الفصل 007 دافني
<الظل القادم من الماضي>
أولاً، بدأتُ بتنظيم الأدلة المتعلقة بفساد كبير الخدم، واحدة تلو الأخرى
ورغم ذلك، فقد اقتربت من النهاية.
“ما الذي يفعله غابرييل الآن؟”
ليس من الجيد أن أتركه دون اهتمام لفترة طويلة بعد أن كوّنتُ أمامه صورة طيبة.
ظننتُ أنني أنهيت عملي إلى حدٍّ ما، لذا سيكون من الجيد أن أُظهر له وجهي بعد غياب طويل.
“شانيت!”
هززت الجرس وناديت على شانيت.
جميع الخدم لم يكونوا يحبّون غابرييل، لكن الخادمات تحديدًا كُنّ أكثر حدّة.
وربما لن يُصغين لأي طلب يقدّمه غابرييل.
“نعم، سيدتي.”
“هل يمكنكِ تحضير وجبة خفيفة لي؟ شيء بسيط… مثل بعض البسكويت.”
“سأُخبر الطاهي بذلك.”
اتكأتُ إلى الوراء على الكرسي براحة بالة.
كان كل شيء يسير بسلاسة حتى أنني بدأت أتمتم بلحنٍ خفيف.
***
في تلك اللحظة، مرّ “ألبرت أوين” – كبير خدم دوقية بورسترد – أمام الباب الرئيسي.
“أيها العجوز، لم نلتقِ منذ مدة.”
“تريفر؟”
رفع ألبرت حاجبيه. تريفر، الذي من المفترض أن يكون في أراضي الصيد، كان يتجوّل فجأة داخل قصر الدوق.
تُعدّ أراضي صيد سيزار الخاصة مكانًا كثيرًا ما يزوره أفراد العائلة الملكية، لذا يجب أن تُحافَظ على حالتها المثلى دائمًا، ومن هنا كانت أهمية وجود مدير دائم لها.
بمعنى آخر، لم يكن مسموحًا لتريفر أن يترك تلك الأراضي ويتجوّل في قصر الدوق بهذه البساطة.
تجهم وجه ألبرت، ثم قال ببرود:
“ما الذي تفعله هنا؟ لم أتلقَّ أي إشعار بشأن زيارتك لقصر الدوق.”
“هاها، الأمر وما فيه أنني صادفت مؤخرًا شيئًا جميلًا. هرب أثناء نومي، فجئتُ لأبحث عنه.”
قطّب ألبرت حاجبيه. بصفته كبير خدم الدوق، كان لديه تصور تقريبي عن شخصية تريفر.
سمع كثيرًا عن مضايقات تريفر للآخرين، فقد كان شخصًا فظًّا سريع الغضب، ويشتهر بقذارته وسلوكه المنحط تجاه من يراهم جذّابين، إذ يتعمّد إذلالهم وجعلهم يبكون.
ويبدو أنه الآن يبحث عن أحدهم، ممن كان ضحيته، وهرب منه.
“إنه لطيف جدًا… مثل سمكةٍ تتراقص في الهواء.”
ظهرت علامات الاشمئزاز بوضوح على وجه ألبرت.
كان تريفر يتلفّظ بكلماتٍ مقزّزة أمامه، رغم أن ألبرت هو كبير خدم الدوق.
ورغم أن ذلك يستحق الطرد الفوري، إلا أنهم ما زالوا يحتفظون به مديرًا لأراضي الصيد… لأنه ببساطة لا أحد يعرف غابات بورسترد الواسعة مثله.
“هل سبق لك أن رأيته، سيدي؟ إنه العبد الذي كنتُ أحتفظ به في كوخي.”
“همم؟”
عندها، ما إن سمع ألبرت كلمة “عبد” حتى خطر بباله اسم غابرييل.
تذكّر أن السيد قد جلبه من أراضي الصيد أيضًا.
لاحظ تريفر نظرات ألبرت، فاقترب وهمس له:
“أنا فقط بحاجة لاسترجاعه، سيدي. لا أستطيع النوم من القلق عليه.”
وفي اللحظة ذاتها، وُضِع كيس ثقيل في يد ألبرت. بدا كيسًا ممتلئًا بالعملات الفضية.
ارتجف أنف ألبرت بشراهة.
“هذا المبلغ كافٍ… حتى لو كان قليلًا، يمكنني استخدامه للمراهنة. وإن ربحت جولة واحدة فقط، فقد أضرب الجائزة الكبرى.”
تألقت عينا ألبرت بطمع. وقد لاحظ تريفر تلك النظرة على الفور.
“هاها ، لطالما احترمتك يا سيدي، أليس كذلك؟”
“همم…”
“لن أتأخر! سأخرج سريعًا. أنا آسف حقًا. لا يمكنني أن أترك من يخصّني يضيع هكذا! كل ما أطلبه أن تسمح لي بالدخول.”
ربما من الأفضل ألّا يُخاطر ألبرت بنفسه بالبحث عن غابرييل، لأنه لا يعرف ما قد يحدث حينها.
لكن… ربما يمكنه أن يُغض الطرف عن دخول تريفر.
“… إن علم الدوق، فقد يصدر أمرًا مشينًا، لذا فقط خذ ما جئت لأجله وارجع بسرعة.”
“أجل! سأفعل! شكرًا جزيلًا، سيدي!”
انحنى تريفر بزاوية ٩٠ درجة احترامًا لألبرت، ثم أسرع بالدخول إلى قصر الدوق، خشية أن يُوقفه أحد مجددًا.
على أية حال، يبدو أن الدوق لا يُحبّ العبيد كثيرًا.
كما هو متوقع، ألبرت يرى نفسه خادمًا وفيًّا يضع قلب الدوق أولًا.
سار ألبرت نحو المدينة بابتسامةٍ متغطرسة، بينما كان رنين العملات يصدر من جيبه.
***
بعد أن أنهى تنظيف النوافذ، توجّه غابرييل إلى مكان استحمام الخدم.
لم يكن ليتجرأ على ترك التنظيف والذهاب للاستحمام أولًا.
كان يخشى أن تعلم دافني أنه أهمل عمله.
“لم أعلم أن غابرييل إنسان غير مسؤول.”
لو خيّبت ظنها، لشعر أن قلبه سينقسم نصفين.
وبسبب هذا، جفّت على جسده المياه المتسخة، وأصبح تنفّسه ينبعث منه رائحة كريهة.
ولحسن الحظ، لأنه كان لا يزال في وضح النهار، لم يكن أحدٌ في الحمام العمومي الخاص بالخدم.
رغم أن المياه كانت باردة، إلا أنه أراد تنظيف جسده.
تنهد غابرييل وخلع ملابسه التي التصقت بجسده.
رغم كونه عبدًا، كان جسده يبدو ناصع البياض وناعمًا، كأنه تمثال من الرخام صُنع بيد نحات أسطوري.
كتفاه أعرض مما توقّعت، وصدره نحيل لكنه مشدود، وخصره ضيق.
ولهذا السبب كان غابرييل يستحم دائمًا بمفرده حتى حين كان في أراضي الصيد.
“هيه… أيها الجميل.”
استدار غابرييل برعب عند سماعه الصوت المألوف المقزز.
والذي رأته عيناه… كان مدير أراضي الصيد.
“لـ… لماذا أنت هنا…؟!”
بالنسبة لغابرييل، فإن أعظم ما في خلاصه من أراضي الصيد، هو أنه لن يضطر لرؤية هذا الرجل مجددًا.
ذلك الرجل كان كابوسه الحقيقي.
“أنت هنا إذًا. التبس عليّ الأمر عندما سمعتُ أن السيد قد أحضر عبدًا هاربًا.”
ابتسم تريفر، كاشفًا عن أسنانه الصفراء.
كان مدير أراضي الصيد الخاصة بسيزار.
رغم أنه من العامة، إلا أنه كان يستخدم العنف والألفاظ القذرة على أدنى الأسباب.
بل كان من عادته اليومية أن يستدعي عبيد الصيد ليعتدي عليهم.
وكان غابرييل أحد ضحاياه.
اتسعت عينا الرجل وهو ينظر إلى غابرييل.
“آه… من الرائع رؤيتك دائمًا.”
جعلته كلمات تريفر المقزّزة يفقد لونه.
أسرع غابرييل بالتقاط ردائه ليغطي نفسه. لم يكن هناك أحد في المكان سواهما.
هذا خطر.
بدأت ساقاه ترتجفان.
في المقابل، عبس تريفر حين رأى أن غابرييل لا يبدو سعيدًا برؤيته.
تحت ضوءٍ باهتٍ في غابة كثيفة… كان أول من وجد غابرييل هناك.
بدا غابرييل وكأنه بطل أسطورةٍ منقوش على جدران المعابد.
في لقائه الأول به، ظنّ أنه جنّي من الغابة.
أو نبيل لا يمكن لمثله أن يقترب منه.
لكن تريفر أراده.
كان طمّاعًا لا يعرف الشبع.
أفضل ما لديه… يجب أن يمتلكه.
لم يُرد أن يُشارك تلك الجوهرة التي وجدها مع سيده.
لذا، حوّل غابرييل إلى عبدٍ في أراضي الصيد، دون أن يُبلغ سيزار بذلك.
لكنه غفل للحظة، فهرب غابرييل.
ظن أنه قد فقده للأبد. ثم سمع شائعة عن أن سيزار قد أحضر عبدًا هاربًا.
“يجب أن تكون ممتنًا لي، أنا من أطعمك وأمنحك مكانًا للنوم، وأنت بلا مأوى. كيف تجرؤ على الهروب؟”
نظر إلى غابرييل، الذي بدا شاحبًا ومنهكًا، وربت على بطنه بازدراء.
من مظهره، بدا وكأنه يحظى بمعاملة جيدة.
كان كل ذلك يدفع تريفر إلى الجنون، إذ أنه ألقى بكل ما لديه وركض خلفه حتى لا يصل لسيزار.
لو كنت أعلم أن الأمر سينتهي هكذا، لكنت حطّمتك حتى لو قاومت.
فقط فكرة أن سيزار قد لمس ذلك الجسد الجميل كانت تكفي لتجعله يشعر بالخسارة.
كأن وليمةً كاملة قد سُلبت منه.
لكن في النهاية، وجد “جنيّه الهارب” مجددًا.
كان غابرييل قد تمرد طوال الوقت، وركض بعيدًا، رافضًا الخضوع، مما أشعل غضب تريفر.
أراد أن يُلقي به أرضًا، ويسحقه تحت قدميه… ويؤدّبه كما يريد.
لكنه لم يستطع فعل ذلك!
ارتجف غابرييل عند رؤية الشهوة والطمع في عيني تريفر.
“أبتعد… أبتعد عني!”
حتى شفاهه صارت شاحبة كوجهه.
الترجمة: غــيـو…𖤐
التلي : https://t.me/gu_novel
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 7"