4
تكملة الفصل الثاني: حينها أردت الاختباء
…قضت ميلين بقية اليوم في التسجيل في اليانصيب، وهي ترسم خططها الهندسية للفوز. لم يكن هناك احتمال للخسارة.
بعد أيام من الترقب الذي يكاد أن يمزق هدوءها، جاء يوم إعلان النتائج. في زاوية المكتبة الهادئة، حيث لا يزعجها أحد، فتحت ميلين موقع السينما. قلبها يخفق لأول مرة بـطمع بريء.
النتيجة:
[[ عذراً! لم يحالفك الحظ هذه المرة. ]]
تصلبت.
“ماذا؟” خرج الصوت منها بالكاد، كهمسة خيانة. لم يكن الأمر خسارة، بل فشل غير مقبول في خطتها المثالية. كان يجب أن تفوز.
انكمشت ميلين، شعرت بغضب طفولي يغلي. كانت تلك التذكرة أملها الوحيد .
شعرت أن شخصًا يقف خلفها. استدارت ببطء، وعيناها تطلقان شرارات غضب بارد.
كان هيروشي.
بابتسامته الماكرة، تلك التي تبدو كأنها قناع، رفع يده. كان يلوح بـالتذكرتين المجانيتين.
“تبحثين عن هاتين؟” قال بصوته الهادئ الذي يحمل سخرية لاذعة. “يا للأسف، يبدو أن الحظ كان حليفي. ربما كان لديكِ الكثير من الثقة في ‘خطتكِ’.”
نظر هيروشي إليها بتمعن: “هناك تذكرتان. كنت سأذهب وحدي، لكن الآن… هل تودين الذهاب معي؟”
لكمت الصدمة صدر ميلين. الذهاب مع هذا السخيف؟ المستحيل! هي، ملكة العزلة، ستذهب لمشاهدة فيلمها المقدس معه؟
شدت ميلين قبضتها بقوة: “لا شكرًا.” عادت إلى قناعها البارد. “أنا لا أختلط بأحد، وتذكرتان مجانيتان لا تغيران هذه القاعدة.”
أومأ هيروشي برأسه، وبابتسامة واسعة تخفي شيئًا خبيثًا: “أنتِ متأكدة؟ هذا هو العرض العالمي الأول، ولن يُعرض مجددًا. حسنًا، إذن إلى اللقاء يا ‘ملكة العزلة’.” واستدار ليبدأ بالمغادرة بالفعل.
رؤية ظهره وهو يبتعد وبيده تذكرة نجاتها كان أكثر من أن تحتمله. انهار القناع.
صرخت، دون وعي، بصوت متهدج: “لا! أرجوك لا تذهب!”
توقف هيروشي، ولم يستدر إلا بعد فترة. كانت عيناه الزرقاوان تحملان نظرة انتصار صافية وباردة.
“هل غيرتِ رأيكِ؟” سأل بصوته الناعم.
ابتلعت ميلين كرامتها التي هي أغلى من الذهب وقالت بضيق غير مسبوق: “أجل. سأذهب معك.”
كانت سينما كيكو مزدحمة. جلست ميلين بجانب هيروشي في قاعة العرض، وكان كل نفس تتنفسه يشعرها بالاحتراق.
“أنتِ متوترة جدًا، ميلين.” همس هيروشي بجوار أذنها، بينما كانت الأضواء تخفت.
ردت ميلين بـهمس حاد: “بالطبع أنا متوترة! أنا مضطرة للجلوس بجوار سخيف سارق للحظ لا أطيقه.”
ضحك هيروشي ضحكة مكتومة: “سارق الحظ؟ أفضّل ‘صانع الفرص’ يا عزيزتي. أنتِ هنا الآن.”
مرر يده على مسند الذراع الذي بينهما ببطء شديد، حتى لامست أصابعه البيضاء كف يدها بخفة قاتلة.
“أنتِ هنا، وهذا هو المهم.”
في تلك اللحظة، اخترق أنين ضعيف ومكتوم ضجيج القاعة. لم يكن صوتا عاديا لقد كان صوت صراخ فظيع و مؤلم .
تجمدت ميلين. قلبها يقرع طبول التحذير بقوة جنونية.
“ما بكِ؟” سألها هيروشي ببرود، يتفحص شاشة هاتفه.
“هل… هل سمعت أي شيء؟” سألتها، محاولة تثبيت نبرتها.
هز كتفيه بلا اكتراث: “لا. هل بدأت الهلوسة لديكِ؟”
في هذه اللحظة، تأكدت ميلين: لا أحد يسمع هذا الصوت سواها. القاعدة الأولى: الاختباء هو البقاء. لكن ما لم تستطع تحمله هو الشعور التحذيري: (شيطان… قريب جداً).
“سأخرج قليلاً،” قالتها بسرعة وهي تدفع مقعدها بعنف. “سأعود حالاً.”
لم تنتظر رده. ركضت ميلين خارج القاعة المظلمة. قادها الصوت إلى زاوية مظلمة ومهجورة خلف السينما.
كانت الصدمة كافية لشل تفكيرها.
في الزاوية، كان شيطان من فئة السايناي – كائن بشع ومخالب حادة – يقف فوق طفلة. ما تسمعه ميلين لم يكن سوى الأنفاس الأخيرة للضحية.
تحولت ميلين إلى آلة، وانهارت كل قواعد المنظمة. لقد فشلت في الإنسانية.
مدَّت يدها بسرعة فائقة إلى حقيبتها وسحبت منها سلاحها المخفي، سيفًا رفيعًا. غُلِّف السيف بطاقة ذهبية متوهجة، هي طاقة السوين النقية. تحولت عيناها الذهبيتان إلى لهب.
“تباً للقواعد! أنا لست في وضع يسمح لي بالهزيمة!”
انطلقت ميلين نحو الوحش بسرعة فائقة. حاولت قطع أوتار قدم الشيطان، لكنه كان أسرع.
اصطدم سيفها بساعد الشيطان، محدثًا صوت صليل معدني. تراجعت ميلين خطوتين لتفادي مخلب كاد أن يمزق كتفها.
“يا له من وحش لزج!” تمتمت بغضب.
ضغطت ميلين على طاقتها. بدأت بـمناورة دائرية، محاصرة الشيطان بومضات ذهبية. طال القتال، وبدأ الإرهاق يتسلل إلى أطراف ميلين.
فجأة، استغل الشيطان لحظة تردد صغيرة. اندفع نحوها بمخالبه الحادة، مستهدفًا صدرها. أغلقت ميلين عينيها دون وعي منها.
لكن الضربة لم تصل.
فتحت ميلين عينيها على اتساعهما. رأت هيروشي يقف أمامها كـدرع بشري. كان يمسك بقبضة يده مخلب الشيطان الحاد، الدماء تنزف بغزارة من كف يده، لكن وجهه كان هادئًا بشكل مخيف. كانت عيناه الزرقاوان تطلقان الآن شرارة غضب جامح، أكثر قوة من أي غضب شعرت به ميلين.
“هي! أنت!” صرخت ميلين، محاولة استيعاب سرعة ظهوره.
نظر هيروشي نحوها، رغم أنه كان لا يزال ممسكًا بمخلب الكائن المتألم: “يا إلهي، ألا تدركين أن الأبطال الحقيقيين لا يغادرون منتصف الفيلم؟” ثم ضغط على قبضة يده.
رفع حاجبه في تحدٍ: “سأشرح لكِ ذلك لاحقًا، يا أيتها ‘القطه’. ولكن… هل يمكنكِ أن تشرحي لي ما الذي تفعله فتاة ذات شعر أبيض وسيف ذهبي في قتال شيطان ؟”
في تلك اللحظة، تحرر هيروشي من مخلب الشيطان. انطلق نحوه ، وبسرعة أكبر بكثير من سرعة ميلين. لم يستخدم أي سلاح.
تجنب هيروشي هجومًا آخر، ثم وجه نحو الوحش لكمة واحدة قاضية ومميتة في صدره. لم تكن مجرد قوة جسدية! كانت مشبعة بطاقة غامضة.
اختنق السايناي بصراخ مكتوم.
في ثوانٍ، تكسر جسمه وتحول إلى غبار أسود لامع واختفى من الوجود. لقد مُحي.
ساد الصمت. ميلين، سيفها الذهبي متدلي في يدها، تنظر إلى هيروشي، الذي كان يتفحص يده التي تنزف ببرود.
“يجب أن نأخذها إلى المستشفى، فورًا،” قال هيروشي، صوته يعود إلى نبرته الجادة. “وبسرعة. يجب أن نلفق قصة عن حادث سيارة.”
أومأت ميلين، لا تزال مصدومة. لفت السيف ووضعته في الحقيبة. ساعدا هيروشي على حمل الطفلة ونقلها إلى المستشفى، حيث أدارا الموقف بذكاء.
بعد أن استقرت حالة الطفلة، خرجت ميلين من المستشفى، لتجد هيروشي ينتظرها في الخارج، يجلس على مقعد خشبي، ضمادة بيضاء ملفوفة حول يده المصابة.
أسفه لأني نزلت الفصل متأخر سامحوني أرجوكم .
							Chapters
							Comments
														
								
							
						
						- 4 - حينها أردت الإختباء 2025-10-14
- 3 - حينها أردت الإختباء 2025-10-10
- 2 - بداية أسطورة أم أسطورة في بدايتها؟ 2025-10-08
- 1 - أمنيه الموت 2025-10-05
 
									
التعليقات لهذا الفصل " 4"