما اعتدنا. كل يوم يحتاج إلى اهتمام أكثر، وكل يوم أشعر أن الوقت يسرقنا شيئًا فشيئًا.
صمتت للحظة، ثم أضافت بصوت منخفض:
— وأمي… مزاجها لا يتحسن أبدًا. كل يوم نقاش جديد، كل يوم غضب جديد، وكل شيء مرتبط بالمال الذي لا يكفي.
كلارا رفعت حاجبها، وكأنها تريد أن تقول شيئًا لكنها لم تفعل. فقط مدت يدها وأخذت كوبها، محاولة تقديم نوع من التضامن الصامت.
— يبدو أننا جميعًا نعيش على حافة النفاد، قالت أخيرًا.
نظرت أوليفيا إلى الخارج، إلى الناس الذين يمشون على الرصيف، إلى السيارات، إلى الإعلانات الكبيرة على المباني. شعرت بشيء خفيف، لم تكن متأكدة ما هو.
— نعم، قالت، الحياة تضغط… والأمر الوحيد الذي يجعل الأمر محتملًا هو محاولة أن تتماسك كل يوم، مهما بدا الأمر صعبًا.
كلارا أومأت وقالت:
— على الأقل، أنت تحاولين. البعض يستسلم دون أن يدركوا حتى ما فقدوه.
ابتسمت أوليفيا، لكنها لم تشعر بالطمأنينة بعد. لم تشعر حتى بارتياح بسيط.
في تلك اللحظة، تذكرت اسمه مرة أخرى: أدريان أوين. الرجل الذي أصبح خبرًا في صفحات الاقتصاد، الذي استطاع أن يسيطر على عالم الشركات بسهولة.
كم كان مختلفًا عنها… كم كان بعيدًا عن عالمها، عن مشاعرها، عن صعوباتها اليومية.
لكن رغم بعده، رغم كل شيء، شعرت بشيء لم تختبره منذ زمن طويل: فضول. رغبة خافتة لمعرفة ما إذا كان لا يزال نفس الشخص الذي عرفته، أم أن الحياة قد غيّره كما غيّرتها هي.
— أوليفيا، قالت كلارا فجأة، هل تفكرين فيه؟
ابتسمت ابتسامة قصيرة، لم تنكر ولم تؤكد.
— ربما، قالت. لكن ليس الآن. ليس بهذه الطريقة.
أنهت قهوتها، أغلقت الهاتف، وأحضرت حقيبتها. كان صباحًا عاديًا، لكنه أيضًا مختلف.
فكرة واحدة بقيت في رأسها وهي تغادر المقهى:
ربما في وقت ما، سيتقاطعان مجددًا… لكن هذا اللقاء لن يكون قريبًا، ولن يكون بسيطًا.
وقلبها، رغم كل شيء، لا يزال يترقب… دون أن تسمح له بأن يعرف الطريق.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 5"