| الفصل 25

“…لستُ متأكّدًا…”

“اذهب واسأل في نقابة المعلومات. اكتشف من تعامل مع هذا العقد. لا يمكن أن لا تعرف النقابة الوكيل الذي أدار بيع إقطاعيّة بهذا الحجم.”

بما أنّ كيان كان لديه فكرة تقريبيّة عن تخطيط العاصمة، أجاب فورًا.

“رأيتُ مجموعة من مكاتب نقابة المعلومات قرب أزقّة سوق ريمو. سأرسل شخصًا الآن.”

رغم أنّ إيفانوا كانت تبتسم، استطاع كيان أن يدرك في لحظة أنّها غاضبة.

أشار كيان إلى أحد الفرسان على الفور.

“سمعتَها، أليس كذلك؟ اذهب بسرعة.”

أدّى الفارس الكبير تحيّة خفيفة وانطلق فورًا.

نادَت إيفانوا وراءه، “اذهب إلى مكان واحد فقط! لا تزُر عدّة أماكن!”

شعر كيان فجأة بالفضول حول السبب.

إذا كان هذا شيئًا تريد معرفته حقًا، أليس من المنطقيّ زيارة أكثر من مكان؟

قبل أن يسأل، حدّقت إيفانوا به بنظرة جدّيّة وسألت سؤالًا آخر مباشرًا.

“وثانيًا—ما اسم الخيّاط الذي صنعتَ عنده الملابس؟ وكم كلّف ذلك؟”

“أه… حسنًا، ذهبنا إلى خيّاطي لايسانو، مكان بدا موثوقًا جدًا”، أجاب كيان بهدوء.

“تذكّرتُ بشكل غامض أنّ الخادمات في القصر ذكروا الاسم عندما كنتِ تقيمين هناك مؤقّتًا.”

“لايسانو…”

عبست إيفانوا وتمتمت لنفسها.

“ليس من الدرجة الأولى، لكنّه مكان ماهر بالتأكيد. فلماذا هذا…؟”

“هل هناك شيء خاطئ؟”

“الكثير خاطئ. هل حجزتَ موعدًا، أم اقتحمتَ المكان فقط؟ خيّاطون بهذا المستوى عادةً يعملون بالحجز فقط.”

“لا، لم نكن نعرف ذلك، لذا وضعنا وديعة 300 مليون ذهب مقدّمًا وطلبنا شراء ما يلزم. قادونا فورًا.”

“…أرى.”

أخذت إيفانوا نفسًا عميقًا وتحدّثت.

“قادوكم فورًا، ها؟ إذًا من الممكن أنّهم لم يكن لديهم طاقم كافٍ لقياسكم أو مناقشة التصاميم والمواد بشكل صحيح. كنتم محظوظين. مع هذا المبلغ، لا أحد سيكون متهوّرًا بما يكفي لشراء ملابس مباشرة كأحمق…”

“هذا بالضبط ما فعلناه.”

“…عذرًا؟”

“قلنا لهم فقط أعطونا ما يلزم وأخذناه في الحال. كان من المملّ التعامل مع كلّ شيء واحدًا تلو الآخر.”

عند سماع هذا، عضّت إيفانوا أسنانها. بعد عدّة أنفاس عميقة، بدأت تصفّق ببطء.

“واو، مذهل حقًا. أنتَ تفهم قيمة الوقت. فعلًا، كيان، أنتَ استثنائيّ. الوقت مال، بعد كلّ شيء. نعم، نعم.”

هتف الفرسان مجدّدًا.

“بالضبط! اللورد كيان يضع الكفاءة فوق كلّ شيء!”

“حتّى صنعوا زيًا إضافيًا لنا على الفور! لم نكن نعرف أنّ ملابس الفرسان يجب أن تكون موحّدة.”

نبضت جبهة إيفانوا أكثر. خلفها، بدت كوني وكأنّها قد تُغمى عليها.

أجبرت إيفانوا نفسها على الابتسام وهي تتحدّث.

“هل لديكم الإيصال؟ هل هو هنا؟”

كيان، الوحيد الذي لم يبتسم، أشار إلى أحد مرافقيه، الذي جلب الإيصال بسرعة.

فحصت إيفانوا وكوني الإيصال معًا، وانفتح فكّاهما بدهشة في وقت واحد.

“لا يُصدّق…”

“واو… هؤلاء… هؤلاء المحتالون…”

تعثّرت كوني، متشبّثة بالطاولة للدعم.

لم تعد إيفانوا قادرة على فرض ابتسامة.

“كيان باركليث”، قالت، وهي تعضّ أسنانها، صوتها لا يزال لطيفًا بشكل مخادع.

“أودّ مناقشة أمر معك على انفراد. هل نذهب إلى غرفتك؟”

رغم غضبها المكبوت، بقي كيان هادئًا.

“كما تشائين.”

عندما نهضت إيفانوا، تبعها كيان فورًا. وقف الفرسان جماعة، يثرثرون فيما بينهم.

“سأرافق الأميرة!”

“لا، أنا سأفعل! ابتعد!”

“لنحسمها بحجر-ورقة-مقصّ!”

“مستحيل! المصارعة بالأذرع بدلًا من ذلك!”

ازداد الصخب وهم يتجادلون. إيفانوا، محاطة بضجيجهم، كافحت لكبح غضبها.

لاحظت كوني تعبيرها، فأخذت نفسًا عميقًا وصرخت.

“اصمتوا جميعًا!”

ساد الصمت المفاجئ الغرفة.

“ألا تملكون أيّ حسّ بالموقف؟ انظروا إلى الأجواء الآن!”

تجمّد الفرسان الكبار في مكانهم.

عضّت كوني قبضتيها وصرخت، “أيّها الحمقى الكبار! أليس هناك سوى نشارة الخشب في رؤوسكم الضخمة؟ تحرّكوا! اخرجوا!”

تفرّق الفرسان كموجة متراجعة.

“لا أظنّ أنّني أستطيع تحمّل البقاء هنا أكثر”، تمتمت كوني، رغم أنّها تكيّفت جيّدًا مع الفوضى بالفعل.

***

بعد مغادرة غرفة الاجتماعات، توجّهتُ مباشرة إلى غرفة كيان.

“اجلس.”

جلستُ مقابل كيان عند الطاولة. بينما كنتُ أتوقّع هذا، رؤيته بعيني جعلتني أعضّ أسناني.

‘الاحتيال العقاريّ شيء واحد—لنقل إنّهم كانوا غير محظوظين وتعاملوا مع محتال.’

لكن أن يستغلّ متجر خياطة، يرتاده النبلاء، الأمر بهذا الوضوح؟

كم كانوا يستخفّون به؟ كم كانوا غير خائفين من العواقب؟

‘مكان يعتمد على سمعة العائلات النبيلة للبقاء… كم كانوا يحتقرون الباركليث؟’

كبحتُ ضحكتي، وغضبتُ بصمت للحظة طويلة.

امتدّ الصمت، وأطلق كيان تنهيدة خفيفة.

يبدو أنّه أدرك من ردّ فعلي أنّه خُدع. لكنّه لم يبدُ متضايقًا بشكل خاصّ. بدلًا من ذلك، تحدّث بهدوء.

“حتّى تجّار الشمال يفرضون أسعارًا أعلى على الغرباء. من الطبيعيّ مواجهة صعوبات عند الاستقرار لأوّل مرّة. كنتُ مستعدًا لتحمّل بعض الخسائر في البداية.”

نظرتُ إليه مباشرة.

ازداد التوتّر بيننا.

تردّد كيان قبل أن يضيف بسرعة، “السيف… أرى أنّه لا يوجد سيف قريب. يا صاحبة السموّ، ألن يكون من الأفضل حلّ هذا بالكلام بدلًا من العنف؟”

في الشمال، كان الغضب غالبًا يؤدّي إلى اللكمات أوّلًا. على الأقلّ كان ذلك يتجنّب كارثة الكلمات القاسية.

‘آه، هل هذا لستُ جيّدة في الردود اللاذعة؟’

لكن الآن لم يكن وقت التفكير في مثل هذه الاكتشافات.

“لا”، قلتُ، مهدّئة نفسي بسرعة. ثمّ ابتسمتُ بلطف.

“من الطبيعيّ مواجهة صعوبات عند الاستقرار لأوّل مرّة. أفهم تمامًا ما تقوله.”

ارتفع حاجبا كيان قليلًا. بدا أكثر توتّرًا.

“هكذا يعمل العالم، أعتقد”، قلتُ، مومئة ببطء.

“نعم، هذا صحيح. لكن—”

بالطبع، ما أردتُ قوله حقًا سيأتي بعد “لكن”.

“في عالم النبلاء، لا يعمل الأمر هكذا.”

عبس كيان قليلًا، كأنّه لم يفهم تمامًا ما أعنيه.

أكّدتُ نقطتي مجدّدًا، بقصد.

“في مجتمع النبلاء، لا وقت لتعلّم من الأخطاء.”

“…”

“هناك سبب يجعل العائلات النبيلة تقدّر سمعتها وتاريخها بشدّة. لا تتسامح حتّى مع الفشل الصغير.”

لهذا يُعلّمون النبلاء كلّ تفاصيل السلوك منذ الصغر.

التكيّف، النموّ، التحسّن—كلّها أشياء يُنظر إليها بازدراء. إنّها دليل على وجود نقص في الماضي.

“إذا واصلتَ هكذا، فكأنّك تعلن للجميع أنّ عائلة باركليث جاهلة وسهلة الخداع. سيصبح هذا مصدر سخرية دائم.”

أكّدتُ نقطتي بقوّة.

“عالم النبلاء ليس كعالم المحاربين. ليس مكانًا يُقدّر فيه الجهد للنموّ والتغلّب.”

“…”

“يجب أن تخفي صعوباتك وتقدّم صورة مثاليّة من البداية إلى النهاية. عندها فقط ستتجنّب الاستهانة بك.”

خفض كيان نظره قليلًا عند كلماتي. بعد لحظة، سأل ببطء،  

“وماذا لو اختار المرء عدم الانضمام إلى ذلك المجتمع؟”

“ها؟”

“ماذا يحدث إذا لم تتبع قواعد ذلك المجتمع؟”

عندها سمعنا طرقًا على الباب.

أطلّ هانز برأسه وأبلغ، “أه، حسنًا… عاد أوركا من نقابة المعلومات.”

“بهذه السرعة؟”

نقل هانز الرسالة بسرعة.

“قال إنّ النقابة التي زارها موثوقة جدًا، شيء يُسمّى نقابة معلومات الصقر الأحمر.”

سألتُ فورًا، “إذًا، من هو الوكيل العقاريّ؟”

خدش هانز رأسه بحرج وأجاب، “قالوا إنّهم لا يعرفون.”

“…ماذا؟”

—

المترجمة:«Яєяє✨»