2
الفصل 002 دافني
استقبلته اليوم بحرارةٍ متعمدة تفوق المعتاد.
فاليوم يوم تاريخي، إنه اليوم الذي يلتقي فيه بغابرييل لأول مرة. لم يكن من الضروري أن أفسد مزاجه، الذي لا بد أنه كان منتشيًا دون أن يدرك.
“هل استمتعتَ بالصيد؟ هل تودّ أن تستحم أولًا؟ أم تفضّل تناول الطعام أولًا؟”
تحولت نظرات تشيزاري، الذي سلّم رداءه إلى كبير الخدم، نحوي.
تشيزاري، الذي يتجاوز طوله 190 سنتيمترًا، مجرد الوقوف بجانبه كان يبعث الرهبة في النفس.
تشيزاري، الدوق الأكبر والمهووس المريض، كان رجلًا بحق.
عيناه الحمراء القانية، التي تشبه لون الدم تحت حاجبيه الكثيفين، تبعثان قشعريرة في الجسد، وخطّ فكه الحاد يضفي عليه جاذبية رجولية قاسية.
وكان جسده الممشوق والمفعم بالعضلات يفضح شغفه بالأنشطة البدنية.
ولأنه كان بطل رواية BL من تصنيف R-19، فليست هناك حاجة لذكر باقي التفاصيل.
من حيث الشكل الخارجي، كان الرجل الأكثر إثارة للإعجاب على الإطلاق.
لكنني كنت شخصًا يثمّن حياته أكثر من أي متعة زائلة.
تذكّري يا دافني… لا مجال للطمع هنا. أنا مجرد شخصية عليها أن تتنحّى بهدوء لتفسح الطريق لوقوع البطلين في الحب.
“فلنأكل أولًا.”
“نعم، كما تشاء. كنت أتوقع ذلك، لذا أخبرتُ الطاهي بتحضير العشاء مسبقًا.”
“جيد.”
“يُفترض أنه جاهز الآن. لكن، تشيزاري… ذلك الشخص…”
نظرت بخفة خلفه وتكلمت.
خلف تشيزاري، كان يقف رجلٌ مرتجف يرتدي رداءً كبيرًا.
كان غابرييل، الذي أسره تشيزاري.
غابرييل، العبد السابق، هرب بعد أن لم يعد يحتمل سوء معاملة سيده السابق.
التقى بتشيزاري في الغابة أثناء هروبه، وأخذه تشيزاري إلى قصره رغمًا عنه.
من المؤكد أن غابرييل يشعر بقلق بالغ في هذه اللحظة، إذ إن الرجل الذي ترتعد أمعاؤه لمجرد النظر إليه، قد اقتاده إلى مكانٍ مجهول.
“أريد أن أرى وجهه.”
كان من المؤسف أن وجهه غير ظاهر بسبب قبعة الرداء.
اقتربت من غابرييل بحذر.
عبست حاجبا تشيزاري قليلًا عند تصرفي، لكنني تجاهلت ذلك.
“آه…”
تحرك الرداء الذي كان يغطي وجهه للخلف، فكشف عن ملامح غابرييل المليئة بالفضول.
“واو…”
عندما رأيت وجه غابرييل، لم أتمالك نفسي من الإعجاب.
لقد بدا وكأنه ملاك حقيقي، رجلٌ جميل يفوق الخيال.
شعرٌ أشقر باهت يرفرف بخفة، وعيون زرقاء، وشفاه حمراء متناقضة مع بشرته البيضاء.
رغم أنه بدا شاحبًا ومتعبًا من معاناته السابقة، إلا أن جماله كان لا يزال يتلألأ.
ولذلك كنتَ أنت البطل…
“دافني، تراجعي.”
وبينما كنت أتأمل جماله، وصلني صوت بارد كالثلج من خلفي.
استدرتُ، فرأيت تشيزاري يحدق بي بعينين متسعتين.
هل يشعر بالغيرة بالفعل؟ هل أزعجه حتى نظري إلى غابرييل قليلًا؟
عينيه تنطقان بالقتل.
يا إلهي، هذا مرعب…
أظهرت بكل وضوح أنني لا أنوي سوءًا، وتراجعتُ بخضوع.
ليس لأنني خفت من نظراته… بل ببساطة، لا داعي لاستفزاز هذا المجنون الآن.
حسنًا، هذا يكفي.
لحسن الحظ، ما إن ابتعدتُ عن غابرييل، حتى هدأت ملامح تشيزاري المتوترة قليلًا.
قال وهو يرخي شفتيه المشدودتين:
“ليس من شأنك.”
بعبارة أدق، يعني أنني لا حاجة لي بمعرفة أمر هذا الشخص، أليس كذلك؟
أخرجت لساني بخفية من شدة احتكاره المرضي.
على الرغم من أن القصة الأصلية بالكاد بدأت، إلا أن بذور هوسه كانت قد ظهرت بوضوح.
هل حتى النظر ممنوع؟
“نعم، فهمت.”
أظن أن من الأفضل ألّا أقترب من غابرييل حين يكون تشيزاري في الجوار.
***
انتهت وجبة العشاء بفتور. بل تحولت من الفتور إلى الكآبة.
عادةً، كانت دافني تثرثر عن يومها كله لتلفت انتباه تشيزاري.
لكن اليوم، بعد أن طرحت عليه بضع أسئلة مهذبة، لزمت الصمت.
كنت قلقة من بذور الهوس التي بدأت تظهر، وخشيت أن تُغضب كلماتي تشيزاري.
ويبدو أن تشيزاري لم يُعر صمتي اهتمامًا كبيرًا.
بعد الطعام، غادر تشيزاري فورًا، وجلست أتناول الحلوى براحة.
اختُتم عشاء الليلة بكعكة “الغابة السوداء”، بطبقاتها من مربى الكرز الحلوة اللزجة والشكولاتة الطرية.
لذيذة فعلًا.
الاستمتاع بالحلويات الشهية المحضّرة من قِبل طاهٍ من الدرجة الأولى كان من الأمور القليلة التي أحببتها بعد دخولي إلى هذه الرواية.
وأنا أحرّك الشوكة بمرح، بدأت أفكر في مجريات القصة القادمة.
“أحد الأسرّة سينكسر الليلة.
ومن المؤكد أن خصر غابرييل سينكسر معه.”
الليلة، التي التقى فيها البطلان لأول مرة
وكان ذلك أكثر ما كنت أتطلّع إليه.
كان هذا هو اليوم الذي روّض فيه تشيزاري غابرييل للمرة الأولى، والذي سيؤدي إلى حلقات كثيرة لاحقًا.
إذا جرت الأمور كما في الرواية الأصلية، فإن تشيزاري سيلحق بغابرييل الذي يحاول الهرب.
لقد صُوِّر الاثنان في الرواية كوحوش أُطلقت في الأدغال.
إما أن تلتهم أو تُلتهم.
غالبًا ما كانت المشاهد تشبه معارك ضارية تنتهي بأحدهما ممتطيًا الآخر بعد انتزاع السيطرة.
ووفقًا لما ذكره تشيزاري لاحقًا، فإن قسوته تجاه غابرييل في البداية
فهو كان متزوجًا، وله زوجة، وكان ذلك كافيًا له.
بالطبع، أنا كبيرة بما يكفي لألعب دور الزوجة البائسة التي خسرها زوجها لرجل آخر…
بروحٍ متسامحة، قررت أن أتفهم سلوك تشيزاري.
“فأنا راحلة في جميع الأحوال.”
وبينما كنت أُكمل هذه الأفكار، خطرت في بالي صورة غابرييل.
كان يبدو وكأنه جائع منذ أيام.
الساعة الآن تجاوزت الثامنة مساءً بقليل. ويُقال إن تشيزاري عادة ما يكون في المكتبة في هذا الوقت.
حتى في القصة الأصلية، وقعت الأحداث في ساعة متأخرة من الليل…
هل ما زال لديّ بعض الوقت؟
“أيها الطاهي.”
“نعم، سيدتي.”
“هل يمكنك تحضير بعض الطعام الخفيف سهل الهضم؟”
يبدو أنه حان وقت تقمص دور السيدة الطيبة.
***
أخذت الطعام بنفسي وذهبت إلى حيث يوجد غابرييل.
نظرًا لشخصية تشيزاري المتغطرسة، لم أعتقد أنه كلّف نفسه بإطعام غابرييل.
حتى إن كان سجينًا، فلا بد من إعطائه طعامًا، لكن في هذا الجانب، كان تشيزاري وغدًا ناقصًا.
على أي حال، قررت أن أستغل هذه الفرصة لأؤدي دور السيدة النبيلة الرحيمة.
فالناس غالبًا ما يشعرون بالمودة تجاه من يطعمهم.
“أحضرتُ لك طعامًا، افتحوا الباب.”
بأمري، انحنى الخدم الذين كانوا يحرسون باب غابرييل وتراجعوا جانبًا.
وما إن فُتح الباب، حتى رأيت غابرييل جالسًا فوق حافة النافذة، وكأنه سيسقط في أي لحظة.
تلاقَت أعيننا، وبدا عليه الارتباك، ثم اختلّ توازنه للحظة.
“غابرييل!”
لحسن الحظ، سقط داخل الغرفة، لا من النافذة.
وضعت الطعام على الطاولة وهرعت نحوه.
يبدو أن السقوط كان مؤلمًا، فقد أحدث ضجيجًا قويًا، لكنه ما إن رآني، حتى ارتمى على الأرض.
“آ-آسف! لم أكن أنوي الهرب…”
يبدو أنه كان يحاول الهروب فعلًا.
لكن ماذا عساك تفعل، يا غابرييل؟ حتى لو هربت، فإن تشيزاري سيمسك بك مباشرة.
“لا بأس، لن يحدث شيء، أليس كذلك؟”
هز رأسه بسرعة موافقًا. لكن الصدمة كانت كبيرة، حتى إنه لم يستطع النهوض.
نظرت إلى كتفيه المرتجفتين بأسى، وحاولت تهدئته.
“هل تأذيت؟ هل أنت بخير؟”
“ن-نعم. أنا بخير.”
“هذا جيد.”
أمسكت بذراعه وساعدته على النهوض.
رغم أنه أطول مني بكثير، إلا أنه تبعني كدمية بين يدي.
ابتسمت له بلطف، وهو ينظر إليّ بخوف وكأنه يتوقع عقابًا.
“الحديقة التي تطل عليها هذه الغرفة جميلة جدًا، أليس كذلك؟ أحيانًا أجلس أيضًا على حافة النافذة لأنظر إليها، وكدتُ أقع مرة.”
“أنا…”
“آه، ظننت أنك جائع، لذا أحضرت لك بعض الطعام. هل أكلت؟”
أدار غابرييل عينيه المليئتين بالقلق بدلًا من أن يجيب.
أرشدته بهدوء إلى الأريكة.
“اجلس هنا.”
هز رأسه وجلس بجانبي. في الواقع، يمكن القول إنه جُرّ إليها جرًّا.
جلستُ على الأرض وهدّأته، ثم أريته الطعام الذي جلبته.
“لم تأكل منذ مدة، لذا أحضرت لك طعامًا سهل الهضم.”
“آه…”
غابرييل، الذي كان مرتجفًا من الخوف، لم يكن يملك خيارًا أمام معدته الفارغة.
جلست أراقبه بصمت، بينما كان يحدّق بالطعام بصمتٍ هو الآخر.
الترجمة: غــيـو…𖤐
التلي: https://t.me/gu_novel
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"