『- هل تعتقد أنني مجرد تافه يجلس في المنزل ولا يفعل شيئًا سوى العبث؟ سأقتلك، أقتل. سأقتلك بالتأكيد.』
كان الصوت المعدل عبر التسجيل كفيلًا بأن يجعل شعر مؤخرة رأسها يقف.
لكن كان هناك شيء مألوف للغاية فيه…
『- أيها الوغد! لن أسكت! لن أتركك وشأنك! سأطعن وجهك بسكين…! سأجعل الأمور فوضوية…! سأمزقك إلى أشلاء…! وفي النهاية سأحرقك…! وأجعلك تختفي تمامًا…!』
ما، ما هذا؟!
ذلك الصوت… إنه صوتي أنا، لكنه المعدل…!
كانت ملامح وجهها تشحب بسرعة، وبدأ الدم يهرب من وجهها.
صحيح أن بعض الجُمل كانت كلمات الجاني، لكن الغالبية العظمى كانت كلماتها هي.
لقد تم تجميع أقوالها السابقة بشكل متعمد ودمجها لتبدو وكأنها تهديدات صادرة عنها.
ماذا يحدث هنا؟!
بقي فكها مفتوحًا ولم تستطع إغلاقه من هول الصدمة.
『- إذا كنت لا تريد أن يتم تدميرك، يمكنك دفع 20 مليار واعتبارها تسوية… أنا لطيف، أليس كذلك؟』
“……”
『- هل أبدأ الآن؟ غدًا سأستمر في القتل بلا رحمة.』
ماذا… ماذا يجري؟! من الذي فعل ذلك؟!
وقفت هي جو أمام التلفاز بوجه شاحب، وقطعة أرز صغيرة عالقة على زاوية فمها.
كان عقلها في حالة من الفوضى المطلقة، ويداها ترتجفان بلا توقف.
في تلك اللحظة، التقطت أذناها صوتًا حادًا جعلها تدير رأسها بعنف.
كان الباب يُفتح بعنف، ودخل شخص بسرعة.
الرائحة الخانقة كانت أول ما وصل إليها، والرجل الذي دخل بدا وكأنه خرج لتوه من كارثة.
كان شعره الذي عادةً ما يكون مصففًا بعناية ينسدل على جبينه، وقميصه الأبيض كان أسود من السخام.
أما سترته وربطة عنقه فقد اختفيا تمامًا.
كلما اقترب منها، كانت رائحة الحريق تزداد وضوحًا.
“……!”
شعرت بشيء غير مريح يسيطر عليها.
لا يمكن أن يكون…
حاولت قمع شكوكها المتزايدة، ولكنها عجزت عن تجاهلها تمامًا.
لا يمكن… هذا مستحيل…!
حين التقت عيونهما أخيرًا، لم يكن هناك سبيل للهرب.
قال لها بصوت مبحوح.
“أريد أن القى نظرة على ساقكِ.”
“……!”
شعرت هي جو بالصدمة حتى كادت تفقد وعيها.
رمشت عيناها بسرعة وهي تحاول استيعاب ما سمعته للتو.
هل سمعت خطأ؟
قال الرجل بنبرة هادئة لكنها تحمل تهديدًا مبطنًا.
“هل أخلعها بنفسي أم ستفعلينها بنفسكِ؟”
كانت عيناه تتجهان مباشرة نحو ساقيها، بنظرة لا لبس فيها.
لم أسمع خطأ… هذا واضح.
ولكن، لماذا ساقي الآن؟ لماذا يتحدث عن ذلك؟
رأت شحوب وجهها ينعكس في عينيه، فأردف بلامبالاة.
“هناك من أضرم النار في مكتبي.”
كانت عيناه تنظران إليها بعمق غامض، لكن لهجته حملت تهكمًا باردًا.
“وهذا الشخص هو أنتِ.”
“……!”
أشار برأسه نحو شاشة التلفاز حيث ظهرت الأخبار.
مستحيل…!
لا، هذا غير صحيح!
صحيح أن الصوت المعدل صوتي، وصحيح أنني هددت، لكنني لست الجاني الذي أحرق المكتب!
لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا!
قال بنبرة باردة وهو يرفع خصلات شعره التي سقطت على وجهه.
“مجرد قليل من الاستفزاز، وها أنتِ تنهارين تمامًا.”
ابتسم بسخرية وأردف.
“سيكون من الممتع تعديل تلك الطباع السيئة.”
كانت تلك ابتسامة نادرة على وجهه، لكنها لم تكن تعبيرًا عن فرح بقدر ما كانت قناعًا لتواري خلفه قسوة لا تخفى.
في تلك اللحظة، أدركت هي جو الحقيقة المروعة.
إذن، أنت من فعل ذلك!
أنت من قام بتحرير تلك التسجيلات!
فجأة، فهمت كل شيء، كل هذا كان خطة محكمة من زوجها لاستفزاز الجاني الحقيقي وكشفه.
لكن لماذا؟ لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد؟
كادت أن تفقد وعيها لكنها تماسكت بشق الأنفس.
ومع ذلك، كان صوتها المعدل يواصل الانتشار عبر البث الإخباري، ليصل إلى كل بيت في البلاد.
قال بنبرة حازمة وهو يحدق بها بعينين تلتمعان بالبرود.
“لذلك، يجب أن أتأكد. الآن، أنتِ الخيط الوحيد الذي أملكه.”
***
صوت المياه يتدفق بغزارة…
دخل بايك سا أون إلى الحمام مباشرة، حيث استحم تحت الماء المتدفق ليزيل آثار السخام التي التصقت بجسده.
‘لن أسكت! لن أدعك وشأنك! ستندم لاحقًا!’
‘أنت ستموت!’
تذكر تلك الكلمات، وابتسم بسخرية عندما تذكر اللحظة التي رأى فيها ألسنة اللهب تلتهم مكتبه الشخصي.
ذلك المكتب، الذي لم يكن في مبنى حكومي، بل في مكان آخر يخصصه لأعماله الخاصة، أصبح هدفًا للتهديدات.
استحضر في ذاكرته صورة الرجل الذي ارتدى سترة سوداء وقبعة بيسبول، والذي لم يتردد في التحديق مباشرة إلى الكاميرات الموجودة في المكتب.
رغم ارتداء قناع، إلا أن عينيه الماكرة كشفتا عن جرأة واضحة.
أثارت ذكرى الموقف إحساسًا حارقًا في كتفه، حيث بقي أثر بسيط لحروق خفيفة.
غسل وجهه بقسوة، محاولًا التخلص من رائحة الدخان التي تسربت إلى جلده.
‘كم مر وقت طويل منذ أن وقعت في موقف كهذا؟’
كانت ابتسامة خافتة تتسلل إلى شفتيه.
‘إذا تلقيت ضربة، فلا بد أن أردها.’
توجه بايك ساون مباشرة إلى مكتبه الثالث بعد جلسة العلاج بالأكسجين عالي الضغط، دون أن يعود إلى المستشفى.
كانت ساعة واحدة فقط كافية له لتحرير تسجيلات التهديد وإعادة نشرها بطريقة خبيثة.
التلاعب بالأحداث وتحريف الحقيقة لخدمة غاياته كان من اختصاصه.
لكنه اختار العودة إلى المنزل بدل المستشفى لسبب واحد فقط.
شدَّ على أسنانه بحدة.
‘لم أكن أرغب في إشراكها بهذا الأمر.’
تعمَّقت نظراته وملامحه شابها الظلام.
“هونغ هي جو، تعالي هنا.”
توقفت هي جو عن تنظيف طاولة الطعام وتجمدت في مكانها.
رغم شكوكها، كانت تأمل ألا يكون بايك سا أون قد أصبح فعلاً ذلك الشخص المزعج والمحرج.
“اجلسي هنا.”
كانت المياه تقطر من شعره المبلل وتتسرب إلى قميصه.
كان واضحًا منذ البداية أن نيته محددة.
رغم العلاقة الزوجية التي تجمعهما، لطالما تعامل معها كما لو أنها جزء من عمله.
هذا الشعور الجاف بالمسافة بينهما زاد من شعورها بالمهانة.
بدأت بالتراجع ببطء، لكن نظرة عينيه الحادة أجبرتها على التوقف.
“إذا استطاعوا العثور على مكتبي، فإن المنزل أيضًا لم يعد مكانًا آمنًا.”
“……”
“لذا عليكِ التعاون. يجب أن أتحقق مما يعرفه ذلك الوغد بالضبط.”
اقترب بخطوات واثقة ثم رفعها عن الأرض بسهولة كما لو كانت طفلة صغيرة.
‘هاه!’
حاولت الفرار لكنه نظر إليها ببرود.
“ابقِي هادئة مثل الفتاة الجيدة.”
تحولت دهشتها إلى غضب، وأحمر وجهها حتى عنقها.
حملها عبر الممر الطويل ودخل بها إلى غرفته، غرفة لم تضع قدمها فيها طوال ثلاث سنوات من زواجهما.
لطالما كان عدم التدخل في خصوصيات الآخر قانونًا غير مكتوب بينهما.
لكنه خرق ذلك القانون دون تردد.
ألقى بها على السرير كما لو كانت حقيبة.
“سأتحقق بنفسي.”
اقترب منها حتى غطت ظلاله وجهها بالكامل.
أمسك بخطوط حزام بنطالها وحاول سحبه، لكنها أمسكت يده بسرعة.
‘انتظر، انتظر!’
رمقها بنظرة متضايقة. سحب مفتاحًا من جيبه، وأخرج سكينًا صغيرًا متصلاً به، ثم شق بنطالها من الجنب دون تردد.
‘ما الذي تفعله؟!’
تمزق القماش قرب الفخذ ليكشف عن بشرتها.
كانت تحاول منع الإحراج الذي ملأها، لكنها شعرت بأنه ازداد سوءًا.
مرر أصابعه فوق بشرتها المكشوفة، مما جعلها ترتجف من شدة الإحراج.
“هناك فعلاً ثلاث شامات.”
كان صوته هادئًا لكنه حمل نبرة تأكيد.
تجمدت عيناه على تلك العلامات، قارنها بالصور الموجودة في ذاكرته.
نظر إليها بخيبة أمل واضحة.
“ظننت أن الأمر مستحيل.”
“……”
“هونغ هي جو، كيف يفترض بي تفسير هذا؟”
شعرت هي جو بالغضب لكنها كتمت صوتها.
“عانِ كل ما تريده… تمزق بألمك!”
“لن تبدأ حياتك السياسية دون التخلص من زوجتك، وأنا أعرف ذلك جيدًا!”
قال وهو يمرر يده على وجهه بتعب.
“هاتِ هاتفكِ.”
“……!”
جفلت للحظة. طلبه هذا لم يكن متوقعًا.
“سأفحصه لمعرفة ما إذا كان قد تعرض للاختراق. سأعيده لكِ لاحقًا.”
“……”
“أحضريه.”
كان كلامه هادئًا وغير متسرع، مما خفف قليلاً من توترها.
لم يكن مهتمًا بالتسجيلات بقدر اهتمامه بمصدر تسريبها.
لكنها شعرت بارتباك جديد.
‘حتى بعدما رأيت الصور المثيرة، لا تزال هادئًا هكذا؟’
‘كم هو صعب تحريكك وجعلك تشعر بشيء!’
فجأة، أمسك بفخذها بقوة، وترك عليها آثار أصابعه الحمراء.
وقف مبتعدًا دون أن ينظر إليها، ثم أمسك رأسه بيديه وتنفس ببطء.
كانت هي جو تحدق في العلامات الحمراء على جلدها، تشعر بصدمة وألم.
التعليقات لهذا الفصل " 15"