يوم آخر في ريس,حيث تنحنحت أوراق شجرة الصفصاف الضخمة طواعية مع هبوب كل ريح جديدة في المنطقة.
النسمة الباردة ليلة البارحة اختفت هذا الصباح خلف قضبان أشعة الشمس الحارة , كما لو لم تكن أبدا.
الكوخ الخشبي لاح في الأرجاء بجانب الشجرة الكبيرة قرب نوافذ غرف النوم.
كان الشيء الوحيد الذي نشط ذهابا و إيابا هو ظل لآنسة شابة صغيرة جاب كل ركن من الأرض التابعة للمنزل البسيط.
بزغ جسد بيرجيت النحيل و هي تحمل سلة كبيرة مليئة بالملاءات و الملابس المبللة حديثا.
وضعت القفة الكبيرة على الأرض بعناية بينما تنفست الصعداء بشكل أخرق و هي تمسح على جبينها و وجنتيها المتوردة بإرهاق تام.
ها هي تعاين كل قطعة من الغسيل قطعة قطعة,قبل أن تجففها ثم تنفضها و بعد ذلك لن يتبقى سوى تعليقها على حبل الغسيل.
أخذت نظرة خاطفة على الملاءات قبل أن تدخل لكوخها مرة أخرى.
اليوم كان منزلها المصون فارغا , ذلك لان والدتها العزيزة كلفت بدرس إضافي لفرقتها الموسيقية لحفل الأكاديمية الذي سيقام قريبا.
كما قالت أن شخصية ارستقراطية بارزة مشرفة على هذا الحفل.
كان هذا الأسبوع على ما اعتقدت ربما بعد أيام قليلة و بطبيعة الحال هي ستكون جزء من الحفلة بصفتها طالبة مجتهدة و متميزة.
فكرت في ذلك بينما جلست على كرسي خشبي تابع لطاولة المطبخ الصلبة و هي تقشر الفول بعناية.
ملأت الحبات في صحن زجاجي بينما رمت القشرة المنزوعة منذ وهلة.
خططت لشراء فستان أنيق يليق بمناسبة كهذه , ربما حذاء جديدا أيضا ,كانت ترغب لو كان كعبا غير عالي .
تسريحة بسيطة مع زينة دانتيل رقيقة , تعمقت في الفكرة كثيرا و لم يقاطع سهوتها سوى صوت أنثويي خفيف :” جيت…”صرخت روبي.
” أوه روبي …”تنهدت .
كان باب المطبخ المؤدي إلى الخارج مفتوحا لذلك كان من السهل على روبي الجهر بحضورها .
روبي بدت كنسمة جميلة و مبهجة جعلت حياة صديقتها أكثر مرحا فور مجيئها.
جرت دراجتها المصقولة وراءها بينما شدت على المقبض ,وضعتها على جدار الفناء الخارجي قبل أن تنضم إلى جيت.
” لقد انتظرتك”أبدت جيت .
” حسنا …لقد فكرت ربما نذهب في نزهة معا”
أخذت نظرة كاملة على المكان قبل أن تتحدث”هل السيدة شولر خارج البيت؟”
” نعم ,أمي خرجت هذا الصباح إلى المدينة و لن تعود إلا بعد المساء”
” لذلك تبدين مرهقة…”
“حسنا… تعلمين الأعمال الشاقة”
” في الواقع ,جئت في الوقت المناسب,كنت اشعر بالضجر”ابتسمت بخفة.
” التجوال في الغابة ليس شيئا كبيرا…فقط الآنسة شولر دائما ما كانت عالقة في بيتها مثل شبكة العنكبوت”ضحكت باستهزاء واضح.
” يا لك من بطة متنمرة روبي”رسمت ابتسامة متكلفة.
” لا تناديني بهذا…مطلقا …هذا اللقب لا أطيقه”أبدت انزعاجها الشديد في صرخة مكتومة.
” ذلك الفتى…الدوق المتغطرس …نجح في استفزازك تماما”
رفعت روبي زوايا شفتيها محاولة الضحك لكنها فشلت في ذلك
” حسنا ذلك الشاب …لم يعجبني أبدا”
” ظننت أنك لن تصدقي أنه دوق…كيف حدث ذلك؟”
خفضت روبي رأسها نحو الأرض قبل أن ترفعه مرة أخرى
: “تعرفين …لن أكون قليلة الذوق لدرجة عدم تمييز هالته الملكية في النور”
ابتسمت روبي على نكتتها بينما لم تستطع جيت منع صوت ضحكها المدوي على اعتراف رفيقتها الصادق , بدت صادقة للغاية و كأنها تدلي أن الذي في الظلام يظهر دائما في النور ,كان هذا المثل الذي ينطبق على الفتى تماما.
********
رافقت بيرجيت روبي طول الطريق إلى الغابة و من ثم أخذ نظرة على نهر ريس الهادئ .
لكن روبي سلكت طريقا أخرى لم تتعرف عليها جيت .
سألت جيت باستغراب :”روبي …هذه الطريق ,لا أعتقد أنه طريق الغابة”
التفتت روبي إليها و هي تتنهد:”عزيزتي …ألم تشعري بالملل “
أومأت جيت كعلامة على الموافقة.
” إن تكرار مشهد الغابة أصبح مملا, ما رأيك أن نذهب إلى مكان أفضل بكثير ؟”
” لكن…”أبدت وجهة نظرها المعارضة,قبل أن تسكتها روبي.
” لا بأس , لن يستغرق الأمر وقتا طويلا …كذلك لن تندمي على هذا”
ابتسمت بنقاء تام لتهدئة ذعرها.
تنهدت جيت و هي تمشي بجانبها طول الطريق حتى بزغت لهما أرض جديدة.
اقتربتا بأمانة قبل أن يظهر لهما المنظر الطبيعي الجميل .
المشهد جعل قلب جيت مفتونا و مأسورا في الآن نفسه كما لو كان قلبها يرفرف عاليا.
أرض خصبة كبيرة و واسعة ,بها مختلف أنواع الزهور الملونة .الأعشاب الخضراء الكثيفة التي ارتفعت نحو بطنهما تقريبا و الجسر الذي امتد من وسط الأرض حتى آخر خطوة.
بدت مثل الجنة
الأشجار المتنوعة بالثمار المزهرة و حتى الندرة الخفية للطيور المغردة .
في العام الماضي كانت أرضا ذابلة و ميتة بالمعنى الحرفي ,لا زهور و لا خضرة باهتة حتى.
السماء الزرقاء كانت لامعة بشكل خاص بينما تجمعت الغيوم الشفافة أعلى السماء بخفة.
أشجار صلبة و مرتفعة تجذرت بعمق و الأوراق التي تجمعت بعشوائية داخلها تباينت من غصن لآخر.
وقفتا منتصبتين بينما شاهدتها موسم عودة الزهور برضا كامل.
التعليقات لهذا الفصل " 7"