نظرت إلى الساعة، ثم غطّت رأسها بالبطانية، وعادت تنظر إلى الساعة مرة أخرى.
كانت عالقة في دوامة من القلق والتردد.
أرادت التحقق من انحراف بايك سا أون مرة أخرى، لكنها في الوقت ذاته كانت تتمنى أن تظل في جهلها إلى الأبد.
“هاه…!”
هي جو كانت تعض على أظافرها بقلق.
ذهنها كان يتنقل بين البرودة والحرارة، مما جعله في حالة فوضى عارمة.
لكن…
شعورها بالفضول تجاه بايك، خوفها كزوجة شرعية، وإنكارها الحارق للواقع، كل ذلك امتزج ليجعلها في النهاية تلتقط هاتفها.
نبض قلبها أسرع مما اعتادت عليه في مثل هذه اللحظات.
‘ربما سيكون من الأفضل لو لم يرد…’
عندها، فجأة، توقف صوت الرنين.
“……!”
وكأن الطريق قد فُتح فجأة، وأصبح الخط متصلًا، شعرت بأن حلقها قد جف تمامًا.
هل أنا… أرتجف؟
هي جو حبست أنفاسها للحظة.
-لماذا تتصلين مرة أخرى؟
جاء صوته حادًا وكأنه يلومها مباشرة.
-وأنت الذي لم تستطيع قول كلمة واحدة من قبل.
شعرت هي جو ببعض الارتياح لأنه لم يكن هناك صوت ماء، لكنها لم تستطع تجاهل نبرة صوته المتعجرفة، مما جعل حاجبيها ينقبضان بغيظ.
-ما الذي تأملين رؤيته اليوم لتتصلي بي؟ هل عليّ أن أفهم أنك لا تمانعين أن تُلطخي مجددًا بما يخصني؟
كانت كلماته بطيئة ومتصلبة، تحمل شعورًا واضحًا بعدم الرضا.
عند هذه النقطة، برق شيء في عيني هي جو.
“لو فتحت فمي بكلمة واحدة، ستنتهي حياتك السياسية تمامًا.”
-…….
ساد صمت مفاجئ على الطرف الآخر، كما لو كان يراقب الموقف عن كثب.
لا، اجعليها أكثر تحديًا. اجعليها أكثر وقاحة.
تحدثي وكأنك حقًا تهددينه.
‘وأنا الذي قررت أن أكون متمرد، لماذا أتصرف وكأنني طبق جانبي؟’
عادت إلى دورها كـ المبتزة سيئة السمعة. حتى المبتزين لديهم كبرياء…!
كان عنادها قريبًا من إنكار قاطع للواقع.
هذا مستحيل، من المستحيل أن يكون بايك سا أون كذلك….
“تبا…! قلت لك أن تلبي مطالبي أولاً!”
-هل تريدين اللعب هكذا؟
-هل ستكون حقًا بخير إذا انكشفت الأمور؟ حتى لو لامك الناس وأشاروا إليك بأصابعهم؟
“إذا كان لا بد من القيام بذلك، فلتكن المطالب غير عادية.”
رد بايك سا أون على محادثة هي جو بنفس الطريقة، دون أن يفقد إيقاعه.
جعل ذلك هي جو أكثر توترًا بسبب الرجل الذي لا يفقد إيقاعه أبدًا.
“قلت لك أن تعيد الأمور إلى طبيعتها بسرعة!”
قبل أن تصل المكالمة إلى هذه النقطة!
عضت هي جو شفتها السفلية وأطبقت أسنانها بغضب.
“هل تريد فعلاً أن تلطخ سمعتك؟ هل يستطيع هذا الرجل المجنون بالسلطة أن يتحمل ذلك؟”
كان لسانها مدببًا متعمدًا.
وانتشر الغضب المكبوت في صدمات قوية.
ثم سمعت صوت ولاعة تفتح وأزيز سيجارة تشتعل.
كأنه كان يتصرف كما لو كان يستمتع بمشاهدته. شعر به وهو يستند على ذقنه مسترخيًا.
-إذا استمريت في التلكؤ هكذا، لا أعرف ما الذي سأفعله…!
-آسف، لكنني أفضل أن أكون هادئًا. لا أستطيع أن أتعجل.
“هذا ليس ما أعنيه الآن…! هل تعرف كم من نقاط ضعف اكتشفتها عنك؟ ماذا لو نشرتُ هذا التسجيل الصوتي؟ ماذا عن سمعتك؟ ألا تخاف؟”
-حسنًا…
“اخشَ قليلاً! أنا ساكونغ يوك…! أنا المبتزة ساكونغ يوك!”
في صرخاتها العالية، كانت النغمة تخرج عن المسار.
وكان ذلك مجرد محاولة يائسة من الزوجة المخلصة للتخلص من المكالمة التي جرت الليلة الماضية.
-لكن لا أعتقد أن ذلك سيؤثر.
“ماذا؟”
-لا أعتقد أن حقيقة وجود امرأة ترغب بها يمكن أن تكون نقطة ضعف. إذا كان الجميع يعلم بعلاقتكما، فلا فرق.
“……!”
امرأة… يرغب بها؟
كل كلمة تخرج من فمه كانت تطعن قلب الزوجة الشرعية.
أي عالم يبرر الخيانة الزوجية؟!
تصاعدت حرارة الغضب لتتجمع في مؤخرة عنقها، لكنها كتمت أنفاسها، بينما واصل بايك سا أون الحديث بهدوء.
-إذا حدثت ردود فعل عكسية بسبب انتهاك الخصوصية، فلن تكون لي أي مشكلة. ربما أتعرض لبعض الإحراج، لكن يمكنني أن أستغل الموقف لقيادة حملة عامة ضد الجرائم الرقمية. وإذا نجح الأمر، قد يتسنى لي تعديل القوانين الاستثنائية.
هذا بالإضافة إلى وقاحته التي لا حدود لها.
دفنت هي جو وجهها في الوسادة وأخذت نفسًا متقطعًا.
ثلاث سنوات من الزواج البارد والجاف.
أن تشهد حقيقة زوجها بعد كل هذا الوقت، كان أشبه بالكابوس.
دفنت أنفها أعمق في الوسادة وكادت تختنق، لكنها فجأة رفعت رأسها وأخذت نفسًا عميقًا.
كان وجهها محمرًا ومليئًا بالبقع بسبب الانفعال.
“كيف يمكن لرجل متزوج أن يتصرف بهذا الشكل؟”
-لا يمكن.
جاء الرد سريعًا وحاسمًا.
كانت كلماته قصيرة، لكنها حوت نبرة من الجدية الصارمة.
“لكن لماذا…!”
-لأنها ساكونغ يوك.
“ماذا؟”
-أتصرف بهذا الشكل فقط مع ساكونغ يوك.
بدأ الخوف المبهم يأخذ شكله الحقيقي. شعرت وكأن الدم يتجمد في عروقها.
-إذن لننتقل إلى الموضوع الرئيسي.
“……”
-هل جربت ساكونغ يوك القيام بالأمر بمفردها؟
شعرت هي جو بالذهول من وقاحته السافرة.
“أيها الحقير، الحقير…!”
تبا…!
خرجت منها كلمات السب كأنها لا تستطيع السيطرة عليها، وكان هذا أمرًا خارج إرادتها تمامًا.
ابتسم بايك سا أون بسخرية خفيفة.
-أنتِ رائعة. بارعة في التهديد وحتى في الشتائم.
“هاه…!”
-التحدث مع ساكونغ يوك دائمًا يملأني بالطاقة.
دفنت هي جو وجهها مجددًا في الوسادة الناعمة وبدأت تضرب رأسها بها بقوة.
بات الأمر واضحًا الآن.
بايك سا أون يحاول بالفعل أن يخونني… معي أنا نفسها!
ظنت للحظة أنها أمسكت بنقطة ضعف أخرى له، لكن سرعان ما هوت مشاعرها إلى القاع بلا نهاية.
كيف يمكن أن يكون هناك شعور أكثر بؤسًا من سنواتها الماضية التي عاشت فيها تحت تجاهل زوجها؟
صكّت على أسنانها بغضب. كيف أتعامل مع هذا الحقير؟ بأي طريقة…؟
كان الغضب يتراكم داخلها تدريجيًا، ذلك النوع من الغضب الذي بات مألوفًا لها، الغضب الذي ظنت أنها تخلصت منه لكنه عاد ليتجمع كترسبات دفينة.
-أفكر اليوم أن ألهو على سرير زوجتي.
في تلك اللحظة، انفجرت هي جو بصمت.
كلمات بايك سا أون العفوية أثارت بركانًا داخلها.
“حسنًا.”
-……
انقبض الهواء من حولهما، لتتولد أجواء مشحونة بالقلق.
“جرب، لنرَ.”
لم تعد تفكر بوضوح. كانت مشاعرها تغلي لدرجة أنها لم تستطع التفكير بشكل منطقي.
لكن بقي شيء واحد واضحًا في ذهنها.
‘يجب أن أُنهي هذا الزواج.’
رغم كل شيء، ظل هذا القرار ثابتًا. عيناها اللامعتان كأنهما مغطاتان بطبقة من الزيت، تعكسان إصرارها.
هل يظن أنني لا أستطيع القيام بدور العشيقة؟
“حسنًا، حاول أن تُسقط الأعمدة.”
لا أستطيع. لا أستطيع تحمل هذا.
“قلتُ لك فقط أن تهز الأعمدة؟!”
هي جو فركت وجهها المحمر كأنها تحاول تنظيفه بإسفنجة خشنة.
لم يستغرق الأمر أكثر من دقيقة حتى بدأ تصميمها يتزعزع.
كان أول ما سمعته صوت احتكاك خفيف، ربما ملابس تخلع أو أغطية تُكشف.
لم تستطع رؤية ما يحدث، لكن خيالها راح يسرح بلا توقف.
دك
رجل بساقين ممدودتين، عضلات بطن مشدودة، وعظام الحوض البارزة، مستلقٍ على فراش أبيض بالكاد يغطيه، يتحرك بتوتر صامت بيديه.
رسمت صورة زوجها مستندًا إلى السرير.
-هيجو، دائمًا تقول لي كلامًا قاسيًا……
كان صوته مليئًا بالتوتر وهو يضغط فكّه بأسنانه.
-أتوقع أنها قاسية أيضًا.
وجهها اشتعل حرجًا، شعرت أنها قد تختنق من الحرارة.
“لم تجيبي عن سؤالي من قبل. هل جربت أن تلمسي رجل؟”
“……!”
-هل سبق أن لمست نفسك؟
“أنا… لم أفعل.”
ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة.
“هل لمسك أحد من قبل؟ ربما زوجكِ، على سبيل المثال؟”
“لا، لم يفعل.”
-أوه، لم يفعل…
كانت نبرته تنطوي على سخرية خفيفة، مما جعلها تردّ بعصبية.
“إذن هل لمستَ زوجتك من قبل؟”
صمت لوهلة، قبل أن يتبع الصمت، مع ضحكة منخفضة.
-لم أقم بلمس هي جو من قبل.
-زوجتي ما زالت تحتفظ بملامح طفولية، أحيانًا أراها مثلما كانت طفلة تصل بالكاد إلى مستوى صدري. لا يمكنني……
انتهى حديثه بزفرة ثقيلة مليئة بالانزعاج.
“لكن ساكونغ يوك؟ انتِ مختلفة. لا اسطيع ضبط نفسي معكِ.”
“……!”
كانت نبرته العاطفية مخلوطة بمزاج غريب، وكأن لديه شغفًا مريضًا.
شعرت هي جو أنها تغرق أكثر فأكثر في هذا المستنقع.
في اللحظة التالية، بدا أنه وصل إلى ذروته، إذ أطلق زفرة طويلة متراخية.
كل كلمة منه، وكل صوت، التصق بأذنيها.
“حقًا… هل فعلتَ ذلك في غرفة هي جو؟”
سألت بنبرة مذهولة. ردّ بصوت يحمل سخرية واضحة.
-نعم، وعندما تخرج هي جو من المستشفى، ستستلقي هنا. بالطبع، لن تعرف أنها كانت مستلقية.
“لماذا…؟”
خرج صوتها مختنقًا.
‘كيف يمكن لإنسان أن يكون بهذه الحقارة؟’
فركت وجنتيها المحمرتين وهي تنظر بعيدًا، تحاول تهدئة نفسها.
“كنت أظن… أنك تهتم بزوجتك على الأقل. كيف يمكنك أن تخونها وتتحدث معي بهذه الطريقة؟”
كان في صوتها نبرة خافتة من اللوم، ممزوجة بالمرارة.
رغم كل شيء، لم يكن بايك سا أون شخصًا بهذا القدر من الانحطاط. حتى من منظورها كعشيقة سرية، كان من المستحيل تجاهل خيبة الأمل التي شعرت بها.
سمعت صوت اشتعال سيجارة جديدة، يليه زفير عميق مع ضحكة ساخرة.
-وماذا أفعل؟ من أجل من تعتقدين أنني أفعل كل هذا؟
“ماذا؟”
-كل ما أفعله بسببكِ. هل تظنين أنه من السهل التعامل مع كل هذا؟
“هاه…”
بينما كانت هي جو تحاول الرد، أطلق كلماته الأخيرة كالطعنة.
-في المرة القادمة، يجب أن تكوني مجردة من الملابس أنتِ أيضًا.
التعليقات لهذا الفصل " 42"