الفصل 008 دافني
كانت فكرة الاضطرار لرؤية ذلك الوجه البائس مرارًا كفيلة بجعل رأسي يفقد تركيزه.
الكلمات البذيئة التي تفوّه بها “تريفير” كانت تطنّ في رأسي بلا توقف.
«لو كان امرأة فقط…»
نظرات من أسفل لأعلى .
«تبدو جميلًا اليوم. حتى الذباب قد يحطّ على جلدك.»
كان “تريفير” يتقيّأ بهذه الكلمات المقرفة.
“يجب أن أهرب إلى مكان مزدحم…!”
ارتعب “غابرييل” واندفع هاربًا.
—”أه، هناك!”
ركض “تريفير” خلف “غابرييل” المتجه هاربًا، وكلما قفز اهتزّ بطنه الضخم معه.
—”ما الأمر؟ ما هذه الضجة؟”
—”من هذا الشخص؟ إنها المرة الأولى التي أراه فيها.”
أثارت المطاردة المفاجئة انتباه الخدم.
—”آه!”
لكن “غابرييل” لم يصمد كثيرًا، إذ أمسك به “تريفير” سريعًا.
أمسك بشعره الناعم بعنف، وتجمعت الدموع في عيني “غابرييل” من شدة الألم، وكأن فروة رأسه ستُنتزع.
—”دعني!”
—”غابرييلنا العزيز.”
لم يكن “غابرييل” يتذكر من ماضيه سوى اسمه.
وهو ليس اسمًا شائعًا بين العبيد أو العامة. وربما لهذا السبب شعر “تريفير” بانجذابٍ نحوه.
أخرج من جيبه قطعة خبز، قاصدًا بها إغراء “غابرييل” ليعود معه.
ففي المرة الأولى التي وجده فيها في الغابة، كان جائعًا، وسهل الانقياد.
ابتسم “تريفير” ابتسامة وضيعة.
فبما أنه في أراضي “سيزاري”، لن يكون من السهل اختطافه بالقوة. لذا يجب أن يعود “غابرييل” بإرادته.
—”هل أنت جائع؟ خذ هذه الخبزة. هاه؟ كنت تحبها سابقًا.”
نظر “غابرييل” إلى الخبز الذي تحمله يدان متسختان متعرقتان.
شعر بالغثيان.
—”ابتعد عني!”
تجهم وجه “تريفير”.
—”الطعام هذا كان متعة لك! هل ترفضه الآن لأنك ممتلئ؟ أيها العبد اللعين!”
صرخ ورمى الخبز على الأرض. وبدأ الغضب يسيطر عليه، حتى بدا وكأنه سينقضّ على “غابرييل” ليفرّغ حقده المكبوت.
العقدة التي سكنت قلبه، بسبب خدم “سيزاري”، انفجرت أخيرًا.
—”تعال إلى هنا!!”
أمسك “تريفير” بمعصم “غابرييل” النحيل بقوة.
—”لا! دعني!! أحدهم… أرجوكم ساعدوني!!”
كان “غابرييل” يصرخ ويقاوم.
لكن لم يكن أحد على استعداد لمساعدته.
نظرات الخدم إليه كانت باردة كالثلج.
يشعرون بالشفقة نحوه؟ ربما، لكنهم لا يريدون التورط.
فهو عبء على الجميع. شوكة بين “سيزاري” و”دافني”.
ولو تصاعدت الأزمة بسببه، فسينال الخدم نصيبًا من العواقب.
ركل “غابرييل” وصرخ:
—”دعني! أيها المعتوه!”
خشي أن تكون هذه نهايته، وأنه لن يستطيع الهرب هذه المرة.
وكان “تريفير” على وشك سحبه بعنف، حين…
—”توقّف هناك.”
صوت ناعم، لطيف… منقذه ظهر.
—”من هذا! من تجرأ على إيقافي!!”
صرخ “تريفير” منتشيًا.
فلم يكن أحد يجرؤ على التصدي له عادةً.
لكنه نسي أين هو.
—”أنا.”
ابتسمت “دافني” ابتسامة مشرقة.
وتجمّد “تريفير” في مكانه كأن جرذًا سمينًا قد سُحب إلى الخلف فجأة.
—”سيّدتي…”
—”ذلك الخادم الذي تريد أخذه، ما شأنك به؟”
—”ذاك، ذاك…”
—”يُفترض أنه لا شأن لك به. وآمل ألا أرى وجهك ثانية.”
همست “دافني” ببرود.
كنتُ أعرف هذا المشهد.
سمعت أن قيّم الحديقة قد وصل، فخرجت أبحث عن “غابرييل”.
لقد كاد يدمّر خطتي كلها… وأنا فقط خرجت لأتناول البسكويت!
يا له من وقح، يحاول العبث ببوليصة التأمين خاصتي!
في القصة الأصلية، “سيزاري” هو من يُنقذ “غابرييل” في هذه اللحظة.
لكنني أردتُ أن أكون أنا المنقذة، لأبني رابطًا حميمًا بيني وبينه.
—”كيف تجرؤ على قول هذا!! أنا المكلّف من قِبل السيد شخصيًا!”
—”هذا لا يعني أنني لا أستطيع طردك.”
هناك مجرمون في كل مكان، بعد كل شيء.
تنهدت وأمرت الخدم:
—”عاقبوا هذا الرجل الذي تجرأ على إيذاء خادم الدوق. اسجنوه واجلدوه!”
—”نعم، سيدتي!!”
وبينما كان يُسحب وهو يصرخ، رفعت “دافني” إصبعها الأوسط بخفية:
“كُلْ هذا، يا ابن الـ—.”
—”غابرييل، هل أنت بخير؟”
نهض “غابرييل” من الأرض.
كان يرتجف، وعيناه مليئتان بالذهول والضعف.
آه، ما هذا؟! أين ثيابك؟! لماذا نصفك عارٍ؟!
يا ترى، هل ذلك القذر فعل به شيئًا…؟
أسرعت وألقيت شالي على كتفيه. كان جسده باردًا جداً.
بدأت أُربّت على ظهره لطمأنته.
—”ذاك الرجل سينال عقابًا قاسيًا ويُطرد من هذا المكان.”
فاضت دموع “غابرييل”.
يا ملاكي الصغير.
أردت دعمه حتى غرفته، لكنني خشيت من إثارة غيرة “سيزاري”.
لقد أنقذته، وهذا يكفيني حاليًا.
لا تقلق، “غابرييل”.
أمرت الخدم:
—”خذوا غابرييل إلى غرفته.”
—”لكن، سيدتي…!”
—”قلتُ حالًا.”
رضخوا بعدما تبادلت معهم النظرات.
أجل، أنتم تخشون غضبي، أليس كذلك؟
لم أغضب كثيرًا منذ امتلكتُ هذا الجسد.
لكن أين هو “سيزاري”؟
ألم يكن من المفترض أن يظهر الآن؟ ليؤدي دور البطل المنقذ لحبيبه من الخطر؟!
لكنه لم يظهر حتى غادر “غابرييل” مع الخدم.
ربما كان مشغولًا في مكان آخر.
حسنًا… لولا تأخّره، لما وصلتُ في الوقت المناسب.
“هممم.”
يبدو أننا بحاجة إلى إيجاد فرص تجمع بين “سيزاري” و”غابرييل”.
كان يجب عليه الظهور فجأة وإنقاذه، لكن غيرته العمياء أضاعت الفرصة.
تسك. ربما عليّ التدخّل بنفسي؟
وسأظهر له أيضًا أنني لا أنوي التدخل في علاقتهما.
الحياة صعبة…
لكن الخطة تسير على ما يرام… سأتأنى ثم أفتح موضوع الطلاق.
طَرق… طَرق—
—”سيزاري، هل أنت هنا؟”
—”دافني؟”
أشار “سيزاري” إلى سكرتيره، ففتح له الباب وأدخل “دافني”، ثم خرج.
—”ما الذي جاء بك، دافني؟”
وقف “سيزاري” من مقعده دون تفكير.
فقد أصبحت “دافني” مؤخرًا باردة معه. كانت أكثر ودًا في بداية زواجهما لأسباب سياسية.
وكان يرى أن زواجه بها لم يكن سيئًا.
هادئ، ناعم، ولطيف أيضًا.
لكنها تغيرت منذ أن جلب ذلك العبد الجميل من الحديقة.
وكان “سيزاري” قلقًا من هذا التغيير في سلوكها.
شعر بأن عينيها مليئتان بالإعجاب نحو “غابرييل”.
لقد بدأ يندم على إحضاره.
لكنه شعر أن قوة ما دفعته لإحضاره وقتها، دون أن يعرف السبب.
كلما نظرت “دافني” إليه، كلما شعر بالضيق.
لكن “دافني” ليست مثل بقية النبيلات؛ هي نقية.
أقنع نفسه أن ما فعلته كان فقط من باب اللطف.
العطور أو غيرها…
والآن ها هي تأتي إليه مباشرة.
—”سيزاري، لدي طلب.”
—”طلب؟ ما هو طلبك؟”
اقترب “سيزاري” منها.
فـ”دافني” لم تطلب منه شيئًا من قبل.
زوجته متواضعة، رغم مكانتها الرفيعة، وكان يحب ذلك.
لكنها الآن تقول:
—”كنت أفكر في نقل مكان عمل غابرييل. أظن أن العمل الحالي متعب جدًا عليه.”
—”…ماذا؟”
كل شيء كان جيدًا… إلى أن طلبت شيئًا يخص “غابرييل”.
الترجمة: غــيـو…𖤐
التلي : https://t.me/gu_novel
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 8"