أغمضت الشابة عينيها بإحكام مما أبرز رموشها الطويلة الكحلية بشكل جميل.
التزمت الصمت و هي تنصت إلى دندنات والدتها الناعمة و كأنها تؤديها على أعواد موسيقية و أحبال متقنة الصنع.
أرخت جسدها النحيل مما سمح لأطرافها الظريفة بالتمدد على طول المقعد الخشبي المتنحنح كأنه مهد للأطفال الرضع.
غيرت موضع كتفيها بعناية ليتناسب مع درابزين الكرسي .
تنهدت :”هوووووف”بنبرة خافتة.
بينما لم يتجرأ أحد على مقاطعة النغمات تدخلت نفثات الهواء الرقيقة مما سمح للجو الربيعي المبهج أن يكون أكثر إنعاشا و خفة على أنفس البشر الضعيفة.
تنازلت ستائر الدانتيل الناعمة عن مكانها بكل سرور بينما سمحت للجو المتضارب بزحزحتها مرارا و تكرارا على مرأى من الأبواب الخشبية المزخرفة و النوافذ المنشرحة .
مما أعطى أفضلية لدخيل آخر!
و لن يكون سوى تدفقات أشعة الشمس الذهبية بنزاهة.
التي تسللت خيوطها بمهارة إلى الأرضية الصلبة و الجدران الأنيقة دون تردد.
و أبلغت أحر ترحيب لها عبر تدفقاتها البراقة بخفة .
و لكن كان هذا دون دعوة .
تسللت إلى الداخل دون استئذان.
كلما فكرت بيرجيت في الأمر شبهت الشمس الساطعة بإنسية متطفلة بنفس المعايير.
و التي كانت” الخالة سالي “
تأتي دائما منذ الصباح الباكر و قليلا ما أتت بعد الغروب.
و لكنها حافظت على وتيرة زيارتها اليومية بكل تحفظ.
مثل الدخيلة اللطيفة تماما )أي أشعة الشمس(
لا يمكن معاتبتها لتسللها لأنها تنعم علينا بالشعاع الدافئ و دليل بدأ النهار.
كما أهدتنا الخالة سالي الفواكه و أطرتنا بتعليقاتها الظريفة.
على سيرة سالي فإنها بكل تأكيد لها عمر طويل.
” بيرجيت , عزيزتي …”هتفت امرأة أربعينية بشكل مفجع.
تثاءبت بيرجيت بينما ارتسم الضجر على ملامحها الرقيقة بكل عفوية.
كان صعبا عليها معاينة المرأة إلا بعد أن باتت على بعد خطوات من المنزل الريفي .
امرأة ظريفة الملامح , وجه مبدون , شفاه منحنية بشكل مضحك,أنف صغير و عيون زرقاء جميلة ,غير شعرها الأشقر القصير المظفور بشكل مبعثر الذي تناسب مع حاجبيها المدققة و وجنتيها المرفوعة الزاهية .
دون نسيان ملابسها البسيطة التي تناسقت بخفة مع جسدها الذي لم يكن بالنحيل مطلقا.
و القليل من التجاعيد التي تكاد لا ترى من قريب حتى.
اقتربت سالي من ابنة رفيقتها و قبلتها بخفة من خديها المحمرتين.
مرة و مرة أخرى كذلك لم تبخل عليها مطلقا بوابلها من القبلات المحبة.
” خالتي …” تمتمت بيرجيت بشكل مبحوح.
” يا الهي يا عزيزتي, كل يوم تصبحين أكثر رونقا و أنوثة أتطلع إلى يوم تصبحين فيه آنسة شابة أنيقة و ناجحة على أقل تقدير..”ابتسمت بنقاء و هي تبتعد عن جسد الطفلة المحموم.
” أتمنى ذلك”تنهدت بيرجيت مصحوبة بابتسامة صادقة.
كان باب المنزل مفتوحا كسائر الأيام لذلك اكتفت سالي بالدخول دون أن تنبس شفتا بيرجيت بشيء.
*****
” بيرثي, عزيزتي …” بصوتها الصاخب.
” هذه أنا , لن تصدقي ما حدث”أتممت حديثها
تركت الأم بيرثي الصحن المبلل بين أدوات المطبخ على عجل.
التفت بوجهها الناعم الجميل بينما تغير موضع شعرها الكنستائي الطويل عبثيا مع تحركاتها الخفيفة مثل خفة ريش طائر.
حرصت على رفعه فور تأدية أمر ما لذلك كان على شكل ذيل حصان.
و صراحة كان طويلا بما يلزم لتجنب تركه حرا طليقا على كتفيها الضعيفة
سارعت سالي بالجلوس على الأريكة الجلدية القديمة نوعا ما منتظرة تحركات بيرثي خلفا و التي بدورها جلست بجانبها و غيرت موضعها لتتقابل عينيها العسلية مع زرقاوات سالي.
التعليقات لهذا الفصل " 2"