2
الـفـصـل الـثـانـي : 2 :
لـيـسـت زوجةً، بـل مُجردُّ وسيلةٍ لدفعِ المالِّ والتخزين
لـيـسـت صديقةً، بـل حــجَــرُ عــثــرَّةٍ على الطريقِ.
في اليومِ الذي كانَّ مِنَ المُفترضِ أنْ يغدوّ الأسـعـد لـهـا
تحولَّ ذَلِكَ اليومُ الرهيبُّ إلى جـنـازةٍ خانقةٍ.
في حفلِ تخرُّجِ بينيلوب تعرّضَ الزوجانِ أوتـربـاك أثناء سفرِّهُما لتهنئةِ إبنتِهُما إلى حادثٍ مُروعٍ أودى بحياتِهُما.
بـيـنـيـلوب التي عانتْ مِنَ الإكتئابِ الحادِّ مُلقِيًا بها في هاويةٍ منسوجَةٍ بأجودِّ أنواعِ الذنبِّ، لـم تستطِعْ أنْ ترى مـوتَ والديها سِوى خطيئةً أرتكبتها هـيَّ.
وصفها الآخرون بعازفَةِ الكمانِ الـمـوهـوبـة.
لكن.. وبالنسبة إليّها..
كانتْ تـرى موهبتها مُجردَّ لـعـنـةٍ.
لعنةٌ أدتْ إلى إستغلالِها مُنذُ الصِغرِ مِنْ قبّلِ مُديرةِ دارِ الايتامِ
وفـي نهايةِ المطافِ.. تسببتْ في وفاةِ والديها.
مـا أنـقـذَ بينيلوب التي كانتْ حبيسةً بينَ جُدرانٍ شاهِقةٍ مُغلفةٍ بالـيـأسِ
كـانَّ زهـرةً واحِّدةً.
بفضلِ زهرةِ ’ إيـريس ‘ التي تركها أحـدٌ مـا على عتبةِ نافذتِها في غُرفةِ التدريبِّ الخاصَةِ بها
وجـدتْ في ذَلِكَ عزاءًا صامِتًا.
مِمّا أكسبها شجاعةً للنُهوضِ مرةً أُخـرى.
لطالمّا كانتْ تتساءل عنّ هويةِ ذَلِك الشخص الذي كانَّ يؤنِسُ وحدتِها ليُواسيّها بهذِهِ الطريقة
حـتـى ظـهـر نــيــد.
— لقد أحببتُكِ سرًا، لا أملِكُ شيئًا.. لكِنني سأُقدِرُكِ وأُحِبُّكِ أكثر مِنْ أيِّ وقتٍ مضى.
— دعينيّ أكُـنْ عائلتِكِ الوحيدة.
بالنسبةِ إلى بينيلوب التي كانتْ تُعاني آثـر فُقدانِها لعائلتِها؛ لـم يكُنْ هُنالِكَ شيءٌ حُلوٌ أكثرَ مِنْ هذِهِ الكلماتِ.
وبالرُغمِ مِنْ أنَّ نيد كانَّ مُحتالًا مُتجولًا؛ ألّا أنْ بينيلوب آمنتْ بصِدّقِ نواياه وسارعتْ بإجراءاتِ الزفافِ.
تحدثَ عنّهُ الآخـرون بسوءٍ قائلين أنَّهُ يسعى وراء ثروةِ فتاةٍ يتيمةٍ، لكن بينيلوب كانتْ سعيدةً.. فـلَّـمْ تُبالِ
لأن لديها ما تُقدّمُه لرجُلٍ أحبّتهِ بنقاءٍ ساذجٍ.
حـتـى عِندما قامَّ بإنفاقِ ثروتِها ونهَبَّ مِيراثِها بالكامِلِ كمّا لـو كانَّ حقًا خالصًا له
ظلّت تُغدِقُ عليّه بعطائِها.
لكن.. مهما أعطتْ
كانتْ مطالِبُ نيد تزدادُ بنهمٍ..
ولـم يُـعِـدْ لـهـا شيئًا مِنْ ذَلِـكَ الـحُـبَّ.
وبالرُغمِ مِنْ أنَّ الخيبةَ كانتْ تُرافِقُها كصديقٍ مؤنسٍ ألّا أنْ بينيلوب لَمْ تمتلِك خيارًا آخر سِوى الصُعودِ على متنِ السفينة إيـريـس
مُجددًا
كمّا أرادَّ نـيـد.
لأنَّ مَنْ يُحِبْ ويحتاجُ إلى أنْ يُحَبْ
هـو الـطـرفُ الأضـعــف دائِمًا.
— إذا لَمْ تصعدّي على متنِ السفينةِ معيّ، فستنتهي عِلاقتُنا حتمًا.
بسببِّ جُملةٍ واحِّدةٍ فقطْ
رضخَتّ بينيلوب وإمتثلتْ إليّهِ
رافقتهُ في هذِهِ الرحلَّةِ المُروعةٍ
فــقــطْ..
لتجَّنُبِ أنْ يتِمَّ التخلّي عنها مِنْ قِبلِهِ.
’ إذا غدوتُّ مُفيدةً، فحتمًا سيُلاحِظُني نيد مرةً أُخـرى. ‘
كانتْ المقصورة التي تقنُطُ بها ضيقةً وخانِقَةً.. ظُلّمَتُها تبِّثُ الرُعبَّ في جوارِّحِها.
لكِنَّها قالتْ لنفسِها أنْ ذَلِك لا يُهِمُ البتة.
إذا كانَّ هذا وسيلة تُمكِنُها مِنْ البقاءِ معه فـلا بـأس طالمّا أنْ نيد مُتواجِّدٌ بقُربِّها
كانَّ هُنالِكَ بصيصُ أملٍ عاثرٍ يتسلّلُ إلى جُدرانِ قلبِّها..
ومـع ذلك؛ وكأنَّهُ يُغلِقُ النوافِذَ لكيّ لا يُطِلَّ أيُّ أمـلٍ إلى قلبِّها الجريحِ.
كانَّ يرفُضُ أملها المُتواضِع وحتى بعد تواجُدِهُما في السفينةِ ذاتِها؛ نادرًا ما كانتْ بينيلوب تـرى نيد.
وحتى بعد مرور شـهـرٍ مِنْ صُعودِّها على متنِ السفينة، كانتْ بينيلوب مُنهكةً جسديًا وعقليًا.
الـيـوم.. إزداد صُداعُها النِصفيُّ سوءًا، مِمّا أجبرّها على الإنسحابِّ عُنّوةً مِنْ تجمُعٍ حضرتهُ بناءًا على طلبِّ زوجـهـا.
ثُمَّ غـدًا ستتمكنْ واخـيـرًا مِنْ النزولِ مِنْ هذِهِ السفينةِ المُروعـة.
’ لا أُريدُ أنْ أقضِيَّ يومي الأخـيـر بمُفردي في هذِهِ الباخِرة . ‘
تجّولتْ بينيلوب على سطحِ السفينةِ قَبّلْ أنْ تتجِّه إلى المقصورةِ.
ليستْ مقصورتها التي كانتْ مِنَ الدرجةِ الثالثةِ؛ بـل إتجهتْ ناحية المقصورة مِنَ الدرجةِ الأولى التي تمكُثُ بها صديقتها ديـفـا.
— بينيلوب! أأنـتِ ستذهبينَّ على متنِ سفينةِ إيريس ايضًا؟ ثُمَّ لتأتي لزيارةِ مقصورتي في أيِّ وقـت.
كانتْ ديفا صديقة قديمة عرفتها مُنذْ أيامِ الدراسَةِ في الأكاديميةِ الملكية.
بينيلوب التي تركتْ دِراستِها بسببِّ صدمتِها النفسيةِ؛ نادرًا ما كانتْ تحضُرُ المُناسبات الإجتماعية لِذا لَمْ يكُنْ لديها أصدقاءٌ مُقربونَ حقًا.. وبفضلِ زوجـهـا.. أستطاعتْ إستعادت بعض الذكرياتِ المنسيةِ خِلالَّ سنينِ مِنْ الوحدةِ.
— سأجنْيِّ ثروةً طائِلةً في مجالِ صناعةِ التجسيلاتِ الموسيقيةِ! شريكتي في العملِ ليستْ سِوى أعظَّمُ عازِفَةِ كـمـان؛ أنَّها ديـفـا هـوفـمـان!
مِنَ المُثيرِ للإهتمامِ أنْ تِلكَ الشريكة في مجالِ التسجيلاتِ الموسيقيةِ التي إختارها نـيـد لإصدار ألبومِهُما الأول كانتْ ديـفـا.
الصديقة التي إِلتقيّتُ بها بعد ثلاثِ سـنـوات؛ غَدّتْ عازِفَةِ كمانٍ ناجحةٍ.
كانَّ مظهَرُ ديفا كزهرةٍ في أوجِّ إزدهارِّها، كـآيـةٍ مَنَ الجمالِ الـسـاحـرِ
هالةٌ تتناقَضُ بشكلٍ يبعَثُ إلى السُخريةِ مع هالةِ بينيلوب الذابلةِ التي تخلتْ عنّ حُلمِها.
عِندما رأتْ بينيلوب حياة صديقتِها المُبهرةِ؛ المُختلفةُ تمامًا عنّ حياتِها.. شعرتْ بالإحباطِ الشديدِ.
ولِشُعورّها بالخزيّ والخجلِ مِنْ تِلكَ المشاعرِ التافهةِ التي لَمْ تستطِع الإفصاح عنها، رفضتْ دعوات ديفا لمُدةِ شهرٍ كاملٍ.
والآن عِندما أقتربتْ الرِحلةُ مِنْ نهايتِها، استطاعتْ إستجماعْ جمْ شجاعتِها للبحثِ عنّ صديقتِها القديمة
’ ديـفـا ستُرَّحِبُ بي مهما كانتْ حالتي. ‘
وبإستنطاقِها لكلماتِ التشجيعِ أعدتْ بينيلوب زُجاجةَ نبيذٍ كهديةٍ لصديقتها وذهبتْ إلى مقصورتِها
” هــاه.. لِمَ البابُ مفتوحٌ هكذا؟ “
كانَّ البابُ مفتوحًا وزُجاجةٌ مَنَ الخمرِ مُلقاةٌ على السجادةِ الحريريةِ وتتدحرّجُ كمّا لو أنْ أمرًا عاجلًا قدّ طرأ
شعورٌ غامِضٌ مُمتزِّجٌ بالقلقِ أجتاحَّ بينيلوب؛ كأنَّ جسدّها بأكملِهِ يصرُخُ بها لِتُغادِرَ الغُرفة دونَّ عودةٍ
لكِنْ غريزتُها دفعتها لفتحِ البابِّ أكثر
في النهايةِ؛ تغلّبتْ عليها غريزتُها ونظرتْ مِنْ خِلالِ الشقِ الضيّقِ البابِّ المفتوحِ
أضطرتْ بينيلوب إلى الإمساكِ بزُجاجةِ النبيذِ بقوةٍ حتى لا تُسقِطها بينما تسترِّقُ النظرَ.
” آه نـيـد، أُحِبُّكَ. ”
” وأنـا أيضًا؛ هـمـم.. أُحِبُّكِ أيضًا يـا ديـفـا. “
ما شهدّتهُ كانَّ مشهدًا مُخِلًا لزوجِّها وصديقتها وهُما يلتهِّمانِ بعضهُما بشهوةٍ بينما تسقُطُ الأشياءُ مِنْ على الطاولةِ آثـر إندفاعِهُما العنيّفِ
الـزوج الذي كانَّ يختفي كُلَّ ليلة
كــانَّ هُــنــا.
حتى تِلكَ النظرة الرقيقة التي ظنّتْ يومًا أنّها فقدّتها؛ كانتْ تُمنَحُ لغيّرها.
” أيـن بينيلوب الآن؟ “
” رُبمّا تتحدّثُ مع زوجاتِ أعضاءِ المجلسِ؛ أرسلتُها لكيّ تتمكنَّ مِنْ إنشاءِ بعضِ العِلاقاتِ العامةِ لأجلِ شركةِ التسجيلاتِ. “
” نِساءٌ مُتزوجِّاتٌ يتجاذبنْ اطرافَّ الحديثِ سهوًاعلى متنِ هذِهِ الباخِرةِ الفاخرة، ألّا تملِكْ بينيلوب رجُلًا لِمُرافقتِها؟ “
” لا ينبغيّ لزوجتّي أنْ تـلّـهـوَ مع الرجالِ الآخـريـن. “
” نيد.. أتتوقَعْ مِنْ بينيلوب بأنَّها ستظَّلُ عفيفةً بينما أنـت تفعلُ هذا معي؟ “
” بالطبعِ؛ يَجِّبُ على بينيلوب أنْ تبقى زوجةً عفيفةً حتى يتسنى ليّ فُرصةُ التخلُّصِ مِنها. “
تردّدتْ أصواتُ ضحِكِهُما في آنٍ واحد إلى مسامِعها؛ وسُرعانَّ ما إختلَّطَ ذَلِك الضَحِكُ بأنينٍ آثمٍ
أبعدتْ بينيلوب رأسها وبقيّتْ في مكانِها بـلا حراكٍ.
لِمَ كانَّ زوجُها في غُرفةِ صديقتِها؟
كانَّ الجوابُ واضِحًا؛ لكِنَّها أرادتْ إنـكـارّهُ.
فكرتْ في الصُراخِ، لكِنْ الغرّيب في ذَلِك بأنَّها لَمْ تشعُرّ بالغضبِّ..
لأنَّـهـا..
كـانـتْ تـعـلـم بإمتِلاكِ زوجها لعشيقةٍ خفيةٍ.
ولأنَّها كانتْ لا تزالَّ تُحِبُّ زوجها؛ فإنَّ إنتباهها لتصرُّفاتِ الرَّجُلِ الذي تهتم لأمرِّهِ كانَّ أمرًا مفروغًا مِنه.
لِذا لَمْ تستطِع ألّا أنْ تُلاحِظَ ما طرأ عليّهِ مِنْ تغييراتٍ طفيفةٍ في سلوكِهِ..
عِندما جَلَّبْ نيد ديـفـا إلى منزِّلِهُما مُدعيًا بأنَّها كانتْ مُجردَّ شريكةٍ في عملِهِ ؛ أحستْ بالعُزلةِ.
وكأنَّها كيانٌ غيّرُ مرئيٍّ، ليسَ لهُ أيُّ إعتبارٍ على تِلكَ المائدةِ الصاخِبَةِ بوجودِّهُما معا.
وعلى الرُغمِ مِنْ أنَّها كانتْ تعلم؛ ألّا أنْ الأمل الزائِفَ تشبثَ بها كطوقٍ للنجاةِ
لطالمّا كانتْ تُردّدُ كلماتٍ بأنَّها إذا بذلتْ مجهودًا مُضاعفًا، فحتمًا سيعودُ نيد إليّها.
لكِنْ خيانتُها مع ديـفـا؟ هذا أكثرُ مَنَ اللازِّمِ.
مِنْ بينِ جميع الناس؛ لِمَ كانتْ صديقتها التي جعلّتها تشعُرُ بعدمِ الكفاءةِ لمُدةِ شهرٍ كاملٍ هي شريكتُهُ في هذِهِ العِلاقةِ الغراميةِ
بمُجردِّ أنْ أصبحتْ شكوكها يقينًا خانِقًا؛ أحستْ بأنَّ البؤسَ كانَّ يتسلّلُ إلى جسدّها إبتداءًا بحلّقِها كمّا لو كانَّ شوكةً مغروسةً فيّهِ.
على العكسِ مِنْ ديفا التي كانتْ مُتألقةً كزهرةٍ في موسِمِ تفتُحِها؛ لَـمْ تستطِع بينيلوب تَحَمُلَّ مظهرها المُثيرِ للـشـفـقـةِ، عالقَةٌ في المنزِّلِ مع توقُفِ حياتِها المهنية.
” بالمُناسبة.. ديـفـا؛ أستتزوجينَّ حقًا مِنْ ذَلِكَ الرجُلِ المُتعجرفِ، غـانـر ؟ “
” بالطبعِ. أنـا بالفِعلِ أحمِلُ طِفلًا في رحميّ ، لابُدَّ مِنْ الزواجِ مِنهُ في أقربِ وقتٍ مُمكنٍ؛ وبهذِهِ الطريقةِ يُمكِنُني أنْ أُنجِّبَ طِفلَ الدوقِ دونَّ معرفةِ أحـدٍ بذَلِك. “
” أتقولينَّ بأنَّكِ ستعيشينَ مع رجُلٍ آخـرٍ وأنـتِ حامِلٌّ بطفلي؟! لابُـدَّ مَنْ أنَّكِ تقولين هذا بإستخفافٍ شديدٍ، ألستُ مُحقًا؟ “
انـتـظـر.. أقـالـتْ طِـفـل..؟
أرجوك لتَقُلْ بأنّني أخطأتُ في فهمِ مـا قـالا للتوِ.
لابُـدَّ مِنْ أنّني أُصِبّتْ بالجنونِ؛ وأنَّ مـا سمعتهُ مُجردُّ هلوساتٍ سمعيةٍ..
لقد أخبرني بأنَّهُ مِنْ المُبكرِ جِدًا إنجابُ الإطفالِ حتى بعد إنقضاءِ ثـلاثِ سنواتٍ على زواجِّنا
لكِنْ..
ديـفـا
صـديـقـتـي
تحمِلُّ طِفلِكَ في أحشائِها؟
” وأنـتَ يـا نـيـد مـاذا عنّك؟ أأنـت في وضعٍ يسمَحُ لكَ بقولِ ذَلِك لـيّ؟ أنـتَ رجُلٌ مُتزوجٌ. وبصفتيّ الإبنةَ الوحيدةَ للماركيزِ هوفمان وأفضلُ عازِفَةُ كمان.. بـل وزهرةُ المُجتمعِ الراقيّ؛ لَـنْ أجرؤ على الزواجِ مِنكَ أبدًا. “
” انتظريني قليلًا؛ سأُجرِّدُ بينيلوب مِنْ لقبّها قريبًا وسأُصبِّحُ الإيـرل أوتـربـاك. “
” لكِنْ الكونتْ والكُونتيسة الراحلينِّ تأكدّا مِنْ عدمِ تمكُنِ أيِّ أحـدٍ آخـر مِنْ الحُصولِ على اللقبِ. “
” إذا إنحازَ كِبارُ العائلةِ إليَّ بالإجماعِ، فحتمًا سأستطيعُ طـرّدَ بينيلوب..
حُـثـالـةُ عـائـلـةِ أوتـربـاك غاضبون لأنَّ إمرأةً ورثَتْ اللقبَ عِوضًا عنّهُم، لِذا فهُم مُتعاونونَ للغايةِ. “
” ماذا ستفعَلُ بـبينيلوب بعد الإستيلاءِ على لقبِّها وثروتِها؟ “
” أولاً سأُدخِلُها إلى مُستشفى الأمراضِ العقليةِ.. إنَّها تتناولُ حُبوبًا منومةً بالفِعلِ.. لِذا فإنَّ إختلاق تشخيصٍ كاذبٍ سيكونُ سهلًا. “
” ثُمَّ ستنشُرُ الصُحُفُ قِصصًا عنّ إمرأةٍ قتلتٍ نفسها في المصحَةِ، ألـيـس كـذلك؟ “
ضَحِكَ الإثنانِ بصوتٍ عالٍ؛ يـبـدو أنَّهُما يستمتعانِ بمُحادثتِهُما.
كُلمّا زادتْ تِلكَ الأصواتُ الفاحِشَةُ الدالةُ على إرتكابِّهُما لفِعلٍ مُشينٍ مُخزٍ..
كانَّ الطنينُ في أُذنيّ بينيلوب يتزايَدُ.
سمعُها الإستثنائِيُ جعلها مُضطرةً إلى سماعِ كُلِّ مقطعٍ لفظيٍّ نَبِّسَا بهِ وإستنطقاهُ عنّ طريق تِلكَ الشِفاهِ القذرة.
ومهما حاولتْ أنْ تحجُبَّ ذَلِك الصوت.. لَـمْ تـسـتـطِـع؛ لأنَّهُ تسرّبَ عبر الشقوقِ كعقابٍ مُنتظرٍ
إذا تظاهرتْ الآن بأنَّها لَـمْ تشهَدّ أيَّ شيء، ولَـمْ تعرِّف أياً مِنْ ذَلِك
فـهـل ستتوقَفُ هذِهِ الحقيقةُ المُروعَةُ عنّ فَرضِ وجودِّها بقسوةٍ؟
أُريدُ الفِرارَ مِـنْ كُلِّ هــذا.
لَمْ تستطِع تحمُلَّ أكثر مِنْ ذَلِك؛ فترجَّلتْ والتفتْ بظهرها لِتُغادِرَ المكان
وفـجـأة
بـــانـــغ—!
أندفعَتْ نسمَةُ الهواءِ العليّلِ عَبرَ النافِذةِ التي كانتْ شُبه مفتوحةٍ؛ لِتكشِفَ عنّ بابِّ غُرفةِ النومِ الذي فُتِحَ على مصراعيّهِ.
” هــااه! مَنْ هُناك! “
” مَنْ هُنا بحقِ الجحيم!.. بـيـنـيـلـوب؟ الـلـعـنـة؟! ماذا تفعلينَّ هُنا! “
رأى نيد بـيـنـيـلـوب؛ فنهضَ بسُرعةٍ مِنْ مكانِهِ لِندَفِعَ إليّها ويُمسِكَ بذراعِها دافعًا أيـاهـا بعُنفٍ جانبًا
” نـيـد.. ديـفـا.. فقطْ.. قـولا بأنّني مُخطئةٌ في تقديرِ الموقِفِ.. ألـيـس كـذلِك؟ “
نظرتْ بينيلوب إلى زوجها بأعَيُّنٍ أُغرِقتْ بالدُموعِ
” لقد رأيتِ كُلَّ شيء؛ وهـا أنتِ ذا تتظاهرينَّ بعدمِ معرفتِكِ لأيِّ شيء! تتسللينَ في الخفاءِ وتتنصتينَ هكذا؟! “
صـرخ نـيـد في بـيـنـيـلـوب
ودفعها على الأرضِ بقسوةٍ.
” ديـفـا؛ أنتِ صديقتي.. لا يَجِّبْ أنْ تفعلَّي هـذا بيّ. “
كانتْ السعادةُ تعترّيني فقطْ لأنّني أستطعتْ رؤيتكِ مُجددًا.
وبالرُغمِ مِنْ شعوريّ بالغيرةِ؛ ألّا أنّني كُنتْ سعيدةً لِتَمكُنيّ مِنْ التحدُث إلى صديقة.
” صـديـقـة؟ أهـذا ما تعتقدّينهُ حقًا؟ ألديكِ أيّ فكرة عنّ مـدى سـأمِـيَّ مِنْ أنْ أكونَّ ظِلًا لكِ وألعبَ دورًا ثانويًا؟ “
عبستْ ديفا وهي تستنطِق هذِهِ الكلمات؛ بدتْ غاضِبةً للغايةِ.
“لأنَّكِ لَمْ تكونيّ موجودة، أصبحتُ أفضلَ عازِفَةِ كـمـان في العالمِ؛ كانَّ يَجِّبُ عليَّ أنْ أُزيلَ العقباتْ مِثلِكِ مِنْ حياتي مُنذُ الأزل. “
” عـقـبـة؟ “
” أصدمتِكِ تِلكَ الكلمات؟ إذن مـا رأيُكِ في هذا؟ رؤيتُكِ تهرُبينَّ باكيةً في حفلِ تخرُجُكِ لأنَّ والديكِ المزيفينِ مـاتـا؟ كانَّ ذَلِك مُضحكًا. أنـا سعيدةٌ لأنّني رشوتُ السائِقَ لِقتُلَّهُما. “
” الـلـعـنـة.. ديـفـا! لا تقوليّ ذَلِك! “
غطى نيد فَمَّ ديفا بسُرعةٍ
” مـاذا قُلتِ للتوِ..؟ “
دوّى رنينٌ قويٌ في أُذنيّ بينيلوب
لا هذِهِ المرةِ شعرتْ وكأنَّ جميع الأصواتِ في العالمِ قدّ تـمَّ مـحـوهـا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"